
انتهت الاحد حملة انتخابات الرئاسة المصرية التي تجرى الاربعاء
المقبل وسط شكوك في شفافيتها بعد رفض لجنة الانتخابات الرئاسية حكما
قضائيا بالسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات.
وقررت 35 منظمة حقوقية واهلية مصرية مراقبة الانتخابات رغم قرار
لجنة الانتخابات الرئاسية.
وقال رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ناصر امين في
مؤتمر صحافي الاحد "المنظمات قررت المراقبة والاصرار على حق منحها اياه
القضاء المصري".
واضاف "سنرسل انذارا الى لجنة الانتخابات الرئاسية نطالبها بتنفيذ
حكم القضاء واذا استمرت في رفضها سنقيم جنحة مباشرة امام محكمة الامور
المستعجلة ضد رئيس اللجنة ممدوح مرعي لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي".
وقال اسامة عطاوية الامين العام للجنة لوكالة فرانس برس الاحد ان "اللجنة
قررت عدم الاعتداد" بقرارات محكمة القضاء الاداري.
واوضح ان هذا القرار اتخذ بعد اجتماع عاجل عقدته اللجنة مساء امس
برئاسة المستشار ممدوح مرعي رئيس لجنة الانتخابات وهو في ذات الوقت
الرئيس المعين (من قبل الرئيس المصري حسني مبارك) للمحكمة الدستورية
العليا.
واضاف ان "اللجنة اكدت ان قراراتها غير قابلة للطعن عليها باي طريقة
من طرق الطعن وامام اي جهة طبقا لنص تعديل المادة 76 من الدستور" التي
اقرت في استفتاء نظم في 25 ايار/مايو الماضي.
وكانت المعارضة المصرية احتجت احتجاجا شديدا على هذا النص في
التعديل الدستوري الذي يحصن قرارات اللجنة واعتبرت انه يمنحها "صلاحيات
الهية".
واعترض العديد من القضاة خلال جمعيتهم العمومية التي عقدت الجمعة
على هذا التحصين لقرارات لجنة الانتخابات الرئاسية معتبرين ان هذا النص
"اضفى قدسية على اللجنة وكان قرارتها آيات من ذكر الحكيم". وطالب
القضاة بالسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات "لضمان
شفافيتها".
وكانت محكمة القضاء الاداري قضت السبت بالسماح لمنظمات المجتمع
المدني بمراقبة الانتخابات "داخل وخارج لجان الاقتراع". واكدت المحكمة
"احقية المنظمات جميعها في متابعة مجريات العمليات الانتخابية من داخل
وخارج اللجان تحقيقا للشفافية".
واضافت المحكمة في حيثياتها ان "اعمال متابعة الانتخابات لا تدخل في
اختصاص اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية" التي حصنها القانون ضد
الطعن على قراراتها امام القضاء ونص على ان اي طعن في قراراتها "يقدم
الى اللجنة نفسها".
كما قضت المحكمة نفسها باستبعاد وحيد الاقصري احد المرشحين التسعة
المنافسين لمبارك لوجود نزاع بينه وبين ايمن محمد صديق على رئاسة حزب
مصر العربي الاشتراكي.
وقال نجاد البرعي رئيس مركز تنمية الديموقراطية احد منظمات حقوق
الانسان الخمسة التي تقدمت بالطعن امام القضاء ان قرار لجنة الانتخابات
الرئاسية "يعني انها لا تعير اي اهتمام للقضاء".
واتهم اللجنة بانها "ضد اجراء انتخابات حرة وشفافة" مشددا على ان
المنظمات متمسكة بحكم القضاء الذي يسمح لها بدخول لجان الاقتراع.
واكد ناصر امين ان ما يراوح بين 2000 و2500 مراقب من منظمات المجتمع
المدني سيتولون متابعة سير عمليات الاقتراع واذا ما لجات لجنة
الانتخابات الرئاسية الى قوات الامن لمنعهم من دخول اللجان "سنحرر
محاضر لدى الشرطة بهذه الوقائع وسنعتبر السماح للمراقبين احد معايير
شفافية الانتخابات".
واضاف ان "اخطر ما في قرار لجنة الانتخابات الرئاسية عدم الاعتداد
بحكم القضاء هو انه صادر عن رئيس المحكمة الدستورية العليا وهو دليل
على عدم استقلالية القضاء المصري".
وتابع "اعتادت منظمات حقوق الانسان على ان يمتنع الوزراء عن تنفيذ
الاحكام ولكن ان يمتنع رئيس المحكمة الدستورية العليا فهذه سابقة اولى
في تاريخ القضاء المصري".
وفي ختام الحملة الانتخابية يلقي الرئيس المصري حسني مبارك خطابا
مساء الاحد في مؤتمر انتخابي يعقده في ميدان عابدين في قلب القاهرة
ويتوقع منظمو حملته ان يحضره 50 الف شخص.
وكان اشرس منافسي مبارك رئيس حزب الغد ايمن نور عقد مؤتمرا مساء
السبت في ميدان التحرير (وسط القاهرة) شن فيه هجوما شديدا على مبارك
ورجاله واتهم فيه وزير المالية يوسف بطرس غالي بالفساد مؤكدا انه لديه
وثائق رسمية تثبت ذلك.
