عضو مكتب  المرجع صادق الشيرازي في العراق الشيخ ناصر الاسدي:  نحن نعتقد بالفيدرالية فهي تعالج حقوق الأقليات كما أن الإسلام يشجع عدم الارتباط الإداري بالمركز..

أجرى اللقاء/ عباس سرحان

الشيخ ناصر الأسدي  رجل معروف بأفكاره المنفتحة على آفاق حضارية رحبة ولا ينطلق في طروحاته من عقد أو كراهية أو انتماءات ضيقة.. التقيناه في خضم الأحداث الخطيرة التي يمر بها العراق والعالم الإسلامي، سيما وأن بعض العرب يروجون هذه الأيام نموذجا دينيا يسيء للإسلام الحقيقي.. إسلام اللاعنف الذي استمد اسمه من "السلم".. جماعات ترفع يافطات دينية وتفجر في أوساط المدنيين وتقتل الأبرياء وتكفر الآخر فتضعه في إطار المستباح دمه ومن ثم تذبحه بالسكين كما الشاة، وتجد من يضع لها هذا العنف في إطار الفتوى الدينية.. الناس في الغرب وفي أصقاع الأرض الأخرى حين يقرأون الدين الإسلامي من خلال هؤلاء، ومن خلال هذه الأعمال العنفية.. فهل الدين الإسلامي يمنح هؤلاء الحق فيما يفعلون؟..

سؤال طرحناه إلى جانب أسئلة أخرى عن الفدرالية والدستور على سماحة الشيخ ناصر الأسدي ممثل آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي في العراق فكان الحوار التالي:

ـ ما هي جذور الإرهاب وهو يستهدف الأبرياء بدم بارد؟..

رسول الله(ص) كان نبي الرحمة ونبي الإنساني وحين كان يضطر لخوض الحروب كان يعتمد الأساليب الإنسانية فيها ونحن نعتقد وخط الإمام الشيرازي الكبير يعتقد أن حروب الرسول (ص) كانت حروبا دفاعية وليست هجومية، بالنسبة للعنف هناك مدرسة تاريخية لها جذور تمتد مع حياة البشر.. منذ قتل قابيل هابيل .. هناك دوافع للعنف أبرزها دافع المطامع السياسية، ففي سبيل بلوغ أهدافا معينة يرتكب هذا الذي يريد الوصول إلى تلك الأهداف كل أنواع العنف وهناك دوافع انتقامية ونفسيات منحرفة تتربى على إراقة الدماء نموذج ذلك الحجاج.. في كتاب ربيع الأبرار للزمخشري يروي أن الحجاج أمر كاتبه أن يكتب رسالة لواليه على خراسان فألحن الكاتب في كلمة أي أنه رفع بدل النصب أو العكس، فطلب الحجاج منه أن يقرأ الرسالة فقرأها وألحن بتلك الكلمة، فأمر الحجاج بالجلاد والنطع ليقطع سبابة الكاتب.. قطع سبابته لأنه ألحن في كلمة.. لاحظ هذا الخط من العنف، وكان أحيانا يقتل الأبرياء ويأكل على أجسادهم، ومثل هذا العنف ظهر في واقعة كربلاء فالتاريخ يذكر أن الإمام الحسين(ع) طلب ماء للرضيع من القوم حين اشتد به العطش، ولم يكن له ذنب فهو رضيع لا يفهم شيئا مما يجري حوله. ولكن ما الذي حدث؟!

أجابوه بسهم مثلث مسموم وذبحوه من الوريد إلى الوريد.ز الطفل الذي بحاجة إلى الماء يجاب بسهم..

في العراق اليوم هناك أقلية لا تؤمن بالديمقراطية والتعددية وتستخدم العنف للوصول إلى السلطة، لذلك تراهم يستخدمون القوة والعنف وكما فعل صدام الذي انتهك كل المواثيق الدولية والشرعية في استيلائه على السلطة ورأينا ماذا فعل.. في العام الماضي وفي مدينة الحلة لجأ الإرهابيون إلى كهربة نهر بينما كان عمال المجاري يعملون فيه فأما توهم دون أي مسوغ قانوني أو شرعي..

ــ سماحة الشيخ كما تلاحظون أن الإرهابيين باتوا يرفعون الشعارات الإسلامية، فأين الإسلام من هذه المواقف، كما أنهم يدعون أن مواقفهم هذه هي ردة فعل على الهوان الذي يناله المسلمون على أيدي الغرب.. كيف تنظرون إلى هذه المدعيات؟

