عقدة التفكيك تكشف الوجه العجوز للقارة الاوربية

 

شبكة النبأ: حساسية انفراط عقد الاتحاد الأوربي اخذت جانبا سياسيا بعد ان كانت مرتكزة على البعد الاقتصادي، سيما وان الدعوات من داخل أعضاء الاتحاد الأوربي اخذت في التوسع، والتي قادتها أحزاب اليمين، إضافة الى توسع حركات الاستقلال التي نادت بها أقاليم عديدة مطالبة بالانفصال عن المركز، والتي بداءتها اسكتلندا، وعلى الرغم من التصويت بالرفض لصالح الاستقلال، الا ان امال مناطق أخرى في فرنسا واسبانيا وبلجيكا وإيطاليا، قد انتعش بنهج طريقها في حق تقرير المصير وربما الانفصال عن المركز، كما ان الخلافات التي عصفت بين أوكرانيا وروسيا، والتي هددت باندلاع حرب اكبر قد تشمل اوربا باسرها، كانت لها أيضا تداعيات سياسية خطيرة على سير الاتحاد الأوربي ووحدة كلمته.

وبرزت دول كبرى من بينها بريطانيا كدول محتملة للانسحاب من عضوية الاتحاد الأوربي، الذي يخشى كثيرون انه مهدد من أي وقت مضى بانفراط عقدة، خصوصا مع الإخفاقات الاقتصادية الكبيرة التي أدت الى انهيار اقتصاديات بعض الدول الاوربية (عام 2008)، واجبار أخرى على اتباع سياسية تقشف صارمة، أدت الى اندلاع انتفاضات واحتجاجات واسعة، قللت من شعبية الاتحاد الأوربي كفكرة طموحة يمكن ان توحد اوربا ومجتمعاتها (التي تعاني أيضا من اختلافات عرقية واثنية ودينية كبيرة)، في واحدة من اكبر واقوى الاتحادات السياسية والاقتصادية في العالم، وكان خلاف بريطانيا اثر مطالبها المتكررة من الاتحاد الأوربي بالحصول على وضع استثنائي بين دول الاتحاد الاوروبي واعفائها من بعض القيود وخاصة ما يتعلق بوضعها كمركز مالي وتجاري عالمي بالإضافة الى تقييد هجرة المواطنين الاوروبيين اليها، وتسعى لندن للحصول على استقلالية اكبر في سن بعض القوانين خاصة في ملفات الهجرة والاقتصاد عن الاتحاد الاوروبي وهو ما تسبب في مشاكل بين الطرفين هدد على اثرها كاميرون بتنظيم استفتاء شعبي على استمرار بلاده في عضوية الاتحاد.

ويبدو ان الدعوات التي هددت باهتزاز عضوية الاتحاد الأوربي قد تعيد النظر بالعديد من الثوابت السابقة، خصوصا فيما يتعلق بمنح المزيد من الحريات للدول الأعضاء (على المستوى الاقتصادي والسياسي)، من اجل منع انهيار محتمل لاتحاد ما زال يحاول التعافي من الازمات السابقة التي مر بها، ويكافح للبقاء كمعبر عن رمز اوربا المتحدة والقوية.

عضوية الاتحاد الاوروبي

فقد انتقدت لندن تصريحات رئيس المفوضية الاوروبية الذي تنتهي ولايته، خوسية مانويل باروسو بخصوص موقف بريطانيا من الاستمرار في عضوية الاتحاد الأوروبي، وكان باروسو قد حذر بريطانيا من الانسحاب من الاتحاد الاوروبي وقال إن لندن ستفقد تأثيرها الدولي اذا اقدمت على تلك الخطوة، وأضاف باروسو أن بريطانيا لايمكنها التفاوض مع الولايات المتحدة أو الصين بشكل ندي اذا غادرت الاتحاد الأوروبي، وأكد مصدر في رئاسة الوزراء البريطانية إنه لاينبغي لباروسو ان يتخيل ان الوضع القائم بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي يرضي لندن.

