فقراء مصر يترقبون مكاسب النمو مع اقتراب الانتخابات

ينمو الاقتصاد المصري بأسرع معدلاته منذ سنوات وتزيد الصادرات وتزدهر البورصة لكن لم تظهر بعد دلائل تذكر تنم عن انتعاش اقتصادي في الاحياء الفقيرة المكتظة بالسكان في العاصمة.

يشكو الباعة في سوق بولاق الدكرور من بطء التجارة ويقول الموظفون في حي الشرابية ان رواتبهم لا تكفي لإعالة أسرهم وفي شبرا الخيمة يفرز الصبية القمامة مقابل دخل اقل من دولار واحد في اليوم.

وقد وعد الرئيس حسني مبارك المتوقع على نطاق واسع ان يفوز في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم السابع من سبتمبر ايلول الجاري بالمزيد من الاصلاحات لتحرير الاقتصاد بهدف ارضاء المستثمرين لكنه عرض كذلك سياسات تحظى بشعبية مثل زيادة اجور العاملين في الحكومة والابقاء على الدعم.

ويقول الاقتصاديون ان الاصلاحات من شأنها زيادة الضغوط في الاجل القصير على فقراء مصر الذين يعتمدون على الخبز الرخيص المدعوم ويحتاجون لفرص عمل خارج الجهاز الحكومي المكدس في بلد يعاني من معدل بطالة مرتفع.

وتشمل التحديات التي تواجه مبارك اعادة تأهيل العمال الذين تم تسريحهم من شركات حكومية خضعت للخصخصة في الفترة الاخيرة واستخدام الدعم بكفاءة أكبر وخفض الدين الحكومي لتشجيع البنوك على البدء في اقراض رجال الاعمال.

ويقول الاقتصاديون انه عندما يتحقق ذلك سيبدأ المصريون البالغ تعدادهم نحو 70 مليون نسمة يشعرون بالمزايا بشكل أكبر.

وقال عطية سعيد عبد الله (28 عاما) وهو صاحب مخبز ينتج رغيف الخبز المدعوم "البطالة هي اكبر مشكلة. كثيرون يأتون الى طلبا للعمل لكني أقول لهم ان لدي عمالا بالفعل."

ويعد منافسو مبارك في أول انتخابات رئاسية تضم اكثر من مرشح بأوضاع أفضل كذلك.

أحد المرشحين عرض 150 جنيها (26 دولارا) شهريا لكل عاطل وتعهد اخر بالحد من اهدار اموال الحكومة.

لكن لا يبدو ان هناك منافسة حقيقية في بلد يحكمه مبارك (77 عاما) منذ 24 عاما. وفي ضواحي القاهرة الممتدة الفقيرة لا تظهر سوى صور مبارك ولا يتوقع الكثيرون اي تغيير.

وقال ابراهيم هيكل (24 عاما) وهو عامل في هيئة السكك الحديدية يقول انه غير قادر على الزواج لأنه لا يتقاضى سوى 250 جنيه شهريا ان الساسة "يقولون اشياء لكنها مجرد وعود."

ووضعت الاصلاحات التي بدأت العام الماضي وشملت بيع اصول الدولة وخفض الضرائب الاقتصاد على مسار تحقيق معدل نمو سنوي يبلغ ستة بالمئة وهو مستوى لم يتحقق منذ التسعينات.

وارتفع الطلب في الخارج على المنتجات المصرية منذ تعويم العملة في عام 2003 ورحب المستثمرون بالتغييرات وتمثل ذلك في ارتفاع مؤشر البورصة الى أعلى مستوياته على الاطلاق هذا العام.

لكن بعض الاقتصاديين يقولون ان هناك المزيد من العمل يتعين القيام به لمساعدة مصر على زيادة قدرتها التنافسية على مستوى العالم.

وقال اقتصادي مختص بشؤون الشرق الاوسط في بنك دولي طلب عدم نشر اسمه "الاصلاحات التالية ستكون أكثر صعوبة. واكثرها صعوبة سيكون فقد الوظائف في الاجل القصير والذي سينجم حتما عن الخصخصة وكيفية تعامل الحكومة مع ذلك."

وتحتاج مصر لتوفير ما يقدر بنحو 700 الف فرصة عمل سنويا للداخلين الجدد الى سوق العمل وهو هدف تعهد مبارك بتحقيقه في خطبه اثناء الحملة الانتخابية.

ويقول بعض الاقتصاديين إنَّ حتى تحقيق معدل نمو قدره ستة بالمئة سنويا قد لا يبقي على العمالة عند مستوياتها الراهنة. وتقول الحكومة ان معدل البطالة يبلغ نحو عشرة بالمئة لكن التقديرات غير الرسمية تشير الى مثلي هذا الرقم.

ومن المشكلات كذلك ان نسبة كبيرة من اصول البنوك تبلغ نحو الثلث أو أكثر مقيدة بديون حكومية حسب تقديرات المجموعة المالية المصرية هيرميس. وهذا يحبس أموالا كان يمكن استخدامها في تمويل أعمال جديدة وخلق فرص عمل.

وقال هاني جنينة الاقتصادي البارز بالمجموعة "كلما قل الاستعداد لتمويل الشركات قل استعداد الشركات للتوسع وقل استعدادها لتعيين العاملين. انها حلقة مفرغة."

ويقول الاقتصاديون ان الحكومة تحتاج لخفض الدين العام الذي تبلغ نسبته ما بين 120 و130 بالمئة تقريبا من اجمالي الناتج المحلي أغلبه دين داخلي. لكن ذلك يتطلب بعض الاجراءات الحساسة مثل خفض الدعم.

ودعم رغيف الخبز الذي يعتمد عليه العديد من المصريين سيبقى على الارجح لكن الاقتصاديين يقولون ان دعم الوقود الذي يوفر للسائقين البنزين بأسعار تعد من الارخص على مستوى العالم قد يخفض في وقت قريب. وخفض بالفعل الدعم على وقود الديزل.

ويقول جنينة انه حتى اذا بدأت الدولة في خفض متطلباتها من الاقتراض وبدأت المؤسسات في توفير تمويل أكبر فإن مهارات العمالة المصرية لا تواكب ايقاع الطلب وسط المنافسة العالمية.

وأضاف ملقيا اللوم على عيوب في نظام التعليم "هناك نوع من التباين بين المطلوب والمعروض من المهارات."

ويمول الاتحاد الاوروبي مشروعات وبخاصة في قطاع النسيج لإعادة تأهيل العمال الذين تم تسريحهم من شركات القطاع العام المباعة.

ويقول الاقتصاديون ان المؤسسات ينبغي ان تؤمن بفكرة ان التدريب استثمار في حين ينبغي على العمال ان يدركوا أنه لم يعد بالامكان الاعتماد على العمل بالقطاع الحكومي مدى الحياة حتى ولو بأجر ضعيف لمجرد الشعور بالامان.

وفي احياء القاهرة الفقيرة يسعى كثيرون لأي عمل لكسب عيشهم مثل مصطفى احمد الذي يفرز القمامة في شوارع شبرا الخيمة مقابل اقل من دولار واحد في اليوم.

وقال "العمل موجود.. لكن المسألة تتعلق بما اذا كنت مستعدا للقيام به."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 4/ ايلول/2005 - 28 / رجب/1426