نيكولا ساركوزي.. وحلم العودة الى كرسي الرئاسة

 

شبكة النبأ: الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي الذي هزم في انتخابات 2012 امام المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند، عاد اليوم إلى الساحة السياسية سعيا منه لاستعادة منصب رئيس حزبه الاتحاد من أجل حركة شعبية، ليحاول بذلك استخدامه للعودة إلى الرئاسة الفرنسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2017. ويرى بعض المراقبين ان ساركوزي وبعودته المفاجئة، ربما سيواجه الكثير من التحديات والمصاعب، خصوصا مع وجود بعض الملفات السياسية والاقتصادية المعقدة التي تعاني منها فرنسا، هذا بالإضافة الى الملف القضائي الذي قد يؤثر بشكل سلبي على مسيرة ساركوزي السياسية، والذي سيستخدم كسلاح اسقاط مهم من قبل الخصوم وفي هذه الحرب الانتخابية.

ويواجه ساركوزي ايضا تحدي تحريك حزب مشتت يعاني من حرب داخلية و منافسة شديدة بين الاعضاء من اجل الفوز بالسلطة، وكان ساركوزي تولى رئاسة الاتحاد من اجل حركة شعبية لثلاث سنوات، وبفضل حصوله على اكثر من 85% من الاصوات في 2004 نجح في الوصول الى قصر الاليزيه في 2007. يضاف الى ذلك صعوبة استمالة الناخب الفرنسي خصوصا وان ثلث الناخبين، وبحسب بعض الاستطلاعات الخاصة قد اكدوا ان عودته الى الحكم ستكون فاشلة.

وتواجه آمال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في الترشح لخوض سباق الرئاسة عام 2017 أول اختبار حاسم عندما يصوت أعضاء حزبه المحافظ الاتحاد من أجل الحركة الشعبية لانتخاب زعيم جديد له. وساركوزي وكا تشير بعض التقارير هو الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس الحزب. لكن الرئيس السابق يعرف أنه يحتاج إلى الفوز بفارق كبير لمنع منافسيه داخل الحزب من السعي فيما بعد لمنافسته على بطاقة الترشح للرئاسة.

وقال جان دانييل ليفي من مركز هاريس انتراكتيف لاستطلاع الآراء "قد يرى الاخرون داخل حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية أن هناك فرصة إذا حصل ساركوزي على أقل من 70 في المئة." ومع تراجع شعبية أولوند إلى مستويات قياسية في استطلاعات الرأي بسبب زيادة الضرائب والاخفاق في التعامل مع البطالة قد تتزايد فرص المعارضين من المحافظين.

لكن حزب ساركوزي يعاني منذ فترة طويلة من خلافات على الزعامة وواجه تحقيقا قانونيا في مزاعم عن مخالفات في التمويل فيما انجذب بعض مؤيديه نحو حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان. ويسعى ساركوزي إلى الحصول على تأييد الناخبين المحافظين القلقين بشأن التعددية الثقافية لفرنسا حيث توجد أكبر جالية مسلمة في دول الاتحاد الاوروبي. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق الان جوبيه (69 عاما) أنه سيخوض المنافسة على الفوز ببطاقة الحزب للترشح للرئاسة بغض النظر عن نتيجة التصويت لاختيار زعيمه.

ساركوزي الجديد

 من جانب اخر و في مقابلة تلفزيونية، حاول الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أن يقنع الفرنسيين بأنه تغير إلى الأحسن وأن كل ما يريده، هو مساعدة فرنسا للخروج من أزمتها. وأكد أن الملفات القضائية التي تطارده لن تؤثر عليه كونها ملفات "فارغة". فيما انتقد فرانسوا هولاند، واصفا إياه بالرجل الذي كذب على الفرنسيين. والرئيس الفرنسي السابق، الذي فشل في الانتخابات الرئاسية في 2012 أمام فرانسوا هولاند، أكد عزمه على إعادة بناء حزبه السياسي "الاتحاد من أجل حركة شعبية" وتوسيعه إلى الوسط ليشمل كل العائلة اليمينية المعتدلة.