ونفى المصدر نية رئيس الوزراء دافيد كاميرون القاء خطاب عاجل بخصوص الازمة مع الاتحاد الأوروبي، واكد كاميرون في السابق انه يسعى للتفاوض مع الاتحاد الاوروبي لتحسين شروط عضوية بلاده والا فانه سيطرح الموضوع لاستفتاء شعبي، وقال كاميرون إنه لن يرضى بالرفض في ملف التفاوض مع الاتحاد الاوروبي وإنه يسعى لحصول بلاده على صفقة افضل للاستمرار، وتعهد كاميرون في حال استمرار المحافظين في حكم البلاد بان يقوم بتنظيم استفتاء على الاستمرار في عضوية الاتحاد الاوروبي عام 2017.

وحذر خوسية مانويل باروسو رئيس المفوضية الاوروبية بريطانيا من الانسحاب من الاتحاد الاوروبي وقال إن لندن ستفقد تأثيرها الدولي اذا اقدمت على تلك الخطوة، وأكد باروسو أن بريطانيا لايمكنها التفاوض مع الولايات المتحدة أو الصين بشكل ندي اذا غادرت الاتحاد الأوروبي، واضاف باروسو ان حرية حركة المواطنين في دول الاتحاد الاوروبي تعتبر امرا اساسيا ولايمكن المساس بها، وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد اكد انه يسعى للتفاوض مع الاتحاد الاوروبي بخصوص استمرار بلاده في عضويته قبيل طرح الموضوع لاستفتاء شعبي. بحسب فرانس برس.

وأكد كاميرون انه لن يرضى بالرفض في ملف التفاوض مع الاتحاد الاوروبي وانه يسعى لحصول بلاده على صفقة افضل للاستمرار، مؤكدا ان استمرار المحافظين في حكم البلاد يعني تلقائيا تنظيم الاستفتاء على الاستمرار في الاتحاد الاوروبي عام 2017، وتطالب لندن بالحصول على وضع استثنائي بين دول الاتحاد الاوروبي واعفائها من بعض القيود وخاصة ما يتعلق بوضعها كمركز مالي وتجاري عالمي، وتسعى لندن للحصول على استقلالية اكبر في سن بعض القوانين خاصة في ملفات الهجرة والاقتصاد عن الاتحاد الاوروبي وهو ما تسبب في مشاكل بين الطرفين هدد على اثرها كاميرون بتنظيم استفتاء شعبي على استمرار بلاده في عضوية الاتحاد، وحتى الان تحافظ لندن على الجنيه الاسترليني كعملة وطنية ولم تنضم الى منطقة العملة الاوروبية الموحدة "اليورو".

فيما حذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في خطاب في لندن أمام رجال أعمال من أن بريطانيا ولا سيما قطاع المال فيها "ستخسر الكثير إذ أدارت ظهرها لأوروبا"، ووعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإجراء استفتاء حول بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه في 2017، تحت ضغط أعداء أوروبا في معسكره المحافظ  اليمين والحزب المناهض لأوروبا "يوكيب"، وقال فالس وسط مكتبة غيلدهول الفخمة "أعرف أن لديكم استحقاقات خلال السنوات القادمة قد تؤدي بكم إلى التعبير عن رأيكم حول مصيركم ومستقبلكم، وأقولها لكم صراحة وبصدق: فرنسا تأمل أن تبقى المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي".

