ايران: حكومة الإصلاحيين تتهاوى امام جدار المتشددين

 

شبكة النبأ: غالبا ما تتعرض حكومة روحاني (الإصلاحي) لانتقادات لاذعة من جانب المتشددين (المحافظين)، وقد اصطدم التياران في أكثر من موقف، كانت الغلبة فيه للمحافظين على حساب الإصلاحيين، الذين يرون فيهم تهديد فعلي لسيطرتهم على اغلب مفاصل الدولة، وتحكمهم بالاقتصاد والرقابة على الحياة العامة والجيش وغيرها، وحاول روحاني تخفيف بعض القيود الداخلية والخارجية، التي اضرت بمكانة ايران، كما بين في خطبة التي القاها قبل وبعد انتخابه كرئيس لجمهورية ايران بأغلبية ساحقة على حساب المحافظين، وكانت أولى الخطوات التي قام بها روحاني (بمباركة من المرشد الأعلى لإيران خامنئي)، هي محاولة التقارب مع الغرب، لتخفيف التوتر الذي شاب العلاقات الإيرانية- الغربية، منذ اندلاع ثورة 1979، والتي عززها مخاوف الغرب من طموح ايران النووي، والتي خلفت مواجهة استمرت 12 عام وانتهت بعقوبات قاسية اضرت باقتصادها بشكل مباشر، ومع ان المفاوضات التي تبنتها حكومة الإصلاحيين، كانت بادرة جيدة للتقارب مع الغرب، الا انها فشلت لمرتين في حسم الخلافات الكبيرة بين الطرفين والتي حالت دون التوصل الى اتفاق نهائي كان سيوصف بالتاريخي، ويؤدي الى رفع القيود الاقتصادية في حال تم هذا الامر.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن تبني قرار تمديد المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي يبقى أفضل بكثير من السماح بانهيارها، وأضافت أنه ليس هناك حل دبلوماسي بديل، وأنه يجب على القوى الكبرى مواصلة الضغط على إيران لمنعها من الحصول على السلاح النووي، وأشارت إلى أن الكونغرس الأميركي قد يسعى لفرض عقوبات جديدة على إيران في مرحلة لاحقة، وأوضحت أن واشنطن تخشى فرض عقوبات على طهران في الوقت الراهن خوفا من تهرب الأخيرة من المفاوضات وتحركها نحو إنتاج قنبلة نووية، من جانبها أشارت صحيفة واشنطن تايمز إلى أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي صرح البارحة بأن بلاده لا تعارض إجراء المزيد من المفاوضات بشأن النووي الإيراني، وفي السياق ذاته، قالت صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور إن خامنئي استأنف خطابه القاسي ضد الغرب والولايات المتحدة في أعقاب تمديد المفاوضات بين القوى الكبرى وبلاده، وأشارت إلى أن خامنئي صرح بأن الغرب فشل في تركيع إيران، وأنه أعرب عن رفض بلاده الضغوط التي تمارسها القوى الدولية جراء الطموحات النووية الإيرانية، وأضافت أن المرشد الأعلى الإيراني يبدو في تصريحاته وكأنه يعدّ الشعب الإيراني لتقبل صفقة محتملة في وقت لاحق بشأن النووي.

امام على المستوى الداخلي، فيرى مراقبين ومحللين ارتفاع وتيرة الضغوط والمطالب الجماهيرية للشعب الإيراني الذي انتخب حكومة روحاني، كبديل لحكومة المحافظين، عقب الازمة الكبيرة التي حدثت بينهم وبين حكومة نجادي (من المحافظين) السابقة، لرفع بعض القيود المفروضة على الحريات العامة، والتي وعد بها روحاني ناخبيه، الا ان المواجهة غير متناسبة بين الطرفين، على الرغم من الانتقادات المتكررة التي وجهها روحاني للكثير من التصرفات التي قام بها المتشددون، كالتضييق على حرية الاعلام والانترنت والاتصالات، إضافة الى انتقاده لتنامي معدل الاعدامات والاعتقالات التي تطال المعارضين، وغيرها من الأمور.