وبشأن أسباب عودته، قال ساركوزي: "لا أعتقد أن هناك رجل يمكن أن ينقذ بمفرده فرنسا. فرنسا بلدي وأحبها وهي دائما في أعماقي. لقد شاهدت فرنسا لمدة سنتين ونصف ورأيت كيف تدهورت وكيف فقدت الأمل. وبالتالي ليس لدي الرغبة في العودة إلى السياسة فقط، بل هذا واجب علي ". وعلل ساركوزي فشله في 2012 كونه كان يريد أن يفرض نفسه على الآخرين وكان يرفض تقاسم السلطة، معترفا أنه ارتكب أخطاء كثيرة خلال عهدته السياسية.

وانتقد الرئيس فرانسوا هولاند واتهمه بعدم احترام الوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية في 2012 موضحا أن ما قام به هولاند طيلة السنتين الماضيتين هو تدمير كل ما بناه، ما أدى إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بمليون شخص. "فرانسوا هولاند أطلق أكاذيب كثيرة خلال حملته الانتخابية ولم يف بوعوده، بل قام بالعكس".

وحول مشروعه السياسي، أكد ساركوزي أنه لم يعد إلى السياسية بهدف الترشح للانتخابات الرئاسية في 2017، بل لخلق الظروف الملائمة من اجل تمكين عائلته السياسية من العودة إلى السلطة"، موضحا أن الفرنسيين تعبوا من النقاشات "العقيمة" بين اليسار واليمين، وما يحتاجونه هو تجمع كبير، لا يأخذ بعين الاعتبار الانتماءات السياسية، لأن هذا التجمع هو الكفيل بإخراج فرنسا من الأزمة التي تعيشها.

وبخصوص المرشحين الآخرين لخوض غمار الانتخابات التمهيدية لتولي منصب رئيس حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، لم يتحدث ساركوزي سوى عن شخصين، وهما آلان جوبيه وفرانسوا فيون، حيث أكد أنه يحتاج إليهما في المعارك المستقبلية". وفيما يتعلق بخطه السياسي "الجديد"، تساءل ساركوزي هل يمكن أن يغير الأشياء اليوم؟

فأجاب: "نعم شريطة أن نفهم كيف يسير عالم اليوم". وعاد ليؤكد أن السياسية الاقتصادية المتبعة منذ سنتين ليست سياسة جيدة، داعيا في الوقت نفسه إلى تخفيض النفقات الاجتماعية بشكل كبير وتخفيض أيضا الضرائب المفروضة على الشركات لتمكينها من خلق فرص عمل جديدة. وتساءل ساركوزي عن جدية مناصب الشغل التي تم خلقها في قطاع التربية -حوالي 60 ألف منصب بحلول 2017.

هذا وتوالت ردود الفعل السياسية عقب تصريحات ساركوزي حيث قال إيرفيه موران، وهو مرشح لرئاسة حزب "الاتحاد الديمقراطي الحر" أن الفرنسيين لا يرغبون أن يتابعون من جديد النقاشات القديمة التي جمعت بين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، بل يتطلعون إلى شيء جديد وأحسن"، مشيرا أن هدفه الوحيد هو بناء حزب وسطي معتدل يحترم كل الحساسيات السياسية ولا يذوب بداخل حزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية"".

وفي الحزب الاشتراكي، انتقد بول ماري لوغوان، كاتب الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، تصريحات ساركوزي قائلا: "ساركوزي تحدث كثيرا عن نفسه. قبل أن يقدم دروسا للناس، عليه قبل كل شيء أن يتحدث عن حصيلته الاقتصادية عندما كان رئيسا للبلاد". وأضاف:" ساركوزي يدعي أنه يوحد الفرنسيين، لكن في الحقيقة هو الذي فرق مناضلي حزبه. في الحقيقة لم ينس النكسة الانتخابية التي مني بها في 2012 وهذا سيخلق له مشاكل كبيرة ولن يتمكن من توحيد كل الفرنسيين". بحسب فرانس برس.