وأضاف أن "المملكة المتحدة ولا سيما حي الأعمال ستخسر الكثير إذا أدارت ظهرها لأوروبا"، وأضاف "قلت ذلك هذا الصباح لرئيس وزرائكم ديفيد كاميرون وسأقولها لايد ميليباند" زعيم حزب العمال المعارض: يسار الوسط الذي تفيد الاستطلاعات أن فارقا ضئيلا يفصله عن المحافظين قبل الانتخابات المقبلة في أيار/مايو المقبل، وأقر فالس بأن أوروبا "في حاجة إلى إصلاحات" ويجب خصوصا "تسهيلها" و"جعل عملها أكثر وضوحا لتقريبها من الشعوب وردم الهوة الديمقراطية التي نتحدث عنها منذ عقود دون اتخاذ إجراءات ملائمة فعلا"، لكنه دعا البريطانيين إلى عدم مغادرة السفينة الأوروبية والمساهمة في بقاء أوروبا "قارة مرجعية" و"قارة قادرة على أن ترمي بثقلها في المجال الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي والعلمي وكذلك الدبلوماسي والعسكري"، وتعرب أوساط رجال الأعمال البريطانيين عن مخاوف من الانعكاسات التي قد تطال الساحة المالية في حي "سيتي" من انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي،

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن "قلبه لن ينفطر" إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإن كان يفضل بقاءها مع إصلاح الاتحاد بموجب تسوية جديدة مع بروكسل، ويتعرض كاميرون لضغوط من حزب استقلال المملكة المتحدة المناهض للاتحاد الاوروبي بل ومن أعضاء في البرلمان من حزب المحافظين الذي ينتمي له حتى يشدد موقفه من أوروبا، وكان رئيس الوزراء قد وعد باعادة التفاوض على عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي قبل طرح مسألة البقاء او الخروج من الاتحاد على الناخبين في استفتاء عام 2017، وسئل كاميرون عن التعبير الذي استخدمه من قبل حين قال في وقت سابق إن "قلبه سينفطر" اذا استقل الاسكتلنديون عن المملكة المتحدة فقال "مشاعري أقوى ألف مرة تجاه مملكتنا المتحدة منها تجاه الاتحاد الأوروبي."

وحين سأل عما إذا كان قلبه سينفطر إذا تركت بريطانيا الاتحاد الاوروبي أضاف "المملكة المتحدة مسألة تفطر القلب، وهذه مسألة على درجة عالية من العملية: ما هو الأفضل لمملكتنا المتحدة؟ وكيف نحصل على أفضل اتفاق لبريطانيا؟ هذا هو ما يهمني"، وقال كاميرون إن علاقة بلاده بالاتحاد الاوروبي لا تمضي بشكل جيد وإنه لن يجادل من أجل البقاء في الاتحاد الاوروبي إذا لم يكن هذا في مصلحة البلاد لكنه أوضح أن الخيار الامثل لبريطانيا هو أن تصلح علاقاتها وتظل عضوا في الاتحاد، وقال حزب المحافظين الذي ينتمي له رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بريطانيا ستنسحب من المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان إلا إذا وافقت على أن يكون للبرلمان البريطاني القول الفصل بشأن أحكامها، وقال كاميرون إن أحكام المحكمة الأوروبية منعت بريطانيا من ترحيل متشددين مشتبه بهم وتمسكت بمراعاة حقوق الانسان في ميدان المعارك في أفغانستان وأيدت حق المساجين في الانتخاب، وقال كاميرون لأنصار حزب المحافظين في مدينة برمنجهام في الأول من أكتوبر تشرين الأول "لا نحتاج لتعليمات بشأن هذا الأمر من قضاة ستراسبورج" مقر المحكمة الاوروبية.

وينص مشروع القانون الذي اقترحه المحافظون إذا أعيد انتخاب الحزب في مايو ايار عام 2015 على أن تصدق بريطانيا على قانون الحقوق الذي يحدد كيفية تطبيق حقوق الإنسان في البلاد، وتعني التعديلات المقترحة أن أحكام المحكمة الاوروبية لن تكون ملزمة للمحكمة العليا البريطانية وسيكون للبرلمان البريطاني حق نقض احكام المحكمة الأوروبية، كما سيلغى قانون حقوق الانسان وهو التشريع المحلي الذي يكرس المبادئ الدولية للميثاق الأوروبي لحقوق الانسان في القانون البريطاني، وقال وزير العدل كريس جريلينج "لا يمكننا الاستمرار في هذا الوضع حيث تغير المحاكم الدولية قوانيننا دون القدرة على تخطيها في بريطانيا بشكل ديمقراطي"، وأضاف "هذه التغييرات تعني أن البرلمان البريطاني سيكون له الكلمة الأخيرة"، وذكرت الصحيفة أن النص الأصلي لميثاق حقوق الانسان لعام 1950 سيتم ادخاله في التشريع البريطاني الأساسي.

