حرب العراق.. بين تحقيق الانجازات وخفايا الاجندات

 

شبكة النبأ: في الاسابيع الاخيرة الماضية، استطاعت القوات العراقية المدعومة بقوات الحشد الشعبي (وهم مدنيون حملوا السلاح بعد صدور فتوى المرجع السيستاني لصد هجمات ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية/ داعش، التي شنت هجوم كبير في التاسع من حزيران الماضي، وهددوا بالزحف نحو العاصمة والمناطق المقدسة لدى المسلمين)، تحرير العديد من المناطق التي تمتلك بعدا استراتيجيا في المعركة ضد التكفيريين، كونها تشكل عقدة مواصلات مهمة قد تهدد المحافظات الجنوبية، وتمكن التنظيمات الارهابية من قطع الطريق عن العاصمة بغداد، اضافة الى محاصرتها، ولعل طرد المقاتلين من منطقة (جرف الصخر) وضواحيها، ومحاصرة عامرية الفلوجة من عدة محاور (والتي تشكل ممرا امنا لمسلحي داعش وصولا الى الرقة ودير الزور في سوريا)، يأتي في سياق خطط عسكرية تهدف الى قطع خطوط الامداد عن داعش وتضييق الخناق عليهم، استعدادا للتقدم نحو محافظة الرمادي (اكبر المحافظات العراقية والتي تشكل ثلث مساحة العراق)، والتي تحدث مسؤولون عن سيطرة داعش عليها بنسبة 80%، فيما طالب اخرون بتدخل قوات اجنبية لمنعها من السقوط في اي لحظة.

ومع ان المعركة مع تنظيم داعش قد تكون طويلة، بحسب خبراء عسكريين، الا ان الكثير من المحللين اكدوا على ضرورة تحقيق بعض النجاحات الميدانية من اجل تعزيز الروح المعنوية لدى المقاتلين، ودفع العملية السياسية في العراق، (بعد الاخفاقات والتجاذبات التي شهدتها الحكومة السابقة) نحو الامام، سيما وان بوادر حسن النية والتوافق السياسي، سجل مؤشرات طيبة حتى هذه اللحظة في ضل تولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء، واكمال الكابينة الوزارية للحكومة، واهمها وزارتي الدفاع والداخلية الامنيتين بعد تعثر استمر لأسابيع، بحسب ما يرى خبراء.

وساهم تشكيل حكومة عراقية، تشمل مختلف الوان الطيف، الى الحصول على المزيد من الدعم الدولي والاقليمي، والذي اتى في سياق التصريحات والزيارات والوعود التي اطلقها مختلف الشخصيات والقادة والدول نحو توفير المزيد من الدعم السياسي والدبلوماسي للحكومة العراقية والعملية السياسية الجارية، وايدت السعودية وقطر والامارات والاردن وتركيا...الخ، الخطوات السياسية والعمليات العسكرية الجارية في العراق، بعد ان كان اغلب هذه الدول على علاقة متوترة مع الحكومات السابقة للعراق، فيما تحاول الولايات المتحدة الامريكية تفعيل عمل التحالف الدولي الذي دعت اليه في العراق وسوريا، وتقريب وجهات النظر بين حلفائها المتصارعين، خصوصا في سويا، والتي يخشى مراقبون انعكاس هذا الصراع على تقدم العملية السياسية والعسكرية في العراق.

انتصارات قرب بغداد

فقد قال مسؤولون أمنيون إن قوات الحكومة العراقية استعادت السيطرة على أربع قرى بالقرب من قمة جبلية تشرف على خطوط إمداد تنظيم الدولة الاسلامية في إطار حملة تسعى لتحقيق مكاسب في مواجهة المقاتلين الاسلاميين، واكتسبت قوات الأمن العراقية المدعومة من الميليشيات الشيعية بعض الزخم في محاولتها لتخفيف قبضة التنظيم المتشدد الذي يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في شمال وغرب العراق، فبعد شهور من القتال طردت القوات العراقية المتشددين من بلدة جرف الصخر إلى الجنوب من بغداد فيما استعاد المقاتلون الأكراد السيطرة على بلدة زمار في الشمال، وقال مسؤولون عراقيون إن عناصر التنظيم كانوا ينقلون المقاتلين والأسلحة والإمدادات من غرب العراق عبر أنفاق سرية في الصحراء إلى جرف الصخر. ويبدو الآن أن القوات الحكومية يمكنها تدمير هذه الشبكة.

