عراقيون وألمان يبحثون قضايا الدستور والديمقراطية والفيدرالية والاسلام

مقتطفات من الحوار الذي دار في التي عقدها المركز العراقي الألماني في العشرين من الشهر الماضي يوليو تموز في مدينة بون الألمانية حلقه دراسية عن قضايا الدستور والديمقراطية في العراق.

في البدء تحدث الدكتور فرنسيس قليته ـ عضو المركز العراقي الألماني قائلا:

أود أن أرحب بكم باسم المركز العراقي الألماني في هذه الحلقة الدراسية حول مشروع الدستور العراقي والتجربة الألمانية في إعداد الدستور وبناء الدولة ومعالجة آثار النازية في المجتمع الألماني .. نأمل مشاركتكم جميعا.

تحدث الدكتور فرانك شوركوبف ـ كلية القانون بجامعة بون قائلا:

أسئلة كثيرة تطرح نفسها في المقاربة بين التجربتين الألمانية والعراقية , ولكن السؤال الأهم , هل من الممكن أن تكون المانيا أنموذجا للعراق ؟! بالتأكيد الوضع يختلف هنا , ألمانيا لم تشهد حربا أهليه أو  أرهابا بعد الحرب , بل العكس فقد ساد السلام في عموم ألمانيا. ولكن يستطيع العراقيون أن يستلهموا بعض الجوانب المفيدة في التجربة الألمانية , على سبيل المثال الفدرالية الألمانية وهي تجربه راسخة ومستقره ولعبت دورا كبيرا في توحيد ألمانيا. أبلغني صديق يعمل في مكتب العراق بسفارتنا في عمان , قال لي هناك طلب كبير على الدستور الألماني حيث تُرجم الى العربية , هناك رغبه في الإطلاع عليه.

الأستاذ ضرغام الشلاه ـ مدرس القانون العام بالجامعة العربية المفتوحة بالدنمارك قال:

المشكلة في العراق , هناك دور للأحزاب , للقوميات , للأديان , لكن لا دور للأكاديميين ولا دور للنخب المثقفة , الناس يتأثرون بالزعماء الدينيين والقوميين والحزبيين الذين يهيمون على الشارع , نعم لا دور للأكاديميين ومعظم أعضاء لجنة الدستور من الحزبيين ورجال الدين.

العراقيون اعتادوا على نظام مركزي ويريدون الآن التحول بسرعة الى نظام غير مركزي الى الفدرالية , وهنا نحتاج الى الإطلاع عن قرب على التجارب الفدرالية في العالم ومنها الفدرالية الألمانية وهي من التجارب الناجحة التي قامت على أسس راسخة ومتينة , وفي بغداد يطلبون منا أن نكتب لهم عن الفدرالية الألمانية .. إيجابياتها وسلبيتها , نحن نحتاج الى أن نسمع من المختصين الألمان حول الفدرالية.

النظام الفدرالي يمكن يوفر لنا عدالة في توزيع السلطة والثروة , وهو ما نحتاجه في العراق , الاقتصاد العراقي يعتمد على الموارد الطبيعية , الطبيعة الغنية في الجنوب أنتجت لنا الفقر والبؤس , وكذلك في الشمال , أما الطبيعة الفقيرة في غرب العراق أوجدت أغنياء , وهذا ناتج عن عدم وجود عدالة في توزيع الثروة.

النفط لن يبقي طويلا , لابد من تكوين رأسمال عراقي قابل للنمو , إستثمارات للأجيال المقبلة حتى لا نترك لهم الملح فقط , والفدرالية يمكن أن تكون الطريق الى ذلك.

الأستاذ محمد محبوب ـ مدير المركز العراقي الألماني تحدث قائلا:

المشكلة إن دول الجوار لاتريد للشعب العراقي أن يلتقط أنفاسه , بعض دول الجوار مثل سوريا وإيران تحلم  بتحويل العراق الى الى فيتنام جديدة , يريدون هزيمة أمريكا في العراق , لأنهم يشعرون إنهم الهدف التالي ..

