*محمد الصقر: ليست هناك خطة استراتيجية
للتعامل مع العراق وعدم وجود علاقات دبلوماسية وتجارية حتى ان التجار
العراقيين اتجهوا الى الاردن..
*صالح عاشور: يجب التفكير بالعوامل التي يمكن
تحقيق الاهداف المشتركة لمصلحة البلدين.. وان تكون الديمقراطية في
البلدين نموذجا جيدا للآخرين وكل هذا يتطلب وجود استراتيجية جيدة بين
البلدين..
عقدت في الكويت ندوة عن العلاقات الكويتية العراقية تحت عنوان «استراتيجية
التعامل مع العراق الجديد» حيث اقامتها حركة التوافق الوطني الاسلامية
بديوان السيد محمد باقر المهري.
وقد أكد النائب محمد الصقر في مداخلته ان الدول النامية ومنها دولة
الكويت تفتقر الى مفهوم الاستراتيجية وليس لديها خطة قريبة او بعيدة
المدى، واستغرب الصقر في كلمته خلال مشاركته ان الكويت ساهمت بشكل
مباشر في تحرير العراق وسقوط النظام الصدامي ولكنها حتى اليوم لا تعترف
بالعراق مع انها تعترف بحكومة علاوي، وكذلك حكومة الجفري، مبدياً
استياءه لهذه العقلية والتي لا يمكنها ان تؤدي الى خطة استراتيجية لهذا
البلد.
وحضر الندوة النائب صالح عاشور وسماحة السيد محمد باقر المهري وعدد
من المدعوين وعدد من الفعاليات النسائية، وشارك فيها كل من زهير
المحميد ومحمد علي عابدين.
وتساءل النائب محمد الصقر عن الاستراتيجية، مؤكداً بانها معروفة،
والا ما سبب اجتياح الكويت من قبل صدام؟ ولماذا مناصرته خلال حربه مع
الجمهورية الاسلامية الايرانية؟ ان هذه التصورات هي التي ادت الى الغزو
والاحتلال لان الجميع فكر بان الامام الخميني جاء ليصدر الثورة
الاسلامية ولكن اصبحت ايران اقرب من العراق وذلك النظام الذي دمر
العراق والمنطقة والعالم، وحتى هذا اليوم ليست للكويت استراتيجية مع
العراق القديم ولا العراق الحديث ولم ترسم استراتيجية مستقبلية بعد هذه
الاحداث مع العراق الجديد القادم، واشار الى انه على رغم من العلاقات
القوية مع الحكومة المؤقتة والانتقالية فليست هناك خطة استراتيجية
للتعامل مع العراق وعدم وجود علاقات دبلوماسية وتجارية حتى ان التجار
العراقيين اتجهوا الى الاردن التي اصبحت سوقاً خصبة لهم مع تضرر التجار
الكويتيين من هذه العملية.
واوضح بان الاستراتيجية بنيت على اسس وبعد استراتيجي ونظرة
مستقبلية، موضحاً بان دولة الكويت تعتبر قليلة الامكانيات وليس فيها
الا البترول وفوائض مالية، عكس العراق الذي هو غني وفيه امكانيات
مختلفة، وارض خصبة ومن مصلحة الكويت ان تكون العراق محررة وفيها حرية
الفكر والرأي والامن والاستقرار، مشيراً الى ان هناك شباباً من الكويت
تعاملوا مع المجرم الزرقاوي، فهل وضعت الكويت استراتيجية لمنع هؤلاء
الشباب من دخول العراق؟! بل الادهى والامر ان الكويت كانت بوابة
التحرير لدخول قوات التحالف الى العراق، في حين رفضت دول مجلس التعاون
جميعها، والكويت ساهمت بشكل مباشر في سقوط صدام وساهمت بتشكيل حكومة
علاوي والجعفري ومع ذلك ليس هناك اعتراف حتى الان بالعراق، اليس هذا
غريباً على الحكومة الكويتية؟!!
وطالب الصقر بايجاد نوع من الاستراتيجية عن طريق متخصصين للنظر حول
الديون والخسائر والعلاقات والمشاريع المستقبلية، للاسف ان هذه العقلية
غير موجودة.
