في ذكرى مولد امام المتقين ومولى الموحدين الامام أمير المؤمنين علي(ع)
احتفال ولائي وثقافي وإنساني حاشد في الحوزة العلمية  الزينبية في سوريا يحضره جمع غفير من العلماء والمثقفين والاعلاميين

 

وسط حضور مبارك وغفير من المؤمنين والمؤمنات، حرص جمع كبير ولافت من العلماء والمثقفين والاعلاميين على احياء يوم من أيام الله العظيمة يوم المولد المبارك والميمون للامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وذلك في ليلة الثالث عشر من شهر رجب الأصب لسنة 1425 هـ في الحوزة العلمية الزينبية في ضواحي العاصمة السورية دمشق بالقرب من الضريح الطاهر للسيدة زينب (عليها السلام) وذلك من خلال فعاليات  اليوم الأول- الأحد من (مهرجان الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحقوق الانسان)  السنوي الرابع، والذي ينظمه مركز الفردوس للثقافة والاعلام، و يستمر على مدى يومين.

استهل الحفل المبارك بتلاوة آيات مباركات من الذكر الحكيم رتلها على أسماع الحضور الكرام سماحة الأستاذ المقرئ الشيخ حسن المحمدي بعد أن قدم عريف الحفل الأستاذ زكي النوري كلمات وأبيات رائعة تتحدث عن هذه المناسبة العظيمة فيما أنشدت بعدها فرقة الامام الصادق (عليه السلام)الأناشيد الجميلة من وحي هذه الذكرى العطرة والغنية بأسمى المعاني الانسانية النبيلة والرائعة.
أولى الكلمات كانت للاستاذ حسين السيد ألقاها باسم مركز الفردوس للثقافة والاعلام واللجنة المنظمة، تحدث فيها عن أهمية مثل هذه المهرجانات في ترسيخ قيم الفضيلة والخير والجمال والعدل والبر في عقول وقلوب الناس لتمهيد السبل لبناء الانسان المؤمن والمجتمع الصالح والأمة المؤهلة وبكل جدارة لرفع راية العلم والحضارة والعدالة الانسانية وحقوق الانسان التي جاء بها الاسلام لخير الناس كافة؛ حيث اعتبر هذه المهرجانات وماتحمله من قيم ثقافية أفضل الوسائل الحضارية في تبليغ وايصال كلمة الاسلام للعالم كله وبالصورة التي تكفل حسن الانصات والاستماع وبكل انفتاح علمي وموضوعي، يجعل ذلك الآخر في مقام لا مفر له من الاستجابة لهذا النداء الحضاري الذي لا يبحث إلا عن الحقيقة الخالية من كل لبس وجهل وتزوير.
ثم ألقى سماحة الشيخ محمد رضا حاتم كلمة أكد فيها على أن الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كان وسيبقى النموذج الحضاري المتميز من بين سائر أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتلامذة مدرسته الفكرية ويرجع هذا إلى ما توافر له (ع)من عوامل شاركت متكاملة في شخصيته الفكرية.
وأضاف الشيخ حاتم :
إن كل هذه المؤهلات التي ميزت الامام علي (عليه السلام) عن الآخرين تعود الى أن الله تعالى أراد بذلك اعداده لحمل الرسالة وتحمل مسؤولياتها بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال سماحة الشيخ محمد رضا حاتم
إن هذا لا يتأتى إلا ممن وعى مسؤولية القائد الرسالي وعيا حيا ووضع أمامه ونصب عينيه تحقيق أهداف الرسالة الاسلامية السامية وقال أيضاً.
ان الامام علي (عليه السلام) يفوق في حجمه حد التوهمات ويعلو الحقائق ولم يكن كل ذلك بالاسباب المعجزية بل بالأسباب الطبيعية.
وفي ختام كلمته، أكد سماحة الشيخ حاتم على أن الامام علي (عليه السلام) لم يكن للمسلمين وحدهم كما لم يكن للشيعة وحدهم بل كان وسيبقى للانسانية جمعاء.
أعقب ذلك كلمة للأستاذ أنطوان بارا تطرق فيها إلى نبذة تاريخية إلى نشوء وتطور مسألة حقوق الانسان على مدى العصور والأزمان السالفة ودور الفكر الديني والفلسفي والسياسي في كل ذلك.
وأضاف فضيلة الأستاذ أنطوان بارا:
ان لفرط الاهمال الواضح لقيم الاسلام الانسانية وتراث الشرق الفكري القديم والحديث من قبل الغرب إضافة إلى عوامل أخرى عديدة أدى إلى بروز العديد من المؤرخين والباحثين الذين يرون أن مسألة حقوق الانسان غربية المنشأ.
وقد أكد الأستاذ أنطوان بارا على أن الامام علي(ع) عرف العدالة والحق فنصرهما لجوهرهما وأن الحكم التي أطلقها كانت تهدف إلى تربية الناس على الفضائل والقيم الخيرة والانسانية النبيلة فكان للناس كل الناس.
وكان للشعر حضوره من خلال ما أنشده الأستاذ عريف الحفل ما بين فقرات الحفل، وأيضاً من خلال القصيدة الطويلة الرائعة للأستاذ الشاعر أحمد عيد، والتي استهلها بالبيت الشعري:

علاك وما في الكون مثلك أن يرى*** علياً أمير المؤمنين في الورى

ثم كانت الكلمة الأخيرة لسماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي دامت بركاته، حيث استهل كلمته بالمباركة والتهنئة قائلاً:
نبارك لكم في هذه الليلة المقدسة والسعيدة ذكرى ميلاد عملاق الإنسانية علي بن أبي طالب كما ونبارك في هذه الليلة السعيدة المباركة المقدسة للبشرية جمعاء ذكرى ميلاد المعدن الأصيل والحكمة بل ذكرى ميلاد أبي الفضيلة والحكمة، نبارك لكم وللبشرية جمعاء ولكافة عوالم الإنسان ذكرى ميلاد النور ومصدر الفضيلة، ونبارك لكم في هذه الليلة ميلاد أسد الله الغالب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وأضاف سماحته قائلاً:
هذه الليلة هي الليلة التي تتجه فيها قوارب كل مفكر ومصلح وداعية لحقوق الإنسان ليرسو على شاطئها وللتنعم من تلك الجنة الوارفة الظلال من ثمارها المباركة والطيبة.
وقال أيضاً:
هذه الليلة تعد تجسيداً لينبوع العطاء وتعد نبعاً ونعيماً للفكر والثقافة والأدب والقانون والدستور. فدعونا الآن نتصور أننا جميعاً نركب في مركبة زمنية تنطلق في مسيرة عكسية مع الزمن وإلى الوراء، ولنتوقف عند ثلاث لوحات في الزمن المعاصر والرجوع إلى زمن هارون الرشيد والمعتز والمتوكل ثم عودة إلى زمن أمير المؤمنين ومولى الموحدين؛ لكي نتحدث عن حقوق الإنسان في جانبيها الاقتصادي والسياسي، ولنسلط الأضواء على هذه المسألة الإنسانية المهمة من الزمن المعاصر والأمم المتحدة.
واستطرد سماحته دام عزه بالقول:
إن النظرة سريعة لمختلف الإحصائيات التي تصدرها المنظمات والمؤسسات الدولية تشير إلى أن هناك وضعاً إنسانياً مأساوياً وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان التي هي شعار هذا المهرجان المبارك؛ فهنالك في إفريقيا (200) مليون إنسان يعانون من سوء التغذية، وفي العالم كله حوالي (300) مليون فقير، ربما يقول أحدنا بأن هذا موجود في الدول النامية، ولكن ماذا عن الدول الديمقراطية التي صوّرت لنا أنها جنة الحرية والتقدم، نقول: وحسب إحصاء وزارة الخزانة البريطانية فإن هناك (12) مليون فقير يعيش في بريطانيا إحدى أغنى وأعرق الديمقراطيات في العالم، أما في أمريكا ففي عام (1999) انعقد المؤتمر القومي باسم مؤتمر الجوع القومي في شيكاغو، سمي هذا المؤتمر بمؤتمر الجوع القومي، وفي هذا المؤتمر صرح وزير الزراعة الأمريكي بأن هنالك في أمريكا وحدها واحداً من كل عشرة أشخاص يعاني الجوع يعني عشرة من المائة من الشعب الأمريكي حسب اعتراف وزير الزراعة الأمريكي.
وأضاف سماحته:
يقول أمير المؤمنين ومولى الموحدين: «ما جاع فقيراً إلا بما متع به غني»  ففي عام 1998 انطلق رئيس الولايات المتحدة الإمريكية في جولة إلى ست دول إفريقية، بلغت تكاليف هذه الجولة 42 مليوناً و800 ألف دولار، عشر الشعب الأمريكي يعاني من الجوع وتنفق على سفرة واحدة لأيام قلائل فقط 42 مليوناً دولار و800 ألف دولار، فلنركب مركبة زمنية ونعد إلى عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ونشاهد أمير المؤمنين وهو الحاكم على أكثر من خمسين دولة من جغرافية العالم اليوم لنشاهده مستلقياً تحت ظل شجرة في حرارة القيظ، وهناك يأخذ لنفسه غفوة، ذلك الرجل الغريب الذي أقبل لكي يكتشف الإسلام على حقيقته فسأل عن أمير المؤمنين فقالوا إنه نائم تحت ظل شجرة بدون حاجز وبدون أي حراسة أو حماية فأقبل نحوه فقال له عدلت فاطمأننت.
ولننتقل إلى سلمان المحمدي تلميذ من تلامذة علي بن أبي طالب وهو من حواريي الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام علي ( عليه السلام)، عندما أضحى حاكماً على المدائن يعني على العراق وإيران معاً، انطلق راكباً من المدينة على حمار بمفرده حتى لم يعلم الذين خرجوا لاستقبال الوالي الجديد، فتصوروه راكباً مع جمع غفير على جياد أصيلة وإذا بهم يرون شيخاً كبير السن ذا لحية بيضاء راكباً على حمار هزيل فتصوروه يعرف عن الوالي الجديد فقالوا أين الوالي الجديد، فقال أنا الوالي الجديد أنا سلمان المحمدي سلمان الفارسي، هكذا تعامل علي بن أبي طالب وهكذا تعامل تلامذته مع الإنسان.
وقد أكد سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي دام عزه في المحور الأخير من كلمته على الوضع في العراق وما يعانيه الناس  من شتى الصعوبات والعوائق البالغة القسوة إضافة إلى عدم الوضوح في الرؤية السياسية لواقع الأكثرية من الشعب العراقي، وتساءل سماحته لماذا لا يفسحون المجال للأكثرية بأن تقرر مصيرها بنفسها، ولماذا هذا التسويف بتأجيل  الانتخابات يوماً بعد يوم فأين هي حقوق الإنسان التي يدعون بها إنهم يقولون إنهم  قوات احتلال وليس بقوات أجنبية إذاً لماذا لا تسمحون للشعب العراقي بممارسة حقوقه السياسية كسائر الشعوب ليقرر مصيره وبناء مستقبل زاهر بعد حكم طاغوتي ظالم تسلط عليه بمعونة العديد من الدول والحكومات دام أكثر من ثلاثة عقود بغيضة.

وفي ختام كلمته دعا آية الله السيد مرتضى الشيرازي العراقيين إلى وحدة الصف والاجتماع على مصلحة الوطن العليا ونبذ كل دعوات الفرقة والفتنة والتشتت والابتعاد عن أعمال العنف والدمار لبناء  وطن حر وكريم ينعم أهله بالسعادة والاطمئنان والاستقرار.

وكان ختام الحفل مع فرقة الإمام الصادق عليه السلام حيث أنشدت الأناشيد الجميلة التي شنفت أسماع الحضور الأكارم بذكر أمير المؤمنين عليه السلام.

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 7/9/2004 - 18/ رجب المرجب/1425