اقتصاد العالم وهواجس عودة الازمة المالية

 

شبكة النبأ: يعيش العالم اليوم حالة من الخوف والترقب بسبب تراجع الاقتصاد العالمي، الذي لايزال يواجه الكثير من التحديدات ومشكلات التي تفاقمت بشكل كبير نتيجة تأثرها ببعض الأزمات السياسية والمالية المتكررة التي أغلب دول العالم، وهو ما قد ينذر بحدوث كارثة اقتصادية كبيرة يصعب معالجتها خصوصا وان العديد من الدول لاتزال تواصل تكثيف جهودها في سبيل تحفيز اقتصادها والتخلص من الآثار السلبية التي خلفتها الأزمة الاقتصادية السابقة.

ويرى بعض الخبراء ان الخطط والسياسات الفاشلة التي تتبعها بعض البنوك والدول الكبير قد تسهم وبشكل فاعل بخلق أزمة جديدة يصعب التنبؤ بوقت حدوثها، خصوصا وان اغلب دول العالم لا تزال مثقلة بالديون التي تسببت لها بمشاكل كبيرة، والانتكاسة الجديدة التي يشهدها الاقتصاد العالمي يمكن ان تنذر وبحسب بعض المراقبين بحدوث انكماش عالمي خصوصا مع تراجع أسعار الطاقة وهبوط أسعار السلع في الأسواق العالمية يضاف الى ذلك التقلبات المتواصلة التي تشهدها أسواق الأسهم والسندات.

وقد تسارع الهبوط الحاد للأسهم الأوروبية وتكبد مؤشر رئيسي أكبر خسارة له في يوم واحد منذ حوالي ثلاث سنوات مع تقليص المستثمرين لتعرضهم للأصول التي تنطوي على مخاطرة وسط تزايد القلق بشأن النمو العالمي. وقلص الهبوط القيمة السوقية للأسهم المدرجة على المؤشر ستوكس يوروب 600 الأوسع نطاقا بنحو 255 مليار دولار. ويزيد هذا المبلغ على الناتج المحلي الاجمالي للبرتغال ويتجاوز القيمة الرأسمالية السوقية لرويال داتش شل أكبر شركة نفط أوروبية.

وتزايدت خسائر الأسهم في تعاملات ما بعد الظهيرة عقب صدور بيانات أظهرت تراجع مبيعات التجزئة الأمريكية في سبتمبر ايلول وانخفاض أسعار المنتجين وهو ما أجج المخاوف من احتمال تباطؤ الطلب الاستهلاكي في وقت لا يزال فيه التضخم ضعيفا. وكانت الأسهم اليونانية بين أكبر الخاسرين حيث هوى مؤشر إيه.تي.جي القياسي 6.3 بالمئة فيما أرجعه المتعاملون إلى الغموض السياسي وارتفاع عوائد السندات اليونانية لأجل عشر سنوات. بحسب رويترز.

وأنهى مؤشر يوروفرست 300 للأسهم الأوروبية الكبرى التعاملات منخفضا 3.2 بالمئة إلى 1251.87 نقطة أدنى مستوى له منذ ديسمبر كانون الأول. وهذه أكبر خسارة يومية للمؤشر منذ أواخر العام 2011. وهوى المؤشر بنحو 11 بالمئة منذ منتصف سبتمبر أيلول مع تصاعد الشكوك بشأن قوة الاقتصاد العالمي. ودفع الهبوط جميع المؤشرات الرئيسية الأوروبية إلى تسجيل خسائر منذ بداية العام وكان داكس الألماني بين أشد المؤشرات تضررا بخسائر بلغت 10.3 بالمئة في 2014 وهو في طريقه لتسجيل أسوأ أداء سنوي له منذ 2011.

وعليه فبعد ستة اعوام تقريبا على اندلاع الازمة المالية، يشكل التفتت المتزايد للاقتصاد العالمي، بين دينامية البلدان الناشئة ومقاومة الولايات المتحدة والتراجع المستمر لمنطقة اليورو، خطرا على الافاق الاقتصادية العالمية

الاقتصاد في خطر

وفي هذا الشأن قالت البلدان الأعضاء في صندوق النقد الدولي إنه يجب اتخاذ إجراءات جريئة لتعزيز التعافي الاقتصادي العالمي وحثت الحكومات على أن تحرص ألا تخمد النمو بتضييق الإنفاق بشدة أكثر مما ينبغي. وقالت اللجنة التوجيهية لصندوق النقد الدولي إنه مع تعثر اقتصاد اليابان وتعرض منطقة اليورو لخطر الكساد ونظرا لأن التعافي الأمريكي أضعف من أن يساعد على توليد زيادة في الدخول فإن التركيز على النمو يجب أن تكون له الأولوية.

