نواب فرنسيون يلتحقون بنواب أوربيين ويعترفون بدولة فلسطين

 

شبكة النبأ: لاشك ان الجهد الدبلوماسي الذي بذله الفلسطينيون بخصوص اقامة دولتهم المستقلة، ساعد في الوصول الى هذا الحلم الذي لا يزال قيد التحقق، فقد تنبّه العالم الاوربي بعد سبات عميق وطيل، الى واقع الفلسطينيين وهم يواجهون التعنت الاسرائيلي بصربر وأناة واصرار على استرداد الحق المغتصَب، وها هم نواب فرنسيون يلتحقون بنواب من دول اوربية اخرى كالسويد وبريطانيا ليعلنو تأييدهم لاقامة دولة فلسطينية، لاسيما اذا بقيت اسرئيل على مواقفها المتعنتة الرافضة لاقامة دولة فلسطينية مستقلة، والعالم كله تابه سياسية التسويف الاسرائيلية والتملص من الاتفاقات، فضلا عن اصرارها العقيم على بناء مشاريع استيطانية مرفوضة في القدس الشرقية. الامر الذي يعد عائقا كبيرا ازاء التوصل الى اتفاق نهائي، يخلص المنطقة من صراع دام عشرات السنوات ودوامة عنف اكلت ملايين الارواح.

فقد صوت النواب الفرنسيون مؤخرا بغالبية 339 صوتا مقابل 151 على قرار يدعو الحكومة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك بعد مذكرة تقدم بها "الحزب الاشتراكي" الحاكم. ورحبت السلطة الفلسطينية بالقرار، وقال وزير الخارجية رياض المالكي: "نرحب بقرار البرلمان الفرنسي (...) ونقدر ونشكر البرلمان الفرنسي والشعب الفرنسي على هذا القرار". وتبنى النواب الفرنسيون ظهر الثلاثاء بغالبية 339 صوتا مقابل 151 وامتناع 16 عن التصويت، قرارا يدعو الحكومة إلى الاعتراف بدولة فلسطين "بغية التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع" الفلسطيني-الإسرائيلي.

ويأتي تصويت النواب الفرنسيين بعد مبادرات مماثلة قام بها نظراؤهم البريطانيون والأسبان، حيث دعا النواب بالمثل حكومتيهما إلى "الاعتراف بدولة فلسطين بغية التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع". وإن كانت مبادرة النواب الفرنسيين لا تلزم الحكومة في أي من الأحوال إلا أنها تندرج في سياق توجه أشمل في أوروبا يعتبر الاعتراف وسيلة ضغط من أجل تحريك عملية السلام المتعثرة وإنقاذ الحل القائم على دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب والذي يهدده استمرار وتكثيف الاستيطان الإسرائيلي وفشل المفاوضات التي جرت برعاية أمريكية وانتشار أعمال العنف الدامية. غير أن المعارضة الفرنسية، وهي مؤيدة لمبدأ قيام دولة فلسطينية، شككت في صوابية مثل هذه المبادرة في ظل وضع متدهور وحذرت من تصدير النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إلى فرنسا التي تؤوي أكبر مجموعتين يهودية وفلسطينية في أوروبا.

