تعرضت
الحياة الزوجية بين هند وعبدالله الى الانهيار بعد ازدياد المشاكل
بينهما نتيجة قيام هند بالشراء المتكرر لحاجات لا تحتاجها ومتوفرة
لديها في المنزل بالبطاقات الائتمانية الخاصة بزوجها وعند عودتها
للمنزل في كل مرة تحدث نفسها قائلة " لقد كنت سعيدة عند شراء هذه
الحاجيات اما الان فلا نحتاجها وقمت بتبذير اموال زوجي في امور غير
ضرورية ولا ادري لماذا اقبلت على الشراء في لحظتها".
ورغم
اعتذار هند لزوجها فانها استمرت في تكرار تصرفاتها ثم تعود وتشعر
بالندم مرة اخرى مما حدى بالزوج الى استشارة اختصاصي الذي قال له ان
زوجته تعاني نوعا من الاكتئاب وتحتاج الى جلسات علاج نفسي اكلينيكي.
ان
التسوق امر مسلي وترفيهي ان كان يحافظ على التوازن بين ما يحتاجه الفرد
وقدرته المادية كما يبعث بالنفس البهجة الا انه يكون سلبيا عندما يشتري
الفرد بشراهة واكثر من قدرته ما يحتاجه وما لا يحتاجه بشكل مستمر ولا
يستطيع ان يمنع نفسه من شراء اي شيء وفي اي وقت بغض النظر عن امكانيته
لتحمل هذه النفقات بذلك يكون قد وصل الى حالة مرضية قد تستلزم استشارة
اخصائي في هذا المجال.
وحول
هذا الموضوع اوضحت الدكتورة امينة السماك استاذ علم النفس في كلية
العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت المتخصصة في مجال علم النفس
الاكلينيكي في لقاء خاص مع (كونا) ان هوس الشراء يعد جزءا من مرض
الاكتئاب خاصة بالنسبة للذين يتعرضون لنوبة اكتئاب عظمى يكون الفرد
فيها بدائرة اللاشعور واللاوعي ويقوم بتصرفات سلوكية تضره فيما بعد ولا
يقيس اهمية الامور مما يترتب عليه الشعور بالذنب لعدم احتياجه لما قام
بشرائه.
واضافت ان هوس الشراء من الامراض العصبية المتصلة بالجهاز العصبي
الناتجة عن التوتر وهو عملية هروب الشخص من واقعه ومشاكله الى اللذة
والمتعة ولرفع روحه المعنوية من حالة غير سارة يعيش بها الى اصطناع
حالة سارة يعيش بها من خلال قيامه بالتسوق بين المجمعات التجارية ليشعر
بسعادة وقتية كما لا يكون في وعي عن اهمية ما يشتريه ولا عن حدود
امكانياته المادية.
وبينت
الدكتورة السماك ان الشخص المهووس بالشراء يدخل نفسه والاخرين في مشاكل
متعددة مثل القروض الائتمانية والفائدة المستحقة عليها والضغوط
الاجتماعية وتوتر العلاقات الاجتماعية خاصة بين الازواج وانهيار الحالة
المادية.
واشارت الى ان الشخص المكتئب لا يصلح ان يقوم بمشاريع استثمارية او
تجارية ولا بالشراء لانه ليس في حالة تهيء عقلي ولا يستطيع ان يبني خطة
سليمة وغير قادر على التفكير بطريقة صحيحة لذا فلابد ان يتوافق مع
حياته نفسيا ومع بيئته والاخرين ثم يقوم بالمشاريع ليحقق اهدافه.
وذكرت
الدكتورة السماك ان النساء اكثر عرضة لهوس الشراء وذلك لطبيعتهن وحبهن
للتسوق والشراء اكثر من الرجال كما ان المجمعات هي الاماكن التي تبعث
في نفس المرأة السرور والفرح عند احساسها بالفراغ او الحزن الا ان ذلك
خطير اذ تكون في غير وعيها مما يؤدي بها ان تهلك الدخل المادي للاسرة
وبعدها تحس بالالم بعد المتعة المؤقتة.
وقالت
ان هناك عدة عوامل مثيرة تدفع الفرد الى استجابة الشراء منها مقارنة
الفرد نفسه مع الاخرين والتسهيلات التي تقدمها البنوك للحصول على
البطاقات الائتمانية المختلفة وعروض التخفيضات التي تقدمها المحلات
التجارية.
