تراجع أسعار النفط وتحفيز الاقتصاد العالمي

 

شبكة النبأ: قبل ايام انتعشت امال الدول المصدرة للنفط، بارتفاع محدود لأسعار النفط، بدعم من عدة عوامل، ربما كان ابرزها امكانية خفض انتاج النفط من قبل اوبك بعد عدة توقعات وكهنات اثيرت قبل الاجتماع المرتقب، وارتفع برنت 1.03 دولار إلى 80.36 دولار للبرميل عند التسوية بعدما قفز في وقت سابق 2.28 دولار إلى 81.61 دولار للبرميل، وزاد الخام الأمريكي 66 سنتا إلى 76.51 دولار للبرميل عند التسوية بعدما صعد لأعلى مستوى في الجلسة 77.83 دولار للبرميل، وارتفع برنت 95 سنتا أو ما يعادل 1.2 بالمئة خلال الأسبوع ليسجل أول مكسب أسبوعي له بعد خسائر قياسية على مدى ثمانية أسابيع متتالية، وزاد الخام الأمريكي 69 سنتا أو واحدا بالمئة خلال الأسبوع بعد خسائر على مدى سبعة أسابيع متتالية، وجاء هذا الارتفاع بعد ان زاد عدد الاصوات الداعية الى وقف انهيار اسعار النفط، والاتهامات بوجود ارادة سياسية دولية بخفض الاسعار كورقة ضغط دولية قد توجه الى بعض الدول.

من جانبه قال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك ان بلاده تدرس امكانية خفض انتاجها من النفط في محاولة لدعم اسعار الخام التي تشهد انخفاضا في الاسواق العالمية، وقال نوفاك "هل روسيا مستعدة لخفض انتاجها لدعم الاسعار؟، هذا السؤال يحتاج الى دراسة دقيقة نظرا لان الميزانية تعتمد بشكل كبير على سعر النفط"، واضاف "لم يتم اتخاذ قرار نهائي، نحن نناقش هذه المسالة، ونعمل داخل الحكومة على تحديد جدوى" ذلك، واضاف ان جميع الدول المصدرة للنفط قلقة بشان انخفاض الاسعار، وقال ان ذلك "يستدعي اجراء تحليل دقيق وربما صياغة بعض التحركات المنسقة"، وتحصل روسيا على نحو نصف ايراداتها من ارباح النفط، وتأثر اقتصادها الذي يفتقر الى التنوع، بشكل كبير من انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية بأكثر من 25% منذ حزيران/يونيو، وتزامن ذلك مع فرض الغرب عقوبات اقتصادية، وطبعا روسيا المنافس الاقوى للسعودية بإنتاج 10 مليون برميل من النفط لليوم الواحد، وقد تضرر اقتصادها مؤخرا بشكل كبير نتيجة للازمة الاوكرانية وتبعاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي، التي اتت على شكل عقوبات جماعية، وهي بالتأكيد لا تحتاج الى المزيد من الخسائر الاقتصادية، سيما وان نصف دخلها القومي يعتمد على انتاج الطاقة، وتراقب الاسواق العالمية الاجتماع القادم لمنظمة اوبك، والقارات التي سوف يتخذها، ومدى انعكاسها على اسواق الطاقة، فيما حذر خبراء اقتصاديون من التأثير بعيد المدى لنمو الاقتصاد العالمي في ضل تذبذب اسعار النفط او استخدامها كورقة سياسية، خصوصا وان مؤشرات النمو العالمي قد شهدت فترات من التراجع في الآونة الاخيرة.  

