الخبراء الاقتصاديون يقيمون التأثيرات الاقتصادية لأسوء إعصار في تاريخ امريكا

أكد مسؤولون أميركيون سابقون وحاليون أن إعصار كاترينا قد خلف دماراً كبيراً على الاقتصاد المحلي وسبب تعطيلا شديدا في توزيع الطاقة والتجارة على المدى القريب، إلا أن تأثيره على الاقتصاد الأميركي على المدى البعيد، من المحتمل أن يكون معتدلا.

وقال رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، بن بيرنانك، إن الإعصار الذي وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه يعتبر وحدا من أسوأ الكوارث في تاريخ الولايات المتحدة إذا لم يكن أسوأها، سوف تكون له أثار وخيمة على اقتصاد لويزيانا، ميسيسبي، ألاباما وفلوريدا. لكنه استدرك قائلا في عدة لقاءات صحفية له بأن الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد بالكامل ستكون أقل بكثير.

وأردف أنه طالما لم تتضرر البنى التحتية الخاصة بالطاقة، فستكون الآثار على الاقتصاد العام بسيطة إلى حد ما.

وأبدى وزير المالية السابق بول أونيل ملاحظة مماثلة من التفاؤل المشوب بالحذر في مقابلة مع شبكة تلفزيونية رئيسية.

وأبلغ شبكة سي إن بي سي بقوله: "إنني لا أرى أي سبب من شأنه أن يخرج الاقتصاد عن المسار العام."

أما رئيس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) في فيلادلفيا، أنطون سانتوميرو، فقال إنه بعد فترة وجيزة من التعطيل الاقتصادي من المحتمل أن تتباطأ آثار كاترينا ولكنها لن تعطل التقدم المستقبلي للاقتصاد القومي.

وسيكون من الصعوبة بمكان إجراء تقديرات دقيقة حول تأثير كاترينا على الاقتصاد لأنه من الصعب تقييم الأضرار التي ألمت بالمنطقة المنكوبة والوقت اللازم لإعادة تشغيل الصناعات الرئيسية في المنطقة. وتشير التقديرات الخاصة إلى أن الانخفاض المحتمل في معدلات النمو الأميركية سيتراوح بين عدة من أعشار النقطة المئوية ونقطة مئوية كاملة في الربع الثالث والربع الرابع من العام الحالي 2005.

وقد أطلقت حكومة الولايات المتحدة واحدة من أكبر عمليات تعبئة الرد المحلية في التاريخ الأميركي في أعقاب الدمار الهائل والموت والتشرد التي سببها إعصار كاترينا.

وقال برايان ويسبري الخبير الاقتصادي في إحدى الشركات الاستثمارية إن الأضرار التي سببها الإعصار قد تكلف بلايين الدولارات وإن التأثيرات الانتشارية من الكارثة ستطال الاقتصاد بالكامل. وقال في مقابلة أجريت معه في 1 أيلول/سبتمبر الجاري إن آثار الكوارث الإقليمية والكوارث الطبيعية على الاقتصاد العام تكون، تاريخيا، ضئيلة تقريبًا.

وأضاف "أننا عندما نتذكر الأحداث التي وقعت فيها كوارث رئيسية في هذا البلد فمن الصعب علينا الاكتشاف أن شيئا سيئا ما قد حدث فعلا من مجرد النظر إلى البيانات الاقتصادية؛ حيث أن الأضرار نادرا ما تكون واضحة."

وتتفق معه في الرأي خبيرة اقتصادية هي ناريمان بيهرافيش الخبيرة الاقتصادية في إحدى الشركات المتخصصة في الأبحاث الاقتصادية، إذ تقول إن الأضرار التي يخلفها إعصار كبير تؤخر النمو الاقتصادي بمقدار بضعة عشرات من النقطة المئوية.

وقالت "إن تقييمات الأضرار التي لحقت بمنصّات التنقيب عن النفط في خليج المكسيك وإغلاق مصفاة النفط هناك يعتبر أكثر خطورة مما كنا نتوقع."

