الأميركيون يتوقعون الأسوأ من إعصار كاترينا.. معظم ضحاياه من الفقراء والسود

اثارت الصور المريعة التي بثتها شاشات التلفزيون عن الدمار الذي احدثه اعصار كاترينا نقاشا شائكا حول مسألة اللون في الولايات المتحدة بعد ان اتضح ان معظم الضحايا من الاميركيين السود.

وقد اثارت الحقائق المؤكدة بان الاميركيين من اصل افريقي هم الاكثر تضررا بالكارثة المدمرة التي عصفت بعدد من ولايات خليج المكسيك الشبهات بان السلطات تمارس التفرقة العنصرية في استجابتها لعملية انقاذ ضحايا الاعصار.

وقال عضو الكونغرس عن ولاية لويزيانا وليام جفرسون "لو لم يكونوا من السود والفقراء لما تركوهم في نيو اورلينز" مؤكدا ان معظم الضحايا لم يتمكنوا من الفرار من وجه الاعصار لانهم لم يكونوا يملكون سيارات او اموال يدفعونها للفنادق.

وصرح جفرسون لتلفزيون "ام.اس.ان.بي.سي" انه "في نيو اورلينز افقر الناس واكثرهم احتياجا هم السود ولا شك في ذلك. ولذلك فانني اشك في ان وقت الاستجابة وغير ذلك له علاقة في ان هؤلاء هم من السود".

ويبلغ سكان مدينة نيو اورلينز نحو 1,4 مليون شخص نسبة السود من بينهم 67,3 بالمئة يعيش 30 بالمئة منهم تحت خط الفقر.

ويشكل السود في كافة انحاء البلاد 13 بالمئة من عدد السكان يعيش 12,7 بالمئة منهم في حالة فقر.

ومن ناحيتها نفت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس اكثر امرأة سوداء تحظى بالنفوذ في الولايات المتحدة ان تكون التفرقة العنصرية قد لعبت دورا في التعامل مع الكارثة.

وصرحت في مؤتمر صحافي "انا اعتقد ان الناس يعرفون ان الاميركيين لا يريدون للاميركيين ان يعانوا". واضافت "لا اصدق ان الاميركيين يقررون مساعدة شخص وعدم مساعدة اخر بناء على لونه. الاميركيون كرماء تجاه بعضهم البعض". واضافت ان المشاعر في الولايات المتحدة متاججة.

وقالت "من الصعب مشاهدة صور اي اميركي يمر بهذا. نعم الاميركيون من اصل افريقي تضرروا كثيرا جدا بالكارثة. ولكن الناس يفعلون ما بوسعهم من اجل الاميركيين".

وانتقد العديد من السياسيين السود استجابة الحكومة البطيئة لانقاذ الناجين واشاروا الى ان السود والمناطق الافقر من المدينة كانت الاكثر تضررا بالفيضانات والاثار المرعبة للاعصار.

وقال عضو الكونغرس الايجا كمنغز "ان ما يحدد من عاشوا ومن قتلوا في هذا الاعصار المدمر والفيضانات هو الفقر والسن ولون البشرة".

واضاف "لقد اجريت نقاشا بناء مع كبير مساعدي الرئيس للسياسة الداخلية. وقال ان الرئيس يتحرك باسرع ما يمكن وانهم (الادارة الاميركية) يبذلون ما في وسعهم. وانا لا اعتقد ان ذلك صحيح".

وقال السياسي المخضرم النشط في مجال الحقوق المدنية جيسي جاكسون انه ياسف لان السود لم يقوموا بمسؤولياتهم في جهود جمع الاموال لضحايا الاعصار التي قادها الرئيسان جورج بوش وبيل كلينتون. وتساءل جاكسون "لماذا لا يوجد اي اميركيين سود ضمن تلك الجهود؟"

وقد لزمت معظم القنوات التلفزيونية الاميركية الصمت حيال الدور الذي لعبه اللون في سرعة الاستجابة للكارثة الا ان العديد من الصحافيين اشاروا الى وجود جدل حول مسالة العرق في الولايات المتحدة.