واضافت انه عند حدوث نوبة اكتئاب عظمى مع نوبة هوس يكون الفرد في فترة
محددة من المزاج المرتفع المتعاظم يتهيج بشكل دائم ومستمر ويبدأ تضخم
الذات لديهم مع قلة الحاجة الى النوم وتشتت الانتباه والتركيز وازدياد
النشاط الذي يفرغ عن طريق الثرثرة واعادة نفس الكلام او الشراء او
زيادة النشاط الاجتماعي او زيادة النشاط في العمل الا انهم يعودون
للمنزل مكتئبين بعد ان حاولوا الهروب منه من خلال هذه الانشطة.
وبينت
الدكتورة السماك ان الشخص المهووس لابد ان يراجع اختصاصي اكلينيكي
للعلاج النفسي عن طريق الكلام اضافة الى العلاج الطبي النفسي كي يعالجه
ويحدد له الدواء المناسب وان يستمر بذلك حتى يشعر بتحسن في حاله واوضحت
ان هناك حالات قد تحتاج الى الصدمة الكهربائية البسيطة لتغيير المزاج
والاكسدة الكيميائية الداخلية اذ يكون بحاجة لان تتحرك السوائل
الكيميائية بين الخليات العصبية وتنشط لتتوازن في الجسم الامر الذي
يؤدي الى تغيير المزاج للافضل.
واضافت ان المنهج المعرفي ضروري في العلاج النفسي حتى يصحح ويعدل الفرد
افكاره السلبية الى افكار ايجابية وتفاؤلية لتنعكس على مشاعره وسلوكه
وتصرفاته فيتعلم بذلك افكار اكثر اعتدالا حول ذاته مع معرفته لسبب
تفكيره السلبي الذي قد يكون ناتج عن مروره بخبرات وتجارب مؤلمة انعكست
على تفكيره في الوقت الحالي ومن جهته قال الدكتور فريح عويد العنزي
استاذ علم النفس بكلية التربية الاساسية بالهيئة العامة للتعليم
التطبيقي والتدريب في لقاء مماثل مع (كونا) ان هوس الشراء نوع من
الاضطراب النفسي يدفع الشخص الى الاتيان باشياء قد يندم عليها فيما بعد
ومن سمات هذه الشخصية الاندفاعية وعدم تقدير عواقب الامور اذ يجد ان ما
اشتراه كثير ومكرر او غير مناسب له.
واضاف
ان المهتمين في مجال الشخصية يفسرون ان من ينتابه هوس الشراء قد يكون
محروما في سنوات سابقة من عمره نتيجة الفقر او بخل الاسرة على ابنائها
كما يشعر بالندم على افعاله غير السوية عندما ينفذ ما لديه من مال.
واوضح
العنزي ان هذا الامر يرجع الى سلوك الشخص بغض النظر ان كان رجلا ام
امرأة الا ان هوس الشراء عند بعض النساء في الكويت قد يرجع الى تفريغ
الزوجات لجيوب ازواجهم لاعتبارات تتعلق بخوف بعضهن من ان جمعه للمال قد
يجعله يفكر بالزواج الثاني او السفر للخارج وهذا التصرف من وجهة نظر
الزوجة ليس مرضيا بل هو تكتيك لحماية نفسها من غلو الزوج والتفكير
بالزواج من اخرى.
وذكر
الدكتور العنزي ان الانسان السوي هو الذي يقدر الامور ويضعها في نصابها
الصحيح اذ ان الوسطية في الشراء هو الفعل السوي من خلال قياس عمليات
الشراء وفق مبدأ الحاجة الفعلية وتصنيف المشتريات الى اساسية وثانوية
وذلك حتى لا يلوم الفرد نفسه على افعاله غير الصحيحة التي تعرضه الى
الدين والاعباء المالية الثقيلة.
وشدد
في ختام حديثه على اهمية وزن الامور بشكلها الصحيح ووضع ميزانية
تقديرية للمصروفات والمشتريات ومعرفة مقدار المال الذي يحقق من خلاله
الفرد اهدافه دون الجنوح في شراء سلع غالية الثمن اضافة الى التعاون
بين افراد الاسرة ومشاركتها الرأي في دخل الاسرة ومصروفاتها الاساسية
والمهمة دون الاسراف في الشراء. |