المتشددون وحكومة روحاني

في سياق متصل هاجم متشددون في إيران الرئيس حسن روحاني بعد أن أخفق المفاوضون في انهاء النزاع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني لكن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي له القول الفصل في نهاية المطاف أيد ضمنيا استمرار الجهود للتوصل إلى اتفاق، ويواجه الإيرانيون احتمال بقاء العقوبات الدولية لما لا يقل عن عدة أشهر اضافية (وهي العقوبات التي أضرت بشدة بمستويات معيشتهم) بعد ان انقضى الموعد المحدد للتوصل إلى تسوية نهائية دون اتفاق، لكن الزعيم الأعلى أعطى مباركته بعد أن أتاح المفاوضون في فيينا لأنفسهم سبعة أشهر إضافية لإنهاء الجمود حول البرنامج النووي الإيراني الذي يخشى الغرب في أن تكون له أهداف عسكرية رغم نفي طهران لذلك، ويبقي هذا التمديد على آمال أنصار روحاني في انجاز اتفاق في نهاية المطاف يعزز سلطة روحاني (66 عاما) وقد يقود إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية أوسع نطاقا في البلاد.

وبعد ان هزم روحاني منافسيه المحافظين في الانتخابات الرئاسية العام الماضي فليس من المرجح أن يشعر المتشددون بالرضا عن اي نتيجة للمفاوضات مع الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وما زالوا يتشككون في التوصل إلى اي تسوية مع الغرب بعد أن وعد روحاني خلال حملته بإنهاء العقوبات من خلال حل النزاع النووي وإعادة اندماج إيران مع العالم الخارجي، لكنهم يطالبون بالتساوي بتفسيرات من روحاني حول السبب في فشل المحادثات التي ساعد في ترتيبها واستمرت لمدة عام في التوصل إلى حل وسط بحلول وهو ثاني موعد يفشلون في الوفاء به، وتخللت جلسة لأعضاء البرلمان هتافات "الموت لأمريكا" وهو شعار تجنب المتعاطفون مع روحاني استخدامه، وقال حامد رسائي عضو البرلمان والحليف المقرب للرئيس المتشدد السابق محمود أحمدي نجاد "مر عام بالفعل منذ أن جرب السيد روحاني مفتاحه السحري لتغيير الطبيعة الوحشية لأمريكا، وبدلا من ان تتغير انكسر مفتاح الثقة والتفاؤل في القفل".

وأضاف "ليس لدينا اي فكرة بشأن ما حدث في فيينا"، وتساءل في قاعة البرلمان قائلا "ما الذي تم الاتفاق عليه في فيينا؟"، وأبلغ روحاني التلفزيون الرسمي بأن المحادثات أحرزت تقدما وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وبأنه على ثقة من التوصل إلى اتفاق ذات يوم، لكن المحافظين حاولوا إظهار أن حكومة روحاني افتقرت للقوة الكافية في موقفها من النشاط النووي وهو اتهام سيلحق ضررا اذا استغله خصومه وجعلوا الناس يصدقونه، وقال محمد حسن أبوترابي نائب رئيس البرلمان "يبرز واقع المفاوضات خلال العام المنصرم أن هناك حاجة للتحدث مع أمريكا وحلفائها (الغربيين) من منطلق القوة، لغة القوة"، وأضاف "الدولة التي لها اليد العليا تستطيع الدفاع عن مصالحها في النظام العالمي الحالي (الذي يستخدم) لغة القوة"، وأعلن محمد رضا باهنر وهو عضو بالبرلمان مقرب من خامنئي دعمه لوزير الخارجية محمد جواد ظريف وفريق التفاوض الذي ترأسه، وقال في مؤتمر صحفي "خلال العام المنصرم انكسر تأثير العقوبات وفشلت حملة (تخويف إيران)، ولهذا فإنني اقول لفريق مفاوضينا، أحسنتم صنعا". بحسب رويترز.

على صعيد اخر وافق البرلمان الإيراني مؤخرا على خامس مرشح للرئيس حسن روحاني لمنصب وزارة التعليم العالي والبحوث والعلوم منهيا صراعا سياسيا بشأن المنصب الذي يمثل أهمية لتعهده بمزيد من التحرر في الجمهورية الإسلامية، وحصل محمد فرهدي (وهو سياسي وسطي شغل مناصب كبيرة في حكومة إصلاحية سابقة) على 197 صوتا مقابل 28 مع امتناع عشرة عن التصويت في البرلمان الذي يهين عليه المحافظون، ورفض البرلمان أربعة مرشحين آخرين لهم نفس التوجهات السياسية وأرجع ذلك أساسا إلى علاقات مزعومة باضطرابات واسعة في عام 2009 بعد فوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية، وكانت الاحتجاجات بالشوارع والحرم الجامعي الأكبر منذ الثورة الإسلامية في عام 1979 وهزت المؤسسة التي يقودها رجال دين محافظون والحرس الثوري قبل سحقها، وتتولى شخصية تصريف أعمال هذا المنصب الوزاري منذ عزل رضا فرجي دانا الذي عينه روحاني (بعد فوزه الساحق في انتخابات الرئاسة في 2013) قبل نحو ثلاثة اشهر بسبب صلات مزعومة باحتجاجات عام 2009، ونقلت وسائل إعلام رسمية عن روحاني قوله إن حكومته "تحترم إرادة البرلمان تحت أي ظرف لكن مرجعيتنا الأولى هي الرأي العام والشعب يفضل الحوار المعتدل"، وقال محللون إن تغيير رأي البرلمان بخصوص مرشح روحاني ربما احتاج إلى دفعة غير معلنة من جانب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي ترجع إليه الكلمة الأخيرة في شؤون الدولة، وقال صادق زيبا كلام الأستاذ الجامعي "الزعيم الأعلى لم يكن راضيا عن طريقة تعامل البرلمان مع الموقف وأراد حل الأمر سريعا".