وكتب ديفيد بروكس في صحيفة نيويورك تايمز "دائما ما نتجه الى التفكير في انه عندما تقع الاعاصير والفيضانات فان الناس يجتمعون لتقديم المساعدات والمواساة".

واضاف "ما يحدث في نيو اورلينز والمسيسيبي الان هو ماساة انسانية. ولكن عندما نلقي نظرة فاحصة على الناس الذين تراهم يهيمون على وجوههم وقد فقدوا كل شيء في نيو اورلينز ترى ان معظمهم من السود والفقراء". وتنبأ بان "الاضطرابات السياسية ستاتي".

غير ان ليونارد بيتس كتب في "ديترويت فري برس" ان الجدل "متعب ومتوقع. بعضنا ينظر الى الامور حتى لو كانت كارثة طبيعية من خلال منظار مشوه من التفرقة والكراهية والخوف".

هذا وتستعد الولايات المتحدة لمواجهة الاسوأ مع انحسار المياه عن مدينة نيو اورلينز حيث ما زال آلاف الاشخاص ينتظرون جهود الانقاذ وبدأت امكانيات استقبال لاجئين جدد تتضاءل.

فقد صرح وزير الامن الداخلي الاميركي مايكل تشيرتوف لشبكة "فوكس" الاحد "يجب اعداد البلاد لما سيحدث. ما سيجري عندما تنحسر المياه عن نيو اورلينز او يتم ضخها هو اننا سنكتشف وجود اشخاص موتى قد اختبأوا في منازل وعلقوا في الفيضانات او جثث في شوارع".

ويشير تشيرتوف بذلك الى احتمال وجود الكثير من الجثث المتحللة. واضاف "سيحدث تلوث وسيكون افظع من كل ما شهدناه في هذا البلد ربما باستثناء اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر (2001) التي كانت بالتأكيد فظيعة". وقال "يجب ان يستعد الناس" لذلك.

ورفض تشيرتوف ان يذكر اي رقم عن ضحايا اسوأ كارثة طبيعية في تاريخ الولايات المتحدة بعد ستة ايام من حدوثها بينما قدر سناتور جمهوري عددهم باكثر من عشرة آلاف في لويزيانا وحدها.

وتبلغ الحصيلة الرسمية الموقتة حاليا 218 قتيلا بينهم 152 في ميسيسيبي و59 في لويزيانا و7 في ولاية فلوريدا.

واعلنت وزارة الخارجية البريطانية مساء الاحد ان السلطات البريطانية تبحث عن 131 بريطانيا كانوا في جنوب الولايات المتحدة عند مرور الاعصار كاترينا وانقطعت اخبارهم.

وتكريما لذكرى الضحايا اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش الحداد يومين وتنكيس الاعلام في البيت الابيض وكل المباني الرسمية والعسكرية في جميع انحاء البلاد.

وفي مواجهة الانتقادات الحادة التي اخذت عليها تأخرها في معالجة اثار الاعصار المدمر بدأت ادارة بوش حملة علاقات عامة.

وكشف استطلاع للرأي نشرت شبكة "ايه بي سي" نتائجه الاحد ان الاميركيين منقسمين حول ادارة هذه الازمة. فقد عبر 47% عن عدم رضاهم بينما رأى 46% انها ادارة جيدة.

وقال 51% من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع ان رد فعل السلطات كان غير كاف ومتأخرا بينما رأى 48% انه ممتاز او جيد. وقال ثلثا هؤلاء الاميركيين ان واشنطن كان يفترض ان تكون اكثر استعدادا لهذا الوضع.