ارتياح أوروبي مشوب بالخوف

فيما لم يخف المسؤولون في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي ارتياحهم لنتيجة تصويت اسكتلندا برفض الاستقلال عن بريطانيا لكن القلق انتاب بعضهم خوفا من أن يكون جني النزعات الانفصالية قد انطلق من قمقمه، وقد لزم الشركاء في الاتحاد الاوروبي الهدوء إلى حد كبير قبل الاستفتاء الذي أجري مؤخرا خشية أن يعتبر أحد مخاوفهم من انتشار عدوى الانفصال في بقية أنحاء أوروبا نوعا من التدخل في شؤون بريطانيا، غير أنه ما أن تأكد أن نتيجة الاستفتاء هي رفض الانفصال حتى أبدى هؤلاء الشركاء رضاهم عن النتيجة واستخلصوا ما يخص بلادهم من نتائجه على الاتحاد الاوروبي الذي يضم 28 دولة في عضويته وعلى الحلف الغربي.

وهنأ أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقال إنه يثق أن بريطانيا ستستمر في أداء دور رائد في الاحتفاظ بقوة التحالف الدفاعي الذي تقوده الولايات المتحدة، ورحب الحزبان الرئيسيان في أسبانيا بنتيجة الاستفتاء باعتبارها تظهر أن من الأفضل لاقليم قطالونيا الشمالي الغربي البقاء ضمن حدود أسبانيا، ومن المتوقع أن تعلن أطراف في الإقليم خططا متعارضة بشدة بشأن إجراء استفتاء على الاستقلال، وفي بروكسل قالت المفوضية الأوروبية إن الاستفتاء الاسكتلندي جيد من أجل "أوروبا موحدة ومنفتحة وأقوى" وهي رسالة غير مباشرة تفيد أن مسؤولي الاتحاد الاوروبي يأملون أن تعزز النتيجة فرص تصويت بريطانيا على البقاء في الاتحاد في استفتاء موعود عام 2017.

وقال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية إن "المفوضية الاوروبية ترحب بإعادة الحكومة الاسكتلندية والشعب الاسكتلندي التأكيد مرارا خلال النقاش على مر السنين السابقة على التزامهما الاوروبي"، وقال كاريل دو جوشت مفوض التجارة الاوروبي البلجيكي الجنسية الذي يشهد اقليم الفلاندرز مسقط رأسه حركة قومية متنامية إن انفصال اسكتلندا كان سيصبح أشبه بكارثة على أوروبا له تداعيات على مختلف أنحاء القارة، وقال دو جوشت الليبرالي الذي لا يؤيد مطالب بعض مواطنيه بالاستقلال "لو كان ذلك قد حدث في اسكتلندا أعتقد أنه كان سيصبح انهيارا سياسيا على غرار تفكك الاتحاد السوفيتي"، وقال "لا يمكن حكم أوروبا، إذا كان ما يحركها تقرير الشعوب لمصائرها بنفسها لانك ستجد عشرات الكيانات" وأضاف أن أجزاء من دول سابقة" قد تتصرف من منطلقات قومية ضيقة، وحتى قبل انتهاء التصويت في اسكتلندا أبدى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند خوفه من إمكانية "تفتيت" أوروبا بعد زيادة مستوى التكامل بين بلدانها على مدى عشرات السنين. بحسب رويترز.