ترحيب فلسطيني وانتقاد اسرائيلي

واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان أن تصويت البرلمان الفرنسي "سيبعد فرصة التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين". وترى الدولة العبرية أن الاعتراف بدولة فلسطين قبل تسوية النزاع سيكون "خطأ فادحا" و"قرارا أحاديا" لا يمكن سوى أن يدفع الوضع إلى التفاقم. وفي رام الله، رحبت الرئاسة الفلسطينية بتصويت الجمعية الوطنية الفرنسية، باعتباره "خطوة شجاعة، ومشجعة وفي الاتجاه الصحيح ويخدم ويعزز مستقبل مسيرة السلام في فلسطين والمنطقة، لصالح حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود العام 1967". وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: "نرحب بقرار البرلمان الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطين"، مضيفا: "إننا نأمل أن تشكل هذه الخطوة تحفيزا لبقية البرلمانات في أوروبا للقيام بذات الخطوة الإيجابية التي قام بها برلمان فرنسا". ودعا المالكي "الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بدولة فلسطين بأسرع وقت ممكن وأن تلتزم بقرار البرلمان وإرادة الشعب الفرنسي الصديق". وفي حين تعترف معظم الدول النامية بفلسطين كدولة لا تعترف بها معظم دول أوروبا الغربية وتدعم الموقف الإسرائيلي والأمريكي الذي يرى أن قيام دولة فلسطينية مستقلة يجب أن يتم من خلال المفاوضات مع إسرائيل. لكن الدول الأوروبية تشعر بخيبة أمل متزايدة تجاه إسرائيل التي تواصل بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة التي يريدها الفلسطينيون لدولتهم منذ انهيار آخر جولة من المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة في أبريل نيسان. ويقول الفلسطينيون إن المفاوضات فشلت ولا خيار امامهم سوى مواصلة الدفع من جانب واحد باتجاه إقامة دولة كما اوردت رويترز. وفي أكتوبر تشرين الأول أصبحت السويد أبرز دولة غربية أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية كما أجرت البرلمانات في اسبانيا وبريطانيا وأيرلندا تصويتا دعمت فيها قرارات غير ملزمة لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية. وفي مقابلة مع صحيفة ليزيكو دافع رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين عن هذه الخطوة. وتساءل لوفين "ما الذي يسير بشكل سليم في الخطة الحالية؟ حان الوقت لكي نقوم بشيء مختلف. نريد أن نجعل التوازن أقل تفاوتا بين الجانبين." وعارضت إسرائيل بشدة مثل هذه التحركات. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التصويت الفرنسي بأنه "خطأ جسيم".

الاعتراف لتسريع الحل

والخطوة الفرنسية التي اقترحها الحزب الاشتراكي الحاكم وتدعمها الأحزاب اليسارية وبعض المحافظين تطالب الحكومة "باستخدام الاعتراف بدولة فلسطينية بهدف حل الصراع بشكل نهائي". وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للبرلمان إن الحكومة ليست ملزمة بنتيجة التصويت. لكنه قال إن الوضع الراهن غير مقبول وإن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية بدون التوصل الى تسوية عن طريق التفاوض إذا فشلت المحاولة الدبلوماسية الأخيرة. ودعم فابيوس إطارا زمنيا لمدة عامين لاستئناف واختتام المفاوضات. وقال فابيوس "إذا فشل هذا المسعى الأخير في التوصل إلى حل عن طريق التفاوض فسيكون لزاما على فرنسا أن تقوم بما يلزم للاعتراف دون تأخير بالدولة الفلسطينية." وشكل التصويت في باريس ضغطا سياسيا على الحكومة الفرنسية لتقوم بدور أكثر فاعلية إزاء القضية. وأظهر استطلاع رأي اجري في الآونة الأخيرة أن ما يربو على 60 بالمئة من الفرنسيين يدعمون إقامة الدولة الفلسطينية.

وبعد نظرائهم البريطانيين والاسبان، دعا النواب الفرنسيون حكومتهم الى "الاعتراف بدولة فلسطين بغية التوصل الى تسوية نهائية للنزاع". والقرار طرحه نواب من الغالبية الاشتراكية وترى الدولة العبرية ان الاعتراف بدولة فلسطين قبل تسوية النزاع "قرارا احاديا" لا يمكن سوى ان يدفع الوضع الى التفاقم. وكانت اسرائيل نددت في تشرين الاول/اكتوبر بقرار السويد، الدولة ال135 التي اعترفت رسميا بدولة فلسطين. وان كانت مبادرة النواب الفرنسيين لا تلزم الحكومة في اي من الاحوال الا انها تندرج في سياق توجه اشمل في اوروبا يعتبر الاعتراف وسيلة ضغط من اجل تحريك عملية السلام المتعثرة وانقاذ الحل القائم على دولتين اسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب. وشدد الخطباء الاشتراكيون خلال مناقشة في الجمعية الوطنية على ضرورة التحرك حيال "وضع قائم لا يحتمل" و"المازق التام" الذي وصل اليه الوضع في الشرق الاوسط بعد عشرين عاما على اتفاقات اوسلو، مع استمرار الاستيطان وفشل المفاوضات التي جرت برعاية اميركية وانتشار اعمال العنف الدامية.

