الأسلمة في مقابل العولمة

كتب قسم المتابعة: من سوء طالع المسلمين بهذا العصر أنهم قد ابتلوا ببعض القادة والوجهاء ممن يدعون زوراً معرفتهم الكاملة بالإسلام كـ(آخر دين سماوي) الذي جاء رحمة للعالمين نظراً لتكامل وانسجام أيديولوجيته مع الحياة ومجالاتها حتى ليمكن القول أن أي مبادئ وضعية ومنها (العولمة) التي يرفعها الغرب شعاراً ونهجاً ما هي إلا جزء مطروق في الإسلام وضمن آيات عديدة ومنها آية القرآن الكريم (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...).

والتعارف في دعوة كتاب الله سبحانه وتعالى يعني دون شك الالتقاء على الخير والسؤدد وأول هذا الخير هو عدم مصادرة قناعات الآخر ففي الوقت الذي تحاول فيه (نظرية العولمة) ضمن خطها اللامعلن كاملاً حتى الآن بحيث مازال هناك إبهام حول معرفة المعنى الشامل للعولمة والتي يحاول الغرب تطبيقها على المجتمعات البشرية فإن كتاباً ذو بنود صريحة لهذه النظرية لم يصدره الغرب حتى الآن من جهة فكرية حكومية لا من لندن ولا واشنطن ولا حتى باريس أو روما.

ولنرى مثلاً كيف أن فروض العولمة المجهولة الآفاق قد رافق الادعاء الغربي بها أن تصاعدت أعمال عنف وجرائم سياسية في كثير من البلدان وهذا يعني أن من مبادئ العولمة عدم الاعتماد على الانتشار السلمي أو الاختيار الديمقراطي لها. في حين نرى أن الإسلام قد حدد العلاقة مع الآخر على أساس قناعة ذلك الآخر بالأسلمة (أي اعتناق الإسلام والعمل بموجب تعاليمه) حيث تنص آية قرآنية كريمة بـ(لا إكراه في الدين) وهذه نقطة مهمة جداً في ضرورة أن توجه النشاطات الفكرية القائدة للحياة إلى النظرية الأم لتسييد العدالة في الأرض كـ(الأسلمة) وليس إلى النظرية المبهمة المقاصد كـ(العولمة) التي يخشى الغرب ذاته الإفصاح عن تفاصيلها تماماً كما يخشى أن يعرف (الإرهاب) لأنه تحت حجة محاربة الإرهاب تحارب مجتمعات بكاملها في حين ينعم الإرهابيون بالاستمرار بأعمال جرائمهم حتى ليكاد الشك واليقين يتجهان إلى أن في نهج (محاربة الإرهاب) لعبة كبيرة.

فالنظرية الاقتصادية الغربية القديمة الهادفة إلى جعل البلدان الأخرى غير الغربية بمثابة سوق لتصريف البضائع الغربية قد جعل بنية اقتصاد العديد من الدول تنتهج طريق الاستهلاك لا الإنتاج إذ بات من المعلوم أن العولمة لم توضح النموذج الاقتصادي للبلدان مع أن الاقتصاد هو شريان الحياة لكل المجتمعات وبدون تنظيمه على أسس العدل فسوف يكون أداة للصراعات.

إن عذابات البشرية مازالت في أوجها بسبب قوة السياسة الغربية المعلنة والخفية واستمرار المجازفة بسمعة الغرب حيث لم تستأصل المشاكل المعاشية في البلدان المسماة بالفقيرة مع كونها بلدان غنية في مواردها ويكفي بهذا الصدد الإشارة إلى ما سببه الغرب في العراق الذي يعد من البلدان الغنية مع أن غالبية أناسه كانوا يعيشون عيشة اللاأغنياء طيلة تاريخه المعاصر وتحديداً منذ اكتشاف النفط فيه وإنتاجه منذ ثلاثينات القرن العشرين الماضي.

فهل يمكن ان يكون الإسلام ومبادئ أسلمته أن يكون خير علاج لمشاكل البشرية وليس العولمة؟

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 21/ تموز/2005 - 13/ جمادى الأولى/1426