وقال الأستاذ سامي عبدالله ـ عضو المركز العراقي الألماني:

البلدان المجاوره للعراق ليست مثل جيران ألمانيا , ولهذا فهم يحاولون عرقلة بناء الديمقراطيه في العراق , بينما ألمانيا تلقت دعما من دول أوربيه مثل بريطانيا وفرنسا فضلا عن أمريكا , ومن المؤسف إن ألمانيا لاتشاطر العراق معاناته بالقدر الكافي , الكثير من العراقيين غير راض عن موقف ألمانيا الرافض للحرب ضد نظام صدام , ربما كانت لها حساسيتها من الحرب , لكن الآن نأمل من ألمانيا دور أكبر في مساعدة العراق للخروج من هذا النفق المظلم, على الأقل لإنها عاشت مثل هذه الظروف يوما ما.

وقال الدكتور حسن حلبوص ـ سياسي عراقي مستقل:

توجد خلفيات للموقف الألماني من الحرب على العراق , ومازالت هذه الخلفيات تتحكم في الموقف الألماني حتى اليوم , عقدت عدة مؤتمرات حول العراق في ألمانيا وكان آخرها في فرانكفورت , ويبدو إن الشركات الألمانيه لاتريد الذهاب الى العراق لإسباب منها مايتعلق بالولايات المتحده ومنها مايتعلق بمخاوف أمنيه.

أما موضوع الإرهاب فليس من الصحيح القول أنه قادم من دول الجوار , إنما من العراق نفسه , من أتباع صدام بالذات , قال صدام يوما سوف أسلم العراق أرضا محروقه , وهؤلاء يواصلون هذه المهمه , ولكن ينبغي القول أيضا , إن الأمريكان أرتكبوا أخطاء جسيمه عندما حلوا أجهزة الجيش والشرطه , تركوا البلد يعيش فوضى شامله لوقت طويل , وعندما جاءت أول حكومه عراقيه بزعامة أياد علاوي لم تجد مؤسسات دوله وكان عليها أن تبدأ من الصفر.

الدكتور لطيف إسماعيل ـ عضو المركز العراقي الألماني قال:

لكن بعض دول الجوار العراقي تتحمل المسؤوليه الأكبر في تردي الأوضاع الأمنيه في العراق , هذه الدول ترعى الإرهاب في العراق وتقدم الدعم له , إنهم لايريدون للعراق الإستقرار , يريدون محاربة الولايات المتحده على أرض العراق وعلى حساب دماء العراقيين.

ويرى الدكتور فرانك شوركوبف ـ كلية القانون بجامعة بون ان:

الألمان عموما لديهم حساسيه شديده من الحرب , ولكني أُريد أن أطرح سؤالا عليكم , توجد في العالم اليوم الكثير من الأنظمه الدكتاتوريه أو الشموليه مثل سوريا وإيران وكوريا الشماليه وغيرها , هل يتعين على الولايات المتحده أن تشن حروبا  لإزالة هذه الدكتاتوريات ؟! لا أظن إن الحرب هي الحل المناسب.

الأستاذ محمد محبوب ـ مدير المركز العراقي الألماني قال:

ينشغل العراقيون هذه الأيام بقضيه مصيريه وهي كتابة الدستور , وفي هذا الصدد يواجهون بعض العقد الصعبه ومنها تحديد علاقة الدين بالدوله ودور الشريعه الإسلاميه.

الدكتور لطيف أسماعيل ـ عضو المركز العراقي الألماني يرى ان:

الدين يلعب دورا مهما اليوم في العراق , الكثيرون يريدون تطبيق الشريعه الإسلاميه في الدوله العراقيه الجديده , لكني أتساءل , أين حقوق المرأه في دول تطبق الشريعه الإسلاميه مثل السعوديه وإيران ؟!

الدكتور فرانك شوركوبف ـ كلية القانون بجامعة بون قال:

الجزائر لديها مشكله أيضا , السودان كذلك , هذه ليست مشكله جديده في العالم الإسلامي , لكني أُوكد على أهمية أن يتضمن الدستور النص على الحقوق الأساسيه للإنسان وإن لايترك هذا الأمر للإجتهاد الديني.

في الغرب تم فصل الدين عن الدوله , يوجد الآن جدار عال بين الدين والدوله , لكن الدوله في ألمانيا تقدم خدمات للمؤسسات الدينيه منها تحصيل الضرائب لصالحها.