غير ان المعارضة المؤيدة لمبدأ قيام دولة فلسطينية شككت في صوابية مثل هذه المبادرة في ظل وضع متدهور وحذرت من تصدير النزاع الاسرائيلي الفلسطيني الى فرنسا التي تؤوي اكبر مجموعتين يهودية وفلسطينية في اوروبا. واكد وزير الخارجية لوران فابيوس مرة جديدة الجمعة امام النواب ان باريس ستعترف بدولة فلسطين بدون الالتزام بمهلة من اجل ذلك. وقال "اذا فشلت جهود (التفاوض) عندها يتوجب على فرنسا ان تتحمل مسؤولياتها عبر الاعتراف بدون ابطاء بدولة فلسطين". وتريد اسرائيل ان تكون في طليعة الجهد الدبلوماسي في هذا الملف واطلق فابيوس من جديد فكرة تنظيم مؤتمر دولي حول الشرق الاوسط بدون ان يحدد تاريخا لذلك او اي تفاصيل حول المشاركين فيه. غير ان الرهانات الدبلوماسية تتركز الان في الامم المتحدة حيث يعتزم الفلسطينيون طرح نص على مجلس الامن يطالب بوضع حد للاحتلال الاسرائيلي في تشرين الثاني/نوفمبر 2016.

عقبة الفيتو الامريكي

ومن المرجح ان يصطدم هذا المشروع المدعوم من الجامعة العربية بفيتو اميركي وحذرت السلطة الفلسطينية من انه في حال الفشل فسوف تلجا الى اخر حل دبلوماسي لديها وهو طلب الانضمام الى المنظمات الدولية ومن بينها محكمة الجنايات الدولية ، ما سيسمح لها بطلب مباشرة ملاحقات بحق المسؤولين الاسرائيليين بعد ثلاثة حروب دامية شنتها اسرائيل على قطاع غزة خلال السنوات الست الاخيرة. وكشف فابيوس ان باريس تعمل مع شركائها الاوروبيين على مشروع بديل يطالب باستئناف عملية السلام غير انه يعمل على تفادي الوقوع في "فخ مفاوضات لا نهاية لها". واعلن للمرة الاولى ان فرنسا تؤيد جدولا زمنيا مدته سنتين طبقا لما تنص عليه المبادرة الفلسطينية. وقال "يتعين تحديد جدول زمني، لانه بغياب جدول زمني، لن يكون بالامكان اقناع احد بان الامر ليس مجرد عملية جديدة كسواها بدون فرص حقيقية" للنجاح. فيما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للبرلمان "إذا فشل هذا المسعى الأخير في التوصل إلى حل عن طريق التفاوض فسيكون لزاما على فرنسا أن تقوم بما يلزم للاعتراف دون تأخير بالدولة الفلسطينية. نحن مستعدون." وقال فابيوس للنواب إنه في حال تأييدهم للاقتراح فإن ذلك لن يغير موقف باريس الدبلوماسي على الفور. لكنه أضاف أنه بعد اتخاذ خطوات مماثلة في السويد وبريطانيا وأيرلندا وأسبانيا لن يكون بوسع فرنسا أن تتجاهل الصراع "الممتد" الذي يصب في صالح المتطرفين. وقال فابيوس "هناك حاجة للدعم.. سيقول البعض ضغوط من المجتمع الدولي لمساعدة الجانبين على اتخاذ الخطوة الأخيرة باتجاه السلام."

