مجزرة الدالوة البشعة (بالأحساء)، مسؤولية من؟

علي ال غراش

 

المجزرة الدموية البشعة التي وقعت في حسينية المصطفى في بلدة الدالوة بالاحساء - شرق السعودية -، أثناء احياء مراسم عاشوراء - ذكرى شهادة الامام الحسين (ع) - وسقط خلالها نحو 7 شهداء وعشرات الجرحى؛ ارتكبت بيد الجماعات الإرهابية التي تنتهج منهج حركة داعش واخواتها، الذي هو استمرار لمنهج قتلة الإمام الحسين (ع) سبط الرسول الاعظم محمد (ص)، لقد وقعت المجزرة في مرحلة حرجة جدا داخل المملكة نتيجة العديد من الازمات ومنها ازمة المعتقلين للنشطاء السلميين ومنهم الشيعة والحكم على البعض منهم بأحكام قاسية جدا ووصل الامر الى حد الاعدام للرموز بتهمة التعبير عن الرأي، بالإضافة إلى تنامي الطائفية البغيضة وتطور الأحداث السياسية في العديد من دول الجوار.

لقد أرتكب المتحدث الرسمي في وزارة الداخلية خطأ فادحا في التعامل مع المعلومات الأولية للمجزرة ووصف وتسمية الأشياء - وهذا يحدث دائما عندما يتعلق الأمر بالمواطنين الشيعة -، وهذا الفعل ينطبق على وسائل الاعلام الرسمية التي تحاول ان تسير حسب توجيهات وزارة الداخلية التي تتحكم بالاعلام في السعودية.

لقد شعر المواطنون الشيعة بالصدمة من عدم تسمية الأشياء باسمائها، من خلال التصريح الذي تفوح منه رائحة الطائفية عبر تهميش الموقع - وهو حسينية المصطفى -، والقول بأن ما حدث هو مجرد إطلاق نار على موقع!!. والحقيقية ان الذي حدث مجزرة ارهابية لدواعي اشعال حرب طائفية عبر استهداف مواطنين شيعة أبرياء في حسينية لإحياء مراسيم عاشوراء.

رغم ما حدث ويحدث وخطورة الأوضاع في الوطن وفي الدول الإقليمية، ما زالت السلطة الرسمية ترفض الاعتراف الرسمي بالتعددية، وحرية العبادة واحترام الآراء، كوجود الشيعة وممارسة عبادتهم حسب معتقدهم، فرغم ان احياء عاشوراء في الاحساء والقطيف يمثل أعظم حدث في المنطقة إلا ان الاعلام الرسمي بكل وسائله يهمش ويتجنب تغطية الحدث والاشارة إليه، بل على العكس يتم الاساءة لهذه المناسبة.

كما ان السلطة ما زالت ترفض لغاية اليوم السماح والتصريح للشيعة ببناء دور العبادة من مساجد وحسينيات في مناطقهم فهناك عشرات المساجد والحسينيات في الاحساء والقطيف موقفة ممنوعة منذ سنوات، ام في الدمام والخبر والظهران والجبيل، فلا يوجد فيها إلا مسجد وحيد فقط للشيعة في هذه المدن، ويمنع الشيعة في هذه المدن من أحياء مناسبة عاشوراء، ويتم اعتقال وسجن كل من يقوم بذلك، مما يضطر الشيعة للذهاب الى مدن محافظة القطيف أو الاحساء!!.

ومازالت المناهج التعليمية السعودية تكفر الشيعة وتصفهم بالمشركين، وتمنعهم من الخروج على وسائل الاعلام الرسمية كمواطنين شيعة، ام الكتب التي تنال من الشيعة وتصفهم بالروافض والخونة والتشكيك في وطنيته.. فهي مستمرة وتباع في المكتبات لغاية اليوم، في ظل منع دخول الكتب الشيعية!!.

والأكثر غرابة القضاء السعودي يحاكم المواطنين المخلصين بسبب تواصلهم مع اخوانهم المواطنين من المذهب الاخر لتكريس الوحدة الوطنية، كما حدث مع الحقوقي مخلف الشمري الذي صدر حكم عليه مؤخرا بالسجن لمدة سنتين، والجلد 200 جلدة، بسبب تواصله مع الشيعة!!.

