مأزق الاقتصاد الروسي المتأرجح بين بريكس ومجموعة العشرين

 

شبكة النبأ: ربما تكون اللقاءات التي تجمع بين بوتين وقادة دول العالم "خصوصا اوربا" على هامش قمة مجموعة العشرين في بريزبين الاسترالية ضرورية بالنسبة للطرفين في ظل تأزم العلاقات السياسية والاقتصادية التي انتجتها حادثة ضم شبة جزيرة القرم الى روسيا، اضافة الى الازمة الاوكرانية التي شهدت اختبارا حقيقيا للاتحاد الاوربي وتماسكه امام التهديدات التوسعية التي عانت الدول الاوربية (قديما وحديثا) من ويلاتها، على حد قول مراقبين، وقد سعى الاتحاد الاوربي بالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية الى اتخاذ اجراءات عقابية اقتصادية ودبلوماسية، في محاولة لثني بوتين عن الاستمرار في التدخل بالأزمة الاوكرانية، ووقف التصعيد والعدوان الذي تتهمه الدول الاوربية بالقيام به من خلال دعم الانفصاليين لإضعاف حكومة كييف.

وحذر رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، روسيا من فرض عقوبات إضافية عليها، ما لم تتوقف عن "تأجيج الاضطرابات" في أوكرانيا، وقال إن العلاقة بين روسيا وأوروبا "لا بد أن تتغير"، المطلوب من روسيا هو احترام سلامة أراضي أوكرانيا، وحقها في اختيار مستقبلها"، وأضاف أن هذا قد يؤدي إلى "مستقبل زاهر" لأوكرانيا، وللعلاقات بين أوروبا وبريطانيا وروسيا، واستدرك قائلا، "أما إذا استمرت روسيا في تأجيج الاضطرابات في أوكرانيا، وإذا استمر وجود القوات الروسية والمدرعات الروسية في أوكرانيا، فإن العلاقات لابد أن تتغير بين بريطانيا وأوروبا من جهة وروسيا من الجهة الأخرى، ومن ثمة احتمال فرض عقوبات إضافية، فيما وصف بوتين العقوبات الأوروبية والأمريكية بأنها خطأ، وبأنها مخالفة للقانون الدولي، وقد تضر بالاقتصاد العالمي مثلما تضر بالاقتصاد الروسي.

ويبدو ان الاقتصاد الروسي، الذي شهد فتره من الانتعاش الايجابي، سرعان ما تحولت مؤشرات الايجابية الى بوادر ازمة اقتصادية قد يعاني من تباطء النمو والانكماش، بعد ان اثرت العقوبات الاقتصادية الامريكية-الاوربية على سير الاقتصاد الروسي، وعلى الرغم من حزمة التدابير الاقتصادية التي قامت بها الحكومة الروسية مؤخرا، ويسعى بوتين الى خروج روسيا من عزلتها الاقتصادية عن طريق مجموعة بريكس، التي ربما تبدو هي الاخرى عاجزة عن مواجهة التطورات الاقتصادية الاخيرة. 

سعر الروبل

في سياق متصل توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين ان يستقر سعر الروبل قريبا بعدما خسر ربع قيمته منذ مطلع العام، معربا عن ثقته في التدابير التي اتخذها البنك المركزي، وقال بوتين متحدثا في بكين حيث سيشارك في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادئ (ابيك) "نلاحظ حاليا تحركات في سعر الصرف ناتجة عن المضاربة واعتقد ان ذلك سيتوقف قريبا جدا نظرا الى الخطوات التي قام بها البنك المركزي ردا على المضاربين"، وراى ان انهيار سعر الروبل لا يعكس "على الاطلاق" الوضع الاقتصادي في البلد، وخسرت العملة الروسية على خلفية الازمة الاوكرانية وتراجع اسعار النفط ربع قيمتها في مقابل الدولار منذ مطلع العام ويثير تسارع تراجعها الذي سجل 10% قلق الاسر التي تعاني من تراجع قدرتها الشرائية.