وقالت اللجنة المالية والنقدية الدولية في بيان نيابة عن البلدان الأعضاء في الصندوق وعددها 188 "يواجه عدد من البلدان احتمال ضعف النمو أو تراجعه مع بقاء معدلات البطالة مرتفعة بدرجة غير مقبولة." وكان الصندوق خفض هذا الأسبوع تنبؤاته للنمو العالمي في عام 2014 إلى 3.3 في المائة من 3.4 في المائة وهو ثالث تخفيض هذا العام مع انحسار احتمالات تعاف مستدام من الأزمة المالية العالمية في 2007-2009 وذلك على الرغم من قيام البنوك المركزية في العالم بضخ كميات كبيرة من السيولة في الأسواق.

ووصف صندوق النقد الدولي ضعف الاقتصاد الأوروبي بأنه أكبر بواعث القلق وهو شعور عبر عنه الكثير من واضعي السياسات والاقتصاديين والمستثمرين. وحثت لجنة صندوق النقد البلدان على تنفيذ إصلاحات صعبة من المنظور السياسي لأسواق العمل والضمان الاجتماعات تكفل توفير أموال حكومية للاستثمار في مرافق البنية التحتية وخلق فرص العمل والتوظيف والنهوض بمعدلات النمو.

ودعت اللجنة البنوك المركزية إلى الحذر عند الكشف عن تغييرات في سياساتها لتفادي إحداث صدمات في أسواق المال. ولم تذكر اللجنة بالاسم أي بنوك مركزية لكن بدا أن التحذير موجه إلى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الذي سينهي هذا الشهر سياسة التيسير الكمي التي يعمل بها ويبدو أنه يتجه نحو البدء بإجراءات زيادات لأسعار الفائدة في حوالي منتصف العام القادم.

على صعيد متصل حثت الولايات المتحدة زعماء العالم على تعزيز الطلب في الاقتصاد العالمي ودعت الدول التي لديها اقتصادات وميزانيات قوية الي عمل المزيد لمساعدة النمو. وقال وزير الخزانة الامريكي جاك ليو في بيان "النمو الضعيف للطلب هو السبب الاساسي للضعف المزمن للأداء الاقتصادي في دول كثيرة."

واضاف قائلا "يتوجب بشكل خاص على الدول التي لديها فوائض خارجية ومرونة في الميزانية العامة ان تعزز دعمها للتعديل العالمي" في اشارة فيما يبدو الي المانيا أكبر اقتصاد يتمتع بفوائض في اوروبا. وتحث واشنطن المانيا على عمل المزيد لمساعدة منطقة اليورو على الخروج من أزمتها الاقتصادية الحادة لكن برلين تقاوم دعوات الي ان تبسط يدها في الانفاق. بحسب رويترز.

وقال ليو إن الدول الاوروبية تحتاج ايضا الي تعزيز الانتاجية في اقتصاداتها وهو خيار تفضله المانيا على التحفيز النقدي. واضاف قائلا "اصلاح هياكل الطلب والعرض ينبغي ان يكون متزامنا مع التركيز على نمو أقوى." ودعا ليو في اليبان ايضا الاقتصادات الأكبر في العالم الي التقيد بتعهداتها لتفادي تخفيضات تنافسية في قيم عملاتها.

تدهور الاقتصاد العالمي

الى جانب ذلك فقد واجهت اوروبا شبح اسود مع تدهور كبير في البورصات في حين يبدو ان الهلع اصاب الاسواق المالية امام تراجع الاقتصاد العالمي. وعبثا حاولت الاسواق المالية التي سجلت تراجعا كبيرا استعادة قوتها قبل ان تجتاحها بسرعة فائقة المخاوف حول الظروف الاقتصادية. ولاحظ المحلل لدى مؤسسة "آي جي" الكسندر باراديز ان "الامر بمثابة نوع من الهلع على المدى القصير يترجم كل المخاوف التي تاججت منذ اسابيع حول النمو".

