مجزرة الدالوة: داعش والعودة الى الجذور

في ملتقى النبأ الاسبوعي

اعداد: عدنان الصالحي

 

شبكة النبأ: قدم عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث، ورقة تحليلية سياسية حول مجزرة الدالوة التي وقعت في الاحساء، حيث قام متشددون مدفعون بالكراهية بقتل سبعة من الشباب الشيعة الذين كانوا يحييون الشعائر الحسينية في حسينة المصطفى، وجاء في الورقة التي كانت تحت عنوان، داعش والعودة الى الجذور:

لم يكن مستغربا ما حصل من اعمال عنف عصفت في ايام عاشوراء في المملكة العربية السعودية في منطقة الاحساء ذات البيئة المختلطة طائفيا والتي استهدفت مراسيم العزاء للطائفة الشيعية في هذا البلد، الحدث رغم طبيعته المعروفة الاسباب والدوافع كونه وقع في بلد يعتبر راعيا للتشدد والتطرف ويتخذ فعلا ممنهجا من قبل حكومة هذا البلد، غير انه في الوقت نفسه يعتبر خروجا على المألوف في ظل حكومة استبدادية تتصف بالقوة في إدارتها لملفات بلدها.

فالمعروف عن كل الحكومات التي تتخذ الشمولية والتفرد اسلوبا لحكم البلدان انها تتعامل بقبضة حديدية ترفض فيها اي تصرف خارج سيطرتها حتى لو كانت ضد طوائف ترفض وجودها او لا تتمتع بعلاقات ود معها، والشواهد كثيرة على ذلك وابرز تلك الشواهد نظام البعث في العراق.

فرغم انه كان يمارس عنفا ممنهجا ضد الطائفة الشيعية في العراق بشكل واسع الا انه يمنع اي عنف يمارس على هذه الطائفة من قبل طوائف اخرى او العكس، والسبب ليس في حبه او احترامه لقوانين البلد او القوانين الدولية، ولكنه يرى بان اي عنف ينطلق من طائفة او جهة ضد اخرى انما يمثل خرقا امنيا وتلاعبا بالوضع السياسي الذي قد يهدد ثبات كرسي الحاكم فيما بعد.

 على هذا الاساس فان ماحدث في المملكة العربية السعودية في الايام القليلة الماضية يمثل بلا شك خروجا عن سيطرة الحكومة السعودية، فهي وان كانت لا ترحب باي توسع او نشاط شيعي على أراضيها الا إنها لا ترغب ان يخرج من نطاق سيطرتها اشخاص او عناصر او جهات تمارس العنف ضد هذه الطائفة، لانها تعرف جيد ان مثل هذا العنف سيتوسع فيما بعد ليشمل طوائف اخرى او قد يمتد للعائلة المالكة ذاتها.

جرس الانذار قد قرع في السعودية وهذا ما قد كنا ذكرناه سابقا في عدة مقالات ذكرنا فيه بان المعركة التي تدور الان في سوريا والعراق بين عناصر الدولة الاسلامية او ما يعرف بـ داعش انما نهايتها ستكون بشكل اسرع مما توقعه الغرب لأسباب عدة اهمها كون الوضع الاجتماعي العراقي والسوري لايرغب بوجود مثل هكذا تنظيمات بشكل عام وان وجودها كان نتيجة اما لأخطاء حكومة البلدين او بمخطط خارجي تعاطف او تعاون معه بعض الاطراف الداخلية، وان عودة عناصر هذا التنظيم بعد نهاية معركة العراق وسوريا (كما توقعنا سابقا) سيكون باتجاهين اولهما منطقة الخليج والسعودية اول تلك الدول المرشحة لعودة عناصر التنظيم كون اغلب تلك القيادات اما انها سعودية او تتمتع بعلاقات جيدة مع شخصيات مهمة في هذه الدولة سواء سياسيين بارزين او علماء دين او تجار، وكون الوضع الاجتماعي في هذا البلد يميل لقبول مثل هذه التنظيمات ويتقبلها من باب التقارب العقائدي وتبني افكارها بشكل واسع.

 والجهة الثانية ستكون للدول الغربية وهو الطريق الاصعب على عناصر التطرف في الوقت الحاضر على اقل تقدير.