ركود أم تحفيز؟؟

فقد رأى صندوق النقد الدولي في مذكرة نشرها مؤخرا قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين ان تراجع اسعار النفط قد "يحفز" الاقتصاد العالمي ويدعم انتعاشا لا يزال "غير متساو" وخاضع للمخاطر الجيوسياسية، وكتب صندوق النقد الدولي انه "حتى لو ان الوقت ما زال مبكرا لتحديد العوامل المؤثرة على العرض والطلب، الا ان التراجع الكبير في اسعار النفط مؤخرا قد يحفز النمو العالمي اذا ما استمر، مع بقاء الظروف الاخرى على ما هي"، وتسجل اسعار النفط تراجعا كبيرا منذ ايلول/سبتمبر واقفلت في لندن على ادنى مستوياتها منذ اربع سنوات حيث هبطت الى 80,38 دولارا للبرميل، وساد التوجه نفسه في نيويورك حيث اغلق النفط على ادنى مستوياته منذ ثلاث سنوات.

غير ان صندوق النقد لفت في مذكرته الصادرة قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين في بريزبين باستراليا الى ان تراجع اسعار النفط هو سيف ذو حدين يلحق الضرر بالدول التي تعتمد على صادراتها النفطية والتي تسجل اساسا تباطؤا في النمو، وعلى الاخص روسيا، وحذر التقرير بان "اسعار النفط المتدنية ستنعكس بشكل مختلف عبر العالم، فتخفف الضغط على مستوردي النفط، لكنها ستطرح مخاطر جديدة على الدول المنتجة"، وجاء في الوثيقة "لا تزال هناك مخاطر محتملة على ارتباط بالتوترات الجيوسياسية وبتصحيحات اضافية في الاسواق المالية ونسبة التضخم المتدنية في بعض الاقتصاديات المتطورة، وامكانات النمو المنخفضة في العالم، والانكماش في بعض الاقتصاديات المتقدمة، وعودة السياسة النقدية الاميركية الى نهجها الطبيعي".

وعلى صعيد اخر جدد الصندوق تشخيصه لانتعاش الاقتصاد العالمي "غير المتساوي" ولا سيما في منطقة اليورو، وحول المخاطر المرتبطة بالنزاع في اوكرانيا وانعدام الاستقرار المالي، ودعا صندوق النقد الدولي قادة منطقة اليورو الى "التحرك" حول مسالة الديون المصرفية المشكوك في تحصيلها التي ظهرت على ضوء اختبارات الاجهاد المالي التي اجريت على المصارف في المنطقة، وكان وزير الخزانة الاميركي جاكوب لو شدد الضغط على القادة الاوروبيين تمهيدا لانعقاد القمة، منتقدا "سياسات الوضع القائم" ومحذرا من ان "العالم لا يمكنه ان يتحمل عقدا اوروبيا ضائعا"، وقال في كلمة القاها انه لا يمكن للعالم "الاعتماد على الولايات المتحدة لتسجيل نمو سريع يعوض عن النمو الضعيف في اقتصاديات عالمية كبرى". بحسب رويترز.

فيما نفت المملكة العربية السعودية شن "حرب اسعار" نفطية في الوقت الذي تواصل فيه اسعار النفط الخام تراجعها، وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي في كلمة في اكابولكو (المكسيك) ووصل نصها الى الصحافة ان "الاحاديث عن حرب اسعار تنبع من سوء تفاهم (عن قصد ام عن غير قصد) وليس لها اي اساس في الوقائع"، وسرعت الرياض تدهور اسعار النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) الذي يجري تداوله في لندن، وانتقل سعره من 112 دولارا للبرميل في حزيران/يونيو الى 80 دولارا ما قلص سعر برميل النفط المباع في الولايات المتحدة مع زيادة سعر البرميل الموجه الى اسيا، وقال الوزير ان التكهنات بشان تغيير الاستراتيجية السعودية غير صحيحة، واضاف "لا نسعى الى تسييس النفط ولا الى التحالف ضد اي كان، بالنسبة الينا، انها مسالة عرض وطلب، المسالة مجرد اعمال ليس الا"، وبحسب الخبراء، فان القرار السعودي قد يكون ردا على قفزة اسعار النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة الامر الذي جعل برميل النفط الخام اقل تنافسية، وراى محللون اخرون ان الرياض تسعى الى دفع سعر النفط الخام الى ادنى مستوى الى حد يجعل الاستثمارات في الغاز والنفط الصخري من دون مردودية، وواصلت اسعار النفط تراجعها، وخسر برميل النفط المرجعي الخفيف في نيويورك تسليم كانون الاول/ديسمبر 76 سنتا ليصل الى 77,18 دولارا، اي ادنى مستوى له منذ ثلاثة اعوام، وفي سوق لندن سجل سعر برميل برنت اقل من 80 دولارا للمرة الاولى منذ 2010.