وكما يحصل في العادة ابان الاضطرابات الحادة، تهافت المستثمرون على شراء القيم-الملجأ مثل الديون الالمانية والاميركية. وارتفعت معدلات فوائد الاقتراض في دول جنوب اوروبا بشكل كبير في المقابل، وخصوصا فوائد اقتراض اسبانيا وايطاليا والبرتغال واليونان، بينما يثير الوضع السياسي والمالي في اليونان قلق الاسواق بشكل خاص.

من جهة اخرى، وجه البنك المركزي الاوروبي رسالة مساعدة الى اليونان عبر التزامه بضمان المزيد من السيولة للمصارف اليونانية. وكذلك فعلت المفوضية الاوروبية عندما اكدت لليونان تقديم كل دعم ممكن. وكان الامر مماثلا بالنسبة الى النفط الذي سجل تراجعا، في حين ارتفعت اسعار الذهب الاسود. ولفت اندريا تويني المحلل لدى مؤسسة "ساكسو بنك" قائلا "الامر يشبه سقطة في الهواء. السوق يسودها التشاؤم مجددا وهناك حالة من التوتر". واوضح ان "هناك فقدان ثقة حيال النمو".

وجاء التدهور الجديد في غياب تطورات مهمة خصوصا مع فشل عملية اقتراض اسبانية بصورة جزئية ومعدل تضخم في منطقة اليورو ضعيف جدا من +0,3 بالمئة في ايلول/سبتمبر. وافاق النمو العالمي هي التي تثير القلق ولا سيما ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو مع مزيد من ضعف النشاط وتهديد بالانكماش. واوضح رينيه دوفوسيه، المحلل الاستراتيجي لدى مؤسسة ناتيكسيس، "كنا نغذي مؤخرا فكرة اننا سنشهد مجددا فترة تحسن ضعيف في اوروبا واكثر صلابة في الولايات المتحدة وربما في بريطانيا. المشكلة هي اننا ننشر منذ بضعة اسابيع ارقاما في الولايات المتحدة واوروبا تشير بالفعل الى ان تحسن النشاط ما زال بعيدا".

واعتبرت شركة الوساطة "اوريل بي جي سي" من جهتها انه "من الصعب عزل هذه الحركة عن عامل (...) المخاوف والسياسات النقدية والنمو والانكماش وفيروس ايبولا". وبدورها سجلت بورصة وول ستريت تراجعا مع افتتاحها، بعد الهزة التي منيت بها عندما خسر مؤشر داو جونز 2,8%. ويذكر حجم تراجع السوق ب"التصرف التقليدي للمستثمرين اثناء مراحل الاضطراب الاخيرة بعد افلاس بنك ليمان براذرز او ازمة الصناديق السيادية"، بحسب ما كتبت شركة الوساطة "اوريل بي جي سي".

والمشكلة بالنسبة الى المستثمرين انهم في مثل هذه الفترات الحالكة، لا يجدون اسبابا تدعو للامل. ومع ذلك، فان المصارف المركزية تتحرك حتى ولو ان خطاباها اقل تطمينا، بينما يضع الاحتياطي الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) حدا لبرنامج شراء الاصول. والتصريحات التي ادلى بها موظفون في المصارف المركزية قد تشكل عامل استقرار "لكن السوق تشكك بفعالية السياسات النقدية لاطلاق النمو (...)، وهي تصريحات قد تترك المستثمرين في حالة تجهم"، بحسب "اوريل بي جي سي". وبحسب شركة الوساطة هذه، وحدها مؤشرات اقتصادية اقل سوءا قد تعزز الاسواق. بحسب فرانس برس.

الا ان باراديز قلل من شان الحركة السائدة واعتبرها "هادفة" ولا "تعيد النظر في توقعات اسواق الاقتصاد الاوروبي والتحسن الجاري على المدى المتوسط". ويتطرق خصوصا الى الجهود التي يبذلها البنك المركزي الاوروبي وكذلك الاستثمارات الممكنة الاتية من المانيا. وقال باراديز ان "تراجع الاسواق ظاهرة قصيرة الامد على الارجح لا تماثل ازمة الرهن العقاري او ديون منطقة اليورو".

مناخ عالمي مضطرب

في السياق ذاته سيضطر كبار خبراء الاقتصاد في العالم لايجاد نهج في مناخ عالمي مضطرب مع معدلات نمو عالمية "رديئة" وازمات جيوسياسية في اوكرانيا وسوريا والعراق ومخاطر صحية جراء فيروس ايبولا. وبعد ست سنوات على الازمة المالية، لا يرتقب ان يشهد الاقتصاد العالمي انكماشا جديدا معمما ويتوقع ان يستمر النمو هذه السنة بنسبة 3,3% وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي التي نشرت.