 وما يهمنا في هذا الموضوع هو محاولة الجواب عن التساؤلات الثلاث التالية:

1- هل ان احداث عاشوراء في الاحساء تمثل نقطة البداية لنشاط الدولة الاسلامية (داعش) في المملكة العربية السعودية بشكل ميداني وظاهري ؟

2- كيف ستتعامل حكومة هذا البلد مع هذه الاحداث؟

3- هل يعني ان ماحدث في المملكة إعلان لانتقال التنظيم من العراق وسوريا الى مناطق اخرى والعودة الى الجذور ام انه توسع بشكل غير مسيطر عليه؟

المداخلات

وقد تباينت اراء الحاضرين حول الموضوع وكانت لهم جملة من المداخلات نتابعها كالآتي:

يرى الشيخ مرتضى معاش مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ان هناك عدة احتمالات تقف خلف ما حدث:

1- ان يكون حادثا عرضيا.

2- ان يكون محاولة لتخويف الطائفة الشيعية وتحجيم طموحاتها وتحركاتها.

3- او ان يكون محاولة لتخفيف الضغط عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا نتيجة الضربات والخسائر التي يتلقاها.

4- او قد تكون صيغة للرد من قبل المحور القطري التركي على الصفقات الخفية الإقليمية بين ( الامريكان- الايرانيين- السعوديين).

5- او ان يكون الرد أيضا من قبل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بعد فرض العقوبات الدولية عليه.

6- او قد يكون صراع عائلي عنيف داخل بين اجنحة آل سعود.

7- او ان يكون رسالة ضد حرب الأسعار النفطية التي تقف المملكة ورائها بشكل واضح.

8- وهناك احتمال آخر بتمدد الصراعات الدولية بالوكالة من العراق وسوريا الى السعودية والخليج لضرب العمق الاستراتيجي الأمريكي.

9- يرى البعض ان خطورة الحادث قد تكون بداية لعملية تطهير عرقي ديمغرافي كما حصل للأقليات في العراق.

من جانبه تطرق الدكتور (علاء ابراهيم) الى إن ما حدث في السعودية من إحداث يمثل توسعا للمنهج الحسيني وهو استمرار للانتشار الفكري لمنهج اهل البيت ولم يجد أعداء هذا المنهج بدا إلا مهاجمته خشية توسعه بشكل اكبر وان المهاجمين لا يعدون ان يكونوا حملة فكر تكفيري وهو امتداد لنشاطهم في العراق والشام.

الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات فقد ركز على مفهوم ترابط الأحداث وان لا حدث الا بموضوع وحدث اخر وان ما جرى في المملكة هو نوع من صراع الإرادات مع بعضها وان ضرب الطائفة الشيعية هناك جزء من ترتيب لوضع خاص مرتبط بمصالح مستقبلية لجهة معينة.

اما الأستاذ احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات فقد أشار في ذات السياق حيث اتهم الفكر الوهابي بالوقوف وراء التطرف كصانع للجهات الأخرى المتبنية للعنف وان القاعدة تنظيم بلا بلد وهي متحركة في اغلب البلدان وعزا ما حدث في الإحساء ايام عاشوراء الى:

أ‌- محاولة بعض الجهات السياسية في السعودية القضاء على الفكر الشيعي هناك.

ب‌- محاولة الرد على النجاحات المتحققة في العراق حيث لم تستطع الجهات المتطرفة القيام باي عمل ضد الشعائر الحسينية في العراق نتيجة الهجمات المتكررة للجيش العراقي وقوى الامن العراقية على تلك الجماعات وفقدانها عنصر المبادرة.

من جانبه اشار الأستاذ باسم الباحث في مركز الفرات للدراسات ان ما حدث هو جزء من صراع طويل في هذا البلد غير ان الإعلام لم يكن مسلط عليه بشكل واضح، وان الحكومة السعودية هي من سمحت للإعلام هذه المرة بنشره في محاولة لدفع الشبهات عنها بانها راعية للارهاب، وأضاف ان الإرهاب قد ينتشر شمالا نحو المغرب العربي.

اما الاستاذ حيدر المسعودي فقد اوضح في مداخلة له بان ما حدث في السعودية لا علاقة له بنشاط تنظيم الجماعات المسلحة في باقي أجزاء العالم.

الأستاذ حيدر الجراح أوضح من خلاله آراء له في الموضوع بان لا يمكن وصف التطرف بانه مرتبط بالمذهب الوهابي بشكل كامل وان التطرف يتخذ إشكالا متعددة فهو يعتمد المنهج السلفي قاعدة له وفيه أراء مختلفة أيضا وان الحركات الإسلامية تحاول ان تعطي لنفسها حرية الحركة لتشمل جميع البلدان كونها (حسب وجهة نظرها) حركات جاءت من اجل العالم ككل.

من جانبه أشار محمد معاش ان ما حدث لا يعدو كونها إحداث عشوائية فالطائفة الشيعية هناك تعيش الآن فترة لا باس بها من الهدوء مع السلطة وإنها لا ترقى الى ان تكون استهداف ممنهج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/تشرين الثاني/2014 - 17/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م