ذكرت
في القسم الاول من هذا المقال وبعد ان استشهدت بالحكمة القائلة (لا
تنظر لمن قال وانظر لما قال) انه في حالات معينة يتحتم على المرء النظر
الى صاحب القول وذلك حينما يخرج قوله عن الموضوعية مما يعني وجود دوافع
شخصية او حزبية او فئوية او ماشئت فعبر تقف وراء ذلك القول الغير
موضوعي, وتأسيسا ً على هذا الفهم رحتُ اتحدث عن خلفية صاحب مقال (
الروزخون الجعفري) الذي نشرته صحيفة صادرة في لندن تصف نفسها بـ
(صحيفة العرب الدولية). ومن المؤكد انني لم اهدف حينما تحدثت عن خليفة
الرجل الى شخصنة الحديث او الطعن اوالتجريح بحزب سياسي عراقي معروف
بنضاله كما فهم البعض خطأ ً ذلك. وسأسيق مثلا ً يمكن ان يُشم منه رائحة
شخصنة الحديث والخروج عن النقد الموضوعي وهذا المثل هو حقيقة لا افتراء
تتعلق بكاتب المقال المذكور اعلاه.
في عام 1990 وُبعيد غزو النظام البعثي للكويت اسس احد الصحفيين
الخليجيين صحيفة في لندن اسماها (صوت الكويت) اختار للعمل فيها مجموعة
من الصحفيين العراقيين وكان من بينهم كاتب المقال اعلاه. وكان متوقعا ً
لهذه الصحيفة ان تقوم بمهمتها الاعلامية في فضح نظام صدام البائد وما
قام به من جريمة نكراء يندى لها الجبين تلك هي جريمة غزو الكويت, لكن
تلك الصحيفة راحت تمارس مهمات اخرى غير الصحافة ومنها التجسس على
الجالية العراقية في بريطانيا. ولاجل الحصول على اكبر قدر ممكن عن
انشطة العراقيين وخصوصا المعارضيين للنظام بغية تجنيدهم لصالح دولة
خليجية لأغراض سياسية ومخابراتية, كلفّ مؤسس تلك الصحيفة كاتب مقال (الروزخون
الجعفري) القيام بعملية مسح للعراقين في بريطانيا وطلب منه توزيع
استمارة لهذا الغرض وفعلا استغل صاحبنا علاقته بمؤسسة عراقية اجتماعية
ينتمي معظم العاملين فيها الى نفس تنظيمه السياسي وقام بتوريط تلك
المؤسسة بقضية المسح مما اثار حفيظة اكثر العراقيين الذين انتبهوا
لمرام هذا المسح وذلك من طبيعة المعلومات التي تضمنتها الاستمارة
الخاصة به ومن ذلك الحين وليومنا هذا وصاحبنا (التقدمي) يحرص على تقديم
افضل الخدمات للخليجيين (الرجعيين) واستعداده للقيام بما يامرونه به
وقلمه في خدمتهم دوماً . جدير ذكره ان تلك الصحيفة ظلت تعمل حتى عام
1992 حيث تم اغلاقها بعد فضيحة شركة الاستثمار الكويتية والتي كانت
تعود ملكيتها الى احد شيوخ العائلة الحاكمة في الكويت والذي تربطه
علاقة وثيقة مع احد اعضاء مجاس الحكم المنحل.
هذا النوع من الكتابة هو نموذج لشخصنة الحديث اذ الموضوعية تقتضي
منا الرد على اطروحة صاحب المقال وليس التحدث عن خصوصياته ومن هنا اجد
ان صاحب مقال (الروزخون الجعفري) تقصد شخصنّة حديثه عن الجعفري حينما
راح يتحدث عن لقبه (الطائفي) حسب ما ادعى وعن قيادته الفاشلة لحزب
الدعوة وتسببها بالانشطارات الاميبية التي حلت به حسبما اراد كاتب
المقال ايصاله للقارئ الكريم ولاأدري ما سبب كل هذا الحرص على حزب
اسلامي ينظر اليه الكاتب ذاته على انه حزب رجعي وظلامي؟.
