في الصين.. حرية مقننة وفساد بلا قيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من الأداء الاقتصادي القوي للصين خلال السنوات الأخيرة الا ان الفساد المتفشي قد يعرقل دفع أجندة الإصلاح إلى الأمام ولاسيما معالجة القضايا التي تعرقل الاستثمارات، كما يرى بعض المحللين المتخصصين بالشأن الصيني انه لا يوجد في الوقت الراهن اي اشارة حاسمة لتحسن الاوضاع وخاصة في مجال حقوق الانسان في الصين، وتدين منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والدول الغربية الرقابة التي تفرضها السلطات الصينية خصوصا للوصول الى الانترنت او وسائل الاعلام.

ويرى بعض المراقبين الحكومة الصينية لا تزال تواصل تطبيق السياسات الإصلاحية والخطط والتغيرات الجديدة التي أعلنت عنها قبل وقت ليس بعيد، وقد أسهمت بمعالجة بعض القضايا والمشكلات المهمة، خصوصا وإنها قد كانت سببا في كشف بعض أهم ملفات الفساد الذي يعد من اكبر التحديات وأخطرها، وذلك لارتباطه بشخصيات وقيادات كبيرة في الحزب الشيوعي الذي اعتمد على استغلال السلطات وتطبيق السياسة الفاشلة التي طبقت في جميع مؤسسات الدولة. هذه الإجراءات المهمة قد تسهم بتعزيز قوة ونفوذ الحكومة ويدفعها الى الاستمرار في حربها الداخلية لأجل الإصلاح وتحسين صورة الحزب الحاكم التي اهتزت بشكل كبير في السنوات السابقة

من جانب أخر يرى بعض المراقبين ان الحكومة الصينية ومن خلال الإعلان عن خطط الإصلاح، تسعى الى تعزيز سلطاتها المركزية وتحسين صورتها إعلاميا خصوصا وان الجميع يدرك ان هذه الحكومة واي حكومة أخرى لا يمكن لها ان تعمل خارج سيطرة الحزب، لذا فهي لاتزال تواصل السياسات السابقة، التي أسهمت بازدياد معاناة العديد من طبقات الشعب والتي لاتزال تعاني من سياسة التهميش وتضيق الحريات وغير ذلك من الأمور الأخرى، خصوصا وان الحكومة والحزب الحاكم قد اعتمدوا قوانين وقرارات جديدة أكثر تشديدا.

وفي هذا الشأن قالت وسائل إعلام رسمية في الصين إن الحزب الشيوعي الحاكم سيكثف دروس التعليم الأيدولوجي للمسؤولين للحيلولة دون اقدامهم على تقليد المعايير الاخلاقية الغربية ولتقوية ايمانهم بالشيوعية للمساعدة في محاربة الفساد المستشري. وقالت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) نقلا عن بيان من لجنة التنظيم القوية بالحزب والتي تشرف على القرارات المتعلقة بالمسؤولين "إن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في الداخل والخارج أوقعت المسؤولين الذين يواجهون انعداما للإيمان وتدهورا اخلاقيا في الإهمال أكثر من مرة."

وقالت شينخوا "إن عقيدة وأخلاق المسؤولين تحدد تقدم وتراجع الحزب الشيوعي والبلاد. على المسؤولين الحفاظ على الايمان الراسخ بالماركسية لتفادي الضلال تحت تأثير الصخب الغربي والقيم العالمية والمجتمع المدني." وكان الحزب حذر مرارا من انه لا ينبغي ان تضلل المفاهيم الغربية لحقوق الانسان والديمقراطية أعضاءه وقال ان الصين تحتفظ بحق الترويج لتفسيرها الخاص لهذه الأفكار لجعلها تناسب بشكل أفضل ظروفها الوطنية ومستوى التطور الاقتصادي. وشن الرئيس الصيني شي جي بينغ حملة صارمة على الفساد المستشري في البلاد منذ توليه السلطة في العام الماضي.

حملات ضد الفساد

في السياق ذاته اصبح تشو يونغكانغ قائد الشرطة ورئيس اجهزة الامن الصينية النافذة، ارفع شخصية في النظام تفقد مكانتها منذ عقود في اطار تحقيق حول الفساد اكدته وكالة انباء الصين الجديدة رسميا. ففي "خبر عاجل" اكدت الوكالة الصينية الرسمية عصرا ان "اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي الصيني قررت وضع تشو يونغكانغ قيد التحقيق بتهمة انتهاكات سلوكية خطيرة، وهي صيغة تعني عادة وقائع فساد.