من جهتها قالت الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" انها لن تعترف
بنتائج أول انتخابات رئاسة تعددية ستجرى يوم الاربعاء القادم وناشدت
"القوى الوطنية الديمقراطية" زيادة الضغط من أجل تحقيق الاصلاح السياسي
في مصر.
وتأسست حركة "كفاية" في العام الماضي رافعة شعار "لا للتمديد
(للرئيس حسني مبارك) لا للتوريث (للحكم لنجله جمال القيادي البارز في
الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم)." وتضم الحركة ليبراليين ويساريين
واسلاميين ونشطين في مجال حقوق الانسان.
وجاء في بيان وزعته الحركة في مؤتمر صحفي يوم الاحد "الانتخابات
الرئاسية المقبلة منزوعة الشرعية من زاويتين.... الزاوية القانونية حسب
الحقائق التي أكدها تقرير نادي القضاة عن تزييف الاستفتاء على تعديل
المادة 76 (من الدستور) التي ستجرى الانتخابات الرئاسية (بناء عليها
وذلك) وفقا لقاعدة ما بني على باطل فهو باطل."
وأضافت أن النتائج ستكون غير مشروعة "من الزاوية السياسية بما يعني
افتقاد الشرعية السياسية بسبب حرمان الغالبية العظمى ممن لهم حق
الترشيح في هذه الانتخابات من هذا الحق."
وتابعت أن "الرئيس الناتج عنها سيكون رئيسا مشكوكا في شرعيته وهذا
يفرض الاستمرار في تصعيد المطالب الديمقراطية والتمسك بها من كافة
القوى الوطنية الديمقراطية."
ويخوض الانتخابات الى جانب مبارك (77 عاما) تسعة مرشحين أبرزهم أيمن
نور رئيس حزب الغد وهو محام شاب ونعمان جمعة (71 عاما) رئيس حزب الوفد
وهو أستاذ جامعي. وكان مبارك اقترح في فبراير شباط الماضي تعديل
الدستور بما يسمح بالتنافس على منصب رئيس الدولة وأقر مجلس الشعب (البرلمان)
تعديلا في مايو آيار الماضي وافق عليه الناخبون في استفتاء.
وقال نادي القضاة وهو هيئة غير حكومية في تقرير عن الاستفتاء "ان 95
في المئة من اللجان الفرعية أُسندت رئاستها لموظفين لا استقلال لهم ولا
حصانة وتعرضوا للترهيب من رجال الشرطة وأفلتت تماما من رقابة القضاة
وكانت تلك اللجان مسرحا لانتهاك القانون وتزوير بيانات حضور الناخبين
وبطاقات إبداء الرأي."
وقال المتحدث باسم الحركة عبد الحليم قنديل "الرئيس الذي تنتهي اليه
هذه العملية المسماة عبثا بالانتخابات ليس رئيسا شرعيا."
وأضاف "بعد أن أغلق الحكم طريق الانتخاب سوف ننتقل الى التغيير بقوة
الناس... لكي يتمكن الناس من انهاء حكم رئيس غير شرعي."
وقيد التعديل الدستوري ترشيح أي مستقل بشرط تأييد 250 من أعضاء
مجالس الشعب والشورى والمحافظات. ورفضت لجنة الانتخابات الرئاسية التي
تشكلت طبقا للتعديل الدستوري قبول أوراق ترشيح عشرات المستقلين لان
أحدا منهم لم يستطع الحصول على تأييد العدد المطلوب من أعضاء تلك
المجالس التي يهيمن عليها الحزب الوطني الديمقراطي.
ويقول قياديون في حركة "كفاية" التي نظمت مظاهرات احتجاج في القاهرة
والمحافظات انهم تلقوا تهديدات بالتعرض لهم بعد انتخابات الرئاسة.
وقال المنسق العام للحركة جورج اسحق "هددوني مرات عديدة أنا ومختلف
جماعات المعارضة بأنهم سيدمروننا بعد الانتخابات."
وأضاف "أي انسان يريد الحرية عليه أن يكون مستعدا لدفع الثمن ونحن
مستعدون لدفع الثمن."
وقال القيادي في الحركة أحمد بهاء الدين شعبان "لا توجد حركة سياسية
في العالم تمشي على طريق ممهد."
وأضاف "من الحكمة ألا تصطدم الدولة والنظام الحاكم في ثوبه الجديد
القديم بارادة الشعب الممثلة في حركات الاحتجاج الديمقراطية والوطنية."
وحول أنباء عن تعليمات صدرت من لجنة الانتخابات الرئاسية لمسئولي
اللجان في احدى المحافظات بالسماح لغير المقيدين في جداول الانتخاب
بالاقتراع قال رئيس نادي القضاة زكريا عبد العزيز في مؤتمر صحفي يوم
الاحد "ان الضابط القانوني لمن يصوت في الانتخاب أن يكون اسمه مدرجا في
كشوف الناخبين ويحمل بطاقة القيد في جداول الانتخابات. وبغير ذلك يفتح
الباب على مصراعيه للتلاعب والتزوير."
وأضاف "مازلت أقول ان انتخابات الرئاسة اذا أجريت على النحو الذي
أجري عليه الاستفتاء في 25 مايو (ايار) سيتعرض منصب رئيس الجمهورية
للخطر." |