وبدأت قوات الأمن العراقية وميليشيات شيعية هجوما على مناطق محيطة بجبال حمرين التي تعتبر بؤرة لنشاط المتشددين وتقع على بعد مئة كيلومتر إلى الجنوب من مدينة كركوك النفطية، وقال مسؤولون أمنيون إن القوات العراقية سيطرت على أربع قرى في المنطقة وأضافوا أن من الصعب تكثيف الجهود للسيطرة على المزيد من الأراضي بسبب خطر العبوات الناسفة والمنازل الملغومة، وقال أحمد نعمان وهو رائد في الجيش العراقي إن القوات الحكومية قررت التقدم ببطء فهي تسيطر على الأرض وتقيم أبراج مراقبة وتزيل المتفجرات وتبني حواجز رملية لمنع المسلحين من العودة.

وتهدف العملية إلى عزل مقاتلي الدولة الاسلامية الذين يسيطرون على بلدتي جلولاء والسعدية وعزل مناطق تقع في قبضتهم إلى الشمال الشرقي من مدينة بعقوبة التي تسيطر عليها قوات الأمن العراقية وميليشيات شيعية، وتحاول القوات الحكومية ومقاتلو البشمركة الكردية منذ شهور السيطرة على جلولاء والسعدية وكلاهما إلى الشمال الشرقي من بغداد، واجتاح تنظيم الدولة الاسلامية شمال العراق خلال الصيف دون مقاومة تذكر من القوات الحكومية، وأعلن التنظيم قيام دولة خلافة وهدد بالزحف صوب بغداد مما أثار قلق الحكومة التي يقودها الشيعة وفجر المزيد من الهجمات الطائفية، وربما حد من عمليات التنظيم غارات جوية تشنها الولايات المتحدة على أهداف تابعة له في العراق وسوريا لكن من الصعب التكهن بفرص انتصار الحملة على المتشددين الذين أعادوا رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط، ويتوقف الأمر كثيرا على تحسن أداء الجيش العراقي وقوات الأمن. بحسب رويترز.

وقالت مصادر عسكرية إن انتحاريا يقود شاحنة ملغومة قتل ثلاثة جنود أثناء تجمع لأفراد الجيش العراقي على طريق سريع إلى الغرب من مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين، وأضافت المصادر أن القوات العراقية وميليشيات شيعية حاولت أيضا التقدم باتجاه قرية قريبة من تكريت يسيطر عليها التنظيم لكنها فشلت في مواجهة العبوات الناسفة والألغام الأرضية ونيران القناصة، واندلعت الاشتباكات في المنطقة، ومن المتوقع أن تستهدف العملية الأمنية الكبيرة المقبلة بلدة عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار معقل السنة في العراق والتي تقع على بعد 40 كيلومترا فقط من بغداد، ويحيط مقاتلو الدولة الاسلامية بالبلدة منذ أسابيع، وقال مسؤولون أمنيون إن القوات الحكومية تستعد لمحاولة كسر الحصار، ويبدو أن مقاتلي الدولة الاسلامية يستعدون هم أيضا للقتال، وفي بلدة الفلوجة القريبة التي أصبحت معقلا للدولة الاسلامية استخدم المقاتلون المتشددون مكبرات الصوت المثبتة في سيارات الشرطة التي استولوا عليها للحديث إلى أنصارهم، وقال شاهد من الفلوجة إن الرسالة التي نقلت عبر مكبرات الصوت جاء فيها "لا تخافوا، ولا تقلقوا بسبب ما حدث في جرف الصخر، سيعود المجاهدون.