وفي نيو اورلينز هوجم موظفون في شركة تعهدات تعمل لحساب الهندسة العسكرية . وقال متحدث باسم الجيش ان ستة مهاجمين اصيبوا بجروح. لكن المتحدث باسم الهندسة العسكرية جورج سترنغهام اكد حدوث الاشتباك ولم يؤكد سقوط جرحى.

من جهة ثانية اقدم عدد من رجال الشرطة والاطفاء على الانتحار متأثرين بصدمات اصيب بها بسبب الفوضى العارمة التي اعقبت مرور الاعصار.

ويشهد الوضع في المدن التي استقبلت عشرات الآلاف من النازحين تدهورا.

وبدأت الملاجىء ترفض استقبال نازحين جدد بينما اعلنت ولاية تكساس التي تستقبل اكثر من 230 الفا منهم انها لم تعد قادرة على استقبال المزيد وتعد جسورا جوية لنقل المنكوبين الى ولايات اخرى.

وقال تشيرتوف "علينا ان نجد مكانا لكل هؤلاء الاشخاص وتأمين الغذاء لهم وتعليم ابنائهم والسكن والامل".

وفي نيو اورلينز تسارعت جهود الاغاثة والانقاذ لكن المهمة ما زالت شاقة.

وما زال السود الذين كانوا الضحايا الرئيسيين للاعصار في حالة صدمة. وقال بروس غوردون رئيس الجمعية الوطنية لتشجيع الملونين ان هؤلاء "وصفوا بانهم لصوص وسارقون". ودعا وسائل الاعلام الاميركية الى الكف عن وصف المنكوبين بانهم "لاجئون".

واضاف "انهم يصدمون عندما تصفونهم بذلك لانهم مواطنون اميركيون" معتبرا ان استخدام كلمة "لاجئون" لوصفهم "يضعهم في مستوى ادنى من مواطني الولايات المتحدة".

وتابع ان "الناس الذين تضرروا بهذه الكارثة مواطنون اميركيون يعيشون في هذا البلد وعلينا ان نعمل لمساعدتهم على النهوض مجددا كما فعلنا في عمليات كثيرة خارج بلادنا".

وفي مدينة بيلوكسي اخلت السلطات ملجأ خوفا من انتشار الزحار اذ يشكل وجود آلاف الاشخاص في مكان مغلق وفي جو حار وسط مياه ملوثة بؤرة لانتشار امراض عدة.

وما زالت مئات الآلاف من المنازل محرومة من التيار الكهربائي في لويزيانا وميسيسيبي بينما اعيد التيار مساء الاحد الى بعض قطاعات نيو اورلينز.

وقد وافقت الولايات المتحدة على عرض قدمته الامم المتحدة للمساعدة اثر الكارثة التي سببها الاعصار كاترينا في جنوب الولايات المتحدة. واعلنت المنظمة الدولية الاحد في بيان ان فريقا للتنسيق توجه الى واشنطن لاجراء مشاورات مع مسؤولين في الحكومة الفدرالية حول افضل السبل التي ينبغي ان تقوم بها الامم المتحدة لمواصلة جهود عاجلة كانت قد بذلتها.

لكن اكبر المساعدات جاءت من دول الخليج العربية مع اعلان الكويت الاحد عن تقديم مشتقات نفطية ومساعدات انسانية بقيمة 500 مليون دولار غداة قرار قطر منح مئة مليون دولار.

كما اعلنت البحرين قرارها التبرع بخمسة ملايين دولار للمساهمة في الجهود المبذولة لاغاثة ضحايا الكارثة التي سببها الاعصار كاترينا.

كما قدمت الحكومة الافغانية التي تمول ميزانيتها بشكل شبه كامل من المساعدات الدولية وخصوصا الاميركية الاحد 100 الف دولار لضحايا الاعصار على ما اعلنت الرئاسة الافغانية في بيان.