وبعدما انفق عشرات مليارات الدولارات لضبط حركة سعر الصرف بدون التوصل الى نتيجة اعلن البنك المركزي انه سيحد من تدخلاته بشكل كبير ولن يتحرك بشكل مكثف الا في حال الخطر على الاستقرار المالي، وعلى اثر هذا القرار الواضح بترك العملة تتراجع سجل الروبل انهيارا جديدا الى مستويات قياسية ما حمل البنك المركزي على اصدار بيان اكد فيه استعدادها "لزيادة تدخله في اي لحظة"، وكان الروبل يتجه صعودا حيث سجل سعر اليورو قرابة الساعة 7,45 تغ 57,08 روبل وسعر الدولار 45,76 روبل، لكن دون ان يعوض عن تراجعه، وقال بوتين ان "السلطات المالية تتخذ كل التدابير الضرورية"، واكد "كما سبق وقلت، لا نية لدينا في فرض قيود على حركة الرساميل" نافيا بذلك شائعات سرت بشان الروبل في تشرين الاول/اكتوبر، ويؤدي تراجع سعر العملة الروسية تلقائيا الى زيادة العائدات في الميزانية التي تنتج في قسمها الاكبر عن صادرات المحروقات التي تباع بالعملات الاجنبية وتامل السلطات الروسية ان تجعل الصناعة المحلية اكثر تنافسية، غير انه ادى في المقابل الى تزايد التضخم الذي تخطى نسبة 8% ما ينعكس على الاستهلاك في وقت وصل الاقتصاد الروسي الى شفير الانكماش. بحسب فرانس برس.

وتوقع البنك المركزي الروسي ان يصل حجم حركة هروب الرساميل من البلاد الى 128 مليار دولار هذه السنة نتيجة الازمة الاوكرانية وان تتخطى نسبة التضخم 8 بالمئة، وافاد البنك المركزي الروسي في تقرير ان "الاحداث في اوكرانيا وفرض بعض الدول عقوبات على الاقتصاد الروسي، ادى الى تدهور كبير في ظروف التمويل، مغلقا في الواقع اسواق الرساميل الخارجية في النصف الثاني من السنة"، وتابع التقرير ان "هذه الاحداث تسببت بحركة هروب كثيفة للرساميل" ولا سيما مع تحويل الافراد والشركات ودائعها بالدولار"، ورقم 128 مليار دولار اعلى بكثير من توقعات الحكومة البالغة مئة مليار دولار ومن رقم العام 2013 البالغ اقل من 60 مليار، وادى هروب الرساميل الى انهيار الروبل وبالتالي ارتفاع الاسعار، ولا سيما مع فرض حظر في اب/اغسطس على معظم المنتجات الغذائية الغربية، ويتوقع البنك المركزي ان يتخطى التضخم هذه السنة 8% بينها 3,5 نقاط على ارتباط بعوامل "خارجية لا يمكن توقعها".

كما يتوقع ان يبقى نمو اجمالي الناتج الداخلي بحدود 0,3% هذه السنة مقابل توقعات سابقة ب0,4% و1,3% عام 2013، واقرت رئيسة البنك المركزي الفيرا نابيولينا بان "المشكلات الجيوسياسية وتدهور الظروف الاقتصادية الخارجية حصلت في وقت كانت المصادر التقليدية للنمو الاقتصادي تنضب، وهي تشكل تحديا جديا امام السياسة الاقتصادية عموما والسياسة النقدية خصوصا"، بحسب ما ورد في التقرير، ورفع البنك المركزي بشكل كبير نسبة الفائدة الرئيسية (الى 9,5% في نهاية تشرين الاول/اكتوبر) لمنع هروب الرساميل وتراجع الروبل، لكن بدون ان ينجح في ذلك، واكدت نبيولينا ان توسيع هامش الحرية لسعر الروبل "لا يعني ان البنك الروسي سيتوقف عن مراقبة اسواق الصرف" مشيرة الى انه "في حال ظهور خطر على الاستقرار المالي في وسع البنك المركزي القيام بعمليات في سوق الصرف او استخدام ادوات اخرى لارساء الاستقرار".