وترى بيهرافيش وغيرها من الخبراء الاقتصاديين إن معدل إصلاح البنية التحتية للطاقة وانتعاش قطاع الطاقة في المنطقة سيثقلان بشكل رئيسي على التوسع الاقتصادي العام.

فقد عطل الإعصار إنتاج النفط والغاز الطبيعي في خليج المكسيك وأغلق ثمانيا من مصافي النفط البالغ عددها 14 مصفاة الواقعة على طول الساحل مما سيرفع أسعار البنزين والوقود الأخرى التي كانت ترتفع حتى قبل الكارثة، طبقا للتقارير الإخبارية. والمصافي التي توقف الإنتاج فيها تشمل تقريبا 10 في المئة من قدرة تكرير النفط الأميركية.

وكانت حكومة بوش قد قررت إقراض إحدى المصافي بعض النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي وهي تنظر حاليا في مزيد من الطلبات لإرسال كميات إضافية من النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي إلى الآخرين. وقال مدير الوكالة الأميركية لحماية البيئة ستيفن جونسون إن الحكومة قد خففت بشكل مؤقت المعايير الخاصة بمكافحة التلوث الذي يسبب البنزين ووقود الديزل لضمان أن الإعصار لا يتسبب في تعطيل تموين البلد بالوقود بدرجة خطيرة وقد أعرب بعض الخبراء الاقتصاديين عن مخاوفهم من أن الارتفاع في أسعار البنزين الناشئة عن الإمدادات المحدودة يمكن أن تقلص النفقات الاستهلاكية، مما يؤدي إلى تباطؤ في الاقتصاد، غير أن ويسبري قال إن تأثير أي انخفاض في النفقات الاستهلاكية على الاقتصاد العام ستخففه الأرباح الكبيرة التي ستجنيها شركات البترول.

إلا أن بيهرافيش أشار إلى "أن الأضرار التي خلفها الإعصار لا تنحصر على البنية التحتية للطاقة. وأضاف أن التعطيلات التي سببها الإعصار على ميناء نيو أورلينز الذي يعتبر ثاني أكبر ميناء في الولايات المتحدة ستؤثر على الصادرات، وخصوصا صادرات المنتجات الزراعية، وعلى الواردات بدرجة كبيرة لمدة لا تقل عن بضعة أسابيع."

وقد وافقه ويسبري الرأي على أن نيو أورلينز تعد ميناء هاما جدا، إلا أنه أضاف أن الولايات المتحدة لديها كمية هائلة من الموارد والثروة وأن التباطؤ الذي تسببه الكوارث الطبيعية يتبعه انتعاش تتصدره مجهودات إعادة البناء.

وقال ويسبري إن الاقتصاد الأميركي قد أثبت على مر التاريخ أنه قوي جدا، حيث تجاوز هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر الإرهابية العام 2001 كما صمد أمام كوارث طبيعية كبرى.

وقد طرح سانتوميرو، وهو عضو في هيئة معنية بتحديد أسعار الفائدة في البنك المركزي الأميركي، فكرة مماثلة في خطاب ألقاه يوم 31 آب/أغسطس المنصرم في جامعة تيمبل. إذ قال إنه نتيجة لسجل الاقتصاد الأميركي الثابت وقدرته على امتصاص مثل هذه الصدمات، فمن المحتمل أن تستمر اللجنة الفدرالية المختصة بالأسواق المفتوحة في رفع أسعار الفائدة الأساسية "بوتيرة متزنة ومحسوبة".

ثم خلص الخبير الاقتصادي الأميركي إلى القول إنه إذا أظهرت البيانات الاقتصادية أن إعصار كاترينا قد أثر تأثيراً جوهريا على النمو، فإن البنك سوف يحافظ على المعدلات الحالية لبعض الوقت لإعطاء الاقتصاد متنفسا وفرصة لاسترداد عافيته.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 4/ ايلول/2005 - 28 / رجب/1426