مؤشرات قلّة الطلب

الى ذلك قال تقرير لمنظمة أوبك إن الطلب العالمي على نفط المنظمة العام القادم سيقل كثيرا عن مستوى إنتاجها الحالي بسبب طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة في حين ما زالت السعودية أكبر منتجي اوبك تلزم الصمت بشأن هل ستخفض الإنتاج لتزيل فائض المعروض من السوق، ولم تعقب السعودية علانية على هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2010 الأمر الذي جعل بعض المراقبين يتساءلون هل بدأت السعودية تتخلى عن سياسة إدارة السوق لتتابع بدلا من ذلك العمل من أجل أهداف جيوسياسية، وبعد أشهر من الصمت خرج وزير النفط السعودي علي النعيمي ليؤكد مجددا السياسة التي تتبعها المملكة منذ وقت طويل والتي تهدف الى استقرار الاسواق العالمية مهونا من شأن الحديث عن "حرب أسعار" لكن لم يبدر عنه أي مؤشر على رده على تراجع أسعار الخام، وكان سكوت السعودية حتى الآن أثار عددا من النظريات فمن قائل أن الرياض ربما تأمل خفض انتاج النفط الأمريكي الذي يتطلب استمرار طفرته أسعارا عالية أو لعلها تريد ايذاء إيران وروسيا اللتين تحتاجان إلى أسعار عالية لموازنة ميزانياتهما عقابا على مساندتهما الرئيس السوري بشار الأسد.

ويبدو أن فائض المعروض سيكون أكبر في الأشهر الستة الأولى من عام 2015 إذ تشير تقديرات المنظمة إلى أن العالم سيحتاج إلى 28.45 مليون برميل يوميا فحسب في المتوسط من خامات أوبك، وقال كارستن فريتش المحلل في كوميرتسبنك "في النصف الأول للعام سيكون الطلب أقل كثيرا من 29.2 مليون ب-ي ومن ثم سنشهد فائضا كبيرا في المعروض إذا استمرت اوبك في الانتاج على نفس المستوى، ويشرح هذا على الأرجح سبب الهبوط الحاد للأسعار في الأسابيع الماضية"، وقال التقرير الذي أصدره خبراء اقتصاديون في مقر أوبك في فيينا إن السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم ابلغت منظمة أوبك أنها أنتجت 9.69 مليون برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول دونما تغير يذكر عن 9.704 مليون برميل يوميا في سبتمبر أيلول، وأبقت أوبك على توقعاتها الرئيسية للعرض والطلب في سوق النفط العالمية عامي 2014 و2015 دون تغيير،  وتتوقع المنظمة أن يتسارع نمو الطلب العالمي إلى 1.19 مليون برميل يوميا في عام 2015 من 1.05 مليون في عام 2014 وأبدت أوبك تفاؤلا بشأن آفاق السوق، وقالت أوبك "نظرا لأن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى استمرار التعافي للاقتصاد العالمي فإن أي تحسن إضافي في اقتصاديات البلدان الرئيسية المستهلكة للنفط سيساعد على اتجاه الطلب نحو مزيد من الانتعاش". بحسب رويترز.