وكذلك اتهامه للجعفري بالانشائية بمعنى خلو حديثه من المفيد
ومحاولة تقزيمه لشخصية الجعفري من خلال وصفه بـ( الروزخون من الطراز
الاول) والاستخفاف به بهذا الوصف الذي يُقابل وصف (المُلة) والذي
يستخدم عادة للأستخفاف برجال الدين وبالعلماء .وايضا ًمحاولته الخبيثة
لأستعداء الكورد على الجعفري وعلى الشيعة حينما اتهم الجعفري بمقاطعة
مراسم تنصيب البرزاني رئيسا ً لأقليم كردستان ومن وراء ذلك يهدف الى
تسميم العلاقة الحميمة بين الكورد والشيعة والتي تأصلت خلال سنوات
النضال والمحنة ومعروف للجميع من يناصب العداء الان للكورد والشيعة ومن
هي الجهات التي تسعى الى ايجاد شرخ بين الاحباء الشيعة والكورد.
وهنا لا اريد ان انصب نفسي محاميا ً للدفاع عن الجعفري ويعرف
القراء الكرام رأي المسبق به ومن شاء فليُراجع ما كتبته عنه كما انني
لست عضواً في تنظيم الجعفري وكان الأجدر باعضاء ومناصري تنظيمه تجنيبي
عناء الرد والذود عن صاحبهم لكن اعلم انهم غير قادرين على فعل ذلك
لأمكانياتهم المتواضعة ومع ذلك فهم الان في مصدر القرار بعدما اغدق
عليهم صاحبهم المناصب وهذا ما كان على صاحب مقال ( الروزخون الجعفري)
تسليط الضوء عليه بدلا ً من الانشغال بشخصنة الحديث.
يحاول صاحب المقال المذكور دس السم بالعسل من خلال التباكي على
الفيدرالية وهو الذي جندّ قلمه الفاشل منذ سقوط صنم الطاغية ولحد كتابة
هذه الاسطر ضد العملية السياسية والتحول الديمقراطي في العراق برمته
علما ان تنظيمه السياسي قد دخل اللعبة السياسية في العراق من اوسع
ابوابها وهذا ما يدعم زعمنا من ان صاحب المقال يسئ حتى الى تنظيمه بهذه
الطريقة ولا يمثل رأيه بالضرورة رأي حزبه و ما نتوقعه من ذلك الحزب
توضيح هذا الامر ببيان يضع النقاط على الحروف ويقطع الشك باليقين
ونتمنى ان نرى صدور مثل هذا البيان قريبا . فاذا كان الامر كذلك يبقى
السؤال لصالح من يعمل صاحب مقال (الروزخون الجعفري)؟ اترك الجواب لذكاء
القارئ اللبيب الذي عرفَ بعد سنتين من التغيير من هم اعداء الفيدرالية
والديمقراطية في العراق .ومن هم الذين يتخوفون من تجربة الديمقراطية
الفيدرالية و يتخوفون من وصول الشيعة والكرد الى الحكم في العراق. ومن
يخشى انتقال عدواها الى دولته المشابهة في تكويناتها الطائفية للعراق.
ومن هنا ادعو من ساء فهم مقالي لأعادة قراءته ثانية بتأن ليجد انني
لم أ ُعرض بتنظيم ما حينما تناولت الرجل نعم ما اردت قوله وما اود
تأكيده ثانية هنا ان مجموعة من الغلاة -وهؤلاء موجودون في كل تيار
وتنظيم- اساءت وايما اساءة بآرائها المتطرفة والمقبوضة الثمن مسبقا
والتي يُعاد طرحها اليوم من جديد من خلال كاتب المقال المذكور اقول
اساءت وتسئ الى ذلك التنظيم الذي نكن له الاحترام وهذا ما ارجو ان
ُينتبه اليه حتى لا تتكرر اخطاء الماضي القريب حينما سيطرت الغوغائية
والصبيانية السياسية والمراهقة الثورية على الحزب فجعلته محل غضب ابناء
الشعب وعلمائه. نصيحة ابعثها لمن يهمه الامر ان يدينوا مثل هذه
الممارسات التي لن تورث الا الندم ولات حين ندم. وقديما قالوا (اذا كان
بيت من زجاج فلا ترم الاخرين بالحجارة).
almossawy@hotmail.com |