ووافق مجلس الشورى الايراني على تعيين محمد فرهدي مرشح الرئيس حسن روحاني لمنصب وزير العلوم والتكنولوجيا بعد رفضه مرشحين آخرين اثنين في اقل من شهر لهذه الحقيبة الحساسة التي تشرف على الجامعات، وكان تعيين فرهدي مؤكدا عمليا بعد موافقة عدد من النواب مسبقا على خيار الرئيس الإيراني، وكان البرلمان الايراني رفض في 18 تشرين الثاني/نوفمبر تعيين فخر الدين احمدي دانش اشتياني في هذا المنصب، وعرض النواب المعارضون لتعيينه فيلما ظهر فيه في تجمع طلاب يطالبون باغلاق الجامعات احتجاجا على اعادة انتخاب الرئيس السابق محمود احمدي نجاد في حزيران/يونيو 2009، ورفض النواب في 29 تشرين الاول/اكتوبر مرشحا آخر هو محمود نيلي احمد ابادي الذي اعتبروه مقربا من الإصلاحيين، وينتقد الجناح المتشدد لمعسكر المحافظين التساهل في احترام مبادئ الاسلام و"غزو" القيم الغربية، ووزارة العلوم والبحث والتكنولوجيا حقيبة حساسة لانها تشرف على الجامعات حيث يراقب النظام بصرامة النشاطات السياسية للطلاب، واكد روحاني في مجلس الشورى ان محمد فرهدي "رجل ثوري وشخصية تقية ومعتدلة تؤمن بالتغيير داخل الجامعات"، من جهته، اكد فرهدي في دفاعه عن ترشيحه ان الجامعات "يجب ان تكون مكان للقاء مختلف الآراء"، وفرهدي مولود في 1949 في شهرود في محافظة سمنان (شرق طهران) وهو طبيب متخصص بالانف والاذن والحنجرة، وكان وزيرا للثقافة والتعليم العالي في ثمانينات القرن الماضي ثم وزيرا للصحة من 1997 الى 2001 في عهد الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي، ومنذ ذلك الحين يشغل فرهدي منصب رئيس جمعية الهلال الاحمر الإيراني، وفرهدي هو خامس مرشح لهذا المنصب يقدمه روحاني منذ توليه مهامه مطلع آب/اغسطس 2013.

اعتداءات مجهولة

من جانب اخر، من الذي يتعقب النساء في شوارع أصفهان ويعتدي عليهن برش مادة كاوية على وجوههن؟ سؤال أصبح يتردد على ألسنة كل الإيرانيين، ويبدو أن الاعتداءات التي وقع أربعة منها على الأقل في المدينة المزدحمة بوسط إيران في الأسابيع الأخيرة تهدف إلى ترويع من تجرؤ من النساء على تجاوز الحدود في الزي الإسلامي المتعارف عليه، وتزامنت هذه الجرائم مع إقرار البرلمان مشروع قانون جديد يسمح للمواطنين بتطبيق القوانين الأخلاقية، وأثار هذا القانون خلافا بين الساسة المتشددين الذين يؤيدونه تأييدا ساحقا والمعتدلين بمن فيهم الرئيس حسن روحاني، ويمثل هذا الانقسام صورة للتحديات السياسية الأوسع نطاقا التي يواجهها روحاني من خصومه المتشددين، ومثل هذه الاعتداءات نادرة في العادة في إيران رغم شيوعها في بلاد أخرى وقد سارعت السلطات بما في ذلك رجال الدين المحافظون إلى التنديد بها.