ـ ليس ردة فعل بشكل كامل ولكن هناك مطامع معينة فحتى لو خرجت القوات الأجنبية من العراق فهؤلاء يواصلون مسيرتهم وعملياتهم الارهابية أما الإسلام فواضح وضوح الشمس، ومن يقرأ تاريخ رسول الله يرى ذلك،  فهو حين كان يبعث بسرية للقتال كان يوصيه بالنص: لاتقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ولا راهبا في صومعته ولاتقتلعوا شجرة، وهذا النهي يدل على الحرمة.. فعلى سبيل المثال الطفل الذي يحارب أبوه رسول الله(ص) لا يجوز قتله بحسب وصايا الرسول الكريم(ص)..ليس هناك مسلم يجيز قتل أطفال المشركين أو اليهود أو المجوس.. هذا الأمر يرفضه الإسلام جملة وتفصيلا، وفي ساحة الحرب لايقتل طفل.. الرسول يقول إنما أنا الرحمة المهداة للعالمين.. الرسول كان رحمة حتى للمشركين لأنه جاء لينقذهم من الظلمات.. هناك قصة معروفة أوردها على عجالة.. في أحد الأيام وبينما كان الرسول الكريم جالسا بين مجموعة من المسلمين جاءت قطة فافترشت رداءه، وحين انتهى المجلس وكان على رسول الله أن يغادر، ماذا فعل؟.. لم يشأ (ص) أن يوقظ القطة بل طلب أداة ليقص بها قطعة الرداء التي افترشتها القطة ويتركها خوفا من إيقادها.. هذه هي أخلاق رسول الله(ص)، وليس في أخلاقه القتل والتمثيل وقد نهى (ص) عن المثلة ولو بالكلب العقور. ولكننا نرى الإرهابيين يمثلون بالبشر ويفجرون أشلاءهم وكما حصل في بغداد الجديدة والمسيب والحلة وغيرها في مدن العراق..

حين ضرب أمير المؤمنين(ع) من قبل أبي ملجم وصف له الأطباء اللبن أو الحليب، وحين كان يؤتى له باللبن كان يطلب من ساقيه أن يسقي ابن ملجم منه أيضا، متسائلا: هل سقيتم أسيركم من هذا اللبن؟!.. هذا هو خلق الإسلام.. وليس الذبح والقتل.

ــ باعتباركم قريبين من المرجعية الدينية.. كيف تقرأ وجهة نظرها تجاه الفدرالية؟

 الإنسان المسلم له حقوق واسعة وقد ذكر منها الإمام زين العابدين في رسالته رسالة الحقوق.. الفدرالية حين يجمع عليها بعض الناس فهذا من حقهم ولايمكن تحريم ذلك.. ولكن نحن نعتقد أن الفدرالية القومية والطائفية يخشى منها  لأن بلداننا مثل حروب البارود سريعة الاشتعال.. عموما نحن نرى ارتباط المحافظات في المركز خطأ إداريا

ـ هناك من يرى سماحة الشيخ أن توزيع الثروة والسلطة هو الحل  لمشاكل العراق وهو العائق أمام أي محاولة أخرى للوصول غير المشروع للسلطة، فماذا تقول وجنابك قد أكدت قبل قليل على أن هناك جهة لا تعترف بالانتخابات والديمقراطية؟

 نعم نحن نعتقد بفدرالية المحافظات وتكون إدارتها بيد أهلها وهي تعالج حقوق الأقليات ولكن يلزم وضع قوانين وضوابط تمنع استخدام السلاح ضد الفدراليات الأخرى.. وبالمناسبة أن الإسلام يشجع عدم الارتباط بالمركز..

ـ وما هو رأيكم في تشكيل ثلاث محافظات لإقليم في الجنوب وكما نسمع عن إقليم سومر بين البصرة والناصرية والعمارة؟

المرجعية ترجع هذه الأمور إلى أهل الخبرة ليعقدوا ندوات وجلسات نقاش لأن القضية لا تتعلق بحكم ديني، المرجعية تعتمد على أهل الخبرة ونحن مع ما يراه الناس نوعا للحكم، ونرى أيضا أن الفدرالية إيجابية لبلد كالعراق فيه تنوع ديني وثقافي وقومي..

ـ أخيرا ما هو رأيكم بالدستور.. كيف ترون هذا الدستور ؟

 الله تعالى يقول "إن الحكم إلا لله أمر  ألا تعبدوا إلا إياه".. الإنسان المسلم ملزم بالكتاب.. نحن نريد حكما يعتمد بالدرجة الأولى على أحكام الشريعة، ويعتمد على الدساتير المتطورة في العالم وأن لايخالف دين العراقيين وثقافتهم .. عن طريق العقل نحل الكثير من المشاكل..

ــ ألا ترى سماحة الشيخ أن يصر رجال الدين على كل ماهو إنساني دون تسمية الأشياء.. بعبارة أخرى أن كل ما هو إنساني  إسلامي، فلماذا نصر على أن يكون الدستور إسلاميا مثلا فندخل في إشكالية تعدد المذاهب الإسلامية، ونحتار أيها نطبق..؟

الاختلاف بين أهل المذاهب الإسلامية أمر طبيعي، فكما يختلف رجال القانون يختلف رجال الدين في الجزئيات، ويمكن أن نتخلص من  آثار هذه الاختلاف من خلال عمل أتباع المذاهب بأحكام مذاهبهم، كما هو الحال في أحكام الزواج والطلاق المعمول بها اليوم بين العراقيين..

شكرا لكم سماحة الشيخ على هذه الفرصة الطيبة..

شكرا لكم أيضا..

شبكة النبأ المعلوماتية -االخميس 11/ اب/2005 -5/ رجب/1426