فقهاء دجالون يحللون ويحرمون

اسعد راشد

هل هناك فقهاء دجالون وكذابون ومخادعون اكثر من بعض فقهاء اهل  "السنة والجماعة" ؟ وهل هناك فقهاء يزرعون بذور الارهاب ويهيئون الارض لتفريخ الاصولية

التكفيرية اكثر منهم؟

 لماذا مازال بعض فقهاء السنة  لم يصدروا فتوى يكفروا فيها ابن لادن والزرقاوي وابو قتادة وابوحمزة المصري وحارث الضاري وغيرهم من شيوخ الارهاب الذين يمثلون وجه الشر على سطح هذه البسيطة ؟

اليس عارا " ان يظهر  فيهم رجلا يدعي  "الاعتدال السلفي" وهو الشيخ عبد العزيز موسى  ليدافع من طرف خفي عن ابن لادن من خلال ادعاءه بانه رجل "مسلم" لايجوز تكفيره حسب مقولة  "ابن تيمية"! ؟ فاذا كان هذا هو حال "المعتدلين" السنة  السلفيين فكيف اذن بمتطرفيهم ؟  واذا كان شيخهم الاخر وهو  "عبد العزيز بن عبد الله ال الشيخ" يستنكف عن اصدار فتوى بتحريم  عمليات القتل والارهاب  التي تستهدف العراقيين الشيعة والكورد والاجانب المتواجدين على ارض العراق  بل ويرفض حتى رفض واستنكار عمليات ذبح الابرياء وفي نفس الوقت يعتبر  قتل السفير المصري ـ ونحن نستنكر عملية القتل الجبانة الارهابية ـ"افساد في الارض" ‘ اليس هذه مفارقة عجيبة من فقهاء الوهابية واهل السنة والجماعة  ؟

هذه المفارقة العجيبة  في مواقف بعض فقهاء وشيوخ اهل السنة والجماعة تثير اكثر من سؤال حول دورهم في تفريخ المجاميع الاصولية الوهابية والسلفية الارهابية خاصة وانهم يلتزمون الصمت  ازاء عمليات قتل وابادة الابرياء المدنيين الشيعة والكورد في العراق ..

قتل  سفير مصر على ايدي الارهابيين السنة والزرقاويين يستدعي هذا الاستنكار الواسع  من قبل  "امة الاسلام" السنية وفقهاءها وشيوخها فيما قتل الاف  الشيعة في العراق  وتعرض مساجدهم واسواقهم لعمليات تفجير انتحارية تنفذها الجماعة ذاتها  يتم السكوت عليها بل الرضى عن افعال من يقومون بها .. لماذا لا يستنكر المفتي السعودي مفتي  "مملكة الوهابية" قتل ابناء الشيعة في العراق ويعتبر التعرض لدماءهم واعراضهم وتفجير اماكن عملهم وعبادتهم  "فتنة وفساد في الارض"؟

اليس ما يقوم به  البعثيون  المتحالفون مع السلفيين والزرقاويين باستهداف طائفي  لرموز ومؤسسات الشيعة هو الفساد بعينه وفتنة كبيرة تحرق الاخضر واليابس؟ فلماذ اذن السكوت واعتبار فقط  قتل  "السفير المصري" فتنة وفساد ؟

موقف بعض علماء السنة وفقهاءهم لن ينم عن المسؤولية ولن يشير الى انهم جادين في رفض

ومحاربة الفتنة والفساد والارهاب بل  هناك ازدواجية واضحة ونفاق بيّن يستغله الارهابيون السلفيون العرب  لتبرير اعمال القتل والارهاب .. ان بعض فقهاء السنة وشيوخهم وخاصة اؤلئك الذين يتربعون على سدة  "الفتوى" ويتزعمون هيئات الارشاد في السعودية ومصر وبعض البلاد العربية قد لعبوا دورا سيئا في نشر الفكر الارهابي وثقافة التكفير وساهموا بمواقفهم  الانتقائية ازاء الارهاب وعمليات القتل والتفجير  في ترعرع مجاميع الارهابيين وتفريخ الاصولية التكفيرية المنتشرة في كل مكان .. وما جرى في لندن من اعمال اجرامية  وارهابية وقبلها في امريكا وما يجري اليوم وبشكل مستمر  من استهداف ارهابي للمدنيين الشيعة  في العراق هو نتيجة حتمية لمثل تلك المواقف الانتقائية ..

فاذا كان في نظر مفتي السعودية  " حوادث التفجير وترويع الامنين من الافساد ومحرم في الاسلام ونسبة ذلك الى دين الاسلام نسبة ظالمة  " واذا كان الشيخ الاخر وهو القرضاوي الذي لطالما افتى بهدر دماء العراقيين وجواز قتل المدنيين في العراق يتخذ موقف متشدد ازاء ماجرى في  لندن من تفجيرات ارهابية حيث قال بانها "فاجأتنا وفاجأت العالم كله من انفجارات راحت ضحيتها العشرات والمئات من الابرياء والامنين  ‘ الذين لم يعتدوا على احد ‘ ولم يقترفوا جرما يسقط عصمة دمائهم  " ‘ اليس كان حريا بهم ان يتخذوا نفس الموقف ازاء ما جرى ويجري في العراق تفاديا للتداعيات التي نشاهدها اليوم في لندن والقادم اعظم بسبب تلك المواقف الانتقائية ..