غير أنه في بلد يعمل فيه المتطوعون حراسا قوامين على السلوك الإسلامي فمن المحتم أن تثور الشبهات حول جماعات المواطنين التي تتولى متابعة الالتزام بالتعاليم الدينية حتى أن إحدى هذه الجماعات أصدرت بيانا للرد على الاتهامات، فقد اتهمت جماعة أنصار حزب الله التي تتولى تنظيم دوريات لمتابعة الالتزام بالأخلاق والزي الإسلامي "العدو" بتنفيذ الاعتداءات "لتوجيه ضربة للأمن"، ولم تنجح محاولات الاتصال بالجماعة للحصول منها على تعقيب، وألقت الشرطة القبض على عدد ممن حامت حولهم الشبهات لكنها لم توجه الاتهام لأحد، وخرج الالاف إلى شوارع أصفهان والمئات إلى شوارع طهران للاحتجاج على عدم كفاية الجهود المبذولة للعثور على المعتدين، وقالت وسائل الإعلام المحلية إن عدد الاعتداءات ربما يكون مثلي العدد الذي أكدته السلطات وإن بعض النساء في أصفهان تلقين رسائل نصية تهددهن إذا لم يلتزمن بارتداء الحجاب.

وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إن امرأة اسمها هنية تلقت رسالة من مجهول هددها برشها بمادة كاوية، وفي كثير من الأحيان يتم نشر وحدات خاصة من الشرطة في المدن الإيرانية لضمان الالتزام بالحجاب لتنبيه النساء اللاتي ترى هذه الوحدات أنها تبالغ في الزينة أو ترك خصلة من الشعر تتدلى من تحت الحجاب، لكن الجماعات المماثلة لجماعة أنصار حزب الله لعبت أيضا دورا في تطبيق القوانين الاجتماعية بالضغط على النساء للتحفظ فيما ترتديه من ملابس أو التصدي للرجال والنساء غير المتزوجين عند ظهورهم معا في مكان عام، وساعدت هذه الجماعات أيضا الحكومة في تضييق الخناق على المعارضة السياسية مثلما حدث خلال الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي ثارت خلافات حولها عام 2009، ويقول خبراء إنه رغم أن مسؤولين نفوا وجود صلة تربطهم بتلك الجماعات فإن هناك بعض التطابق بين أنشطتها وأنشطة ميليشيا الباسيج التي يشرف عليها الحرس الثوري الإسلامي، وقد وقعت الاعتداءات على النساء في وقت كان البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون ينظر فيه مشروع قانون للالتزام بالأخلاق يمنح جماعات مثل أنصار حزب الله حماية قانونية، ويقول منتقدون أن مشروع القانون يطلق أيدي الجماعات الشعبية. بحسب رويترز.

ونقلت صحيفة الشرق عن روحاني قوله في خطاب "لا يمكن أن نعالج موضوعا واحدا هو عدم الالتزام بالحجاب باعتباره الشر المطلق من الصبح حتى الليل"، وأضاف "الإيرانيات مسلمات فضليات وكلهن يؤيدن الحجاب، ولذلك يجب ألا تعتبر قلة في هذا البلد نفسها وصية على الاخلاق"، وعندما أدلى روحاني بهذه التصريحات كان البرلمان قد أقر مشروع القانون، وقال فراز ساني الباحث المختص بالشؤون الإيرانية في منظمة هيومن رايتس ووتش "من المؤكد أن هذه صفعة من البرلمان لروحاني"، وفيما يعد نصرا محدودا لإدارة روحاني ألغت جماعة أنصار حزب الله خططا لبدء تسيير دوريات "أخلاق" في طهران في سبتمبر أيلول بعد أن قالت وزارة الداخلية إن من يقوم بمثل هذه الأنشطة يجب أن يحصل على إذن من الحكومة، ومازال مشروع قانون الاخلاق يواجه بعض العقبات النهائية قبل أن يصبح ساري المفعول لكن أمير فرشاد ابراهيمي العضو السابق في جماعة أنصار حزب الله والذي يعمل الآن صحفيا في ألمانيا وصف تأييد البرلمان له بدفعة لجماعات الميليشيات وضربة لروحاني، ورغم أن الليبراليين شعروا بخيبة أمل لأن روحاني لم يحقق شيئا يذكر في مجال الإصلاح الاجتماعي فإن المحافظين يستغلون كلامه المعتدل في قضايا مثل الحجاب لتصويره وكأنه يسعى لأبعاد إيران عن مثل الثورة الإسلامية.