وفي رده على بعض الاستفسارات اشار النائب محمد الصقر الى انه من
دعاة وضع الاستراتيجية مع العراق لاهمية دور العراق في المنطقة خاصة
خلال السنوات القادمة حيث بها مخزون نفطي يقارب بل ويفوق مخزون المملكة
العربية السعودية، ويجب ايجاد هذه الاستراتيجية على المدى البعيد مع
العراق التي تعتبر من اهم الدول العربية.
من جانبه اكد نائب امين عام حركة التوافق الوطني الاسلامية ـ رئيس
مكتب الدراسات الاستراتيجية زهير المحميد على ضرورة وجود استراتيجيات
واضحة للدول في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والامنية وغيرها
من الشؤون التي ترتبط بكيان الدولة ونظمها، وعاب المحميد على الدول
التي لا تملك الاستراتيجيات الواضحة التي تحدد مسارها والتي لا تستغل
طاقاتها الاستغلال الامثل لتحقيق الرخاء الامني والاقتصادي والسياسي
لكيانها وشعبها، داعما رأيه بالحقيقة المعاشة في بعض دول العالم العربي
التي لا تملك استراتجيايت واضحة ولا مسارا واضحا مما جعل الدول الاخرى
تتعامل معها ومع احداثها وصناع قرارها حسب ردود الافعال دون نظرة
استراتيجية بعيدة المدى او قاسم مشترك يجمع بين الدولتين، وواصل
المحميد قائلا ان هذه الاسباب هي التي جعلت بعض المحللين يأخذون بمبدأ
المؤامرة والتوجس والشك عوضا عن التواصل ودعم العلاقات الثنائية بين
الدول او التوغل في طرح حلول وبرامج تقرب البعيد وتزيل العواقب وجو
التوتر والخيفة.
واكمل المحميد الندوة بطرح سؤاله الاستراتيجي الهام في هذه المرحلة
قائلا: هل قمنا نحن بتحديد مسارنا كدولة وشحذنا الهمم والطاقات لتحقيق
المسار؟ وهل قمنا بدراسة مختلف الاحتمالات لتحديد مسارنا نحو رسم علاقة
مستقبلية مع العراق الجديد خصوصا في المرحلة الراهنة وايضا الاخذ بعين
الاعتبار الاليات التي منها نستطيع ان ندعم تلك العلاقة وننفذها على
شكل مبادرات مع الحكومة العراقية وشعبها؟.
واكد المحميد على ان العراق يعتبر عمقا استراتيجيا كبيرا للكويت من
كافة النواحي اذا ارتبطت معه بعلاقات سليمة تراعي المصالح المشتركة
بشرط تنسيق العلاقة والمصالح بسياسة مشتركة مدروسة وصحيحة، في المقابل
اكد المحميد على ان الامر نفسه يكون مع الكويت اذ تعد هي الاخرى عمقا
استراتيجيا للعراق الجديد على كافة الاصعدة وهذا ما يجعل التعاون بين
البلدين يحقق الازدهار والتكامل اذا نفذ وفق الالية المرجوة، واكد
المحميد على ان الكويت والعراق لا بد ان تطويا صفحة نظام صدام البائد
وطغيان حزبه وسياسته التي جعلت الدولتين عدوتين وهما بالاصل صديقتان
وجارتان وتربط بينهما صلة رحم وقربى ونسب.
وذكر المحميد بمكانة العراق الجديد واهميته بالنسبة لدولة الكويت
وعن امكانية تحديد العلاقة مع العراق الجديد من خلال اطر استراتيجية
شاملة تكون واضحة المعالم لدولة الكويت تجعلها تحدد الموقعية
المستقبلية المنشودة، راجيا من الامة الكويتية ان تجند طاقاتها البشرية
والمادية في اطر الاهداف التي تدعم استراتيجية كويتية واضحة المعالم،
كما ذكر بأهمية تعزيز التعامل الدبلوماسي لتحديد المسار الكويتي وتنمية
الاحلاف بما يدعم الاستراتيجية الكويتية ولا يضعفها، وشدد المحميد على
تعزيز العمق الاستراتيجي مع العراق الجديد وتفعيله بشكل تكاملي في كافة
الاصعدة، مطالبا بضرورة تنمية علاقات سياسية مع الحكومة المنتخبة في
العراق الجديد وضرورة تنمية سياسة شعبية مع القوى السياسية في الساحة
العراقية دون استثناء لتكون هناك ايضا ارضية استراتيجية كويتية مهيأة
لدخول العراق الجديد وفق منظومة مجلس التعاون الخليجي بعد استقراره.