وقد حان الوقت في العالم الإسلامي لحل هذه الإشكاليه , ومن الممكن أن يلعب العراقيون دور الريادة في هذا المجال , من الممكن أن يكون الإسلام مصدر للتشريع ولكن ليس المصدر الوحيد.

إيران دوله أُتوقراطيه  لكن الوضع في تركيا مختلف وفي مصر أيضا , ينبغي أن تكون الدوله محايده حتى تكون عادله وتوفر حريه تامه للأديان كافه , للأسف الإسلام اليوم مختطف من قبل الجماعات الإرهابيه.

الدكتور حسن حلبوص ـ سياسي عراقي مستقل يقول:

الإسلام ليس مذنبا , لكن الناس الذين يستخدمون الإسلام كواجهه يختبئون خلفها لتحقيق أهدافهم غير المشروعه , هؤلاء هم المذنبون , الإسلام هو السلام , لاينبغي أن نلوم الإسلام , بل علينا أن نلعن هؤلاء الذين يختبئون خلف الإسلام.

وقال الأستاذ محمد محبوب ـ مدير المركز العراقي الألماني:

هناك قضيه هامه مازالت تثير جدل واسع وهي معالجة آثار حقبة حزب البعث والخراب الذي خلفته في المجتمع العراقي  وهو مايعرف في العراق بإجتثاث البعث , لاسيما وإن ألمانيا عاشت تجربه مماثله مع الحزب القومي الإشتراكي ( النازي ).

ويجيب الدكتور فرانك شوركوبف ـ كلية القانون بجامعة بون:

هذه قضيه مهمه , يوجد في ألمانيا اليوم قانون لمنع الحزب القومي الإشتراكي ( النازي ) من العوده الى الحياة العامه , إن هذا الحزب يتحمل مسؤولية جنائيه وقانونيه عما أصاب لأحق بألمانيا من دمار وعار , لقد تم تصنيف أعضاء الحزب النازي بعد الحرب الى خمس أقسام , الأول وهم قيادات الحزب والدوله وتمت محاكمتهم في محكمة خاصه بنورنبيرغ  وإعدامهم  وعددهم 700 شخصا  , و القسم الثاني وعددهم بضعة آلاف فقد تمت إحالتهم الى محاكم خاصه أخرى ونالوا أحكام سجن متباينه أو غرامات أو حرمان من الوظائف العامه , بينما لم تتعرض الأقسام الثلاث المتبقيه ويقدر عددهم بالملايين الى إجراءات مشدده , وكانت المنطقه التي تسيطر عليها الولايات المتحده أكثر تشددا من منطقتي النفوذ البريطاني والفرنسي الذين أبدا تساهلا ملحوظا في هذا الملف. وفي الواقع كان الشعب الألماني منزعجا من هذه الإجراءات المشدده.

الدكتور لاندولت ماولسهاكن ـ أكاديمي ألماني يرى ان:

ألمانيا واجهت الكثير من المحن في الحرب وفي السلم , ولكنها أستوعبت الدروس بصوره جيده , ونأمل للعراقيين أن يحولوا الشعور بالهزيمه الى نصر حقيقي من خلال إعادة بناء بلدهم , وفي المقدمه من ذلك البناء الديمقراطي , لا إعادة إعمار ولا رخاء في غياب الديمقراطيه , الديمقراطيه هي الرأسمال الحقيقي نحو المستقبل.

وختم الدكتور فرنسيس قليته ـ عضو المركز العراقي الألماني الندوة قائلا:

ختاما أود أن أقول , أنا متفائل جدا , دول جوار ألمانيا كانت معاديه لإلمانيا , كانت هناك كراهيه شديده من قبل الأوربيين تجاه الألمان , لكن الألمان أثبتوا للعالم أجمع صوره مختلفه.. صوره مشرقه وهذا هو الإنجاز المهم.  العراقيون  يتعين علينا رغم الإرهاب أن  يبنوا تجربتهم  وبلدهم.

أنا أعتقد إن العمليه السياسيه إذا ماإستمرت بثبات وتصميم فإن دول الجوار ستعيد النظر بمواقفها , يتعين على فئات الشعب العراقي كافه أن تتعاون من ‘جل بناء العراق , ينبغي أن يسود السلام في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 10/ اب/2005 - 4/ رجب/1426