وعلى الرغم من ارتفاع الطلب العالمي فإن اوبك تتوقع أن يهبط الطلب على نفطها في عام 2015 إذ أن زيادة المعروض من خارج المنظمة ولاسيما في الولايات المتحدة بسبب طفرة إنتاجها من النفط الصخري تسبب ضغوطا على حصة اوبك في السوق، وحسب تقييم مصادر ثانوية استشهد بها تقرير أوبك فإن الطلب العالمي على نفط أوبك سيهبط 245 ألف برميل يوميا في عام 2015 دونما تغير عن موقفها الشهر الماضي، ويشير هذا إلى فائض قدره نحو مليون ب-ي في عام 2015 و1.8 مليون ب-ي في النصف الأول للعام إذا واصلت أوبك الإنتاج دونما تغيير، وقال التقرير اعتمادا على أرقام من مصادر ثانوية إن إنتاج أوبك هبط 226 ألف ب-ي عما كان عليه في سبتمبر أيلول وأن الانتاج السعودي تراجع 70 ألف ب-ي موافقا إلى حد كبير الخفض السعودي البالغ 50 ألف ب-ي الذي أورده مسح في 31 من أكتوبر تشرين الأول، وكان أعضاء في أوبك منهم الكويت قالوا إنه من غير المحتمل إجراء خفض في الإنتاج في الاجتماع القادم للمنظمة لكن بعض المندوبين بدأوا يتحدثون بشكل غير رسمي عن ضرورة اتخاذ إجراء ما لكنهم يشيرون إلى أن التوصل إلى اتفاق لن يكون سهلا.

مواجهة انخفاض الاسعار

فيما دعت الكويت الدول الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) الى التحرك لمواجهة "الانخفاض الحاد" في اسعار النفط التي تراجعت الى ادنى مستوى منذ اربع سنوات في الاسواق العالمية، ودعا مجلس الوزراء والمجلس الاعلى للبترول في اجتماع استثنائي مشترك برئاسة رئيس الوزراء الشيخ جابر مبارك الصباح الى اتخاذ خطوات "على مختلف الأصعدة والمجالات في مواجهة الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط"، بحسب بيان نقلته وكالة الانباء الكويتية، واضاف البيان ان بين الخطوات "التشاور مع الدول الأعضاء في منظمة الأوبك لبحث هذه التطورات واتخاذ أفضل السبل لدعم الاستقرار في أسعار النفط والمحافظة على المصلحة المشتركة لجميع الأطراف"، ولم يدع البيان الى اي تغيير في انتاج اوبك الذي يزيد حاليا بمقدار 600 الف برميل يوميا عن السقف المحدد بثلاثين مليون برميل، وقال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح أن هذا الاجتماع "يأتي في ضوء ما شهدته وتشهده أسعار النفط من تراجع مستمر وانعكاساته على الموازنة العامة للدولة".

وخلال الاجتماع اطلع وزير النفط علي صالح العمير المشاركين على "تطور انخفاض أسعار النفط خلال الاشهر الماضية" واثار انخفاض الاسعار على الدول المصدرة للنفط، وناقش الاجتماع "المخاطر المحتملة والنتائج والآثار المترتبة على انخفاض إيرادات الدولة وعلى الميزانية العامة للدولة وخطة التنمية والاقتصاد الوطني بوجه عام"، الا ان الاجتماع لم يعلن عن اجراءات جديدة، وخسر النفط الكويتي اكثر من 37 دولارا للبرميل منذ بلوغه 109 دولارا للبرميل في حزيران/يونيو، واظهرت الارقام الاولية التي اصدرتها وزارة المالية انخفاض عائدات الكويت بنسبة 4,4 بالمئة في الستة اشهر الأولى من السنة المالية ابتداء من نيسان/ابريل، بسبب انخفاض اسعار النفط، وتشكل عائدات النفط 94% من عائدات البلاد. بحسب فرانس برس.