وواصل المحميد مطالبا بضرورة تطوير التنسيق الامني والعسكري بين
الدولتين للاستفادة من الخبرات الامنية والعسكرية عن طريق التبادلات
والدورات المشتركة وايضا من اجل تطويرها خصوصا ان الكويت تملك عقيدة
دفاعية من المتوقع ان يملكها العراق الجديد، واكد ايضا نائب امين عام
حركة التوافق الوطني الاسلامية على ضرورة اقامة المشاريع المشتركة بين
الدولتين وتوظيف القروض المستحقة على العراق في مشاريع مشتركة لتخفيف
عبء السداد وثقله وايضا لجني الفوائد المشتركة للدولتين لتكون العملية
عملية ربح عوضا عن ان تكون ربحا لدولة وخسارة لاخرى.
وختم المحميد حديثه عن استراتيجية التعامل مع العراق الجديد مؤكدا
على اهمية تنمية العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الدولتين لازالة
الرواسب الماضية عن طريق تكثيف الزيارات الرسمية والشعبية وتعزيز الوضع
الامني في العراق واقامة البرامج الثقافية المشتركة على مختلف
المستويات وتعزيز حملات العلاقات العامة مع الشعب العراقي لازالة اي
عداوات اسس لها النظام الصدامي البائد.
واشار محمد علي عابدين رئيس مركز الدراسات العراقية الكويتية الى
ظاهرة احباط مؤسفة جدا بين البلدين ما زالت موجودة وتنكسر عليها كل
المجالات لانها تحمل بين طياتها آثارا من الماضي، مع ان هناك محاولات
لطمس تلك الآثار الصدامية عن طريق حوارات مراكز لتعرية الثقافة
الصدامية، ووجود شخصيات بارزة في الكويت وكذلك في العراق، مشيرا الى
انه واجه معارضة شديدة من قبل بعض العراقيين المتشددين بانشاء مركز
الدراسات العراقية الكويتية في البداية ولكنهم اعتذروا فيما بعد عندما
رأوا الرؤية التحليلية ودراسة جديدة، وأوضح بانه وخلال زيارته الى
الكويت ولقائه مع مثقفين ومؤسسات وصل الى ان هناك الكثير ممن لا يعلمون
شيئا عن النظام الصدامي الحقيقي، لذا فان العلاقات الكويتية العراقية
لا تزال تسير في طريق مخالف بل معاكس للعلاقات الحقيقية، ولكن يمكن ان
يتحقق ذلك عن طريق النخبة بين الشعبين وهؤلاء النخبة هم الذين يمثلون
الشعبين ويمكن ان تشكل جسرا قويا عبر المراجع الثقافية وانتقال تلك
العلاقة الى الشارعين لتهذيبهما من اجل التصدي للاشاعات، وعليه ما لم
يمكن تحقيقه عن طريق العلاقات الاستراتيجية يمكن تحقيقه عبر النخبة من
المثقفين والاجتماعيين والمفكرين.
وفي تعقيب للنائب صالح عاشور اشار الى وجوب دراسة العقلية العراقية
بصورة جيدة للوصول لافضل وارقى انواع الاستراتيجيات والتقارب، خاصة وان
هناك فارقا كبيرا بين الرؤى والعقلية فيما بين الشعبين.
واضاف انه من مصلحة الشعب الكويتي اتاحة الفرصة للشعب العراقي للعيش
بامان واستقرار، لذا يجب التفكير بالعوامل التي يمكن تحقيق الاهداف
المشتركة لمصلحة البلدين مثل انشاء شركات استثمارية والمساهمة فيها عن
طريق النخب السياسية والاقتصادية وابرام العقود بما يعود بالفائدة على
الشعبين لتكون مصالح مشتركة وايجاد نوع من الامن والامان.
كما انه يجب ان تكون الديمقراطية في البلدين نموذجا جيدا للآخرين
حتى تقوم الحكومات الاخرى الاقتداء بهما.. وكل هذا يتطلب وجود
استراتيجية جيدة بين البلدين. |