لكن المهمة تبقى صعبة بالنسبة الى الرؤساء والوزراء وحكام البنوك المركزية الذين سيضطرون الى ايجاد حلول ملموسة لمواجهة الركود الاقتصادي خصوصا في منطقة اليورو. وحذرت المديرة العامة لصندوق النقد كريستين لاغارد من "ان الاقتصاد العالمي يواجه فترة طويلة من النمو الضعيف المرفق بمعدل بطالة مرتفع وتزايد التفاوت" الاجتماعي. ولمجموعة العشرين التي تضم اغنى اقتصادات العالم مشاريع طموحة. لكنها حاليا تجد صعوبة في ايجاد وسائل لاعطاء دفع للنمو.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في الصندوق اوليفييه بلانشار "التحدي بالنسبة الى الاسواق المتطورة والناشئة هو الذهاب الى مرحلة ابعد والدعوة الى مزيد من الاصلاحات البنيوية وتحديد الاصلاحات الاكثر الحاحا الان والتي يمكن تطبيقها سياسيا". وبات صندوق النقد والبنك الدولي يدعوان معا الى زيادة النفقات العامة على البنى التحتية مثل النقل والكهرباء.

ويتوقع ان يؤسس البنك الدولي رسميا صندوقا عالميا محددا يخصص لهذه الاستثمارات. اما صندوق النقد فهو لا يتردد في تقديم النصح للدول الاعضاء بخفض ديونها لتمويل البنى التحتية حتى وان اثر ذلك على مبدأ التقشف في الموازنة. وهو موقف يلقى اصداء خصوصا في منطقة اليورو التي تشهد ركودا حيث تدعم فرنسا نهوضا اكبر في حين تؤيد المانيا الموازنة الجدية وحيث تقترح المفوضية الاوروبية خطة استثمار ب300 مليار يورو.

والنقاشات في واشنطن ستتركز على الاقتصاد المالي حصريا وستتطرق ايضا الى الازمات الجيوسياسية في اوكرانيا والعراق وسوريا التي قد "تؤثر" بحسب صندوق النقد على نقل الغاز والنفط. وانعكاسات فيروس ايبولا ، على الاقتصاد تبدو محصورة حاليا بالدول الافريقية الثلاث الاكثر تأثرا به (غينيا وسيراليون وليبيريا) حتى وان كشف عن اصابة في اسبانيا. وحذر البنك الدولي من آثار "كارثية" لتفشي الفيروس في المنطقة وقدروا باكثر من 32 مليار دولار الكلفة المحتملة على غرب افريقيا. بحسب فرانس برس.

من جهته حذر صندوق النقد بالقول "اذا استمر الفيروس في التفشي بهذه الوتيرة والامتداد الى الدول المجاورة فسيكون لذلك عواقب اخطر". واضافة الى هذه الملفات الكبرى ستواجه المؤسستان، تحديات داخلية في حين انشأت الدول الناشئة الكبرى (البرازيل والصين وجنوب افريقيا والهند وروسيا) مؤسساتها المالية الخاصة. وسيسعى صندوق النقد الى الحصول على ضمانات جديدة من الولايات المتحدة التي تعرقل اصلاح المؤسسة الرامية الى منح الدول الناشئة دورا اكبر. وسيحاول البنك الدولي اقناع الدول الاعضاء ال188 بجدوى خطته لاعادة التنظيم الداخلي التي قد تشمل الغاء وظائف واثارت مؤخرا ضجة كبيرة حول العلاوات التي منحت للمسؤولين في هذه المؤسسة.

توقعات البنك الدولي

من جانب اخر خفض البنك الدولي توقعاته للنمو لمنطقة شرق اسيا والصين خلال الفترة من 2014 إلى 2016 وحذر من مخاطر هروب رؤوس الأموال بالنسبة لأندونيسيا في الوقت الذي توقع فيه بطء النمو في الصين بسبب اجراءات تتعلق بالسياسة الاقتصادية وتهدف إلى تعزيز الاقتصاد. ويتوقع البنك الدولي نمو منطقة اسيا والمحيط الهادي بنسبة 6.9 في المئة في 2014 و2015 بتراجع عن المعدل الذي توقعه سابقا خلال هذين العامين وهو 7.1 في المئة. وبلغ النمو في عام 2013 7.2 في المئة.