فيما قتل ثمانية عناصر من القوات العراقية في معارك مع عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية" في منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، بحسب ما افادت مصادر عسكرية، في محاولة لتأمين هذه المنطقة القريبة من الطريق المؤدية الى مدينة كربلاء المقدسة، وبدأت القوات العراقية، مدعومة بعناصر من الحشد الشعبي، عملية في المنطقة لتأمين الطريق بين بغداد وكربلاء قبل ايام من ذكرى عاشوراء. ويزور مئات الآلاف من الشيعة كربلاء لاحياء ذكرى مقتل الامام الحسين، في سلسلة مناسبات تتوجها مسيرة ضخمة في ذكرى الأربعين، وقال نقيب في الجيش العراقي ان القوات العراقية بدأت هجوما من المحاور الشرقية والجنوبية والشمالية على جرف الصخر، وهي منطقة زراعية تمتد على مساحة نحو 200 كلم مربع، وتقع على مثلث بين محافظات بغداد والانبار (غرب) وبابل (جنوب).

ويأتي هجوم القوات العراقية عشية بدء شهر محرم في العراق، والذي يحيي الشيعة في العاشر منه ذكرى مقتل الامام الحسين، وتتخلل الايام العشرة الاولى من الشهر مسيرات وتجمعات دينية، تتوج بعد اربعين يوما بمشاركة مئات الآلاف من المؤمنين في مسيرة سيرا من بغداد الى كربلاء (170 كلم جنوب) حيث مرقد الامام الحسين، وتسعى السلطات العراقية الى دفع مسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية" بعيدا عن هذا الطريق لمنع استهداف المؤمنين بالقذائف او الصواريخ، وقال محافظ كربلاء عقيل الطريحي في تصريحات للصحافيين خلال زيارته جرف الصخر "تأمين منطقة جرف الصخر هو تأمين لكربلاء والجنوب بأكمله، لأن بوابة الجنوب تبدأ من جرف الصخر"، وأكد رئيس مجلس محافظة كربلاء نصيف الخطابي، أن "كربلاء امنة بتوفيق الله وبجهود الابطال الميامين".

أمريكا والهجوم البري

الى ذلك قال مسؤولون في القيادة المركزية الأمريكية إنه لن يكون بمقدور القوات العراقية البدء في تنفيذ أي هجوم بري متواصل ضد تنظيم الدولة الإسلامية قبل شهور من الآن وإن أي جهد مماثل في سوريا سيستغرق وقتا أطول، وسيعتمد التوقيت في العراق على مجموعة من العوامل بعضها خارج نطاق سيطرة الجيش وتتراوح من الأوضاع السياسية العراقية إلى الطقس، ويتعين أيضا تدريب القوات العراقية وتسليحها وتجهيزها قبل أي هجوم كبير مثل الذي يهدف إلى استعادة مدينة الموصل التي سقطت في يد الدولة الإسلامية في يونيو حزيران، وقال مسؤول عسكري "ليس وشيكا، لكننا لا نعتقد ان الأمر سيستغرق أعواما للوصول بهم إلى المرحلة التي يكون بمقدورهم فيها القيام بهجوم مضاد ومتواصل" واصفا الأمر بانه جهد "يستغرق شهورا"، وأضاف المسؤولون في إفادة لمجموعة من الصحفيين إن الأولوية في العراق تتمثل في وقف تقدم الدولة الإسلامية لكنهم أقروا بأن محافظة الأنبار في غرب العراق مهددة رغم الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.

وتعرضت الفرق العسكرية الرئيسية للعراق في الأنبار وهي السابعة والثامنة والعاشرة والاثنا عشر لأضرار بالغة، وقتل ما لا يقل عن 6 الاف جندي عراقي في شهر يونيو حزيران وفر مثلي هذا العدد من الخدمة بحسب مصادر طبية ودبلوماسية، وحين سئل عما اذا كان المستشارون العسكريون الأمريكيون في العراق قد يتوجهون إلى الأنبار أقر المسؤول الأول بأن المناقشات جارية على نطاق واسع بشأن جهود لتمكين العراقيين "بقدر ما نستطيع" لكنه لم يكشف عن التفاصيل، وقال المسؤول إن محادثات جارية ايضا مع الشركاء في التحالف بشأن إمكانية نشر مستشاريهم، وكان سكان الأنبار وغالبيتهم من السنة يشعرون بالاستياء من حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ذات الأغلبية الشيعية لكن المسؤولين رصدوا دلائل إيجابية بين العشائر منذ ان تولى حيدر العبادي رئاسة الوزراء في سبتمبر أيلول، لكن المسؤول قال إنه ما زال يتعين على حكومة العبادي أن تثبت نفسها وأضاف أن الجيش الأمريكي لن "يبدد مصداقيتنا" بالتكفل بذلك الان وسيقصر نفسه على التوسط في المحادثات بين الحكومة والعشائر.