يعتبر الاعصار كاترينا الذي ضرب بعنف في التاسع والعشرين من آب/اغسطس ثلاث ولايات في جنوب الولايات المتحدة وسبب اضرارا جسيمة اسوأ كارثة طبيعية في تاريخ الولايات المتحدة. في ما يلي ارقام عن الاعصار ونتائجه:

-- حصيلة الضحايا:

- الحصيلة الموقتة لضحايا الاعصار بلغت الاحد 59 قتيلا في لويزيانا و152 في ولاية ميسيسيبي وسبعة في فلوريدا اي ما مجموعه 218 قتيلا. الا ان السناتور الجمهوري ديفيد فيتر توقع ان يتجاوز عدد القتلى العشرة آلاف قتيل في لويزيانا وحدها.

- يبلغ عدد المشردين اكثر من 219 الف شخص حسب ارقام الوكالة الفدرالية للحالات الطارئة وقد استقبلت تكساس 137 الفا منهم وتوزع ستون الفا في المنطقة الاقل تضررا في لويزيانا و16 الفا في ميسيسيبي وستة آلاف في الاباما.

وقالت سلطات تكساس ان مئة الف شخص على الاقل يقيمون في فنادق هذه الولاية.

- ويمكن ان تؤدي هذه الكارثة الى نزوح اكثر من مليون من سكان لويزيانا.

-- حصيلة الاضرار الاقتصادية:

- دمر الاعصار كاترينا منطقة تبلغ مساحتها نحو 235 الف كلم مربع اي ما يوازي مساحة رومانيا ونصف مساحة فرنسا. وفي ولاية ميسيسيبي دمر الاعصار شواطىء على امتداد اربعين او خمسين كيلومترا بينما غمرت المياه ثمانين بالمئة من مدينة نيو اورلينز.

- ادى الاعصار الى اغلاق 711 منصة او بئر نفطية في خليج المكسيك. وبعد ستة ايام على مروره في جنوب الولايات المتحدة توقف 78,98% من انتاج النفط الخام في منطقة خليج المكسيك.

- قد تتجاوز قيمة الاضرار المئة مليار دولار ويمكن ان تصل الى 35 مليار دولار حسب شركات التأمين بناء على معلومات شركة "ريسك مناجمنت سولوشنز" المتخصصة. اما وقف النشاطات فيعني مئة مليون دولار يوميا من الربح الفائت.

- والولايات الثلاث التي ضربها الاعصار (لويزيانا وميسيسيبي والاباما) تمثل ثلاثة بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي في الولايات المتحدة حسب الاقتصادي ايثان هاريس من شركة "ليمان براذرز".

- وفي ولاية ميسيسيبي يشكل تدمير العديد من الكازينوهات خسارة كبيرة. ففي مدينة بيلوكسي وحدها يعمل 13 الف شخص في كازينوهات. كما ستتأثر الحركة السياحية في ولاية لويزيانا التي كانت تستقبل سنويا نحو عشرة ملايين سائح.

-- اعمال الاغاثة واعادة الاعمار:

- خصص الكونغرس مبلغا طارئا بقيمة 10,5 مليار دولار لمساعدة المنكوبين.

- تدفقت وعود المساعدات الاجنبية وستقدم الكويت وقطر وحدهما 600 مليون دولار.

- وعد افراد بتقديم اكثر من 300 مليون دولار لضحايا الكارثة وتحدثت جمعية الصليب الاحمر عن هبات ووعود ب302 مليون دولار.

وقد وعد مؤلف الروايات البوليسية جون غريشام بتقدم خمسة ملايين دولار ووعدت المغنية سيلين ديون بمليون دولار.

- سينشر حوالى خمسين الف عسكري بحلول بداية الاسبوع المقبل في المناطق المنكوبة.

- يمكن ان يستغرق شفط وتجفيف المياه من نيو اورلينز وحدها بين 36 وثمانين يوما حسب الجيش الاميركي.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 6 / ايلول/2005 - 1 / شعبان/1426