قالت المجموعة الدولية لمواجهة الازمات ان العجلة التي اتسمت بها
العملية الدستورية في العراق أدت إلى تعميق الخلافات العرقية والطائفية
ويرجح أن تزيد حدة العنف وتعجل بتفكك البلاد.
وقال روبرت مالي مدير برنامج المجموعة في الشرق الاوسط وشمال
افريقيا اثناء تقديم تقرير للمجموعة "يحتمل أن يؤجج الدستور أعمال
العنف لا أن يخمدها... كان يمكن أن يصبح اتفاق على أساس من التنازلات
والاجماع العريض خطوة أولى في عملية لمداواة (الجراح). ولكن يتضح انها
خطوة اخرى في عملية تراجع محبطة."
ومن المقرر أن يدلي العراقيون بأصواتهم في 15 أكتوبر تشرين الثاني
في استفتاء على الدستور العراقي الذي تصفه المجموعة الدولية لمواجهة
الأزمات وهي مركز بارز للابحاث بأنه وثيقة ضعيفة لا تحظى بالاجماع.
وتقول المجموعة في تقريرها إن مشروع الدستور الذي يسانده الزعيم
الديني الشيعي العراقي آية الله علي السيستاني والاحزاب الشيعية
والكردية يحتمل أن يتم اقراره في الاستفتاء رغم معارضة العرب السنة له.
وتضيف أن السنة لا يحتمل أن يتمكنوا من حشد ثلثي الاصوات في ثلاث من
المحافظات العراقية وهي النسبة اللازمة لرفض الدستور.
وترى المجموعة أن "مثل هذه النتيجة ستجعل العراق منقسما وصيدا سهلا
لكل من المتمردين والتوتر العرقي الذي تزايد بدرجة كبيرة خلال العام
الاخير."
ولتفادي هذه النتيجة دعت المجموعة الولايات المتحدة إلى التوسط في
ابرام صفقة سياسية بين السنة والشيعة والاكراد قبل 15 أكتوبر تشرين
الاول لتبديد مخاوف السنة من قيام "منطقة كبرى" للشيعة في الجنوب ومن
تصفية حزب البعث.
وأوصت بان تتضمن الصفقة اقناع الاطراف بالالتزام بعد الانتخابات
التي ستجرى في ديسمبر كانون الاول بالعمل على تحديد عدد المحافظات التي
يمكن ان تندمج في منطقة للحكم الذاتي بأربع محافظات وعدم منع العراقيين
من تولي المناصب لمجرد انتمائهم السابق لعضوية حزب البعث.
ويقول التقرير "هناك قدر كبير من الشك في احتمال نجاح مثل هذه
الاستراتيجية" لتباعد مواقف الجماعات المختلفة "ولكن بالنظر إلى حجم
الاخطار فليس امام الولايات المتحدة الا المحاولة."
ويحمل مشروع الدستور العراقي الذي اعد منذ يونيو حزيران الماضي
بصمات الاحزاب الشيعية والكردية التي تسيطر على البرلمان الذي اختير في
يناير كانون الثاني الماضي خلال انتخابات قاطعها معظم العرب السنة.
وتم ضم 15 عضوا من العرب السنة إلى لجنة صياغة الدستور في محاولة
لاشراكهم في وضع الدستور لكن المجموعة الدولية لمواجهة الازمات تقول
انهم شعروا بالتجاهل بعد ان قررت اللجنة في الاول من اغسطس اب الماضي
عدم طلب تمديد المهلة المحددة للانتهاء من صياغة الدستور لمدة ستة
أشهر.
وجرت مفاوضات غير رسمية بعد ذلك بين السياسيين الشيعة والاكراد.
ورفض السنة التوقيع على النسخ الخاصة بهم من مسودة الدستور.
ويذكر تقرير المجموعة أن الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة
للالتزام بموعد مفروض للانتهاء من صياغة الدستور يوضح رغبة ادارة
الرئيس الامريكي جورج بوش في الاعداد لتخفيض كبير في عدد القوات
الامريكية في العراق في عام 2006.
ويقول التقرير "نتيجة لذلك اصبحت عملية صياغة الدستور مشكلة جديدة
في المعركة السياسية بدلا من وسيلة لانهائها."
ويرفض العرب السنة الدستور لعدة أسباب على رأسها اعتقادهم أن النظام
الفيدرالي الذي ينص عليه يمكن أن يؤدي إلى تقسيم العراق بحيث يصبحون
محصورين في منطقة تفتقر إلى أي منافذ بحرية أو موارد نفطية.
وتقول المجموعة إن الدستور العراقي المقترح مبهم وفضفاض فيما يتعلق
بعدم المركزية وسلطة فرض الضرائب ويترك مسائل عديدة لتشريعات تسن في
المستقبل في برلمانات يرجح أن تكون للشيعة فيها اليد العليا.
ويقول التقرير "أكدت الولايات المتحدة مرارا أن لها مصلحة
استراتيجية في وحدة اراضي العراق. لكن الموقف يبدو اليوم متجها نحو
تقسيم على أساس الامر الواقع وحرب اهلية شاملة."
وكتبت المجموعة وهي مركز ابحاث يتخذ من بروكسل مقرا له وتضم مسؤولين
اميركيين كبارا سابقين انه "بدل التخفيف من حدة الانقسامات المتزايدة
بين المجموعات الثلاث الرئيسية في العراق -الشيعة والاكراد والسنة
العرب- فان عملية صياغة الدستور بشكل متسرع زادت من حدة الخلافات".
ورأت المجموعة ان العراق يتجه على ما يبدو "الى تقسيم بحكم الامر
الواقع وحرب اهلية على نطاق واسع" ان لم تقم الولايات المتحدة "برعاية
تسوية حقيقية بين الشيعة والاكراد والسنة العرب".
وابدت المجموعة اسفها لكون ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش "فضلت
التضحية باتفاق شامل لصالح مهلة اعتباطية آملة بذلك على ما يبدو ان
تمهد لانسحاب عسكري لقسم كبير (من قواتها) عام 2006".
وذكر التقرير انه في ظل الدعوات المتزايدة في الولايات المتحدة لسحب
القوات من العراق "غلب الالتزام بالمهل السياسية على احراز تقدم فعلي"
على الارض.
ورأت المجموعة ان على الولايات المتحدة ان تتدخل اذ ان مختلف
الاطراف في العراق "اثبتت انها تفتقر الى النضج السياسي الذي يمكنها من
التوصل الى نص توافقي".
والمطلوب بحسب التقرير ارضاء السنة بدون تجاوز "الخطوط الحمر" لدى
الشيعة والاكراد وذكر بهذا الصدد احتمالا يقضي بالحد من عدد المحافظات
التي يمكن ان تحظى بحكم ذاتي سعيا لتخفيف مخاوف السنة من قيام "منطقة
كبرى" شيعية في الجنوب.
واكدت المجموعة انه اذا لم يتم التوصل الى اجماع وطني يعبر عنه في
دستور دائم فمن المرجح عندها ان تتجه البلاد الى حرب اهلية. ورأت ان
"وحده تدخل عسكري اميركي حاسم يمكن ان يحدث الاجماع السياسي الذي
سيساعد على منع تقسيم البلاد بشكل عنيف". |