دبلوماسية تعدد الاقطاب

فيما ستسعى القمة السادسة لدول بريكس في البرازيل الى التصدي للعزلة التي يفرضها الغربيون على روسيا، في مؤشر جديد على دبلوماسية تعدد الاقطاب التي تدعو اليها الدول الناشئة، وسيكرس قادة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا في فورتاليزا في برازيليا عودة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى قمة دولية منذ استبعاده من مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى بسبب الازمة الاوكرانية، وقال اوليفر ستونكل استاذ العلاقات الدولية في مؤسسة جيتوليو فارغاس ان "دول بريكس اظهرت للغرب انه لا يستطيع استبعاد الدول الناشئة حتى بشأن قضايا جيوسياسية اساسية"، واضاف ستونكل ان هذه البلدان "رفضت المشاركة في الجهود لعزل روسيا واثبتت انها لا تؤمن بالعقوبات"، مشيرا الى ان هذه الدول "نجحت حتى في منع استبعاد روسيا من مجموعة العشرين"، نادي الدول المتطورة والنامية.

وفي اوج التوتر بين موسكو وكييف بعد حادث اطلاق نار على الحدود، يمكن ان تدرج مجموعة بريكس هذه المسألة في بيانها الختامي، وقال مسؤول حكومي برازيلي في لقاء مع صحافيين ان "الرؤساء ليسوا جاهلين بالوقائع ومن الممكن ان ترد الازمة الاوكرانية" في البيان، ويتوقع هذا المسؤول تبني موقف يتناسب مع الموقف الذي تبنته هذه الدول في الامم المتحدة في آذار/مارس عندما امتنعت مجموعة بريكس عن التصويت في الجمعية العامة للمنظمة الدولية على الحاق القرم بروسيا، وكان فاديم لوكوف منسق وزارة الخارجية الروسية لدول بريكس اكد في تصريح لوكالة الانباء ريا نوفوستي حينذاك ان المسألة الاوكرانية "ساهمت في تعزيز التحالف".

ورأى الباحث في مركز الدراسات والابحاث الدولية في باريس برتران ابادي انه "امر يسر بوتين ان يرى قبل قمة دول بريكس انه في مواجهة التضامن الغربي، هناك اختلاف بارز لدى شركائه"، واشار الى "حياد" الصين "الحريصة جدا عادة في ما يتعلق بوحدة وسلامة الاراضي"، بينما تبنت "البرازيل والهند مواقف اكثر تكتما ومثلهما جنوب افريقيا"، وهذه التباينات تعكس مصالح كل بلد في علاقاته الثنائية مع روسيا، واكد ستونكل انه "ليس هناك اي ضغط يمارس داخل بريكس من اجل موقف مشترك"، ونقطة الاتفاق بين هذه الدول بسيطة وهي ضمان شريك اساسي، سواء كان الامر يتعلق بالصين او بالهند والتصدي لهيمنة غربية على الصعيد الدبلوماسي، وقال مارك ويسبرو عضو مجلس ادارة مركز الابحاث الاقتصادية والسياسية في واشنطن ان دول "بريكس كانت واضحة جدا في معارضتها لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ضد روسيا". بحسب فرانس برس.

واضاف "انها لا تستطيع اجبار واشنطن على تغيير سياستها الخارجية لكنها تستطيع تدفيعها ثمنا سياسيا واقتصاديا"، ويشكل انشاء مصرف للتنمية وصندوق للاحتياط رهانا كبيرا لمجموعة بريكس، ودليلا على الرغبة في الاستقلال عن المؤسسات الدولية، ويرى ابادي في ذلك "نوعا من الانتقام المالي لدول الجنوب والشرق من الهيمنة الغربية"، وقال تشارلز موفيت مسؤول اوروبا الشرقية في المجلس الاستشاري الانغلوساكسوني اتش آي اس ان "ذلك سيشكل بداية بناء عالم مالي متعدد الاقطاب يعكس العالم الجيوسياسي المتعدد الاقطاب الذي يريده بوتين"، وعلى كل حال هذا المصرف لبريكس لا يمكنه الحد من تأثير عقوبات اقسى "على النشاطات المالية اليومية" لروسيا، وفي تصريح اشار الرئيس السابق للمجلس الاميركي الروسي للتجارة ادوارد فيرونا الذي يعمل في مكتب الاعمال الاميركي ماكلارتي اسوشييتس الى حدود اخرى ستواجه الدول الناشئة في حال فرض عقوبات ضد روسيا تتعلق "بصناعات تقنية" تبدو دول بريكس "عاجزة عن تقديمها"، وهي طريقة للتذكير بان الدبلوماسية المتعددة الاقطاب يمكن ان تصطدم بالواقع الاقتصادي.

