عقدت في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث يوم الاثنين
الموافق 1/8/2005 م الحلقة النقاشية الثانية حول الدستور العراقي
الجديد. وكان موضوع الحلقة هو الاستفتاء على الدستور، ضمت الحلقة نخبة
من المتخصصين في القانون الدستوري بالإضافة إلى نخبة من الباحثين في
المركز، ومدير المركز.
قسمت محاور الحلقة إلى عدة محاور:
موضوع الاستفتاء، وتطبيقاته العملية![](images/093.jpg)
حيث افتتح الحلقة الأستاذ خالد خضير بالحديث عن الأمور الحساسة
والمهمة في موضوع الاستفتاء على الدستور العراقي الجديد. إذ قدم سردا
تاريخيا لموضوع الاستفتاء، وتطبيقاته العملية في بعض البلدان. ثم قسم
أنواع الاستفتاء حسب موضوعه إلى ثلاث أنواع:
1- الاستفتاء الدستوري.
2- الاستفتاء السياسي.
3- الاستفتاء الشعبي.
ثم تعرض إلى متطلبات نجاح الاستفتاء ومنها:
1- ضرورة أن يسبق عملية الاستفتاء إجراء حوارات ونقاشات، وندوات،
ومحاضرات، وتوعية جماهيرية عالية.
2- ضرورة أن تتم عملية الاستفتاء وسط جو من الديمقراطية والشفافية،
بعيدا عن الضغوط التي قد تمارس فيها.
3- ما يرتبط بالنقطة الأولى، أن يكون الشعب السياسي على قدر من
الوعي لكي يساعد على إنجاح الاستفتاء، وان يعي ماذا يصنع.
الاستفتاء والديمقراطية
وتحدث الأستاذ علي ألبدري في المحور الثاني عن الديمقراطية وتعريفاتها،
ومظاهرها ومن هذه المظاهر وجود الرقابة والمسؤولية على السلطة الحاكمة،
وشروط تطبيق الديمقراطية. ثم تعرض إلى ذكر أنواع الديمقراطية وهي
الديمقراطية المباشرة، والديمقراطية شبه المباشرة. بعدها تناول تعريف
الشعب السياسي ودوره، ويقصد به الشعب الذي يستطيع ممارسة حقوقه
السياسية من انتخاب وغيره. ثم عرج إلى الاستفتاء الشعبي والعلاقة
الصميمية مع الديمقراطية. إذ أن الاستفتاء الشعبي جزء لا يتجزأ من
الديمقراطية بل هو الفاصل فيها.
بعدها عرض صورا للاستفتاء الشعبي وقد حددها بـ:
1- الاستفتاء الدستوري. ويقصد به الاستفتاء الذي يتعلق بموضوع من
مواضيع الدستور كالدستور الجديد والتعديل....
2- الاستفتاء التشريعي. ويقصد به الاستفتاء الذي يتعلق بالقوانين
والتشريعات العادية.
3- الاستفتاء السياسي. ويقصد به الاستفتاء على المواضيع السياسية
كاختيار رئيس الجمهورية، أو السياسة المقترحة للحكومة.
أما من حيث الموضوع فقد قسمها إلى:
أ- الاستفتاء الإجباري: إذا ما حتم الدستور وجوب اخذ رأي الشعب في
أمر من الأمور يكون الاستفتاء إجباريا.
ب- الاستفتاء الاختياري: أن يجعل الدستور أمر هذا الإجراء متوقفا
على إرادة السلطة أو الجهة التي يحددها
ج- الاستفتاء من حيث الأثر: أي أن يكون ملزما بالأخذ به.
د- الاستفتاء الاستشاري: أي عدم إلزام الأخذ به.
ثم أشار إلى أن هناك نوع آخر من الاستفتاء من حيث الموعد:
الاستفتاء على مشروع قانون ما قبل إقراره من قبل البرلمان أو بعد
إقراره.
وقد أكد على ضرورة توعية الشعب على موضوع الاستفتاء على الدستور
لما يملكه هذا الموضوع من أهمية كبيرة ومتعاظمة في حياة الشعب العراقي
على كافة الصعد. ثم حدد الشروط الموضوعية اللازمة عملية الاستفتاء على
الدستور للوصول إلى نتيجة مرجوة وطيبة.
الجوانب المهمة في الاستفتاء
وتحدث الأستاذ حسن محمد كاظم في المحور الثالث عن تقسيمات الاستفتاء من
حيث الموضوع، ثم الاستفتاء من حيث الأثر. بعدها تطرق إلى الاستفتاء
التعديلي. انتقل بعدها إلى الحديث عن شروط الاستفتاء وسبل إنجاحه، وشرح
الآليات المتعلقة به. موضحا نوعي الاستفتاء الإجمالي والاستفتاء
التفصيلي، وبين سلبيات وايجابيات كل منهما، مؤكدا على تفضيل الدول
للاستفتاء الإجمالي.
ثم أوضح نتائج المشاركة في الاستفتاء على المستوى الفردي الشعبي،
بكون الاستفتاء يمثل الطريق الصحيح في البناء الديمقراطي من خلال:
1- إشراك المواطنين في العملية السياسية للبلد، مما يغرس في نفسه
شعورا عاليا بالمسؤولية وحرصا على طاعة القوانين التي وضعها بنفسه أو
وافق عليها.
