قال علمانيون عراقيون يوم الاربعاء ان الدستور الجديد المقترح لا
يترك مجالا للشك في المسار الاسلامي الذي تتجه صوبه البلاد بعد عامين
من غزو قادته الولايات المتحدة كان من المفترض أن يؤدي الى مزيد من
الحريات.
ويغلب على الوثيقة التي قدمت للبرلمان يوم الاثنين الماضي لغة
الاسلام السياسي في تعريف الدولة واعطاء الاسلام دورا رئيسيا كمصدر
للتشريع.
قال عادل عبد الامير "المسودة تجهض العملية الديمقراطية التي يتطلع
اليها العراقيون وهي نصر كبير للاسلام السياسي." ومضى يقول "أصبحت
الشريعة الاسلامية وليس الشعب مصدر السلطة."
وتنص مسودة الدستور على أن الاسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس
للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع "ثوابت أحكامه".
وينص الدستور في ديباجته على أنه جاء "استجابة لدعوة قياداتنا
الدينية والوطنية واصرارِ مراجعنا العظام وزعمائنا ومصلحينا."
ويقول المعارضون ان البنود التي تتحدث عن "الحقوق والحريات" تخضع
للوضع الرئيسي الممنوح للاسلام.
وقالت صفية سهيل سفيرة العراق لدى مصر "لا يجب على الاطلاق ربط حقوق
الانسان بالشريعة الاسلامية ولا بد من ادراجها منفصلة في الدستور."
ونددت الناشطة البارزة في الدفاع عن حقوق المرأة بالصياغات التي
تمنح كل طائفة دينية الحق في ادارة محاكم الاسرة الخاصة بها والاستغناء
فيما يبدو عن القوانين المدنية السابقة لتفتح الباب أمام مزيد من أحكام
الشريعة الاسلامية في النظام القانوني.
وقالت سهيل ان فكرة القانون المدني الموحد فكرة رئيسية للدولة
الحديثة وان كان الحال ينتهي بلجوء كثير من العراقيين الى السلطات
الدينية أو القانون القبلي غير الرسمي.
وأضافت "هذا سيؤدي الى انشاء محاكم شرعية لكن لا بد من اعطاء أولوية
للقانون."
ومضت تقول "بعد العودة من المنفى اعتقدنا اننا سنحسن حقوق المرأة
وأوضاعها لكن بالنظر الى ما حدث فقد خسرنا كل المكاسب التي تحققت على
مدى الثلاثين عاما الماضية. أنها خيبة امل كبيرة."
وتركت عقود من حكم البعث تحت قيادة صدام حسين رغم الوحشية
والاستبداد ارثا علمانيا كبيرا تضمن حريات نسبية للمرأة.
قال ميرزا ديناي زعيم الطائفة اليزيدية الذين يعتبرونهم الاسلاميون
الذين يحكمون العراق الان عبدة للشيطان ان طائفته كانت تأمل في دستور
علماني يفصل الدين عن الدولة.
ومضى يقول ان مسودة الدستور لم تشر حتى لبعض الاقليات بالاسم. وأضاف
أن دستورا لا يستطيع أن يضمن حقوق مواطنيه والمساواة بينهم لا يستحق أن
يسمى دستورا.
والاقليات الوحيدة التي منحت حقوقا معينة في مسودة الدستور هم
الاكراد الذين حصلوا على اقليم اتحادي في شمال العراق والمتحدثين
باللغة السريانية حيث منحوا حرية في تعليم ابنائهم بتلك اللغة.
وشددت وسائل الاعلام الرسمية متمثلة في جريدة الصباح والقناة
الفضائية العراقية على التأييد لمسودة الدستور الذي تحشد الاقلية
السنية انصارها لرفضه في استفتاء يجرى في أكتوبر تشرين الاول.
لكن صحيفة الزمان اليومية واسعة الانتشار كتبت في عمود في عددها
الصادر يوم الاربعاء أن حل البرلمان سيكون أفضل من اقرار وثيقة مثل
مسودة الدستور المتوقع اقرارها في وقت لاحق من هذا الاسبوع.
وقال سعد عباس مدير تحرير الصحيفة لرويترز ان مسودة الدستور تأخذ
بيد ما تعطيه باليد الاخرى وان هذا الدستور لا يرقى أن يكون دستورا
لدولة حديثة.
ولفت الانتباه الى قائمة من الجرائم في عهد البعث في ديباجة الدستور
التي تعطي أولوية لمعاناة الشيعة.
وقال عباس ان ديباجة مسودة الدستور تذكر بعض الضحايا ولا تشير الى
اخرين. فالشيوعيون على سبيل المثال عانوا كذلك. وقال ان المسودة عادلة
بالنسبة للاسلاميين لكنها ليست عادلة لغير الاسلاميين.
وقالت سهيل ان الولايات المتحدة وهي لاعب رئيسي في الكواليس حريصة
على التوصل الى اتفاق يفي بالجداول الزمنية التي تدعمها تركت
الاسلاميين الشيعة والاكراد في الحكومة يفعلون ما يحلوا لهم.
واضافت "تلقينا انباء تفيد أننا لم نلق تأييدا من الاصدقاء بما في
ذلك الامريكيين. وأن الامريكيين تركوا الاسلاميين ليتوصلوا لاتفاق مع
الاكراد." |