وأكد رئيس وزراء الكويت الشيخ جابر المبارك الصباح أن انخفاض أسعار النفط أمر يدعو للقلق لكن يجب ألا يصيب الكويت التي تعتمد عليه بشكل كبير بالرعب مبينا أن الحكومة ستتخذ العديد من الإجراءات التقشفية التي لا تمس محدودي الدخل، وقال رئيس الوزراء في مقابلة أجرتها معه صحيفة الراي الكويتية،  "انخفاض أسعار النفط أمر متوقع مثل الارتفاع فالنفط سلعة يتحكم بأسعارها العرض والطلب والأحداث الجيوسياسية، ونحن في الكويت نتفهم قلق الناس انما لا نريد ان يصابوا بالرعب نتيجة الانخفاض"، وأضاف أن الحكومة احتاطت لمثل هذا الانخفاض منذ زمن بعيد "ونوعنا مصادر الادخار والدخل واليوم أصبح ترشيد الإنفاق أمرا لا بد منه مع عدم المساس بأصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة"، وأوضح رئيس الوزراء أن الاجتماع المشترك الذي تم فيه عرض كل الاحتمالات المقبلة "بموضوعية وواقعية" وتم الاتفاق على خطط مواجهة هذه الاحتمالات إضافة إلى اعتماد برامج تخفض التكلفة التشغيلية للنفط، وقال "ستظل الحكومة محافظة على تنفيذ برامجها التنموية بالشكل الذي يوفر أفضل الخدمات والرعاية في المجالات كافة."

وأضاف "اليوم هناك قرارات تحمي الخزينة وصندوق الأجيال ومستقبل الشباب حتى ولو بدت غير مألوفة من باب رفع الدعم وهي قرارات يتحملها المواطن بوعي منه لخطورة استنزاف الخزينة من جهة ولاقتناعه بأن ادارة هذا الملف تراعي أصحاب الدخول المحدودة وبالتالي فالأعباء الأكبر يتحملها أصحاب المداخيل الأكبر"، ووافقت الحكومة الكويتية في أكتوبر تشرين الأول الماضي على دراسة تقترح رفع أسعار الديزل والكيروسين إلى 170 فلسا (59 سنتا) من 55 فلسا للتر في محطات التجزئة وأكدت سعيها لاتخاذ تدابير إضافية بشأن دعم الكهرباء والماء، ويعد خفض الدعم إصلاحا اقتصاديا مهما للكويت إذ يلتهم الدعم السخي الذي تقدمه الدولة ويذهب معظمه للطاقة نحو 5.1 مليار دينار (17.7 مليون دولار) سنويا أي ما يقارب ربع الإنفاق الحكومي المتوقع في السنة المالية الحالية طبقا للأرقام الحكومية.

والتقى وزير النفط الإيراني بيجن نمدار زنغنه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في إطار جولة إقليمية يقوم بها الوزير وتهدف لتوفير الدعم اللازم لاستقرار أسعار النفط الآخذة في الهبوط المستمر وذلك قبل نحو اسبوعين من اجتماع مهم لمنظمة أوبك في 27 من الشهر الجاري، واكتفت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بالقول إن المقابلة التي حضرها وزير النفط الكويتي علي العمير تضمنت تسليم الوزير الإيراني رسالة لأمير الكويت من الرئيس حسن روحاني "تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الصديقين وسبل تنمية أوجه التعاون بينهما في المجالات كافة"، لكن صحف إيرانية رسمية قالت إن المقابلة مع أمير الكويت ناقشت هبوط أسعار النفط، وقالت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية (إيرنا) إن المقابلة ناقشت "التطورات في السوق النفطية".

وكان الوزير الإيراني قد زار قطر وسلم أمير قطر رسالة من الرئيس حسن روحاني تدعو الي التعاون "لجلب الاستقرار الي سوق النفط العالمية"، وذلك طبقا لوكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية (إيرنا) ووكالة أنباء فارس شبه الرسمية، وتكافح إيران التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على تصدير النفط من أجل استعادة توازن الميزانية التي تضررت كثيرا بسبب الهبوط الحاد لأسعار الخام، وتستند ميزانية إيران إلى سعر للنفط قدره حوالي 100 دولار للبرميل لكن سعر الخام وصل حاليا إلى نحو 81 دولار للبرميل، وتراجعت أسعار النفط العالمية نحو 30 بالمئة منذ يونيو حزيران إذ ساهم إنتاج النفط الصخري الأمريكي الآخذ بالتزايد في تنامي الإمدادات، وتكررت خلال الفترة الماضية التصريحات بأن أوبك لا تعتزم تخفيض الانتاج للتأثير على الأسعار وحتى الآن اقتصرت الدعوة إلى خفض إنتاج أوبك على مسؤول ليبي في المنظمة وفنزويلا والإكوادور.

