غموض يلف خلية التفجير في لندن وقدرتها التنظيمية والعسكرية والتسليحية

قال مسؤولون امنيون اوروبيون مطلعون على سير التحقيقات في تفجيرات لندن ان افراد القاعدة الذين يشتبه في مسؤوليتهم عن التفجيرات يحتمل انهم اعضاء في خلية محلية غير معروفة بمقدورها الحصول على متفجرات تستخدم في الاغراض العسكرية.

وقال كريستوف شابو رئيس وحدة تنسيق مكافحة الارهاب الفرنسية واحد خمسة مسؤولين كبار ارسلتهم باريس الى لندن عقب تفجيرات الخميس الماضي "المتفجرات مصدرها عسكري فيما يبدو وهو شيء يثير قلقا بالغا."

واضاف في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية "نحن اكثر اعتيادا على الخلايا التي تعد قنابل بدائية الصنع باستخدام مواد كيماوية... كيف حصلوا عليها.."

وتابع "اما عن طريق التهريب من البلقان مثلا واما ان لهم احدا في منشأة عسكرية مكنهم من الحصول عليها من داخل المنشأة."

وجاءت تصريحات شابو اكثر اسهابا مما قالته شرطة لندن التي اكتفت حتى الان باعلان ان كل واحدة من العبوات الناسفة كانت تحوي ما يقل عن 4.5 كيلوجرام من "المواد الشديدة الانفجار" وكان حجمها صغيرا بما يتيح وضعها في حقائب تحمل على الظهر.

ومقارنة بذلك كانت كل واحدة من القنابل العشر التي انفجرت داخل اربعة من قطارات الركاب في مدريد العام الماضي تزن نحو عشرة كيلوجرامات من مادة متفجرة تعرف باسم "جوما 2 ايكو" وتستخدم في المحاجر سرقت من منجم في شمال اسبانيا.

وقال متحدث باسم شرطة لندن عندما سئل عن التصريحات الفرنسية ان المتفجرات ما زالت قيد الفحص ولم يتأكد ان مصدرها عسكري.

وأضاف "ننتظر اختبارات المعمل الجنائي."

ودعت شرطة لندن محققين وضباط مخابرات من نحو 30 دولة الى اجتماع في اسكتلنديارد يوم السبت لاطلاعهم على ما امكن التوصل اليه بشأن تفجيرات لندن التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 49 شخصا.

وقال مصدر في احد اجهزة المخابرات الاوروبية التي مثلت في الاجتماع ان التفجيرات يرجح انها من تنفيذ خلية محلية من الاسلاميين المتشددين ليس لها سجل سابق.

وأضاف "نعتقد ان الاسلاميين المعروفين الذين يعيشون في لندن يخضعون لمراقبة لصيقة تحد من قدرتهم على العمل. ونظرا لهذا يعتقد انها مجموعة محلية."

واستطرد "لا يوجد دليل في الوقت الحالي لكن يعتقد ان الاسلاميين الذين اصبحوا معروفين منذ افغانستان او من خلال هجمات اخرى لا يمكن ان يكونوا قد شاركوا في التفاصيل.. وهذا يقلل احتمال انها شبكة كبيرة مركزية."

وحتى قبل وقوع التفجيرات كان المسؤولون البريطانيون يبدون مخاوف متزايدة من مخاطر تشدد "محلي المنشأ" وكان المشتبه بهم الذين اعتقلوا في عدة مؤامرات احبطت مواطنين بريطانيين.

وارسلت الولايات المتحدة عددا من خبراء الادلة الجنائية من مكتب التحقيقات الاتحادي لمساعدة المحققين البريطانيين في فحص مواقع التفجيرات وهي مهمة بالغة الصعوية حيث وقعت ثلاثة من التفجيرات في قطارات تحت الارض. كما تسبب الانفجار الرابع الذي وقع داخل حافلة للركاب في بعثرة الحطام والادلة في مساحة واسعة.

ويشارك محققون اسبان ايضا في تقديم المساعدة لتشابه اسلوب التفجيرات مع الاسلوب المستخدم في تفجيرات مدريد قبل 16 شهرا.

وتمكنت الشرطة الاسبانية في ذلك الوقت على الفور من التوصل الى ادلة مهمة بعد تحليل قنبلة لم تنفجر وتعقب مصدر هاتف محمول كان سيستخدم في تفجيرها. وادت تلك الادلة الى سرعة اعتقال عدد من المشتبه بهم.

ولم يتمكن المحققون في لندن من تحقيق مثل هذا الانفراج لكن متحدثة باسم اجهزة مكافحة الارهاب قالت ان ندرة التصريحات عن تطورات التحقيق لا تعني انه لا يحقق تقدما.

