في الصين ثمار الجوز.. أغلى من الذهب!!

 

شبكة النبأ: من المفارقات العجيبة التي يزخر بها كوكبنا الارضي، أن يصبح الجوز أغلى من الذهب، وهو امر قد يثير غرابتنا، نحن الذين لم نطأ ارض الصين، أو لم نعش فيها، ولكن الناس الذي ترعرعوا وعاشوا فوق تربة هذه البلاد العريقة، يعرفون ماذا يعني الجوز، وما هي القيمة المادية الحقيقية له، كلك يعرفون لماذا يتفوق الجوز في سعره وقيمته على الذهب، لأنهم على احتكاك مباشر مع هذه القضية.

ففي الصين قد يباع الجوز بأسعار أغلى من الذهب. ويؤكد لي زانهوا وهو يقف في ظل أشجار الجوز التي جنى منها ثروة أن "الأسعار ارتفعت ارتفاعا شديدا. ولم نكن لنتخيل ذلك قبل سنوات". فالصينيون جميعهم، من سائقي سيارات الأجرة إلى الكبار في السن الجالسين في الحدائق العامة، مرورا بركاب قطارات الأنفاق، يحبون حمل جوزتين في اليد وتمريرها بين الاصابع والراحة، في أي وقت من النهار. وهكذا تستخدم حبات الجوز لتزجية الوقت، ليس لقتل الفراغ فحسب وانما هناك هدف صحي يقف وراء ذلك، حيث الدورة الدموية تأخذ بالانتظاف والتدفق وحامل الجوز في حالة استرخاء هادئو ومنعشة في الوقت نفسه، بطبيعة الحال مثل هذه الامور قد تكون نادرة لغير الصينيين. فالصينيون وحدهم يعرفون قيمة هذا النبات وهذا الثمر الذي يضاهي في ثمنه، إن لم يتفوق على أندر معدن في عموم المعمورة، ألا وهو الذهب الاصفر.

وبحسب مبادئ الطب التقليدي، تساعد هذه الممارسات القديمة على تحسين الدورة الدموية. ويقر لي بأنها "مفيدة للصحة". وكانت قوقعات الجوز تستخدم للعب في بلاط الاباطرة في الصين منذ العام 220 بعد الميلاد، وهي أصبحت خلال حكم سلالة تشينغ (1644 - 1912) تثير اهتمام النخبة في البلاد. وبعد ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي القوي جدا، يلقى الجوز اليوم رواجا كبيرا في أوساط الأغنياء الجدد في الصين. وهو يخدم أيضا مصالح الجهات الفاعلة في الاقتصاد غير الشرعي.

وليس طعم الجوز هو الذي يهم الشراة المخضرمين، بل شكل القوقعة التي تغطيها قشرة خضراء خلال نموها. ويفرز المزارعون صناديق الجوز بحثا عن اكثر القوقعات تشابها من حيث التجاعيد، إذ أن سعر الجوزتين يحدد بحسب تماثلهما. وكلما ازداد حجم القوقعة وكان لونها داكنا، ارتفع سعرها. وهذه المواصفات التي تتعلق بالحجم واللون والشكل هي التي تتدخل في ارتفاع او هبوط ثمن الجوزة، وهذا دليل على أن هناك اذواق تتدخل في تفضيل هذا النوع عن ذاك، وهناك الوان محببة للزبائن اكثر من غيرها، اما الحجم فهو يعني مادة اكثر واكبر من الجوز يمكن للمشتري ان يحصل عليها.

وقد تغيرت حياة المزارعين في منطقة لايشوي الجبلية على بعد بضع ساعات بالسيارة من العاصمة إثر ازدياد الطلب على الجوز وارتفاع أسعاره. فقبل عقد من الزمن كان لي وجيرانه يحققون عائدات قليلة من خلال زراعة القمح والذرة اما اليوم فهم قادرون على الذهاب بانتظام في عطل ولديهم سيارات مستوردة ويملكون شققا في المدينة المجاورة. ويؤكد لي زانهوا "ان زوجا من الجوز عاديا نسبيا يمكن ان يباع اغلى من الذهب على صعيد سعر الغرام".

ويضيف انه باع يوما جوزتين ثمينتين بسعر 160 الف يوان (20400 يورو). وتباع اونصة الذهب راهنا بحوالى 1200 دولار (940 يورو). وقد يجني لي من محاصيل الجوز مليوني يوان سنويا (255 الف يورو). وفي دليل على قيمة بساتينه احاطها لي باسلاك شائكة لردع اللصوص مع كاميرا مراقبة امنية وحراسة كلاب.

وفي لايشوي يشكل الجوز مصدر غنى المنطقة، وهو منتشر اينما كان. فهو يعرض في واجهات المحلات وعلى لافتات كبيرة فوق الطرقات وحتى على البطاقات الشخصية للمقيمين. وتجذب السوق المحلية حيث يعرض نحو عشرة تجار الجوز مصفوفا على الارض "جموعا كبيرة خلال ذروة الموسم" على ما يفيد احد البائعين ويدعى لين شانغزو. وتحمل القوقعات اسماء مختلفة بسحب اشكالها المتنوعة. وبسبب الارتفاع السريع في الاسعار، اصبح الجوز مجال استثمار بديلا لبعض المستثمرين الصينيين نظرا الى نسبة الفائدة المتدنية جدا على الودائع المصرفية في البلاد. بحسب فرانس برس.

يضاف الى ذلك ان المضاربات على الجوز التي لا يزال مغطيا بقشرة خضراء اصبحت موضع رهانات كثيرة. ففي سوق شيليهيه في بكين حيث يباع الجوز منذ اجيال عدة يتفحص عشرات الرجال متوسطي الاعمار وهم يجلسون القرفصاء محتوى الاكشاك مطلقين التعليقات الفهيمة. وبعد لمسه وقياسه لمجموعة من الجوز لا تزال تحتفظ بقشرتها الخضراء ، دفع مياو ياوغيه من سكان بكين الفي يوان (255 يورو) قبل ان يستعين بسكين صغير لازالة القشرة لتظهر الجوزتين اللتين اشتراهما للتو. وقد كسب مياو (45 عاما) رهانه اذ قدر سعرهما بعد ازالة القشرة ب2500 يورو اي انه سيتمكن من تحقيق ربح لا بأس به. ويؤكد مياو "هذه هي الثقافة الصينية! وهاتان الجوزتان هما مصدر سعادة فعلية بالنسبة لي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/تشرين الثاني/2014 - 17/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م