s

 
 

واشنطن ترى في مبارك حليفا أساسيا.. بعض المصريين لا يتصورون الحياة بدون مبارك

مارست الولايات المتحدة ضغوطا معتدلة على الرئيس المصري حسني مبارك في ما يتعلق بالالتزام بالمبادئ الديموقراطية في الانتخابات الرئاسية المقررة الاربعاء حرصا منها على مراعاة احد حلفائها الاساسيين في الشرق الاوسط.

واعتبر مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الاوروبية دانيال فريد في مقابلة اجرتها معه صحيفة "لا كروا" الفرنسية ونشرتها الثلاثاء ان الانتخابات الرئاسية المصرية تشكل "وسيلة لفتح ثغرة تسمح بالمضي قدما" على طريق الديمقراطية.

وقال "لا اريد توصيف الانتخابات المصرية في المرحلة الراهنة" مضيفا "انه خبر سار ان يكون زعماء العالم العربي حتى الذين لم ينتقلوا منهم بعد الى نظام ديموقراطي يشعرون بانهم ملزمون على الاقل بتبني خطاب الديموقراطية وبعض ممارساتها وجميع مظاهرها الخارجية".

واضاف "علينا ايضا ان نساند الناشطين امثال البروفسور سعد الدين ابراهيم وآخرين يكافحون من اجل الديموقراطية في الشرق الاوسط بشكل يؤمن لهم فسحة للتحرك معترفا بها" في اشارة الى العالم الاجتماعي والناشط من اجل حقوق الانسان المصري الاميركي.

وقال "لقد ابلغنا بوضوح الحكومة المصرية ان العلاقات التي نقيمها مع مختلف دول العالم تتوقف على سلوك قادتها داخل بلادهم". واكد "لن نعتمد معايير مزدوجة (..) ولن تكون هناك استثناءات".

من جهته قال الناطق باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك الاسبوع الماضي "انه تطور ايجابي ان تجري انتخابات رئاسية بمشاركة عدة مرشحين في مصر".

غير ان واشنطن رفضت اصدار حكم على الطابع الديموقراطي للحملة الانتخابية المصرية التي اتسمت بصورة خاصة بصعوبة الوصول الى الاعلام بالنسبة للمرشحين المنافسين للرئيس المصري الحاكم منذ ربع قرن والمرشح لولاية خامسة من ست سنوات.

وقال ماكورماك "سنرى كيف تبدو العملية عندما نعود الى فترة ما قبل الانتخابات والى يوم عملية الاقتراع وتعداد الاصوات".

واضاف "من الايجابي بالتاكيد ان يسمح لهؤلاء المرشحين بالوصول بطريقة ما الى وسائل الاعلام وبعرض برنامجهم".

ومبارك هو من اقرب الحلفاء العرب للولايات المتحدة ومن مصلحة واشنطن ان يفوز طبقا للتوقعات في وقت تشير البوادر الى اقتراب الاسرائيليين والفلسطينيين من احراز تقدم بشأن "خارطة الطريق" خطة السلام الدولية للشرق الاوسط.

وفيما اعتبرت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في نهاية حزيران/يونيو في القاهرة انه "امر اساسي ان تكون الانتخابات حرة ونزيهة وان تتمكن المعارضة من الوصول الى وسائل الاعلام وان يسيطر على الانتخابات شعور بالمنافسة" اكتفت واشنطن خلال الحملة بالدعوة الى نشر مراقبين دوليين خلال الانتخابات.

غير ان اللجنة العليا للانتخابات المصرية رفضت وجود مراقبين دوليين او محليين معتبرة ان هذه المهمة تعود للقضاة ومندوبي المرشحين.

وكانت الولايات المتحدة دانت مرارا خلال الربيع انتهاكات حقوق الانسان في مصر وارجأت رايس في اذار/مارس زيارة مقررة الى القاهرة اثر اعتقال المعارض المصري ايمن نور المرشح للرئاسة خصما لمبارك.

وندد بوش بالاحداث التي جرت خلال الاستفتاء على تعديل الدستور في 25 ايار/مايو في مصر معتبرا ان ذلك لا يتناسب مع التصور الاميركي للديموقراطية.

وترافق الاستفتاء مع تظاهرات تعرضت خلالها الشرطة وانصار للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم للمتظاهرين كما تحرشوا بعدد من النساء.

بعض المصريين لا يتصورون الحياة بدون مبارك

عندما تولى الرئيس المصري حسني مبارك الحكم كان محمد سعيد (28 عاما) يبلغ من العمر أربعة أعوام ولذا يصعب عليه تصور أي شخص آخر في الحكم.

ورغم أن بعض المصريين يعتبرون استمرار مبارك في الحكم طوال 24 عاما مبررا للتغيير يرى آخرون في هذا وحده سببا كافيا لاعطائه اصواتهم في انتخابات الرئاسة التي ستجرى يوم الاربعاء.

وقال سعيد "سيكون الامر صعبا على أي شخص آخر فلن يستطيع ان يفهم الشعب ولا الكيفية التي تسير بها الامور."

وتساءل عن المرشحين التسعة الاخرين الذين ينافسون مبارك في الانتخابات "أين خبرتهم؟".

واتفق ابراهيم عزيز مع سعيد على أن المنافسين ومنهم الليبرالي ايمن نور (40 عاما) لا يمكن مقارنتهم بمبارك (77 عاما) وقال "نحن نعرفه وهو يعرفنا."

وقال سعيد وعزيز إنهما سيعطيان صوتيهما لمبارك.

وقال أحمد عبد ربه (24 عاما) إن مبارك "تسلم السلطة بعد عشرة أيام من مولدي. أنا فأل طيب له وهو فأل طيب لي. يكفي أننا لم نخض حربا اثناء رئاسته."