جذب المزيد من السياح

الى ذلك تتوالى حافلات السياح مجددا عند مدخل موقع برسيبوليس في ضوء نجاح ايران في حملتها لترميم صورتها في الخارج، لكن ما يزال امامها الكثير من العمل لاعادة احياء قطاع يحتضر، فعودة السياح الخجولة منذ انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني في حزيران/يونيو 2013 ، اصبحت اكثر وضوحا هذه السنة مع تزايد السياح الاوروبيين بنسبة 35%، بحسب عاملين في القطاع، وقال محسن ماجد سيد الذي يرافق مجموعة سياح من هونغ كونغ لزيارة برسبيوليس العاصمة المهيبة لامبراطورية الاخمينيين التي تأسست سنة 550 قبل المسيح على بعد 70 كلم من شيراز، في جنوب ايران، وقال بوتر شوالبا القادم من بولندا "قبل المجيء الى ايران كنت اعلم ان صورة هذا البلد في الخارج قاتمة جدا"، واوضح "ان اصدقائي قالوا لي ان الناس لطفاء جدا وان البلاد امنة جدا، وربما اكثر من بعض بلدان اوروبا"، مضيفا "انه بلد يحمل وجهين، احدهما صنعته وسائل الاعلام، والاخر هو الوجه الحقيقي حيث الناس يساعدونك عندما تسافر، والجميع يبتسمون لك وهذا امر رائع". بحسب فرانس برس.

وتعتبر العائدات السياحية اساسية بالنسبة لبلد خاضع لعقوبات اقتصادية، والسياحة توفر ايضا فرصة لتغيير صورة شوهتها التوترات الدولية المستمرة منذ اثنتي عشرة سنة بسبب برنامج طهران النووي والولايتين الرئاسيتين لمحمود احمدي نجاد اللتين تميزتا بالمواجهة مع الغرب، وقد استقبلت ايران بين اذار/مارس 2013 واذار/مارس 2014 نحو 4,5 ملايين سائح مع هدف منشود لبلوغ اكثر من 20 مليون سائح سنويا في غضون عشر سنوات بحسب مسعود سلطاني فار نائب الرئيس المكلف شؤون السياحة، كما تريد ايضا مضاعفة العائدات من العملات الصعبة خمس مرات لتزيد عن 30 مليار دولار بحلول العام 2025، واليوم غالبية السياح هم من الزوار الشيعة من العراق والكويت ولبنان وباكستان، وتأمل ايران من الان فصاعدا وصول سياح يتمتعون بقدرة شرائية اكبر، مثل السبعين محظوظا من الاوروبيين والاستراليين الذين أنفقوا ما بين 10 الاف و23 الف يورو للقيام بالرحلة بين بودابست وطهران في قطار فخم للغاية.

وقال ابراهيم بور فرج رئيس وكالة السفر "بسارغاد تور" ورئيس رابطة منظمي الرحلات السياحية في ايران "بعد وصول الرئيس روحاني الى الحكم تبدل الوضع بشكل تام، فتصرفه وابتسامته وسياسته التصالحية مع الغرب ولدت شعورا بالامان لدى العديد من السياح الذين يبغون زيارة ايران منذ سنوات"، كما تريد ايران ايضا حماية او ترميم مواقعها ال17 المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، لكن تبقى ثمة عقبات، اولها القانون المتعلق بالملابس الاسلامية الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب، ومنع الرجال من ارتداء البنطالون القصير (شورت) او حظر الكحول، وقد اقر مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهيمن عليه المحافظون اواخر تشرين الاول/اكتوبر قانونا يرغم الحكومة ابلاغ السياح بقواعد السلوك في الجمهورية الإسلامية، ثم هناك نقص في البنى التحتية رغم بناء العديد من الفنادق والمطاعم في المدن السياحية مثل مشهد واصفهان وشيراز او في جزيرة كيش بالخليج، كما يفتقر القطاع الى العاملين المدربين على المتطلبات الغربية، وبحسب سلطاني فار "هناك اكثر من 900 مشروع حاليا لتطوير القطاع" مشيرا الى اكثر من "200 مليون دولار من الاستثمارات"، واوضح بور فرج "ان قدراتنا محدودة قياسا الى تدفق السائحين، ووسائل النقل وفنادق الاربع او الخمس نجوم غير متوافرة لتلبية الطلب المتزايد"، متوقعا زيادة بنسبة 25% من السياح في 2015، وطالبت رابطة منظمي الرحلات السياحية بدعم الحكومة خاصة لجهة وسائل النقل، فغالبية الطرقات في حال جيدة لكن البلاد تفتقر الى طائرات صالحة للرحلات الداخلية بسبب العقوبات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/تشرين الثاني/2014 - 7/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م