وما زالت المؤسسة الدينية الرسمية تصدر الفتاوي ضد المذهب الشيعي، والدعوة لمحاربة وانتشار الفكر الشيعي.

هذه أسباب تساهم في حدوث مجازر كالتي وقعت في الدالوة الدموية الحزينة، بالاضافة إلى استمرار تهميش المواطنين الشيعة في المساهمة في تحمل المسؤولية في بناء وإعمار الوطن بالشكل المطلوب، عبر اختيارهم في مناصب كبرى في الوطن (..) أو في مناطقهم مثل أمين أو رئيس أو مدير بلدية أو دائرة حكومية مثل المدارس، وهذا واقع لا يتناسب مع روح الوطنية الحقيقية.

صمت شريحة كبيرة من المواطنين عن الأخطاء التي تقع في الوطن كالفساد واستغلال السلطة والسرقات، وسياسة تهميش بعض المواطنين كما يقع على المواطنين الشيعة من اساءة في المناهج التعليمية والاعلام وغيرها تطرح أكثر من علامة، حيث إن الصمت علامة الرضا!!؟؟.

اين المواطنة الحقيقية واللحمة الوطنية؟. لا أحد يفكر فيها إلا عندما يحدث إعتداء صارخ على المواطنين الشيعة، ويحدث الغضب الشيعي، حينها يتذكر المواطنون بان لديهم شركاء في الوطن، فيعملون على التهدئة باسم اللحمة الوطنية والنسيج الوطني؟.

اين هذه الروح من المطالبة بحقوق المواطنين كافة والدفاع عن المواطنين الشيعة ورفض الاساءة للشيعة في المناهج التعليمية وغيرها.. للمحافظة على اللحمة الوطنية؟.

هذا جزء مما يشيب له شعر الرضيع،.. والتي تؤدي إلى تنامي روح الطائفية البغيضة في المجتمع، وحدوث الاعتداءات الدموية.

أليس تلك المعلومات صحيحة؟

من المسؤول عن كل ذلك؟

لنتحدث بشكل صريح ومباشر وان نصف الأشياء ونسميها باسمائها، ان المسؤول الأكبر عن كل ذلك هي السلطة مباشرة.

لقد تحدث وكتب العديد من المواطنين الشرفاء المخلصين حول ذلك كثيرا، ولكن السلطة ربما مشغولة بأمورها أكثر من مصلحة المواطنين.

لقد قلنا أكثر من مرة ان الإعلام سلاح خطير، فينبغي التعامل معه من قبل الشخصيات الدينية والثقافية وغيرها بذكاء وحذر، وان يتم التركيز على الحدث وسقوط شهداء أعزاء أبرياء مظلومين، والاشارة بشكل صريح عن المسؤول الأول عن ذلك، وتشجيع الشعب على محاسبة المجرمين والمسؤولين عن تلك الأعمال، في ظل التحلي بالسلمية، وان اتباع مدرسة اهل البيت (ع) أكبر مما يروج له من الإنتقام والتعامل بالمثل، ولكن من حق الشرفاء أهل الشهداء والجرحى المفجوعين ومحبيهم الغضب والمشاركة الكبيرة في التشييع.

..ومع سقوط ارواح عزيزة وغالية، نتيجة الحادث الإرهابي الطائفي، ولأجل عدم تكرارها فينبغي طرح تلك النقاط والازمات الوطنية مباشرة ومنها ضرورة المبادرة بالإصلاح الشامل في الوطن بما يتناسب مع إرادة الشعب للعيش بكرامة يتمتع بحقوق كاملة في ظل دستور شعبي، والاعتراف بالتعددية المذهبية بشكل صريح - كالمذهب الشيعي - وتجريم كل من يسيء لها، وفتح المجال لهم بالتعبير عن آرائهم عبر وسائل الاعلام الوطنية لعدم اللجوء لوسائل اعلام خارجية، وحل ملف المعتقلين، على كبار المسؤولين للوصول إلى الحل الصحيح الحاسم تحت المظلة الوطنية بشكل سريع، وعدم المجاملة والثناء على أعمال السلطة، فالمجاملة هي التي الى أدت إلى وصول الأمور إلى هذه المراحل الخطيرة التي تهدد الوطن والمنطقة.

رحم الله الشهداء الأبرار، والهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان. وحفظ الله الوطن والمواطنين من كل شر.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/تشرين الثاني/2014 - 12/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م