وقال المسؤول "إلى ان تتمكن حكومة العبادي من تثبيت مكانتها وتحقيق بعض النجاحات الصغيرة فإنني لا اعتقد اننا سنكون في وضع يتيح لنا تقديم اي وعود لمصلحة تلك الحكومة"، وفي حين حدد المسؤولون معركة طويلة الأمد في العراق فقد أوضحوا أن الأمر سيستغرق وقتا أطول في سوريا، وقال مسؤول إن الكثير من الوقت في سوريا مخصص لمهمة تدريب مزمعة لقوات تدعمها الولايات المتحدة هدفها الأول هو ضمان عدم سقوط المزيد من المدن، وأضاف المسؤول الأول "نحاول تدريبهم في البداية ليكونوا قادرين على الدفاع عن مدنهم وقراهم"، لكن تدريب مقاتلين قادرين على مواجهة الدولة الإسلامية على نحو قوي يتطلب قدرا أكبر من التعليمات وسيستغرق الأمر وقتا اطول لتجهيز ما يكفي من المقاتلين، وقال المسؤول "قد يستغرق الأمر من عام إلى 18 شهرا" حتى يمكن رؤية تأثير في ساحة المعركة". بحسب رويترز.

وقالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) بعد أن تحدث وزير الدفاع تشاك هاجل الى نظيره العراقي هاتفيا إن وزير الدفاع العراقي الجديد أكد له التزامه باصلاح الجيش وقال إن مهاجمة مقاتلي الدولة الاسلامية لها الاولوية، وقال المتحدث باسم البنتاجون الاميرال جون كيربي إن هاجل ووزير الدفاع العراقي خالد العبيدي تحدثا لنحو 20 دقيقة في أول مكالمة هاتفية بينهما منذ التصديق على تعيين العبيدي في منصب وزير الدفاع، وقال كيربي للصحفيين "كان الوزير واضحا جدا، في أكثر من مناسبة في المكالمة قال إن لديه كل النية للهجوم على الدولة الاسلامية والتأكد من أن قوات الامن العراقية لديها الموارد المناسبة والتدريب ومجهزة للقيام بذلك".

وقال كيربي "وركز بصورة خاصة على انه لديه كل النية، للتأكد من ان قوات الامن العراقية تمثل مصالح كل العراقيين وانه يريد جيشا من كل الاطياف التي تمثل سكان العراق، جيشا يدافع عن كل بوصة من العراق"، وصدق البرلمان العراقي على تعيين العبيدي في منصب وزير الدفاع وهو سني من مدينة الموصل التي تحتلها الان قوات الدولة الاسلامية، ويغلب على تشكيل الحكومة العراقية الشيعة ويرأسها حيدر العبادي الذي وعد بالعمل على رأب الانقسامات الطائفية في العراق وتوحيد البلاد ضد الدولة الاسلامية وهي جماعة متطرفة استولت على معظم أجزاء شمال غرب البلاد هذا العام، وقال كيربي إن العبيدي وهاجل لم يبحثا تفاصيل العمليات بشأن التدريب والموارد التي ستحتاج اليها قوات الامن العراقية لشن هجوم كبير على متشددي الدولة الاسلامية، وبدلا من ذلك ناقشا اولويات العبيدي كوزير دفاع، وقال كيربي "كان واضحا للغاية بشأن رغبته في هزيمة الدولة الاسلامية" و"التأكد من أن الجيش العراقي لديه الموارد المناسبة والتدريب ليواصل الدفاع عن بلده ومواطنيه"، وأضاف كيربي ان العبيدي تحدث بشأن الحاجة لاصلاح الجيش العراقي الذي يقول مسؤولون أن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أداره بطريقة سيئة وتقاعس عن توفير التدريب له وغير بعض القادة المتميزين بآخرين مقربين منه وزاد الانقسامات الطائفية، وقال كيربي "استخدم كلمة اصلاح بمعنى ما يعرف انه يحتاج الى عمله مع الجيش العراقي"، وأضاف "بعض هذه لاشياء تقع في مجال الموارد، الرجال والتدريب والتجهيز، ولذلك فهو يعرف ان لديه عملا ليقوم به"، وللولايات المتحدة في الوقت الراهن مستشارون عسكريون يساعدون القوات العراقية كما تنفذ واشنطن ضربات جوية ضد أهداف المتشددين، وذكر كيربي أن العبيدي عبر عن أمله في أن يتمكن هاجل من زيارة العراق، لكنه قال إنه لم يتم اتخاذ قرار في هذا الشأن.