ولم تقدم الوكالة تفاصيل اضافية حول التهم الموجهة الى تشو، لكنها افادت ان القرار اتخذ بموجب النظام الداخلي للحزب وان التحقيق سيجري باشراف اللجنة المركزية للتفتيش التأديبي، اي "الشرطة" الداخلية للحزب الشيوعي الصيني. ووضع وزير الامن العام السابق قيد الاقامة الجبرية على ما كشفت عدة وسائل اعلام لا سيما في هونغ كونغ. وتشو (71 عاما) هو ارفع شخصية في النظام تخضع لتحقيق منذ محاكمة "عصابة الاربعة" في 1980 التي طالت اربعة من قادة الثورة الثقافية من بينهم جيانغ تشينغ ارملة ماو تسي تونغ.

وعمل وزير الامن العام السابق رئيسا لجهاز الامن الصيني النافذ من 2002 الى 2012، وكان حتى ذلك الوقت عضوا في اللجنة الدائمة في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، "قدس الاقداس" في النظام الصيني، وكان بالتالي احد اكثر الشخصيات نفوذا في البلاد. وفي اثناء ولايته، تجاوزت ميزانية اجهزة الامن ميزانية وزارة الدفاع.

ويعني اعلان ان تشو بات منذ فترة لم تحدد في عهدة اللجنة المركزية للتفتيش التاديبي وهو بالتالي محتجز في مكان سري لفترة قد تصل الى ستة اشهر، دون امكانية الحصول على محام او الاتصال بعائلته، حتى انتزاع اعتراف منه واحتمال احالته الى القضاء. وهو اول مسؤول في النظام يستهدف في اطار حملة مكافحة الفساد التي اطلقها الرئيس شي جينبينغ ويرى مراقبون انه يستخدمها لتصفية خصومه السياسيين ايضا.

وقرر الرئيس طرد "الذباب"، اي الموظفين الصغار الفاسدين، و"النمور"، اي القياديين الرفيعين، ما ضاعف من شعبيته في بلاد تعاني من الفساد كوباء مستشر يطال الحزب-الدولة. وصرح ويلي لام من الجامعة الصينية في هونغ كونغ "هناك قاعدة ضمنية تمنح نوعا من الحصانة لقدامى اعضاء اللجنة الدائمة"، لكن يبدو ان "تشي بات يشعر بالقوة الكافية لاقناع مخضرمي الحزب" باستهداف تشو.

وكان تشو معروفا بقربه من بو تشيلاي العضو السابق في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة العام الماضي بتهمة الفساد على اثر فضيحة هزت النظام. وكان بو تشيلاي ذو شخصية لامعة واعتبر "نجما صاعدا" على الساحة السياسية الصينية قادرا على منافسة الرئيس الحالي. لكنه فقد حظوته في فضيحة مدوية بعد اغتيال رجل اعمال بريطاني نسب الى زوجته.

كما لعب تشو يونغكانغ دورا رئيسيا في "فصيل النفط"، شبكة المسؤولين الشيوعيين الذين انبثقوا من صناعة النفط وجمعوا ثروات واقاموا علاقات سياسية متينة فنافسوا السياسة الخارجية الصينية على المستوى الدولي. وكان 13 على الاقل من مساعدي تشو السابقين في هذا المجال تعرضوا لملاحقات في الاشهر الاخيرة مما يوحي بامكانية تعرضه للمصير نفسه.

وقبل 2002 ادار تشو يونغكانغ اقليم سيتشوان (جنوب غرب) حيث اعتمد خطا متشددا ولا سيما في قمع طائفة فالونغونغ التي قمعتها بكين. ونقلت مجلة كايجينغ الاقتصادية ان تشو بين، نجل تشو يونغكانغ، اوقف في مدينة ييشانغ (وسط) للاشتباه في قيامه "بعمليات مالية غير مشروعة". وعلى موقع سينا وايبو، اهم موقع صيني للتواصل الاجتماعي، نشرت اكثر من 1,2مليون رسالة حول تشو يونغكانغ في غضون ساعة بعد الاعلان عن التحقيق الذي يطاله. وكتب احد المعلقين "اننا ندعمكم، ايها الرئيس تشي، لقد قبضتم اخيرا على النمر". وعلق اخر ساخرا "اخيرا فاضت القدر بما فيها بعد طهو مطول"، في اشارة الى كون التحقيق حول تشو سرا معروفا في الصين منذ اشهر.

من جانب اخر نقلت صحيفة الشعب الصينية الرسمية عن الرئيس الصيني شي جين بينغ تعهده بالضرب بيد من حديد للقضاء على الفساد في الجيش وحث الجنود على الابتعاد عن ممارسات الفساد وتأكيد ولائهم للحزب الشيوعي الحاكم. ويأتي هذا التعهد بعد أيام قليلة على بدء الحزب الشيوعي التحقيق مع تشو يونغ كانغ رئيس جهاز الأمن الداخلي السابق. بحسب رويترز.

