كوباني..  بين أتون المعركة وتناقض الأجندات

متابعة: حسن الزبيدي

 

شبكة النبأ: مع تصاعد التوترات الامنية والسياسية في منطقة الشرق الاوسط باتت كوباني المدينة الكردية بؤرة صراع ساخنة امنياً بين تنظيم مايسمى بـ "داعش" وقوات حماية الشعب الكردية على الاراضي السورية محليا،ً فيما شكلت كوباني بعداً اقليمياً ودولياً نظراً لاهميتها الاستراتيجية بإعتبارها محاذية لتركيا.

حيث يدور القتال في كوباني على مرمى البصر من الدبابات التركية عند الحدود لكن تركيا ترفض التدخل للمساعدة في الدفاع عن المدينة مما أثار غضب اقليتها الكردية التي يصل عددها الى 15 مليون نسمة. ويعزو بعض المحللين ان رفض الاتراك التدخل ازاء ما يحصل هو لتحويل دائرة الصراع مع حزب العمال الكردستاني والنظر إلى المشكلة كأنها مشكلة داخل تركيا تهم السياسة التركية، وليست مشكلة داخل الاراضي السورية.

ولا تؤيد تركيا التي لا تزال ترفض التدخل في سوريا رغم النداءات الملحة لحلفائها، إذ تخشى أن ينعكس دعم الأكراد في سوريا على مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" الذين يشنون تمردا مسلحا على أراضيها منذ 1984، وتشكل الاضطرابات الحاصلة في المنطقة حسب مايرى محللون بانها تظهر خطورة اتساع حربين أهليتين، يساهم  فيها عدة اطراف اقليمية ودولية.

في الوقت نفسه يرى محللون آخرون أن أنقرة تنظر الى أكراد سوريا بشكوك عميقة بسبب علاقتهم بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حملة منذ عدة عقود من اجل حقوق الاكراد في تركيا، لكن في المقابل، تقيم تركيا علاقات جيدة مع كردستان العراق الذي يعتبر مقاتلوه راس الحربة في المعارك ضد تنظيم داعش بشمال العراق.

لذا يرى هؤلاء المحللون ان تغيير موقف تركيا بالسماح لاكراد العراق بتعزيز القوات في كوباني يكشف هواجس الاتراك من همينة حزب العمال الكردستاني مع اكراد سوريا وتشكيل قوى تهدد المصالح التركية عكس اكراد الذين لديهم مصالح مشتركة مع الاتراك. هذا ويسعى اكراد العراق بالوسائل المتاحة منها بعث اسلحة لكوباني أو محاولة إرسال قوات داعمة من البيشمركة, ويأتي هذا الدعم ضمن اطار حلم إقامة الدولة الكردية المستقلة.

حيث تمكن المقاتلون الأكراد الذين يتعرضون لهجوم من تنظيم داعش منذ أكثر من شهر من صد حرب شوارع ضارية، وتكبد مقاتلو التنظيم خسائر فادحة في كوباني التي يدور حولها القتال المحتدم تحت نظر العالم بأسره، وتلقى اهتماما من كل وسائل الإعلام في المنطقة والعالم.

فقد ساعدت الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة الاكراد في تجنب هزيمة لكنهم غير قادرين على اعادة تزويد مقاتليهم المحاصرين من ثلاث جهات من جانب داعش وممنوعين من استقدام مقاتلين أو أسلحة عبر الحدود. واذا وصلت التعزيزات فان هذا قد يمثل نقطة تحول في المعركة من أجل كوباني وهي بلدة أصبحت تمثل خط الجبهة في معركة لاحباط محاولة داعش اعادة تشكيل الشرق الاوسط.

وعليه يبدو أن كوباني باتت تشكل عائقاً امام تقدم تنظيم "داعش"، على الرغم من استقدامه تعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة عين العرب، حيث يحشد داعش قسما كبيرا من جهوده لمهاجمة المدينة التي سيتيح الاستيلاء عليها السيطرة على الشريط الحدودي بين الاراضي السورية والتركية.

هذا ويتخذ تنظيم "داعش" من اساليب الحرب النفسية كالإشاعات والحرب الدعائية هدفاً لتحقيق اغراضه اضافة للتسليح الذي يفوق الخصم عادةً مما يجعله تنظيم اكثر خطورة من التنظيمات الإرهابية الاخرى, لذا تضفي المعطيات انفه الذكر ان دوامة الصراع لازالت قائمة بين القوى المتعارضة والمتحالفة بشأن كوباني, والتحصينات التي تجريها تركيا إضافة إلى رفض سوريا للتدخل البري من الدول المتحالفة ما يجعل الامر اكثر تعقيداً على كوباني ويصب في مصلحة تنظيم "داعش"، على الرغم من المؤشرات الايجابية في معركة كوباني.