زيارة ايران

بدوره اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في طهران ان بلاده تخوض حربا مع "ارهابيين" يهددون المنطقة ويريدون شق صفوف المسلمين وذلك اثر محادثاته مع كبار المسؤولين الايرانيين، وتربط بين البلدين الجارين ومعظم سكانهما من الشيعة، علاقات مميزة منذ ان اطاحت الولايات المتحدة بنظام صدام حسين في 2003، فيما تزايد دور ايران العلني في السنوات الماضية في العراق، وتعززت هذه العلاقات عسكريا بعد الهجوم الخاطف الذي شنه مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية من سوريا وصولا الى العراق هذا الصيف، والتقى العبادي وهو من الغالبية الشيعية الرئيس الايراني حسن روحاني ونائب الرئيس اسحاق جهانغيري خلال زيارته، وقال العبادي "ان تهديد الارهاب سيشمل وجود جميع دول المنطقة"، واضاف "العراق لا يحارب الارهاب فقط، انها حرب شاملة مع كل هذه المجموعات" في اشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية ومقاتلين متطرفين اخرين مثل "جبهة النصرة"، واضاف "انها تشكل تهديدا للمنطقة وهذه المجموعات الارهابية تحاول خلق انشقاق بين الشيعة والسنة" كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية. بحسب فرانس برس.

وكان العبادي رفض قبل الزيارة انتشار جنود اجانب "من قوة عظمى او ائتلاف دولي" على الاراضي العراقية للمساهمة في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على عدة مناطق عراقية بما فيها محافظة ديالى الحدودية مع ايران، وهي الزيارة الاولى للعبادي الى طهران منذ فشل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في شغل ولاية جديدة على رأس الحكومة، وقد ساندت ايران المالكي منذ توليه السلطة في بغداد في 2006 لكنه فقد الثقة بعد الخسائر التي منيت بها القوات العراقية امام تقدم عناصر تنظيم الدولة الاسلامية وسيطرتهم على مناطق واسعة من شمال البلاد، واستبعد العبادي خلال زيارة الى النجف التقى فيها المرجع الشيعي الاعلى اية الله علي السيستاني، تدخل قوات اجنبية على الارض، مؤكدا ان مثل هذا التدخل في المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف "سيعقد" الوضع في العراق.

ومساهمة في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق، ارسلت طهران في التاسع من حزيران/يونيو اسلحة الى المقاتلين الاكراد ومستشارين عسكريين لدى قوات بغداد، لكنها تنفي نشر اي قوات على الارض، لكن في مطلع تشرين الاول/اكتوبر بث التلفزيون الايراني الرسمي صورة نادرة لقائد فيلق القدس، وهي وحدة النخبة في النظام الايراني، وهو يقف الى جانب مقاتلين اكراد عراقيين يقاتلون تنظيم الدولة الاسلامية، وفي نهاية ايلول/سبتمبر هدد ضابط عسكري ايراني كبير بالهجوم "على عمق الاراضي العراقية" اذا اقترب تنظيم الدولة الاسلامية من الحدود الايرانية، ورفضت ايران المشاركة في الائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية وتدعو الى مساعدة اقليمية الى الحكومتين العراقية والسورية وتؤكد ان الغارات الجوية غير كافية.