وقال الرئيس الصيني خلال زيارة إلى قاعدة عسكرية في مقاطعة فوجيان في جنوب شرق البلاد إنه على الجنود أن يتذكروا أولوياتهم. وأضاف شي أنه "سيعاقب على الفساد بحزم ويحافظ على الصورة الجيدة للقوات المسلحة للشعب منذ البداية وحتى النهاية." وقال إنه على الجنود أن يبقوا بعيدين عما ما يسميه الحزب "بالعادات الأربع" وهي الشكلية والبيروقراطية والرفاهية والبذخ. وفي يونيو حزيران الماضي أعلن الحزب أنه سيحاكم عسكريا تشو تساي هو نائب رئيس اللجنة المركزية العسكرية بتهم الفساد. واستقال تشو من منصبه في اللجنة العسكرية المركزية في العام الماضي ومن المكتب السياسي للحزب الشيوعي عام 2012.

على صعيد متصل قالت وسائل اعلام رسمية صينية إن الصين استجوبت أكثر من 25 ألف شخص في الشهور الست الأولى من 2014 بتهمة الكسب غير المشروع في إطار حملة قومية على الفساد. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) نقلا عن نيابة الشعب العامة العليا وهي أكبر ممثل للادعاء في البلاد أن التحقيق في قرابة 85 في المئة من الحالات كان بتهمة تلقي رشوة أكثر من 50 ألف يوان (ثمانية آلاف دولار) أو اختلاس مئة ألف يوان. وأطلقت الصين بقيادة الرئيس شي جين بينغ حملة لمكافحة الفساد في مسعى لتحسين صورة الحزب الشيوعي بعد شكوك في استغلال مسؤولين لأموال الضرائب أو استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية. وقال شي إن الفساد يهدد بقاء الحزب الشيوعي الحاكم.

الإعلام الحكومي

الى جانب ذلك جرأت الحملة التي تشنها الصين لمكافحة الفساد وسائل الإعلام الحكومية وشجعتها على رفع القيود لفضح فساد الشركات. ولا يزال الاعلام الحكومي غير قادر على المساس بقادة الحكومة أو مؤسسات الدولة القوية لكن تقارير أعدها التلفزيون الحكومي في الآونة الأخيرة والتي اتهمت بنك اوف تشاينا المملوك للحكومة بتسهيل غسل الأموال وشركة أغذية أمريكية بانتهاك معايير السلامة تشير إلى أن الاعلام بات أكثر استعدادا لنشر تقارير جريئة.

وقال البنك المركزي الصيني في وقت سابق إنه يحقق في مزاعم بثها التلفزيون الرسمي حول تقديم بنك أوف تشاينا خدمة لمساعدة الصينيين على تحويل مزيد من الأموال النقدية للخارج أكثر من الحد المسموح. ونفى البنك وهو رابع أكبر مقرض في الصين صحة هذه المزاعم. وقال موظف في التلفزيون الحكومي "جزء من أسباب خروج التقرير للنور هو حملة مكافحة الفساد." وأضاف "الأمر لم يعد كما في السابق بأن الفساد ليس موجودا لكن الآن هناك مساحة أكبر قليلا للتطرق للأمر."

وقال خمسة من العاملين الحاليين والسابقين في التلفزيون الحكومي إن الشبكة اجرت تقارير في السابق حول مشاريع مملوكة للحكومة لكن لم يكن من المعتاد مهاجمة كيان كبير مثل بنك أوف تشاينا. وطلب الجميع عدم نشر اسماء نظرا لحساسية الموضوع. ولم يتسن الاتصال بالتلفزيون المركزي الصيني للتعليق. وقال مصدر آخر بالتلفزيون الحكومي إن "التحقيق الصحفي الذي اجراه التلفزيون المركزي الصيني حول بنك أوف تشاينا هو جزء من توجه حكومي أشمل لمكافحة الفساد والأنشطة المرتبطة به" مضيفا أن القنوات الناطقة بالصينية تخصص المزيد من الموارد للتحقيقات الصحفية.

وأذاعت محطة دراجون تي.في المملوكة لحكومة مقاطعة شنغهاي فيلما وثائقيا اتهمت فيه شركة شنغهاي هوسي فوود الغذائية المملوكة لمجموعة أو أس آي ومقرها الينوي بالولايات المتحدة بخلط لحوم منتهية الصلاحية بالمنتجات الحديثة وهو ما كشف فضيحة تتعلق بسلامة الغذاء امتدت لهونج كونج واليابان. وسحبت عدة مطاعم أجنبية شهيرة من بينها مكدونالدز منتجات الشركة من فروعها وغيرت مورديها. بحسب رويترز.