وأضافت "لا نريد توصيل هذا الانطباع على الاطلاق. لسنا في وضع يسمح بالتحدث علنا."

وعن اسلوب التنظيم يقول الخبراء ان تنظيم «القاعدة» يشبه وحش «هيدرا» متعدد الرؤوس الذي تتحدث عنه الأساطير اليونانية، والذي اذا قطع احد رؤوسه نبت له رأس جديد، وحذروا من ان التفجيرات التي شهدتها لندن الاسبوع الماضي تظهر ان فروع ذلك التنظيم اصبحت اكثر اهمية، مما تبقى من قيادته.

وينتشر حاليا الرأي بان جيلا جديدا من الجماعات المتفرعة عن تنظيم «القاعدة»، وليس الأتباع القدامى للتنظيم، هو المسؤول عن تفجيرات لندن، وكذلك تفجيرات مدريد الدموية العام الماضي.

ويقول العديدون ان قيادة «القاعدة» بزعامة اسامة بن لادن، اخذت تصبح اكثر عزلة منذ الاطاحة بنظام طالبان الذي كان يؤوي التنظيم، من قبل القوات التي تقودها الولايات المتحدة في افغانستان. ويزيد ذلك من تعقيد جهود الشرطة لوضع نموذج لنهج تفكير التنظيم، رغم ان اهداف هذه الجماعات المتنوعة وطرقها متشابهة.

وقال البروفسور بول ولكنسون مدير مركز دراسات الارهاب والعنف السياسي في جامعة سانت اندروز في اسكوتلندا: «لقد مرت القاعدة بمرحلة تحول إلا ان ذلك لا يعني ان بن لادن اصبح طي النسيان». واضاف «ان القيادة الاساسية تعاني من نكسات بدأت عندما أطيح بنظام طالبان، غير ان بن لادن لا يزال يمثل القيادة الآيدولوجية» لاتباع التنظيم.

وقال ولكنسون انه من المرجح ان هجمات مثل تفجيرات لندن ومدريد، قد نظمت ومولت من فروع محلية ترتبط ارتباطا فضفاضا مع «القاعدة»، وتعمل تحت شعار ذلك التنظيم فيما تتمتع بسلطات ذاتية كبيرة. واوضح «ان هذه الجماعات منتشرة على نطاق العالم ولا يقتصر وجودها على بلد واحد»، واصفا اياها بأنها «نوع جديد من الارهاب». وتابع قائلاً: «هؤلاء الاشخاص يرغبون في اكبر عدد من القتلى واكبر عدد من المتفرجين».. و«يجب ان نقر بالحاجة الى استراتيجية دولية للكشف عن تلك الخلايا».

من ناحيته، قال نديم شحاده رئيس برنامج الشرق الاوسط في المعهد الملكي للشؤون الخارجية (تشاتهام هاوس) ان فتح جبهة ارهابية جديدة في لندن يحمل دلالات كبيرة جدا، «فلندن تعتبر عاصمة للعالم الاسلامي. وربما تكون المدينة الوحيدة في العالم التي تتفاعل فيها التيارات المختلفة من العالم الاسلامي». واكد على اهمية التأكد من ان منفذي التفجيرات «هم من بريطانيا»، كما يعتقد السير جون ستيفنز رئيس شرطة لندن السابق المتقاعد.

ويضيف شحاده: «لو ان منفذي تفجيرات لندن اتوا من خارج بريطانيا فهذا عيب في إجراءات الهجرة، ولو كانوا أعضاء في خلية نائمة فذلك عيب في الاستخبارات، لكن اذا كانوا ولدوا وتربوا هنا فهذا اذن عيب اجتماعي يضرب في صميم التعايش». وبشكل عام، قال ولكنسون انه من المبكر تحديد ما اذا كان منفذو انفجارات لندن قد عملوا بشكل وثيق مع نظرائهم ممن نفذوا تفجيرات مدريد او ما اذا كانوا يتخذون من بريطانيا مقرا لهم او تدربوا في افغانستان او العراق و«اعتقد باحتمال ان يكونوا خليطا من اشخاص ولدوا هنا وخبراء جاؤوا من الخارج وجلبوا معهم خبراتهم». واضاف: «هؤلاء الاشخاص لم يعتبروا أوروبا مطلقا خارج نطاق عملياتهم. انهم يعارضون بشدة القيم التي نمثلها كحلفاء للولايات المتحدة التي يكرهونها بشدة».

شبكة النبأ المعلوماتية - االاربعاء 13/ تموز/2005 - 5/ جمادى الأولى/1426