وانهارت في أبريل نيسان الماضي أحدث جولة من الجهود الرامية لتنفيذ حل الدولتين. ولا يرى الفلسطينيون فرصة تذكر إلا من خلال الدفع من جانب واحد باتجاه إقامة دولة. وقال فابيوس إن فرنسا تعمل لاستصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي باستئناف المفاوضات واختتامها في غضون عامين. وكان دبلوماسيون قد قالوا إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تعد نصا يمكن الإسراع فيه إذا تم طرح قرار منفصل صاغه الفلسطينيون ويدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بحلول نوفمبر تشرين الثاني 2016. وقال الوزير الفرنسي "لابد أن نحدد إطارا زمنيا وإلا فكيف سنقنع أحدا بأنها لن تكون مجرد عملية أخرى؟"

مؤتمر دولي ودوامة عنف

واقترح عقد مؤتمر دولي بالتوازي مع القرار يحضره اللاعبون الإقليميون: الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والقوى الكبرى. ولم يحدد عند أي مرحلة يمكن أن تقرر فرنسا دعم قيام دولة فلسطينية لكن دبلوماسيا قال إن هذا قد يحدث في أي وقت إذا شعرت فرنسا أن المفاوضات فشلت نهائيا. وفرنسا لا تصنف فلسطين كدولة لكنها أيدت عضويتها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ووضعها كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.

وفي سياق متصل حذر سفير إسرائيل في فرنسا من اندلاع أعمال عنف على أراضيها في حال تصويت النواب لصالح مشروع قانون اشتراكي حول الاعتراف بدولة فلسطين. اعتبر سفير إسرائيل في فرنسا يوسي غال أمام جمعية الصحافة الدبلوماسية الفرنسية أن تصويت النواب الفرنسيين على مشروع قرار تقدم به الاشتراكيون حول الاعتراف بدولة فلسطينية قد "يفاقم الوضع" ويفضي إلى أعمال عنف في فرنسا. وقال غال "أنها مبادرة سيئة بالنسبة إلى المجموعة اليهودية الفرنسية. وهذا الاعتراف من قبل نواب فرنسيين لن يساهم سوى بتفاقم الوضع".

وأضاف غال أن مثل هذا التصويت "قد يفضي إلى دوامة جديدة من العنف ضد إسرائيل والإسرائيليين. لكنه سيكون أخطر على فرنسا ومواطنيها. وكما شاهدنا هذا الصيف دوامة العنف هذه قد تنتقل مجددا إلى فرنسا" في إشارة إلى الحوادث والأعمال المعادية للسامية التي وقعت خلال تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين خصوصا في المنطقة الباريسية. ويدعو مشروع القرار "الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بدولة فلسطين استعدادا لحل نهائي للنزاع" ويرى أن "حل الدولتين الذي روجت له فرنسا والاتحاد الاوروبي يفترض الاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل".

من جهته، طالب كرستيان استروزي، وهو نائب من حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" المعارض، وقف أعمال الجمعية بحجة أن الحكومة هي الوحيدة المخولة لمناقشة قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية، إلا أن رئيس البرلمان رفض ذلك. وتساءل زميله في الحزب اليميني بيار لولوش، هل المبادرة التي اتخذها "الحزب الاشتراكي" ستقوم بتهدئة الأوضاع في فرنسا؟ وأجاب: "طبعا لا"، مضيفا: "لست ضد دولة فلسطينية، لكن الظروف السياسية الحالية غير ملائمة. وأي اعتراف بهذه الدولة يعني الاعتراف بشكل غير مباشر بالإرهاب والعنف كوسيلة للتوصل إلى ذلك". وواصل بصوت عال: "اليوم يطلبون منا أن نعترف بالدولة الفلسطينية، غدا سيطلبون أن نعترف بالصحراء الغربية وبحركات أخرى". من جهتها، قالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الفرنسية، الاشتراكية إليزابيث غيغو، إن على فرنسا أن تسمع صوتها للعالم وأن تقول "لا للكراهية ونعم للسلام بين الشعبين، ولدولة فلسطينية آمنة تعيش بجانب إسرائيل"، مشيرة إلى أن فرنسا مستعدة لاستضافة مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط.