 أما بالنسبة لنائب رئيس "الجبهة الوطنية"، حزب اليمين المتطرف، فلوريان فليبو، فهو يعتقد أن صفحة ساركوزي طويت إلى الأبد وأن نيكولا ساركوزي ينتمي الآن إلى الماضي. وقال: "عودة ساركوزي إلى السياسة لا يشكل خبرا بالنسبة لنا لأنه في الحقيقة لم يترك أبدا السياسة". ربما هذه العودة تشكل خبرا لبعض الفرنسيين المقربين منه، لكن بالنسبة للغالبية ساركوزي هو رجل الماضي رجل الأكاذيب والوعود المعلقة. الفرنسيون ينتظرون أفكارا جديدة. صفحة ساركوزي طويت للأبد".

ساركوزي والهجرة

الى جانب ذلك اعتبر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي خلال تجمع انتخابي بمدينة "نيس" (جنوب شرق فرنسا) أن "الهجرة تهدد طريقة عيش الفرنسيين". وقال أمام جمع غفير من المناصرين: "الفرنسيون يريدون العيش في فرنسا ويرفضون أن تشبه بلادهم (فرنسا) ببلد آخر"، مضيفا: "نحن مستعدون لاستقبال الآخرين، لكن لا نريد أن نغير نمط معيشتنا وثقافتنا ولغتنا".

وأضاف ساركوزي: "علينا أن ندافع بقوة عن قيمنا المهددة من قبل الإسلام المتطرف الذي يحاول أن يزرع الرعب في الغرب"، مشيرا إلى أن الذين يدعون إلى الكراهية وإلى عدم احترام الآخرين لا مكان لهم على أرض الجمهورية". كما أكد ساركوزي أن رفض النقاش حول الهجرة يعني تشجيع عنصر الخوف، موضحا أنه بات من المستحيل دمج المهاجرين طالما لم يتم القضاء على الهجرة غير الشرعية ولم نقلص من نسبة الهجرة الشرعية". وتابع: "إن على المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين في فرنسا أن يعودوا إلى بلدانهم الأصلية، فيما دعا المسؤولين السياسيين الفرنسيين إلى الحفاظ على التوازنات الاجتماعية الفرنسية".

وبخصوص قرار الرئيس هولاند القاضي بتقليص المساعدات الاجتماعية المقدمة للعائلات الفرنسية، ندد ساركوزي بهذا القرار ووصفه "بالتعسفي". وقال: "لا يمكن أن أتقبل مثل هذا القرار "التعسفي" الذي يضعف من القدرة الشرائية للعائلات الفرنسية في وقت تمر فيه فرنسا بأزمة اقتصادية خانقة". وتساءل: "إلى أين تأخذنا الحكومة الاشتراكية؟". وإلى ذلك، دعا ساركوزي إلى "ترك الدين في المنزل" وإلى احترام مبدأ العلمانية وقوانين الجمهورية الفرنسية، ودافع عن ضرورة تقديم نفس الوجبة الغذائية لجميع التلاميذ في المدارس، مهما كانت ميولهم الدينية أو أصولهم. كما انتقد أيضا طريقة لباس بعض الفرنسيات، وهو يقصد بالخصوص النقاب، مشيرا أن الفرنسيين لهم تقاليدهم الخاصة ويجب بالتالي احترامها وعدم المساس بها". بحسب فرانس برس.

وبشأن الصراع السياسي بينه وبين خصومه في معركة رئاسة الحزب، قال ساركوزي إن السياسية تشبه أنبوبة معجون الأسنان. فإذا كان من السهل فتح الأنبوبة لإخراج المعجون، فإنه من الصعب جدا إدخال المعجون مجددا داخلها". ويسعى ساركوزي إلى إقناع مناصري حزب اليمين بأنه الأجدر لقيادة حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" المعارض، ما جعله ينظم عدة لقاءات شعبية لشرح برنامجه السياسي والاقتصادي. وتشير استطلاعات للرأي بفوز ساركوزي بمنصب رئيس الحزب أمام منافسيه برينو لومير وهيرفيه ماريتون.

قرار قضائي

من جانب اخر علق القضاء الفرنسي التحقيق الذي أدى إلى توجيه التهمة إلى الرئيس السابق نيكولا ساركوزي منذ تموز/يوليو في قضية فساد في انتظار قرار حول طلب إلغاء التهم الذي قدمه، وذلك بعد أيام على إعلان عودته إلى الحياة السياسية. وهذا القرار الصادر عن رئيسة غرفة التحقيق لا يتطلب توضيح مبرراته وغير قابل للمراجعة، بحسب ما أفاد مصدر قريب من الملف لوكالة الأنباء الفرنسية. وهو يبقي على وضع ساركوزي كمتهم.

