مصطلحات يتداولها العالم: الخصخصة

كتب قسم المتابعة:

في خضم كثرة المصطلحات طفح على سطح التداول الإعلامي مصطلح (الخصخصة) الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة وبطبيعة الحال فإن هذا المصطلح قد تُرجم من مصادره الغربية إلى اللغة العربية بوقت يعتبر مؤخراً على تاريخ ظهورها وتداوله في الغرب وبالذات أثناء فترة الحرب الباردة.

بداية يمكن إعزاء مبدأ (الخصخصة) على كونه يستهدف تصحيح الهيكلية الاقتصادية في بلد ما كنوع من منح الدولة دوراً تجريه من أجل ضمان أفضل للنماء فيها ولأن الغرب أثناء فترة الحرب الباردة بين الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي قد طرح فكرة (الخصخصة) لإلفات الأنظار الى أنه فيه من المفكرين الاقتصاديين ما يمكن ان يفيدوا به البلدان النامية فوائد جمة تأتي نتيجة لإنعاش اقتصادياتها ومعلوم أن مفهوم الخصخصة قد ظهر في بريطانيا منذ نهاية الستينات من القرن العشرين ولم يلفت الأنظار إليه إلا بعد زهاء عقد من الزمان وبالذات سنة 1979م في عهد حكومة (مارغريت تاتشر) حيث كان قد أعلن آنذاك ضمن برنامج اقتصاد الخصخصة ((تحويل مشروعات وأنشطة القطاع العام إلى القطاع الخاص. وقد دفع نجاح التجربة البريطانية مختلف الدول النامية إلى تطبيق برنامج الخصخصة ضمن سياسات إعادة الهيكلة والتصحيح الذي اتبعته مؤسسات صندوق النقد والبنك الدوليين)).

ويمكن إيجاز الأهداف الرئيسية لعمليات إعادة الهيكلة والتصحيح على ضوء برنامج الخصخصة بالنقاط التالية:

((1- إعادة توزيع الأدوار بين القطاع العام والخاص وانسحاب الدولة تدريجياً من بعض النشاطات الاقتصادية وإفساح المجال أمام المبادرات الخاصة عن طريق تشجيع الاستثمار الخاص.

2- التخفيض من الأعباء المالية التي تتحملها الموازنة العامة نتيجة دعمها للمشروعات العامة الخاسرة...

3- تطوير السوق المالية وتنشيطها.

4- خلق مناخ الاستثمار المناسب أو تشجيع الاستثمار المحلي لاجتذاب رؤوس الأموال المحلية والعربية والأجنبية)).

ولأن (في مقدمة أهداف الخصخصة أهداف الكفاءة والتنمية وإطلاق دينامكية النمو في الاقتصاد وخلق فرص العمل، ويتأتى ذلك عن طريق اجتذاب رأس المال (المحلي والأجنبي) والتقنيات الحديثة وتطوير الكفاءات الإدارية والتنظيمية والتسويقية ثم يأتي هدف توسيع وتنويع قاعدة الملكية بهدف زيادة المنافسة من خلال تشجيع القطاع الخاص على دخول مجالات اقتصادية كانت حكراً على القطاع العام)) فهذا أن في حصيلة مبدأ الخصخصة فسح المجال وإعطاء الفرص الاقتصادية لكل الجهات المساهمة في عملية التطوير الاقتصادية في البلدان التي تطبق نهج الخصخصة حيث تبرز هنا منطلقات الخصخصة كوسيلة تمنح متنفساً جديداً للركود الاقتصادي أو شبه الانعدام الاقتصادي وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية بالدرجة الأولى كي تواكب بجدارة سد الحاجات المادية والروحية للمجتمع.

ومن أساليب الخصخصة المتبعة في بعض دول العالم النامي وبالذات تلك المتعلقة في تقليص دور مؤسسات القطاع الحكومي العام من خلال بيع بعض مؤسسات الإنتاج والخدمات إلى القطاع الخاص سواء كان من يمثله (أفراداً أو شركات) وذلك عن طريق الاكتتاب الرسمي أي المسجل لدى الدوائر الحكومية ذات الشأن في نقل ملكية تلك المؤسسات إلى ممثلي القطاع الخاص مع ضرورة تعزيز ذلك بالسبق الحكومي المعني لنشر ذلك بوسائل الإعلام الرسمية حتى يكون الرأي العام في البلد على بينة مما يجري على اعتبار أن أموال وممتلكات الدولة هي أموال وممتلكات عامة تستوجب حفظ حقها التام بكل الظروف المتاحة.

وحول ((أسباب انخفاض كفاءة المشروعات العامة)) فهناك أحد الأسباب الرئيسية بهذا الصدد وهو بأنه (( يرجع انخفاض كفاءة المشروعات العامة أو فشلها.. ما تقوم... الوحدات الاقتصادية على أسس غير اقتصادية إذ أن معظمها قام لاعتبارات اجتماعية وسياسية وأيديولوجية وتبيع منتجاتها بأسعار أقل من سعر التكلفة ويكمن السبب الثاني في أن عمليات المشروعات العامة الممكن أن تكون مصدر استنزاف سهل للخزانة العامة، حيث تتلقى المشروعات العامة مساعدات حكومية صريحة في صور عديدة.

تحويلات نقدية أو دعم نقدي، أو امتيازات ضريبية خاصة، أو في صورة ائتمان ميسرّ، أو اعتبارات معينة تمنحها الحكومة للمشروعات العامة في الشراء... الخ)).

وعن ((الآثار السلبية الناتجة عن الخصخصة)) فـ((ينتج عن تطبيق برنامج الخصخصة عادة آثار سلبية تختلف باختلاف ظروف تطبيقها في الدول النامية ولعل أعقد المشاكل التي تنجم عن برنامج الخصخصة هي تسريح العمالة من المشروعات العامة التي يتم تحويل ملكيتها إلى القطاع الخاص وذلك لوجود عمالة فائضة في هذه المؤسسات وظفت عادة لأسباب سياسية أو اجتماعية أو أيديولوجية ولم توظف لأسباب اقتصادية أي أن برنامج الخصخصة يؤدي إلى تزايد صفوف العاطلين وهو ما يؤدي إلى انتعاش مشاكل اقتصادية واجتماعية تعرض أمن البلد للخطر)).

وأخيراً فإن من الحرص على المصالح العُليا في أي بلد أن لا يتم التحسس الزائد عن الحد من النظريات الاقتصادية الجديدة ما لم تثبت فشلها اللامتوقع عند التطبيق.

-----------------

(*) النصوص المحصورة بين هلالين مضاعفات منقولة عن دراسة بعنوان (خلق آفاق جديدة أمام القطاع الخاص) المعدة من قبل الدكتور مصطفى حسين المتوكل – والمبثة على اثير شبكة المعلومات العالمية (الانترنيت).

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 27 / ايلول/2005 -22 / شعبان/1426