تقلب الموقف التركي

في سياق متصل قالت تركيا إنها ستسمح بمرور مقاتلي البشمركة الأكراد العراقيين إلى كوباني لمساعدة الأكراد السوريين في الدفاع عن المدينة في مواجهة متشددي تنظيم الدولة الإسلامية في الوقت الذي قام فيه الجيش الأمريكي بأول عملية اسقاط جوي منذ بدء القتال قبل أكثر من شهر لدعم المدافعين عن المدينة بالسلاح.

وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان واشنطن طلبت من أنقرة المساعدة "في وصول البشمركة أو جماعات أخرى" الى كوباني حتى يمكنها المساعدة في الدفاع عن البلدة الواقعة على الحدود التركية مضيفا انه يأمل في ان يتمكن الاكراد من خوض هذه المعركة.

وأقر كيري الذي كان يتحدث في اندونيسيا بمخاوف تركيا بشأن دعم الاكراد وقال ان الامدادات التي يتم اسقاطها من الجو لا تصل الى حد تغير في السياسة الامريكية، وأشار الى ان المعركة ضد الدولة الاسلامية التي سيطرت على مساحات كبيرة في سوريا والعراق لها اعتبارات أهم، وقال للصحفيين "نتفهم تماما أساسيات معارضة (أنقرة) ومعارضتنا لأي نوع من المنظمات الارهابية وخاصة التحديات التي يواجهونها فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني"، لكنه اضاف "لا يمكننا ان نغض البصر عن الجائزة هنا. سيكون عملا غير مسؤول من جانبنا ومن الناحية الاخلاقية.. أمرا بالغ الصعوبة ان تدير ظهرك لمجتمع يقاتل الدولة الاسلامية"، وقال المسؤول الكردي العراقي هيمين هورامي في صفحته على موقع تويتر انه تم اسقاط 21 طنا من الاسلحة والذخيرة بواسطة أكراد العراق.

وقال كيري انه هو والرئيس باراك اوباما تحدثا الى السلطات التركية قبل الاسقاط الجوي "ليوضحا تماما ان هذا لا يمثل تغيرا في سياسة الولايات المتحدة"، وأضاف "انها لحظة أزمة وحالة طارئة بالطبع لا نريد فيها ان نرى كوباني وقد أصبحت مثالا مرعبا لعدم استعداد الشعب لان يكون قادرا على مساعدة الذين يقاتلون الدولة الاسلامية".

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ان أنقرة تسهل مرور قوات البشمركة العراقية التي تقاتل ايضا الدولة الاسلامية في العراق، ولم يصل جاويش الى حد قول ان كانت أنقرة أيدت القرار الامريكي باسقاط أسلحة من الجو.

وقال متحدث باسم مقاتلي البشمركة التابعين لحكومة اقليم كردستان ان الاقليم الكردي العراقي مستعد لارسال قوات دعم الى كوباني وان التخطيط يجري لذلك،ن وقال المتحدث باسم وزارة البشمركة بالحكومة جبار ياور إنه "توجد جهود ونحن مستعدون لارسال بعض قوات الدعم إما برا وإما جوا." وقال ان القوات ليست في طريقها الى هناك.

الدعم الامريكي

من جتهه قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمسؤولين عسكريين كبار من حوالي 20 دولة إنه يشعر بقلق عميق من هجوم تنظيم داعش على بلدة كوباني السورية وإن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ ضربات جوية في المنطقة، وتوقع أوباما "حملة طويلة الاجل" ضد التنظيم المتشدد وأعلن أن هدف الولايات المتحدة وحلفائها هو تدمير التنظيم كي لا يبقى بمثابة تهديد في المنطقة أو للعالم. وأضاف أن الحملة ستشمل تقدما وانتكاسات. بحسب رويترز.

كما اضاف ارنست للصحفيين "الآن الضربات الجوية سيكون لها أثر لكن يضعف من ذلك الأثر غياب قوات برية على الأرض يمكنها متابعة تلك الهجمات الجوية من أجل إنهاء ذلك الحصار".

فقد أعلن الجيش الأمريكي عن قيام طائرات شحن أمريكية من طراز "سي130-" بإمداد المقاتلين الأكراد بالقرب من عين العرب/كوباني بالأسلحة والذخيرة والمواد الطبية، في وقت تشهد فيه المدينة اشتداد المعارك بين الوحدات الكردية ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذي خسر العشرات من مقاتليه بحسب المصدر السوري لحقوق الإنسان.