2- يكرس الاستفتاء مبدأ السيادة الشعبية.
3- ينمي الثقافة الوطنية للمواطن وذلك من خلال إشراكه في العملية
التشريعية.
فيما أكد على أن يكون الرأي للأغلبية كما هو معمول به في كل النظم
السياسية العالمية، مع احترام حقوق الأقليات الأخرى. مشيرا إلى تحديد
مسألة الأغلبية في الموافقة على الدستور أو رفضه سيما وان هناك مشكلة
خطيرة تتمثل في الفقرة ج من المادة 61 من قانون إدارة الدولة للمرحلة
الانتقالية.
الأمور الضرورية لإنجاح عملية
الاستفتاء
وطرح
الشيخ مرتضى معاش المشرف على المركز في المحور الرابع عن أمور مهمة
وأساسية لأجل إنجاح عملية الاستفتاء على الدستور، إذ أثار إشكاليات عدة
على الآليات التي سيتم وفقها الاستفتاء وضرورة تجاوزها منها:
أ- إشكالية أغلبية ثلثي ثلاث محافظات.
ب- إمكانية رفض الشعب للدستور نتيجة الظروف القاسية التي يمر بها.
ج- ظروف فشل الاستفتاء نفسه نتيجة لتدهور الوضع الأمني والخدماتي
مما قد تسبب في سيطرة الإحباط على المواطن العراقي.
وتحدث الشيخ مرتضى معاش كذلك حول الاستفادة من التجربة الأوربية في
الاستفتاء على الدستور الاوربي، خاصة ما حصل في فرنسا عندما لم يوافق
الشعب الفرنسي على الدستور الاوربي. وهذا يرجع إلى عدة أسباب منها:
1- عدم رضا الشعب الفرنسي على أداء الحكومة وبالتالي رفض الدستور
الأوربي يعد رفضا للحكومة.
2-إن لكل شعب هوية خاصة به وهذه الهوية جعلت من الشعب الفرنسي يرفض
الدستور الأوربي خوفا من ذوبان هذه الهوية رغم وجود أواصر مشتركة بين
البلدان الأوربية والشعب الفرنسي.
3- هناك نزعات في فرنسا يمينية عنصرية أدت إلى التمسك بالهوية
القومية على حساب الهوية الاوربية.
4- الأسباب الاقتصادية: وذلك بتنازل الشعب الفرنسي عن بعض
امتيازاته لصالح الاتحاد الجديد، مما ينتج عنه من خسائر اقتصادية مادية
للشعب الفرنسي.
5-ضرورة إجراء مقارنة بين الحالة السابقة والواقع العراقي رغم وجود
خصوصيات تختلف عن خصوصيات الشعب الفرنسي.
و- الآلية التي تحكم الاستفتاء في قانون إدارة الدولة كأنما وضعت
لنقض الاستفتاء، لذا من الضروري تعديلها، فمعناه إن ثلثي ثلاث محافظات
في حال الرفض فإنها تنسف العملية الدستورية.
كما أكد الشيخ مرتضى معاش على مسألة الأغلبية النسبية والعمل بهذه
الآلية، وعدم الاعتماد على أغلبية الثلثين او الأغلبية المطلقة لما قد
تنتجه من أزمات وتعقيدات خاصة ان معظم الدول الديمقراطية المتقدمة تعمل
بآلية الأغلبية النسبية.
ع- لم يكن هناك تواصل بين الشعب العراقي وواضعي الدستور في مراحل
كتابته، إذ أن هذه العملية تؤدي إلى أن يفهم المواطن ما يجري في عملية
كتابة الدستور. وبالتالي سيكون الاستفتاء فقط نتيجة التحشيد الخارجي(
الديني، الوطني ، المذهبي...).
النتائج والمقترحات
وقد توصلت الحلقة النقاشية الى هذه النتائج والمقترحات بالإضافة إلى
ما سبق ذكره من أفكار:
1- ضرورة أن يجري الاستفتاء في جو ديمقراطي بعيدا عن كل أنواع
الضغوط.
2- ضرورة أن يسبق الاستفتاء توعية جماهيرية واسعة، وهذا الأمر يتطلب
تضافر الجهود من قبل الجميع، خصوصا الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني،
والأحزاب والحركات، ومراكز البحوث والدراسات...
3- بما إن الدستور يمثل صياغة عهدا جديدا من الديمقراطية والحرية،
لذا يتطلب أن يكون استطلاعات تفصيلية لآراء المواطنين، حتى لا يحكم على
الدستور بالفشل نتيجة عدم الموافقة على بعض فقراته.
4- ضرورة الأخذ برأي الأغلبية في الموافقة على الدستور أو رفضه
وليس كما ينص عليه قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية في الفقرة ج
من المادة( 61) ، إذ أن هذه الفقرة قد تؤدي إلى إجهاض العملية السياسية
برمتها في حالة رفض الدستور والعودة إلى نقطة البداية وهذا ما لا يرغبه
الكثير. |