شبكة النبأ: منذ التجمعات البشرية
الاولى التي عرفها الانسان برزت الحاجة الى القيادة – قيادة هذه
التجمعات – والتوجه بافرادها الى مافيه صالحهم.. وبعد تعقد الحياة
الاجتماعية وبروز الصراع والتنافس بين تلك التجمعات، اتخذت القيادة
معاني جديدة انجرفت عن طابعها البدائي الذي عرفت به، واخذت تنحو نحو
الفردانية وتكريسها، ودفعت الكثير من المجتمعات البشرية اثمانا باهظة
لقيادات اعتبرت نفسها هي الضرورة القصوى لهذه المجتمعات، وانها الاصلح
والاقدر والافضل لقيادتها.
وفي المثل: سبعة سباع قائدهم ثعلب خسروا، وسبعة ثعالب قائدهم سبع
انتصروا. وقد ينصرف الذهن الى المعارك والحروب والتي وحدها تتحقق فيها
الخسائر والانتصارات، الا ان هذا جزء من الوهم الذي تعيشه معظم
مجتمعاتنا العربية والاسلامية، ومنها المجتمع العراقي، الذي ينظر الى
القيادة نظرة من يفوز بالغنيمة وحده، والقائد هو من يقود شعبه كالقطيع
في حروب ومعارك عبثية، حتى اصبحت القيادة رديفا للدكتاتورية والقمع
والاستبداد.
ما اقصده هنا هو قيادة المؤسسات في دولة تطمح ان تصبح دولة مؤسسات
ديمقراطية تؤمن بالعمل الجماعي، مع حق التميز الفردي.. وهي اوسع مضمونا
ودلالة من الادارة التي يعرفها قاموس لاروس بانها فن وعلم ادارة
المؤسسة، ويتالف ذلك من قيادة الافكار والبشر لتحقيق نتائج مؤكدة.
وللادارة انواع، فمنها الادارة بالمال والادارة بالمناصب والادارة
بالقوة.
فالادارة بتعدد صورها وهو ما نراه في العراق اليوم – رغم تحفظنا على
الكثير من هذه الصور – تعني تسيير المؤسسة بافرادها وانظمتها بموجب
تعليمات واوامر وقرارات صادرة من المدير في الغالب، ولها نظام عمل محدد
مسبقا يسير عليه العاملون في هذه المؤسسة، وبالتالي فان الادارة قد
تتضمن جملة من السلبيات وهو مانلاحظه مثل الروتين والانغلاق والفوقية
والصرامة وغير ذلك، بينما القيادة التي نقصدها هنا فهي تعني ادارة
البيئة الهيكلية المتكاملة للمؤسسة والتفاعل بين اقسامها وعناصرها
روحيا وعاطفيا وفكريا لتحقيق الاهداف المرسومة، اخذة بالاعتبار واقعها
والبيئة المحيطة بها.
القيادة في جوهرها، ظاهرة اجتماعية تتمثل في مجموعة من العمليات
الاجتماعية التلقائية في مقدمتها حفز الجماعة على العمل وتنشيطها
وتقوية الصلة بين اعضائها من اجل تحقيق التعاون بينهم من اجل بلوغ
الهدف الذي يسعون خلفه. والقيادة سلطة تنبثق من اعضاء الجماعة ويعترف
بها هؤلاء الاعضاء بشكل تلقائي.
والقيادة هي محصلة تفاعل بين عدة متغيرات اجتماعية وثقافية
وسيكولوجية، اهمها الخصائص الشخصية للقائد ونوعية الجماعة واهدافها
وطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة داخلها ونوعية الموقف الذي تبرز
خلاله القيادة. وتعرف القيادة انها القدرة في التاثير في الاخرين
لتحقيق اهداف معينة وقد برز الاهتمام بهذا الموضوع منذ اربعينات القرن
الماضي.
وظهرت عدة نظريات لتفسير القدرات القيادية للبعض واسباب اختلافهم عن
الاخرين.. من هذه النظريات:
نظريات الصفات الشخصية.
النظريات السلوكية.
نظريات الاحتمالية.
وتشير بعض الدراسات الى بروز ونجاح المؤسسات التي يغيب فيها المنحى
الذاتي للقيادة الكاريزمية. حيث يتولى هؤلاء القادة المسؤولية عن اخطاء
المؤسسة، ولكنهم يكافؤون الاخرين لنجاحها.
وحسب الدراسة فانهم صنفوا بالمرتبة العليا للقيادة، التي تتسم بصفات
اساسية وهي القابليات الشخصية ومهارات قيادة الفريق والكفاءة الادارية
والقدرة على حث الاخرين على الاداء المتميز واخيرا البعد الخامس وهو
الشخصية التي تمزج بين التواضع والادارة المهنية.
والقيادة تشجع على العمل الجماعي بروحية الفريق الواحد، مع امكان
التفرد والتميز في العمل الفردي المقدم داخل المؤسسة، والقائد وحده اذا
امتلك شروط القيادة الناجحة والناضجة يستطيع ان يثوّر تلك الافكار
والاعمال ويسيرها نحو الانجاز الجماعي الذي يشترك فيه جميع اعضاء
المؤسسة.. يجب تغيير نظرتنا للعديد من المفاهيم التي تحكم حياتنا
وممارساتنا في العمل، فليس بالضرورة كل مدير هو قائد يستطيع استنفار كل
الطاقات والجهود الفردية في مؤسسته التي يديرها. |