وفاجأ قرار مبارك بالسماح باجراء انتخابات يشارك فيها أكثر من مرشح المصريين الذين حكمهم أربعة رؤساء منذ ثورة يوليو عام 1952 التي اطاحت بالملكية.

وكان اختيار مبارك للاستمرار في الحكم يجري في السابق عن طريق اجراء استفتاء دون أي منافسة من مرشحين آخرين.

ولا يتذكر الشبان الذين يمثلون غالبية سكان مصر البالغ عددهم 72 نسمة الرئيس السابق أنور السادات ناهيك عن سلفه جمال عبد الناصر اللذين توفيا وهما في الحكم.

وقال الطالب الجامعي أحمد يحيي (18 عاما) إنه رغم مشاركة أكثر من مرشح في انتخابات الرئاسة فان حكم مبارك لن ينتهي إلا كما انتهى حكم سلفيه الراحلين.

وقال "سيظل مبارك رئيسا لمصر والشيء الوحيد الذي سيوقفه هو الموت."

وقال محمد العربي الطالب البالغ من العمر 21 عاما إن من الصعب على المصريين ان يتصوروا بعد 24 عاما قضاها مبارك في الحكم أي تغيير في القمة عن طريق صناديق الانتخاب بعد أن تولى نائبان للرئيس الحكم مرتين تلقائيا السادات في عامي 1970 ثم مبارك عام 1981 .

واضاف "الفكرة كلها جديدة والناس ليسوا معتادين عليها. ستكون أمور أفضل في الانتخابات القادمة" عام 2011.

ويرى محمد حسين الذي يبيع قطع غيار الهواتف المحمولة في الشارع ان الوقت قد حان للتغيير. ويسعى حسين (30 عاما) للسفر إلى السعودية لانه لا يكسب ما يكفي من المال للانفاق على زوجته وطفله.

وقال "لا يوجد نظام ديمقراطي يسمح لرئيس بالبقاء في الحكم 24 عاما. لا توجد ديمقراطية. أين هي فرص العمل؟"

حقائق أساسية بشأن الانتخابات المصرية

اجرت مصر أول انتخابات رئاسية في السابع من سبتمبر ايلول بموجب نظام جديد يحل محل الاستفتاءات على مرشح واحد يختاره البرلمان. وفيما يلي الملامح الرئيسية للنظام الانتخابي.

(المرشحون)

يسعى الرئيس حسني مبارك للفوز بولاية خامسة مدتها ست سنوات لكنه يواجه تسعة منافسين معظمهم غير معروفين. ومنافساه الرئيسيان هما نعمان جمعة مرشح حزب الوفد وأيمن نور مرشح حزب الغد.

وبموجب القواعد الجديدة يجب ان يكون المرشحون اما اعضاء بارزين لأحزاب قائمة أو مستقلين يقر ترشيحهم 65 عضوا في مجلس الشعب الذي يهيمن عليه الحزب الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه مبارك. ولم يتمكن مستقلون من التأهل للترشيح.

ولا يمكن لجماعة "الاخوان المسلمون" وهي أكبر جماعة معارضة في مصر تقديم مرشح لان السلطات لن تسمح لها بتشكيل حزب سياسي. ويتوقع ان يفوز مبارك بأكثر من 50 في المئة من الاصوات في الجولة الاولى لتجنب جولة اعادة.

(الناخبون)

يوجد نحو 32 مليون ناخب مسجلون يمكنهم التصويت وهو ما يقل قليلا عن الافراد الذين يحق لهم الادلاء بأصواتهم لان مهلة التسجيل مرت قبل ان يدرك المصريون انه سيكون لهم حق الاختيار.

وسيصوت الناخبون في أكثر من 9000 مركز انتخابي. وتقول الحكومة ان الانتخابات ستكون بالكامل تحت اشراف القضاة لكن جماعات حقوق الانسان تقول انه في الماضي كان العديد من المشرفين من موظفي وزارة العدل.

وكان الاقبال في الانتخابات المصرية السابقة منخفضا جدا ويقل في اغلب الاحوال عن عشرة بالمئة. وبعد اجراء استفتاء على نظام التصويت الجديد في مايو ايار قال قضاة ان الاقبال بلغ في المتوسط نحو ثلاثة في المئة مقابل الاحصاء الرسمي الذي ذكر ان الاقبال بلغ 54 في المئة.

(المراقبون)

تجري الانتخابات تحت الاشراف الكامل للجنة انتخابات الرئاسة التي لا يمكن الطعن في قراراتها. وخمسة من الاعضاء قضاة بالاضافة الى خمسة من "الشخصيات العامة" الذين يختارهم البرلمان. وتقول احزاب المعارضة ومنظمات حقوق الانسان ان اللجنة تجاهلت شكاواهم.

وتجاهلت السلطات مقترحات للسماح بمراقبة رسمية من قبل مراقبين مصريين أو اجانب. وتزمع عدة منظمات مراقبة الانتخابات وتقول انها ستراقب الاجراءات من خارج مراكز الانتخاب أو من الداخل عندما يدلي المراقبون انفسهم بأصواتهم.

(الانتهاكات المحتملة)

بعد الانتخابات المصرية السابقة أبلغ شهود واعضاء في منظمات لحقوق الانسان عن وقوع انتهاكات واسعة النطاق تتراوح بين تعبئة صناديق الاقتراع ووقوع اعمال عنف وترهيب. ووعدت الحكومة بأن تكون الانتخابات حرة ونظيفة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 8 / ايلول/2005 - 3 / شعبان/1426