وتعتبر زيارة عبادي ايضا سياسية اذ انه بعد اسابيع من ازمة حول رفض رئيس الوزراء السابق نوري المالكي التنحي عن الحكم، وما تلا ذلك من مشاورات معقدة في بلد تنخره الانقسامات، وافق البرلمان في الثامن من ايلول/سبتمبر على حكومة حيدر العبادي، وكان التلفزيون العراقي ذكر ان زيارة العبادي لايران تستغرق يوما واحدا وتندرج في اطار مساعيه "لتوحيد جهود المنطقة والعالم بمساعدة العراق في حربه ضد تنظيم داعش الارهابي"، وتأتي الزيارة بعيد اكتمال عقد حكومة العبادي اثر موافقة البرلمان على تعيين وزير الداخلية محمد سالم الغبان المنتمي الى كتلة بدر الشيعية المقربة من ايران، وخالد العبيدي مرشح القوى السنية، وأبقت التباينات السياسية هذين المنصبين الحساسين شاغرين منذ نيل حكومة العبادي الثقة في الثامن من ايلول/سبتمبر.

واعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ان تدخل قوات أجنبية في المعارك ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" المتطرف "سيعقد" الوضع في العراق، وذلك اثر لقائه المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني، وأتى موقف العبادي ردا على تصريحات لمسؤولين في محافظة الانبار (غرب)، طالبوا فيها بتدخل قوات برية اجنبية لمواجهة التنظيم الذي يتقدم في المحافظة الحدودية مع سوريا على رغم الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وقال العبادي للصحافيين "لا داعي للطلب، هذا سيعقد الموقف العراقي والمشهد العراقي، ويحرج الجميع"، واضاف "أقول لاخواننا في الانبار وفي صلاح الدين الذين طالبوا بوجود قوات برية اجنبية على اراضينا: هذه الدعوة لا ينبغي ان تكون"، وذلك لسببين اولهما "اننا لا نحتاج الى قوات برية مقاتلة اجنبية"، والثاني انه "لا توجد دولة في العالم حتى لو طلبتم، مستعدة اليوم ان تقاتل وتسلم لكم ارضكم"، وشدد على انه "لن يكون هناك قوات برية مقاتلة على الارض العراقية من اي جهة كانت، سواء كانت من دولة كبرى ام مجتمع دولي او دولة اقليمية، هذا قراري وقرار الحكومة العراقية".

ولم تمنع ضربات التحالف الدولي تنظيم "الدولة الاسلامية" من التقدم في محافظة الانبار خلال الاسابيع الماضية، حيث بات يسيطر على نحو 85 بالمئة منها. وحذر نائب رئيس مجلس المحافظة فالح العيساوي في تصريحات، من ان المحافظة قد تسقط ما لم "تتدخل قوات برية أجنبية" لا سيما اميركية، وان المعركة ستكون حينها "على ابواب بغداد"، واعلنت دول في التحالف ابرزها الولايات المتحدة ارسال مستشارين عسكريين الى العراق، مؤكدة انها لن ترسل قوات برية للقتال، وراى العبادي اليوم انه "يجب ان نقاتل نحن للدفاع عن ارضنا يجب ان نتوحد ونتكاتف ونضع يدا بيد ونحرر ارضنا، وصدقوني نستطيع"، واستقبال السيستاني للعبادي، هو اول زيارة من نوعها لرئيس الوزراء العراقي (وهو من الشيعة) للمرجعية منذ اربع سنوات، ووجهت المرجعية انتقادات لسلف العبادي نوري المالكي خلال ولايته الثانية، ودعت بشكل غير مباشر الى تنحيه اثر الهجوم الكاسح الذي شنه تنظيم "الدولة الاسلامية" في حزيران/يونيو، واكد العبادي ان "سماحة السيد واضح لديه الموقف الحكومي وهو متفق معنا بعدم الحاجة الى وجود قوات برية اجنبية".

هجمات انتحارية

من جانب اخر قتل 11 شخصا على الاقل واصيب نحو 26 بجروح في هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف مصلين شيعة بعيد خروجهم من حسينية في وسط بغداد، في هجوم هو الثاني من نوعه في أقل من 24 ساعة، حسبما افادت مصادر امنية وطبية، وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة ان "11 شخصا قتلوا واصيب 26 بجروح في هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف حسينية الخيرات في منطقة السنك" في وسط بغداد، وبحسب المصدر، وقع الهجوم لدى خروج المصلين بعيد الانتهاء من اداء صلاة الظهر، واكدت مصادر طبية في مستشفيات بغداد حصيلة الضحايا، وقتل 22 شخصا واصيب 36 على الاقل عندما فجر انتحاري يرتدي حزاما ناسفا نفسه عند مدخل حسينية في منطقة الحارثية في غرب بغداد، ويأتي هذان التفجيران في اطار سلسلة من الهجمات المتلاحقة التي تستهدف مناطق متفرقة في بغداد منذ أيام.