وفرنسا من أكثر الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي مركزية ولا تبدي أي تعاطف يذكر مع حركات الاستقلال في أقاليم كورسيكا وبريتاني والباسك، لكن دولا أخرى أعضاء في الاتحاد مثل أسبانيا وايطاليا وبلجيكا تواجه ضغوطا أكبر من أجل التخلص من المركزية، وقال مارتن شولز رئيس البرلمان الاوروبي الذي ينتمي للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني لراديو دويتشلاندفونك إنه رغم امتناعه عن التعقيب على مسألة داخلية في بريطانيا قبل التصويت فإنه يشعر بارتياح للنتيجة، وسئل شولز عن قدرة الاتحاد الاوروبي على الاستجابة لمحاولات الاستقلال في بعض الأقاليم مثل قطالونيا والفلاندرز فقال "الاتحاد الاوروبي لديه مشكلة انه لابد من الاحتفاظ بالدول الثماني والعشرين المستقلة معا، لا أعتقد أن من الممكن توقع أن تحل مؤسسات الاتحاد الاوروبي من بروكسل مشاكل محلية مثل السياسة الاقليمية ومطالب الحكم الذاتي والخلافات العرقية".

لكنه أضاف أن على بروكسل أن تراجع نصوص المعاهدة بالنسبة للدول التي حصلت على استقلالها حديثا وتريد الانضمام للاتحاد لانه "إذا أعلنت اسكتلندا استقلالها لصوتت الدول الأعضاء الثماني والعشرين حاليا بما فيها إنجلترا، بالاعتراض على انضمامها"، وقال شولز إن الحركات الانفصالية في أوروبا كثيرا ما تكون مدفوعة بعدم مساواة اجتماعية وفجوة في الثروات حيث تقول الاقاليم الأغنى انها لا تحتاج لدفع ثمن دعم أقاليم أخرى بالإضافة إلى البطالة والدخل والفقر في الريف، وقال رئيس وزراء جمهورية التشيك بوهوسلاف سوبوتكا إن نتيجة استفتاء اسكتلندا أسعدته "لأنني آخذها كدليل آخر أن العالم لم يصب بالجنون بالكامل"، وقال إنه لو تفككت بريطانيا لأدى ذلك لموجة من القومية كانت ستخلق عدم استقرار بعدة دول أوروبية أخرى.

وقال عدد من المسؤولين في أوروبا مشترطين عدم ذكر اسمائهم إن اسكتلندا أرست سابقة للاقاليم تتيح لها الحق في التصويت على الاستقلال وهو أمر قد يتسبب في مشاكل في أسبانيا وغيرها، وفي حين أن استفتاء اسكتلندا قد يحسم مسألة الاستقلال عن بريطانيا لأجيال قادمة كما قال كاميرون فإنه سيتسبب في اضطرابات دستورية لها وربما يفتح شهية أقاليم أخرى في أوروبا، وقال هانز ديتريش جنشر وزير الخارجية الالماني السابق الذي ساهم في التفاوض على إعادة توحيد الالمانيتين عام 1990 إن التصويت يبين أن الحكومات القائمة على المركزية لم تعد تحظى بشعبية في أوروبا، وأضاف أن "نموذج النظام الاتحادي في ألمانيا بوجود حكومة مركزية واستقلال الولايات والبلديات هو النظام الأكثر ملاءمة للعصر".

كتالونيا وخط الاستقلال   

الى ذلك اصر رئيس حكومة كتالونيا ارتور ماس على خطه السياسي واعدا باقتراع رمزي حول استفتاء في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر، ملتفا بذلك على قرار مدريد منع الاستفتاء، وقال غداة اعلان التخلي عن استفتاء اعتبرته مدريد غير دستوري "سينظم اقتراع لكنه لن يقوم على اساس المرسوم" الموقع لتنظيم الاستفتاء، وقد الغت المحكمة الدستورية الاستفتاء في 29 ايلول/سبتمبر بناء على طلب من الحكومة الاسبانية، وكان الاصرار على تنظيمه يمكن ان يؤدي بحكومة هذه المنطقة الثرية التي تعد 7,5 ملايين نسمة (من اصل 47 مليون اسباني) الى التصرف بشكل غير قانوني يعرض الموظفين المشاركين فيه الى عقوبات، فاختار ارتور ماس الشرعية لكنه اكد انه لم يتراجع عن الجوهر.