ألقت طائرات أمريكية أسلحة وذخائر ومواد طبية للمقاتلين الأكراد قرب مدينة عين العرب -كوباني لدعمهم في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يحاول جهاديوه منذ أكثر من شهر احتلال المدينة السورية الحدودية مع تركيا، كما أعلنت واشنطن.

وقالت القيادة العسكرية الأمريكية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى (سنتكوم) في بيان إن طائرات شحن عسكرية من طراز "سي-130" نفذت "عدة" عمليات إلقاء مؤن من الجو، مشيرة إلى أن هذه المؤن قدمتها سلطات إقليم كردستان العراقي وهدفها "إتاحة استمرار التصدي لمحاولات تنظيم الدولة الإسلامية للسيطرة على كوباني". بحسب فرانس برس.

ورحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بتعيين الوزيرين بعد أسابيع من التأجيل، ووصفه بأنه "خطوة إيجابية جدا إلى الأمام" في القتال ضد الجهاديين في العراق فيما أدى تفجير انتحاري غرب بغداد مساء الأحد غالى مقتل 15 شخصا.

ونفذت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة 11 غارة جوية بالقرب من كوباني، بحسب ما أعلنت القيادة الأمريكية الوسطى، ما ساعد المقاتلين الأكراد على صد محاولة جديدة قام بها التنظيم المتطرف لقطع خطوط إمداداتهم من تركيا.

وأكد المسؤول إدريس نعسان في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الفرنسية في تركيا أن تنظيم "الدولة الإسلامية استقدم مزيدا من التعزيزات إلى المدينة"، مشيرا إلى "أنهم يهاجمون بضراوة، ولكن بفضل الضربات الجوية ورد المقاتلين الأكراد، لم يتقدموا".

دور اكراد العراق

على الصعيد نفسه قال مسؤول كردي عراقي كبير إن إدارة إقليم كردستان العراق قدمت مساعدات عسكرية للمقاتلين الأكراد السوريين الذين يقاتلون تنظيم "داعش" في مدينة كوباني، غير ان الأكراد السوريين في المدينة قالوا إنهم لم يتسلموا شيئا حتى الآن وقال مسؤول كردي سوري في المنطقة إن شحنة الأسلحة "رمزية" وانها عالقة في مكان ما بشمال شرق سوريا، وقال حميد دربندي مسؤول الملف السوري في رئاسة إقليم كردستان العراق "ساعدناهم على جميع الساحات تقريبا. أرسلنا إليهم مساعدات تتضمن مساعدات عسكرية"، ولم يذكر تفاصيل أخرى كما لم يوضح كيف تم نقل الأسلحة للمدينة السورية المتاخمة لحدود تركيا من الشمال والتي يحاصرها مقاتلو تنظيم "داعش"  من الشرق والجنوب والغرب. بحسب رويترز.

وعلى الصعيد ذاته تحدث مسؤول كردي سوري إن إقليم كردستان العراق أرسل شحنة أسلحة "رمزية" لكنها لم تصل كوباني لأن تركيا لم تفتح ممر العبور الذي طالب به أكراد سوريا ليتمكنوا من دعم المدينة، وقال متحدث باسم حكومة اقليم كردستان العراقي إن المنطقة مستعدة لارسال قوات دعم من البيشمركة التابعة لها إلى بلدة كوباني السورية للانضمام إلى القتال هناك ضد تنظيم داعش.

داعش يستقدم تعزيزات جديدة

من جانبه وعلى الرغم من ضربات قوات التحالف الدولي ضد مواقعه، استقدم تنظيم "داعش" تعزيزات جديدة إلى مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) السورية، وشن هجوما جديدا على المدينة. وبحسب صحافية في وكالة فرانس برس، فقد أطلق المسلحون عدة قذائف هاون على المركز الحدودي مع تركيا.

وقال المرصد السوري، الذي يستند الى شبكة واسعة من الناشطين والشهود في مختلف أنحاء سوريا، إن 28 قذيفة هاون استهدفت منطقة المركز الحدودي في شمال كوباني، موضحا أن 35 إرهابياً قتلوا في معارك وغارات الجمعة بينما قتل ثلاثة مقاتلين أكراد في المواجهات.

وصرح الجنرال لويد اوستن قائد القيادة العسكرية الأمريكية المكلفة الإشراف على الغارات الجوية في العراق وسوريا: "أعتقد أن ما قمنا به هناك في الأيام الأخيرة مشجع. لقد رأينا الأكراد يقاتلون ويستعيدون السيطرة على أراض وأعتقد أننا تمكنا من مساعدتهم من خلال شن غارات جوية محددة الاهداف". إلا أنه أقر أن المدينة التي لا يزال مئات المدنيين عالقين فيها لا تزال معرضة للسقوط في أيدي داعش.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/تشرين الأول/2014 - 28/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م