وبموجب هذا القرار، سيكون على المحققين تعليق كل تحقيقاتهم حتى تبت محكمة الاستئناف في طلبي إلغاء المحاكمة اللذين تقدم بهما ساركوزي ومحاميه تييري هرزوغ، المتهم أيضا. وقد تستغرق هذه الإجراءات أشهرا. ويعترض الرجلان على شرعية التنصت على مكالماتهما الهاتفية الذي أدى إلى اتهامهما بالفساد. وقد وجهت إلى الرئيس السابق تهم انتهاك أسرار مهنية وفساد واستغلال نفوذ بشكل فعلي، إثر توقيفه لحوالي 15 ساعة في مطلع تموز/يوليو، على ذمة التحقيق في مكاتب دائرة مكافحة الفساد في سابقة بالنسبة لرئيس سابق في فرنسا. بحسب فرانس برس.

ويهتم القضاء بحسابات حملته عام 2012 بعد اعترافات أدلى بها مساعد مدير الحملة الرئاسية سابقا جيروم لافريلو بتجاوز سقف الأموال المحدد لحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية". وإلى جانب الملف الليبي يحقق القضاة بشرعية عقود مبرمة بدون استدراج عروض بين الإليزيه وتسعة مؤسسات استطلاع في ظل رئاسة ساركوزي بينها شركة يملكها أحد مستشاريه السابقين باتريك بويسون.

استطلاع للرأي

في السياق ذاته لم يعد نيكولا ساركوزي من بين المرشحين المفضلين لدى الفرنسيين لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في مايو/أيار 2017 . هذا ما أظهره استطلاع للرأي أجراه معهد " إيفوب" لصالح أسبوعية " لوجورنال دو ديمونش" الذي أشار أن أربعة فرنسيين من أصل عشرة ضد فكرة عودة نيكولا ساركوزي لتولي منصب رئيس حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية المعارض أو خوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2017.

نفس الاستطلاع أظهر للمرة الأولى أن وزير الخارجية السابق ألان جوبيه ورئيس الحكومة السابق فرانسوا فيون، الذين يعتبران من أبرز المنافسين لساركوزي ، يحضيان بثقة كبيرة من طرف الفرنسيين. و يبدو أن المشاكل القضائية التي يلاحق فيها ساركوزي وتلك التي يمر بها حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية المعارض جعلته يتراجع في التصنيف المخصص للشخصيات السياسية اليمينية المرشحة للعب الأدوار الرئيسية خلال المواعيد السياسية المقبلة.

لكن عندما يتعلق الأمر بمناضلي حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، فأظهر نفس الاستطلاع أن 78 بالمائة منهم يساندون فكرة مشاركة ساركوزي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما يرى 68 بالمائة بشكل ايجابي تولي ساركوزي منصب رئيس حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية للمرة الثانية. بحسب فرانس برس.

ويرى فريدريك دابي، نائب مدير عام حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، أن ساركوزي لا يحضا بإجماع كامل كما كان في السابق لدى أنصار هذا الحزب لتولي منصب الرئيس، بل أصبح يواجه منافسة قوية من طرف ألان جوبيه و فرانسوا فيون. وفي سياق متصل، أظهر استطلاع أخر أجري لحساب قناة " أي تيلي" وصحيفة " لو باريزيان أوجوردوي" بعد التهم التي وجهت لساركوزي من طرف القضاء أن 65 بالمائة من الفرنسيين لا يرغبون في ترشح الرئيس الفرنسي السابق لكن 70 بالمائة منهم أبدوا اعتقادهم أنه سيفعل ذلك.

وإذا كان أنصار اليسار لا يرغبون في ترشح ساركوزي لولاية جديدة ب92 بالمائة، فإن 78 بالمائة من انتصار اليمين يؤيدون هذا الأمر. والظاهر أن كل المؤشرات تدل على أن نيكولا ساركوزي سيعود إلى الحياة السياسية خلال الدخول السياسي المقبل وذلك رغم التهم الموجهة له من طرف القضاء الفرنسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/تشرين الثاني/2014 - 7/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م