وقال القومي المحافظ في مؤتمر صحافي في برشلونة، ان "الدولة الاسبانية هي الخصم" متجاهلا بذلك دعوات رئيس الحكومة ماريانو راخوي الى "الحوار مع احترام القانون"، وقبل ساعة من ذلك وفي مؤتمر صحافي نظمته صحيفة فايننشال تايمز في مدريد اعلن رئيس الحكومة انه لا بد من "النظر الى المستقبل" معربا عن الامل في ان "تحاور" الحكومة الاسبانية و"تتحدث" مع الكتالانيين وقال ان "الذين يرغبون في العيش المشترك بصدق كثرة"، وفي التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر دعي المواطنون الكتلانيون الذين تزيد اعمارهم عن 16 سنة والراغبين في ذلك، الى "الادلاء باصواتهم في صناديق الاقتراع" للتعبير عن رايهم من الاستقلال كما قال ماس واعدا بان النتائج ستنشر.

واتهمت اليسيا كماتشو زعيمة الحزب الشعبي في كتالونيا ماس ب"خداع" الكتلانيين، وقالت "هذا زيف" و"بمثابة استطلاع راي جماهيري"، واقر ماس ان "الاجماع تصدع" بين الاحزاب الاربعة التي تؤيد الاستفتاء، من اليسار واليمين على حد سواء، وان بعضهم، لا سيما "ايسكيرا ريبوبليكانا (يسار انفصالي) يدعو الى العصيان المدني، واعتبر ارتور ماس انه "عندما تأتي موجة كبيرة من الافضل الغطس ثم الخروج لمواصلة السباحة" بدلا من ان "تغلبك الموجة"، وخلافا لبريطانيا التي وافقت على ان تنظم استكلندا استفتاء حول استقلالها (انتهى بالرفض في 18 ايلول/سبتمبر) تسلحت الحكومة الاسبانية المحافظة بالدستور لرفض تنظيمه.

واوضح رئيس الحكومة الاقليمية خطته على مرحلتين، الاولى الابقاء على استفتاء رمزي، والثانية تنظيم انتخابات في كتالونيا، تترشح فيها كافة الاحزاب المؤيدة للاستقلال على لائحة واحدة وبرنامج مشترك هدفه الاستقلال، وقال ان "هذه ليست النهاية، النهاية قد تكون تنظيم انتخابات استفتائية" مقرا بانه لم يتمكن من اقناع الاحزاب الأخرى، وتتخبط كتالونيا الغيورة على لغتها وثقافتها وهي التي تنتج خمس الثروة في اسبانيا، منذ سنوات في حمى انفصالية اججتها الازمة الاقتصادية والفساد الذي يطال الادارة السياسية وتعنت الحزب الشعبي الحاكم، وكان حزب ارتور ماس "التقارب الديموقراطي الكتالوني"، الحزب التقليدي الذي طالما كان شريكا في عدة حكومات ائتلافية متتالية في مدريد، وبوسعه ان يملي عليها شروطه، يتمتع بالأغلبية المطلقة عندما تولى الحكم في 2010 لكن منذ 2012 اصبحت الاغلبية نسبية فقط وبالتالي يتعين عليه الاستناد الى الاحزاب الانفصالية الاخرى. بحسب فرانس برس.