وقلص البنك أيضا توقعاته للنمو في 2016 للمنطقة من 7.1 في المئة إلى 6.8 في المئة. وقال البنك الدولي في أحدث تقرير بشأن منطقة شرق اسيا والمحيط الهادي النامية إن "الصادرات والنمو الاقليميين سيستفيدان من انتعاش تدريجي في الاقتصاديات ذات الدخول العالية." وقال إن منطقة شرق اسيا والمحيط الهادي ستظل أسرع المناطق النامية نموا. وأضاف التقرير إن من بين المخاطر المحتملة بشأن توقعات المستقبل حدوث انتعاش أضعف من المتوقع في التجارة العالمية وأي زيادة مفاجئة في أسعار الفائدة العالمية .

وقال البنك الدولي إن من المرجح أن يتباطأ النمو في الصين إلى 7.4 في المئة في 2014 وإلى 7.2 في 2015 بتراجع عن 7.7 في المئة في 2013. ويتوقع أن يسجل النمو 7.1 في المئة في 2016. وكان البنك الدولي قد توقع سابقا أن يبلغ النمو في الصين 7.6 في المئة في 2014 و7.5 في المئة في 2015 و2016. وقال فيما يتعلق بتوقعات المستقبل للصين إن "إجراءات احتواء الدين الحكومي والحد من القطاع المصرفي غير الرسمي ومعالجة الطاقة الانتاجية الفائضة وزيادة الطلب على الطاقة وارتفاع نسبة التلوث ستقلل من الاستثمار والناتج الصناعي."

ويناضل الاقتصاد الصيني للانتعاش بعد بداية ضعيفة خلال العام عندما تباطأ النمو إلى أضعف مستوى له منذ 18 شهرا خلال الربع الأول. وأشارت بكين إلى استعدادها لقبول نمو أبطأ مع محاولتها لوقف اعتماد ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الاستثمارات والصادرات لصالح الاستهلاك. ولكن التراجع السريع في سوق الاسكان اصبح عبئا متزايدا على الاقتصاد الأوسع مما دفع بكين والحكومات المحلية إلى تصعيد الجهود الرامية إلى اعادة الزخم.

وبوجه عام أضاف التقرير إن الادلة على حدوث صعود كبير في الاقتصاديات الأوسع لمنطقة شرق اسيا والمحيط الهادي ضعيفة مما يحد من مجال حدوث تصحيحات "مهمة" في أسعار المساكن. وقال البنك الدولي إن النمو في منطقة شرق اسيا والمحيط الهادي النامية باستثناء الصين سيتباطأ من 5.2 في المئة في 2013 إلى 4.8 في المئة في 2014 بسبب تباطؤ اقتصاديات الصين وتايلاند. وأضاف إن من المرجح ارتفاع النمو إلى 5.3 في المئة في 2015. وقال البنك إنه على الرغم من أن تعرض المنطقة لهروب رؤوس الأموال قد قل خلال السنة الأخيرة فمازالت أندونيسيا معرضة نسبيا لذلك بسبب احتياجاتها المالية الخارجية الكبيرة على المدى القصير.

من جانب اخر قال صندوق النقد الدولي انه يأمل أن يدشن في العام القادم سياسة جديدة لسقوف الدين ستعطي الدول الأكثر فقرا قدرا اكبر من المرونة لانفاق الاموال على اولوية التنمية بدون تقويض قدرتها على الوفاء بديونها. وقالت انطوانيت سايح مديرة ادارة افريقيا بصندوق النقد للصحفيين "نأمل أن يكون بمقدورنا تقديم سياسة معدلة لسقوف الدين الي مجلس مديرينا بعد الاجتماعات السنوية."

ومتحدثة اثناء اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي قالت سايح إن السياسة المعدلة من المنتظر ان يتم تدشينها في 2015 لكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل. ويحدد صندوق النقد القواعد لحجم الاموال التي يمكن للدول الاكثر فقرا ان تقترضها لتفادي إثقال كاهلها بعبء ديون ليس بمقدورها الوفاء به ويعدل هذه القواعد بشكل منتظم. وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد إن ادخال اصلاحات على سياسة سقوف الدين هو احدي بضع قضايا مؤجلة لأن "بناء إجماع بشأنها بين الدول الاعضاء اتضخ انه اكثر صعوبة مما كان متوقعا." بحسب رويترز.