وقال وزير النفط الكويتي علي العمير للصحفيين في أبوظبي إن من المستبعد أن تقرر أوبك خفض سقف إنتاجها خلال اجتماعها القادم في 27 نوفمبر تشرين الثاني، وقال ردا على سؤال "سيكون قرارا صعبا لكن لا أتوقع أي خفض"، وأضاف أنه يتوقع أن تمتص السوق قريبا فائض المعروض النفطي لكن حجم الإمدادات الزائدة غير واضح، وإيران من أعضاء أوبك الذين يدعون عادة لخفض امدادات المعروض لدعم الأسعار لكنها غيرت نهجها الشهر الماضي وقالت إن بوسعها تحمل انخفاض أسعار النفط وإنه لا توجد خطة لاجتماع طارئ لأوبك لوقف هبوط الأسعار، وكان الزعيم الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي أكد الشهر الماضي أن اعتماد بلاده على إيرادات النفط يضع الجمهورية الإسلامية تحت رحمة القوى الكبرى، وقال "إدارة بلادنا اعتمادا على إيرادات النفط تترك الاقتصاد الإيراني تحت رحمة صناع السياسة الكبار في العالم"، واتهم متحدث باسم الحكومة الإيرانية دولا إسلامية في المنطقة بالتآمر مع الغرب لخفض أسعار النفط كوسيلة لإلحاق مزيد من الضرر باقتصادها الذي قوضته العقوبات.

أوبك وتخفيض الانتاج

من جانب اخر يقول مندوبون لدى أوبك إن تحولا هادئا في المواقف ربما يحدث داخل المنظمة قبيل اجتماعها الأهم في سنوات مع احتدام النقاش بشأن ما إذا كانت بحاجة إلى تقليص الإنتاج للدفاع عن إيرادات النفط، وفي وقت سابق حث عبد الله البدري الأمين العام لأوبك السوق على عدم الذعر بسبب انخفاض الأسعار لأدنى مستوى في أربع سنوات قرب 81 دولارا للبرميل في حين استبعد وزير النفط الكويتي أن تخفض المنظمة الإنتاج عندما تجتمع في فيينا يوم 27 نوفمبر تشرين الثاني، لكن مزيدا من المندوبين بدأوا يتحدثون في حواراتهم الخاصة عن الحاجة إلى أخذ إجراء ما لكنهم يحذرون في نفس الوقت من أن التوصل إلى اتفاق لن يكون سهلا، وقال مندوب في أوبك "سيكون اجتماعا مهما وصعبا"، وأضاف أنه قد يتم الاتفاق على "العودة بالإنتاج إلى مستوى الحصص" في حالة عدم التوافق على تقليص هدف إنتاج أوبك.

وقد يعني ذلك خفض الإنتاج حوالي 500 ألف برميل يوميا وهو حجم ما تنتجه أوبك حاليا فوق هدفها البالغ 30 مليون برميل يوميا بحسب أرقام المنظمة نفسها، وقد ينطوي ذلك على تسوية تحفظ ماء الوجه بين مؤيدي إجراء خفض رسمي والمعارضين، وتراجعت أسعار النفط العالمية نحو 30 بالمئة منذ يونيو حزيران إذ ساهم إنتاج النفط الصخري الأمريكي الآخذ بالتزايد في تنامي الإمدادات، لكن حتى الآن اقتصرت الدعوة إلى خفض إنتاج أوبك على مسؤول ليبي في المنظمة وفنزويلا والإكوادور، وقالت الكويت وإيران إن خفض الإنتاج أمر مستبعد بينما لم تصدر حتى الآن أي تعليقات علنية عن السعودية وهي العضو الأكثر نفوذا، وثمة انقسام في الرأي بين تجار النفط والمحللين بشأن ما إذا كانت المنظمة ستأخذ إجراء لدعم الأسعار، وفي حين سيواجه أعضاء كثيرون مثل الإكوادور وإيران وفنزويلا عجزا كبيرا في الميزانيات إذا ظلت الأسعار عند مستوياتها الحالية أو نزلت عنها فإن البعض يعتقد أن المنظمة تقف عاجزة أمام زيادة الإنتاج الأمريكي الذي زاد نحو مليون برميل يوميا في السنوات الثلاثة الأخيرة.