صورة روسيا بوتين

بدورها اظهرت دراسة اميركية ان صورة روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين تتدهور في العالم وخصوصا في اوروبا والولايات المتحدة بعد الدور الذي لعبته موسكو في الازمة في اوكرانيا، وتراجعت صورة روسيا خلال عام مع حصولها على 43% من الاراء السلبية مقابل 34% من الاراء الايجابية، بحسب الدراسة التي اجراها معهد بيو للابحاث بين 17 اذار/مارس و5 حزيران/يونيو وشملت 48643 شخصا من 44 دولة بينها روسيا، وتم استطلاع جميع الاشخاص بعد صدور اعلان فلاديمير بوتين في 18 اذار/مارس بشأن ضم منطقة القرم الاوكرانية، وتراجعت الاراء المؤيدة لروسيا الى حد كبير خلال عام وخصوصا في الرأي العام الاميركي حيث ازدادت الاراء السلبية بمقدار 29 نقطة والراي العام الاوروبي.

وتظهر بولندا وبريطانيا واسبانيا والمانيا وايطاليا بصورة خاصة زيادة في الاراء السلبية تفوق 10 نقاط مئوية، وفي فرنسا ازدادت الاراء السلبية حيال روسيا ورئيسها بتسع نقاط لكن صورة روسيا في هذا البلد كانت خلال العام 2013 الاكثر تدهورا بين جميع الدول الاوروبية المستطلعة بمستوى 64% من الاراء السلبية حيث ارتفعت نسبة هذه الاراء الان الى 73%، واليونان هي البلد الاوروبي الوحيد الذي ينظر بايجابية الى روسيا سواء في 2013 او في 2014 مع تقدم الاراء السلبية بنقطتين فقط، اما الاوكرانيون انفسهم فقد تبدل رأيهم بروسيا بشكل تام منذ 2011، العام الذي جرى فيه اخر استطلاع للرأي، فقد ابدى 60% اراء سلبية مقابل 11% قبل ثلاث سنوات، والارقام تختلف بحسب المناطق حيث تتركز الاراء السلبية في الغرب (83%) اكثر منها في الشرق الناطق بالروسية (43%).

اما في القرم فتراجعت هذه النسبة الى 4% فقط، كذلك تتدهور صورة روسيا في الشرق الاوسط واميركا اللاتينية ولو بنسب اقل، اما في افريقيا، فصورة روسيا تميل الى الايجابية باستثناء في جنوب افريقيا، بالرغم من تسجيل تراجع في نسبة التاييد، وفي اسيا فان صورة روسيا تتعزز في الصين مع تقدمها 16 نقطة وتسجل غالبية من الاراء الايجابية كما في فيتنام وتايلاند وبنغلادش، اما بالنسبة للرئيس الروسي ولقدرته على "اتخاذ القرارات الجيدة في شؤون العالم" فان الغالبية الساحقة من المستطلعين لا يثقون به، باستثناء في روسيا والصين وبنغلادش وفيتنام وكينيا وتنزانيا وغانا، كما ان غالبية الاراء ببوتين سلبية في جميع انحاء اوكرانيا باستثناء في القرم حيث تتراجع الاراء السلبية الى 5%. بحسب فرانس برس.