ان الادانة  لحوادث التفجيرات  الارهابية في لندن من قبل بعض شيوخ وفقهاء السنة هي مجرد للتمويه والتورية لا تحظى بالمصداقية وهي نوع من انواع  "التقية"  وقد جاءت بناءا على مواقف حكوماتهم التي تواجه احراجا كبيرا بسبب  تورطها في رعاية واحتضان الارهاب من خلال تبنيها او تأييدها لخطاب  "المقاومة" والترويج لها في وسائل اعلامها .. والا فكيف يطالبون هؤلاء بنقل معركة  "الجهاد" والقتال الى العراق  بدلا الى الرياض والقاهرة  او لندن ؟ كيف يمكن ان القتال اي الارهاب في العراق حلال وفي تلك البلدان حرام؟ وهل دماء العراقيين حلال ودماء غيرهم حرام ؟ وهل اقترف العراقيون الشيعة والكورد جرما كي يستهدفهم الارهابيون السنة ؟ اليس  خطابهم  الداعي للقتال في العراق والذي يدعوا اليه بعض مشايخ السنة وعلماءهم و"مفكريهم" يمثل امتداد بل وتأييدا غيرا مباشرا لما يسمونهم هؤلاء  "الشباب" ـ اي القتلة والارهابيين ـ ولاعمالهم واجرامهم ؟

والواضح ان  الاعلام العربي وفضائياته  قد لعب دورا مركزيا في الترويج لذلك الخطاب الاهوج و قد ساهم من خلال استضافة شيوخ الفتوى واجراء الحوارات مع من يسمون انفسهم  "دعاة" والذين لا يتورعون في التحريض على ممارسة القتل والارهاب تحت عنوان  "الجهاد" و"المقاومة" في العراق في تأصل  "الفكر" المتطرف والاصولي الارهابي في اذهان المجتمع السني .. هذه الانتقائية  في اعتبار حوادث التفجير والقتل في لندن والرياض والقاهرة وغيرها من بلدان العالم ارهاب ومدان  فيما يطلق على نفس الحوادث والتي تقوم بها الجماعات الارهابية ذاتها بانها  "مقاومة" و"عمليات مسلحة" ..  ومازال الاعلام العربي يرفض وصف ما يجري في العراق من قتل وتدمير وتخريب وتفجير وقطع للرؤوس بانه عمل ارهابي ومازال شيوخ وفقهاء السنة يصفون  عمليات الابادة الجماعية وسفك دماء الابرياء الشيعة في العراق بانها "مقاومة" ويتعاطفون مع القتلة والارهابيين ..

والواضح ان خطاب الاعلام العربي ومواقف بعض شيوخ وفقهاء السنة الانتقائية ازاء ظاهرة الارهاب ليس لن يساهم فقط في  القضاء على  تلك الظاهرة بل ستزيد الارهابيين جرأة ووقاحة على الاستمرار في جرائمهم ووحشيتهم  ‘ فهي مواقف مسايرة ومجاملة  غير نابعة عن قناعة او تفكير صائب .. ولعل هذا الامر تطرق اليه الباحث الامريكي  توماس فريدمان في مقال له نشر هذا اليوم بتاريخ 2005/7/9  في احدى الصحف العربية عندما قال  " لم تكن هناك ادانة اسلامية قوية لجنون الهجمات المسماة  الجهادية ‘فحتى الان لم يصدر عالم دين معروف او جهة دينية  فتوى تدين اسامة بن لادن  " ..

ونحن نقول فحتى الان لم يصدر شيوخ وفقهاء السنة وخاصة الكبار منهم فتوى تدين الزرقاوي والبعثيين الذين يمارسون منهج القتل والذبح والتفجير في العراق ولم يصدرو فتوى واضحة تحرم على ابناء البلاد العربية بالتوجه للعراق لممارسة القتل والتفجير تحت عنوان  "المقاومة" بل ما نقرأه ونسمعه هو التشجيع والتحريض للذهاب الى العراق .. وبالطبع ان الاسباب الحقيقية التي تقف خلف استمرار عمليات القتل والارهاب  هو هذه الانتقائية في المواقف وسيادة الفكر التكفيري وسط المجتمع السني وعدم الحزم من قبل الحكومات العربية

لمواجهة ذلك الانتشار الواسع لثقافة التطرف الديني السلفي الذي يستقوى بالخطاب الديني الرسمي وخاصة في السعودية لتكريس وجوده من خلال تبني الحكومة السعودية  المنهج الوهابي التكفيري والسلفي المتطرف في التعليم والتدريس وفي تسييس  المؤسسات المدنية والرسمية في اطار الفكر  والمنهج المذكور ..

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 12/ تموز/2005 - 4/ جمادى الأولى/1426