وقد يفضي ذلك إلى المنافسة على قطعة أكبر من كعكة آخذة بالتناقص مع محاولة كل عضو الحفاظ على حصته في السوق، ويعول آخرون على أن الأسعار ستتعافى عندما يزيد الطلب خلال الشتاء، لكن مندوبا ثانيا في أوبك سئل إن كانت دولته توافق على رسالة "لا داعي للذعر" أبدى عدم اقتناع بأن بعض الدولة مستعدة لأخذ موقف قوي أو قادرة على ذلك، ويخشى كثيرون من أن إبطاء وتيرة نمو الإنتاج الأمريكي سيتطلب مزيدا من التراجع في الأسعار مما سيلحق ضررا أكبر بميزانيات دول أوبك، وقال المندوب الذي طلب عدم نشر اسمه "معظم الناس يقولون ذلك لكنني غير مقتنع، دول أخرى مثل فنزويلا لديها رأي مختلف"، وقبل اجتماع فيينا مازالت السعودية صاحبة النفوذ تتوخى السرية، وفي حين يشير المندوبون السعوديون بهدوء إلى أنهم قد لا يمانعون في فترة من الأسعار المنخفضة لمحاولة كبح الزيادة السريعة في إنتاج النفط الأمريكي فإن البعض يعتقد أن الهدف هو الضغط على دول أخرى داخل أوبك للمشاركة في أي خفض للإنتاج الآن أو في المستقبل. بحسب رويترز.

ولم تصدر تصريحات علنية عن وزير البترول علي النعيمي منذ سبتمبر أيلول مما حدا ببعض مندوبي الدول الأخرى إلى القول بإن السعودية تزيد الارتباك في سوق النفط وداخل أوبك/ وقال مندوب ثالث لم يكن يتوقع خفض الإنتاج لكن موقفه بدأ يتغير "لست متأكدا، الأمر بالغ الصعوبة"، وقال إد مورس العضو المنتدب ومدير أبحاث السلع الأولية لدى سيتي في نيويورك إن السعوديين يرغبون على ما يبدو في رؤية "استعداد ملموس من المنتجين الآخرين" للمشاركة في أي خفض للإنتاج، وقال إن زيارة النعيمي الأخيرة إلى المكسيك غير العضو في أوبك قد تكون محاولة لحشد الدعم لخفض واسع النطاق من داخل المنظمة وخارجها مثلما حدث في أواخر التسعينيات، وهناك احتمال آخر بأن تتجاوز الأحداث المنظمة، فليبيا عضو أوبك التي تعافى إنتاجها من حوالي 100 ألف برميل يوميا في يونيو حزيران إلى حوالي 900 ألف برميل يوميا في سبتمبر أيلول تعاني مجددا من القلاقل السياسية، وقد تراجع إنتاجها النفطي بالفعل (وصل إلى حوالي 500 ألف برميل يوميا) مما قد يقلص حاجة المنظمة إلى الاتفاق على خفض رسمي أو غير رسمي في الوقت الحالي رغم أن الأسعار لم تبد استجابة تذكر حتى الآن، وقال وزير النفط الكويتي علي العمير إن على المنظمة مهما يكن من أمر أن تبدو متحدة أمام سوق النفط بعد الخلافات الأخيرة، وقال "المهم هو أن نتفق".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/تشرين الثاني/2014 - 1/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م