وقالت سايح ان دولا مثل ليبيريا -التي تواجه صدمات خارجية مثل التفشي الاخير لفيروس ايبولا- يجب ان تركز اولا على على الحصول على تمويل في شكل منح لا ترد من المانحين لأن تلك المنح لن تؤثر على قدرتها على الوفاء بديونها. ويقدم صندوق النقد قروضا فقط الي الدول رغم أن الاموال التي يقرضها حاليا يبلغ سعر الفائدة عليها صفرا حتى نهاية العام الحالي.

مجموعة العشرين

على صعيد متصل قالت مجموعة العشرين التي تضم بالخصوص الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي انها قادرة على تجاوز التوترات الجيو-سياسية والمخاطر المالية لزيادة حجم الناتج الاجمالي ب 1,8 بالمئة اضافية بحلول 2018. وانكب وزراء مالية وحكام البنوك المركزية في الدول الاعضاء بالمجموعة خلال اجتماعهم ليومين في كيرنز باستراليا، على دراسة سلسلة من الاجراءات من شانها ان تتيح تحقيق 2 بالمئة اضافية من نمو الناتج الاجمالي الداخلي في السنوات الخمس القادمة وهو الهدف الذي حددته هذه الدول لنفسها في شباط/فبراير بسيدني.

ولتحقيق ذلك، اقرت هذه الدول التي تمثل 85 بالمئة من التجارة العالمية وثلثي سكان العالم، الف اجراء بينها خصوصا الاستثمار في البنى التحتية واصلاحات مالية ومبادرات لتحفيز المبادلات، بحسب بيانهم الختامي. ومن شان هذه الاجراءات ان تحقق نسبة 1,8 بالمئة من النمو الاضافي لكن هناك حاجة لجهود اضافية لتحقيق 2 بالمئة نظرا لتباطؤ النمو العالمي ومراجعة صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية مؤخرا لتقديراتهم للنمو باتجاه خفضها.

وافاد البيان الختامي "ان التحاليل الاولية لصندوق النقد ومنظمة التعاون تشير الى ان هذه الاجراءات ستزيد ناتجنا الاجمالي بنسبة 1,8 بالمئة اضافية بحلول 2018". واضاف البيان "سنواصل البحث في سلسلة جديدة من الاجراءات الاضافية لتحقيق اهدافنا المشتركة للنمو" في ظل تباطوء وتيرة النشاط الاقتصادي الذي يؤثر في منطقة اليورو ولكن ايضا الدول الناشئة.

وفي ختام الاجتماع، اشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ب "التقدم الجوهري" الذي تحقق منذ لقاء سيدني في شباط/فبراير رغم التوتر الجيوسياسي (الازمة الروسية الاوكرانية ونزاعات الشرق الاوسط) التي تؤثر في النشاط الاقتصادي. وقالت لاغارد "رغم تواصل الانتعاش العالمي، فان وتيرة النمو تبقى منخفضة وغير منتظمة جزئيا بسبب التوترات الجيوسياسية ومخاطر الاضطرابات في الاسواق المالية. ولذا، فمن الضروري في هذه المرحلة، النهوض بسياسات اقتصادية تساعد في تحيقي نمو اكبر للنشاط الاقتصادي والوظائف".

واقر كبار المسؤولين الماليين في المجموعة ان "الكثير من الاجراءات والقرارات لدعم النمو صعبة التحقيق"، كما اشار وزير الخزانة الاسترالي جوي هوكي الذي تراس الاجتماع. واضاف "لكننا مصممون على زيادة النمو والدول مستعدة لاستخدام كافة رافعات الاقتصاد الشامل (النقد والضرائب والاجراءات الهيكلية) لمواجهة التحدي". وفي هذا السياق اتفق اعضاء مجموعة العشرين على ارساء ارضية للمبادلات الدولية "لتحسين نوعية الاستثمارات خصوصا في البنى التحتية". واشار البيان الى ان "الاستثمار امر حيوي لزيادة الطلب والنمو". بحسب فرانس برس,

وعلى المستوى الضريبي، حددت المجموعة "اولويتين كبيرتين" بحسب وزير المالية الفرنسي ميشال سابين، مشيرا الى تعزيز الشفافية لمكافحة الاحتيال والتهرب الضريبي وتلك الاستراتيجيات المعقدة التي تتيح للشركات المتعددة الجنسيات دفع اقل ما يمكن من الضرائب المتوجبة عليها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/تشرين الأول/2014 - 25/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م