واثارت صرامة راخوي عداوة الكثير من الكتلانيين المطالبين بالحق في تنظيم الاستفتاء، وفي التاسع من ايلول/سبتمبر، يوم كتالونيا، خرج حوالى 1,8 مليون حسب بلدية برشلونة، يطالبون بالحق في التصويت في تظاهرة حاشدة، وافاد استطلاع بداية تشرين الاول/اكتوبر ان 47% من الكتلانيين يؤيدون بقاء كتالونيا في اسبانيا "بصلاحيات جديدة، حازمة واستثنائية"، في حين يريد 16% البقاء على الوضع الحالي وفقط 29% يريدون الاستقلال، وكتب الفيلسوف والكاتب الكتلاني جوزب رامونيدا ان "المشكلة (الكتلانية) لم تنته بالنسبة لراخوي، بل ستستمر اكثر حدة وقد تنتقل الزعامة من ماس الى اوريول خونكيراس" زعيم حزب يسار كتالونيا الجمهوري (اسكيرا ريبوبليكانا) الاكثر راديكالية.

وعلقت المحكمة الدستورية الإسبانية إجراء الاستفتاء حول استقلال إقليم كتالونيا والذي دعا إليه رئيس الإقليم أرتور ماس في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك عبر قبولها الطعن الذي تقدمت به الحكومة المركزية، وفي وقت سابق، وطعنت الحكومة الأسبانية أمام المحكمة الدستورية في قرار إقليم كتالونيا معتبرة أنه يشكل انتهاكا لـ "سيادة الدولة الأسبانية"، في حين واصلت برشلونة استعداداتها بدون انتظار قرار القضاة، وكان من المتوقع أن تقدم مدريد طعنا بشأن هذا الاستفتاء أمام المحكمة الدستورية، وأن يؤدي هذا الطلب إلى تعليق الدعوة بشكل آلي، فقد أعلن رئيس الحكومة الأسبانية ماريانو راخوي عقب مجلس وزراء طارئ أنه قدم طعنا لدى المحكمة الدستورية مشددا اللهجة للتنديد بالمبادرة الكتالونية التي اعتبرها غير دستورية.

وأعرب راخوي في مؤتمر عن "أسفه العميق لأن القرار يناقض القانون ويخرج عن إطار الديموقراطية ويقسم الكتالونيين ويبعدهم عن أوروبا وباقي أسبانيا"، لكن رغبة الحكومة القومية الكتالونية المدعومة بانفصاليي "اي ار سي" اليساريين، تتمثل في "مساءلة الكتالونيين عن رأيهم" كما قال بشدة أرتور ماس، هو الذي ما فتئ يطالب مدريد بمنحه الإذن بالاقتراع كما سمحت لندن بتنظيم استفتاء 18 سبتمبر/أيلول والذي عبرت فيه إسكتلندا عن رفضها الاستقلال، وقال في تصريح إن "العملية لا تنتهي مع قرار المحكمة الدستورية" التي ستلغي على الأرجح المرسوم، ثم أصر على أن الاستفتاء حتى في حال انتصار مؤيدي الاستقلال لن يؤدي بالضرورة إلى انفصال كتالونيا، مؤكدا أن "تنظيم اقتراع لا يعني إعلان الاستقلال، الأمر يتعلق بمعرفة ما يفكر فيه الكتالونيون".

وصرح زعيم "اي ار سي" أوريول خونكيراس للإذاعة الكتالونية العامة  "التزامنا هو التصويت في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني وليس فقط الدعوة إلى التصويت في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني"، ومن دون انتظار طعن مدريد أعلنت الحكومة الكتالونية انطلاق الاستعدادات اللوجستية للاقتراع والحملة الرسمية التي ستبدأ في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني ودعي إلى المشاركة في الاستفتاء 5,4 ملايين ناخب تزيد أعمارهم على 16 سنة مقيمين في كتالونيا، وفي خضم أزمة اقتصادية، تزداد رغبة الاستقلال في كتالونيا التي ينتج فيها 7,5 ملايين نسمة 20% من ثروات أسبانيا، لا سيما منذ أن عدلت المحكمة الدستورية في 2010 قانون حكمها الذاتي بعد طعن "الحزب الشعبي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/تشرين الأول/2014 - 27/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م