وإلى ذلك، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بعد 25 سنة من المفاوضات العقيمة، أصبح الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضرورة وهذا لتمكين إسرائيل أن تتطور اقتصاديا وبشكل آمن. وقال فابيوس في ختام المناقشة: "فرنسا مستعدة لتنظيم مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط. نحن نساند المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، لكننا نرفض أن تطول إلى الأبد أو أن تتحول إلى طريقة لتسيير الأزمة". ودعا فابيوس الدول الأوروبية والعربية إلى تقديم الدعم لبلاده من أجل التوصل إلى حل نهائي يقضي بإنشاء دولتين على أرض واحدة، محذرا في الوقت نفسه أن في حال لم تفض المحادثات إلى حل نهائي، ففرنسا ستأخذ مسؤولياتها وتعترف بالدولة الفلسطينية".

وعارض وزير الخارجية الفرنسي كل الذين يقولون بأن اعتراف بالدولة الفلسطينية سيجلب العنف إلى فرنسا، بحجة أن موقف فرنسا موقف عادل وإيجابي". وأنهى فابيوس كلامه قائلا: "نحن نرفض مجرد الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل رمزي، بل نريد أن تصبح فلسطين دولة حقيقية قائمة بذاتها، لها مؤسساتها وتعيش إلى جانب إسرائيل وفق حدود 1967، وتكون عاصمتها القدس". وأعلن عن دولة فلسطين في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 بالجزائر إثر اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني بحضور الرئيس الراحل ياسر عرفات. ومهدت هذه المبادرة الطريق إلي اعتراف العديد من الدول، العربية والأفريقية. وتلت بعد ذلك اعترافات أخرى للدولة الفلسطينية من قبل دول أمريكا اللاتينية أبرزها البرازيل وفنزويلا قبل أن تسلك بعض البلدان الأوربية، مثل أسبانيا والسويد ورومانيا وبريطانيا واليونان، نفس الطريق. واعترف بدولة فلسطين أكثر من 120 بلدا، وهي تتمتع بصفة عضو مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.

ألمانيا تعارض الاعتراف

من جانب آخر رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فكرة اعتراف ألمانيا من جانب واحد بفلسطين كدولة قائلة إن الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنهم فقط حل الصراع المستمر منذ فترة طويلة من خلال المفاوضات. وقالت ميركل في مؤتمر صحفي في برلين بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل إن الهدف ينبغي أن يكون اتفاق الجانبين على حل الدولتين - إسرائيل وفلسطين في المستقبل - تتعايشان جنبا إلى جنب. وأضافت "بالتالي من وجهة نظرنا فإن اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية لا يدفعنا قدما على طريق حل الدولتين."

من جانبه قال ميشيل إن بلجيكا تفضل بشكل عام الاعتراف بفلسطين كدولة. وأضاف "لكن السؤال هو متى يحين الوقت الملائم؟" وأكد على الحاجة إلى موقف مشترك للاتحاد الأوروبي. ولأن الدول الأعضاء الثمانية والعشرين في الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى اتخاذ قرار بالإجماع للاعتراف بدولة فلسطين فإن اعتراض ميركل يرقى إلى حد اعتباره (فيتو) على هذه الخطوة. وكان المشرعون الاسبان قد دعوا حكومتهم للاعتراف بفلسطين. وتكررت مثل هذه الخطوة الرمزية -التي جاءت بدعم من كافة الجماعات السياسية في مجلس النواب الاسباني- في بريطانيا وايرلندا الشهر الماضي. واعترفت حكومة السويد الشهر الماضي رسميا بدولة فلسطين وعبرت وزيرة الخارجية مارجوت فالستروم عن أملها في أن تنشط هذه الخطوة الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. واستدعت إسرائيل سفيرها للتشاور وقالت إن قرار السويد يأتي بنتائج عكسية ويضر بآفاق المفاوضات المستقبلية في حين لاقت الخطوة اشادة من الفلسطينيين الذين دعوا الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوه.

ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقلة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لهم. واحتلت إسرائيل المناطق الثلاث في حرب 1967 لكنها انسحبت من قطاع غزة في 2005. ولم تحقق جهود استمرت لسنوات نحو حل الدولتين تقدما يذكر وانهارت آخر محاولة للمفاوضات في أبريل نيسان. ولا يرى الفلسطينيون الآن خيارا سوى الضغط من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد. وتعترف 135 دولة بفلسطين بالفعل بينها عدد من دول شرق أوروبا التي فعلت ذلك قبل انضمامها للاتحاد الأوروبي.

مقترح اسرائيلي جديد

اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان منح حوافز مالية لسكان إسرائيل من العرب للانتقال إلى دولة فلسطينية مستقبلية. وسبق أن تحدث ليبرمان الذي يمثل حزبه اليميني المتطرف جزءا أساسيا في الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن إعادة ترسيم الحدود لكنه لم يتحدث عن استخدام حوافز لتشجيع العرب على النزوح إلى دولة فلسطينية. وجاءت مقترحاته في بيان نشر وسط تزايد التوقعات بأن إسرائيل ربما تضطر لإجراء انتخابات مبكرة في الشهور المقبلة في ظل الخلافات الموجودة في ائتلاف نتنياهو. وليس من المقرر إجراء الانتخابات قبل عام 2017. وقال ليبرمان وهو من أشد الأصوات المؤيدة لفصل اليهود عن العرب إنه ينبغي تشجيع الفلسطينيين الذين يعيشون في يافا وعكا -وهما مدينتان يعيش فيهما فلسطينيون ويهود تطلان على البحر المتوسط بعيدا عن الضفة الغربية - على الانتقال إذا أرادوا ذلك. وكتب في البيان الذي حمل عنوان "السباحة ضد التيار" ونشر في صفحته على فيسبوك وفي موقع حزبه على الانترنت متحدثا عن العرب الاسرائيليين "هؤلاء الذين يقررون أن هويتهم فلسطينية يمكنهم التخلي عن الجنسية الإسرائيلية والانتقال ليصبحوا مواطنين في دولة فلسطينية مستقبلية." وتابع "بل ينبغي على إسرائيل أن تشجعهم على عمل ذلك بنظام من الحوافز الاقتصادية."

وكانت قد انهارت آخر جولة من المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين في أبريل نيسان. ويريد الفلسطينيون إقامة دولتهم في الضفة الغربية وغزة وتكون القدس الشرقية عاصمة لها. وسبق ان دعا ليبرمان عرب إسرائيل الذين يشكلون 20 في المئة من السكان وعددهم ثمانية ملايين للإدلاء بقسم ولاء إذا أرادوا البقاء في إسرائيل وهو إجراء رفضه نتنياهو آنذاك. لكن نتنياهو يؤيد الان مشروع قانون مثير للجدل سيعرف إسرائيل بأنها دولة الشعب اليهودي وسيرسخ حقوق اليهود. ويقول منتقدون إن القانون هو تمييز ضد عرب إسرائيل وسيضع الدين والعرق فوق الديمقراطية. ويأتي مشروع القانون في وقت تزداد فيه التوترات في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة والقدس حيث يدور نزاع حول دخول الحرم القدسي الشريف مما فجر احتجاجات في الشوارع الفلسطينية وهجمات عنيفة ضد اليهود. وأظهر استطلاع أجري في 2010 - بعد ان ألقى ليبرمان كلمة في الأمم المتحدة حدد خلالها خططا لإعادة ترسيم حدود دولة فلسطينية مستقبلية لتضم بلدات عربية إسرائيلية - أن 58 في المئة من عرب إسرائيل يعارضون الفكرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/كانون الأول/2014 - 11/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م