من جانب اخر اقام في العاصمة الروسية معرض عن الزعيم السوفياتي السابق يوري اندروبوف الذي ترأس جهاز الاستخبارات "كاي جي بي" لفترة طويلة في الحقبة السوفياتية واشتهر بقمعه الشرس للمعارضين، والذي يعتبره الرئيس فلاديمير بوتين "شخصا موهوبا"، بالتزامن مع عرض افلام عنه على الشاشات الروسية، ولدى افتتاح المعرض قبل ايام، وجه بوتين تحية الى هذا الرجل الذي شغل منصب الامين العام للحزب الشيوعي، واصفا اياه بالشخص "الموهوب الذي كان يتمتع بقدرات كبيرة جدا"، واقيم هذا المعرض لمناسبة الذكرى المئوية لولادة اندروبوف، وهو توفي في العام 1984، واشتهر اندروبوف بارسال بعض المعارضين السياسيين الى مصحات عقلية، مثل الشاعرة ناتاليا غوربان غوربانيفسكايا، وليونيد بليوشتش، والجنرال بيترو غريغورنكو، والشاعر يوري غالانسكوف الذي توفي في سن الثالثة والثلاثين، وفلاديمير شيلكوف، وهو يقدم للجمهور وثائق رسمية دون اي تعليق عليها، وقد زينت الجدران بالاقوال المنقولة عن اندروبوف التي تندد باجهزة الاستخبارات "الامبريالية"، و"عملياتها المخربة"، في جو يعيد الى الاذهان حقبة الدعاية السوفياتية ابان الحرب الباردة، ورغم ان الهدف من المعرض هو تكريم اندروبوف، الا ان بعض المعروضات تبدو صادمة، ومن هذه المعروضات رسالة بعثها في العام 1951 الى السلطات السوفياتية العليا يطلب فيها الاذن بتهجير مزارعين ليتوانيين من اراضيهم بعدما افلتوا من موجة اولى من الاعتقالات، وخصص جزء من المعرض لدوره المهم في قمع الثورة المعادية للشيوعية في بودابست العام 1956، والتي سحقتها الدبابات السوفياتية، وفي تلك الآونة كان اندروبوف يشغل منصب سفير موسكو في المجر، والمرحلة الاهم من حياة اندروبوف هي تلك التي تولى فيها قيادة جهاز الاستخبارات السوفياتية بين العامين 1967 و1982، في عهد ليونيد بريجنيف.

وتظهر وثائق وقع عليها اندروبوف تتعلق بالمعارض يوري اورلوف وآخرين كيف ان جهاز "كاي جي بي" كان يقرر مسبقا العقوبة التي يصدرها القضاء على المعارضين، وتظهر تقارير معروضة كان اندروبوف رفعها الى السلطات السوفياتية العليا الرقابة المشددة المفروضة على الكاتب الكسندر سولجينيتسين، والاكاديمي المعارض اندري ساخاروف، بسبب "انشطتهما المعادية للاتحاد السوفياتي"، لكن القيمين على المعرض لم يشاؤوا الغوص في الزوايا الاكثر سوادا من تاريخ اندروبوف، ولاسيما ما عرف عنه من ارسال المعارضين السياسيين الى معسكرات الاعتقال سنوات طوال، او تحويلهم الى مصحات نفسية عوملوا فيها على انهم مضطربون عقليا.

وتشير وثائق معروضة الى القلق الذي اعترى جهاز الاستخبارات بعد تسرب مذكرات نيكيتا خروتشوف سرا الى الغرب والتي قدمت احيانا رواية للتاريخ تختلف عن تلك التي يتبناها الكرملين، واقترح اندروبوف اجراء عملية تفتيش سرية لأغراض الزعيم السابق الذي اطاح به بريجينيف، بحثا عن وثائق ذات صلة لاخفائها، ومن المقتنيات المعروضة ايضا اسطوانة لفرقة الجاز الاميركية "تكساس جاز لاب باند"، وهي معلقة بين وثيقتين معروضتين، وهو ما يؤكد ما كان معروفا عنه من ولعه بهذه الفرقة رغم عدائه لقيم الغرب واسلوب الحياة فيه، واضافة الى هذا المعرض، تحيي روسيا الذكرى المئوية لاندروبوف بعرض افلام عنه و"انجازاته"، وتظهره هذه الافلام مثاليا ودبلوماسيا وقريبا من المثقفين، وشاعرا ومصلحا وذا حياة متقشفة، لكن في نظر منظمة ميموريال الحقوقية فان اندروبوف "كان جلادا سوفياتيا نموذجيا انتهك حقوق الانسان، وترأس جهازا قمع الاشخاص الاكثر تميزا في بلدنا"، ويندرج تكريم اندروبوف في اطار برنامج احياء التراث السوفياتي الذي يعتمده بوتين منذ وصوله الى الكرملين في العام 2000، وقد تصاعدت وتيرة هذا التوجه في السنوات القليلة الماضية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/تشرين الثاني/2014 - 22/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م