ولم تتبن اي جهة التفجير، لكن غالبا ما تكون العمليات الانتحارية لا سيما تلك التي تستهدف مناطق ذات غالبية شيعية، من تنفيذ اسلاميين متطرفين خصوصا عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، ويزيد تصاعد الهجمات ضد الاماكن الدينية الشيعية في بغداد، المخاوف من استهدافات متزايدة مع اقتراب شهر محرم وذكرى عاشوراء، والتي يحييها مئات الآلاف من شيعة العراق بزيارات الى مدينة كربلاء المقدسة (80 كلم جنوب بغداد)، وانفجرت ثلاث سيارات مفخخة في مدينة كربلاء وعلى اطرافها، ما ادى الى مقتل شخص على الاقل واصابة عشرة بجروح، بحسب مصادر طبية واخرى في الشرطة، وقال المتحدث باسم الشرطة العقيد احمد الحسناوي ان سيارتين مفخختين انفجرتا على بعد نحو كلم شرق المدينة القديمة حيث مرقد الامام الحسين (اكرر الحسين) والامام العباس، اما السيارة الثالثة فانفجرت على مسافة اربعة كلم الى الجنوب، وعلى رغم الضربات الجوية التي ينفذها تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد مواقع التنظيم المتطرف في سوريا والعراق، الا ان عناصره تقدموا في الاسابيع الماضية في محافظة الانبار في غرب العراق، التي تجاور اطراف بغداد وتتشارك حدودا بطول اكثر من 300 كلم مع سوريا. بحسب فرانس برس.

فيما قتل انتحاري 19 شخصا اثناء مراسم جنازة في بغداد في حين أوقف كمين تقدم القوات العراقية نحو مدينة شمالية رئيسية يسيطر عليها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، وقال ضابط بالشرطة ومسؤول طبي إن انتحاريا قتل 19 شخصا وأصاب 28 اخرين أمام مسجد للشيعة اثناء جنازة في حي الحارثية في غرب بغداد، وأضاف ضابط الشرطة الذي رفض الإفصاح عن اسمه "اقترب المهاجم من مدخل المسجد وفجر نفسه وسط الجموع"، وشهدت بغداد سلسلة تفجيرات الشهر الماضي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن معظمها، ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي لتعزيز جهودها لاستعادة مناطق سنية استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية هذا العام.

وفي مكان اخر حاولت قوات عراقية استعادة مدينة بيجي الشمالية المتاخمة لأكبر مصفاة للنفط بالبلاد، ولا تزال المصفاة تحت سيطرة الحكومة رغم حصارها من قبل الدولة الإسلامية، وقال ضباط إن العملية بدأت في الساعات الأولى من صباح السبت لكنها تعثرت عندما انفجرت مركبة مدرعة قرب قافلة لقوات الامن في قرية تبعد نحو 20 كيلومترا جنوبي بيجي، وأسفر الانفجار عن مقتل أربعة جنود وإصابة سبعة، وقال رائد بالجيش يشارك في العملية "فاجأ المهاجم قواتنا بقيادته لمركبة مدرعة عسكرية، اعتقدنا انها إحدى مركباتنا"، وأضاف "ننوي استعادة بيجي بأسرع ما يمكن لتأمين طريق سريع رئيسي ووقف الهجمات اليومية للارهابيين على مصفاة بيجي"، ويبدو أن الهجوم يتحاشى مدينة تكريت العراقية الواقعة إلى الجنوب من بيجي والخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية ويركز بدلا من ذلك على بيجي نفسها، وتتولى القوات العراقية حماية المصفاة منذ يونيو حزيران رغم محاصرتها من كل الجوانب بعد انهيار الجيش العراقي في الشمال امام هجوم عسكري كبير وخاطف للدولة الإسلامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/تشرين الأول/2014 - 4/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م