وقالت مصادر تعمل بوسائل الاعلام الحكومية إنهم لا يعلمون شيئا عن صدور توجيهات صريحة من بكين لاجراء تحقيقات صحفية حول فساد الشركات لكن مثل هذه التحقيقات تتوافق مع حملة مكافحة الفساد ونجحت في جذب أعداد كبيرة من المشاهدين. وقال مصدر بالتلفزيون الحكومي "جزء من اكتمال قصة بنك أوف تشانيا يعود إلى المناخ السياسي الأشمل."

المشاهير والشاشات

من جانب اخر لن تسمح الصين للمشاهير الذين يتعاطون المخدرات أو يترددون على المواخير أو يرتكبون مخالفات بالظهور على شاشات التلفزيون أو السينما. وذكرت صحيفة رسمية أن هؤلاء "أضروا بصورة قطاع الترفيه وأرسوا نموذجا سيئا للشباب". وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ تعهد بمحاربة "الفساد والتجاوزات في أوساط النخبة". وذكرت وسائل إعلام رسمية بالصين أنه لن يسمح للنجوم الذين يتعاطون المخدرات أو يترددون على عاهرات أو يرتكبون مخالفات قانونية أخرى بالظهور على شاشات التلفزيون والسينما أو أي نوع آخر من أنواع البث الإعلامي.

وأفادت صحيفة "تشاينا ديلي" الرسمية أن هذا الحظر الذي يتضمن أيضا الإذاعة والإعلانات يهدف إلى "الحفاظ على القطاع قويما". وأضافت الصحيفة "المشاهير الذين يخرقون القانون يجب عدم دعوتهم إلى الظهور في برامج كما ينبغي وقف بث أحاديثهم"، مستشهدة ببيان من الهيئة المنظمة لعمليات البث. وتابعت "الحالات الأخيرة التي تعاطى فيها نجوم مخدرات أو ترددوا على عاهرات أضرت بصورة قطاع الترفيه وأرست نموذجا سيئا للشباب".بحسب فرانس برس.

وكان ممثلو الادعاء في الصين قد وافقوا على اعتقال جايسي شان ابن نجم الكونغ فو جاكي شان بتهمة تعاطي المخدرات لينضم إلى قائمة من المشاهير الذين وقعوا تحت طائلة القانون. وكانت الصين قد ألقت القبض في الشهور الأخيرة على عدد من المشاهير لاتهامات تتعلق بتعاطي وحيازة المخدرات، وكان من بينهم نجوم في السينما والتلفزيون ومخرجون وكاتب سيناريو بارز. كما ألقي القبض على أحد المخرجين للاشتباه في تردده على عاهرات. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد تعهد بمحاربة "الفساد والتجاوزات في أوساط النخبة" والتي تعد من الأسباب الرئيسية للسخط العام في ظل تزايد الفجوة بين الفقراء والأثرياء.

ازمة هونج كونج

في السياق ذاته حذرت الصين كونج كونج من أن هناك حدودا للحرية وطالبتها بضرورة الالتزام تماما بالقانون. ويأتي هذا التحذير قبل تظاهرات يتم الاعداد لها في هونج كونج تأييدا للديمقراطية وقد تنتهي بإغلاق جزء من حي المال في المدينة التي تعتبر مركزا اقتصاديا. وتتصارع المستعمرة البريطانية السابقة -التي تعتبر المدينة الأكثر ليبرالية على الأراضي الصينية- مع بكين منذ عودتها إلى السيادة الصينية عام 1997 سعيا للحفاظ على حريتها ونظامها الرأسمالي بموجب صيغة "دولة واحدة ونظامين".

وخلال العام المنصرم وترت ضغوط النشطاء -المطالبين بالديمقراطية للسماح لهم بتنظيم تظاهرات في إطار حملتهم من أجل الحصول على حق اختيار مرشحيهم في الانتخابات لاختيار حاكم هونج كونج عام 2017 -القادة في بكين خشية فوز أحد زعماء الحركة الديمقراطية المعارضة بالمنصب. وجددت الحكومة الصينية في تقرير بشأن صيغة "دولة واحدة ونظامين" التأكيد على أن المدينة تخضع لسلطة الصين على الرغم من الحكم الذاتي الواسع الذي تتمتع به وبالتالي يوجد حدود لحريتها.

وقالت الحكومة في التقرير الرسمي "الحكم الذاتي الواسع في هونج كونج ليس حكما ذاتيا كاملا أو سلطة لا مركزية. تتمتع المدينة بصلاحية إدارة شؤونها المحلية استنادا لما تقرره السلطة المركزية." ويرى بعض سكان هونج كونج أن التقرير الذي وضعته أعلى مؤسسة إدارية في البلاد هو بمثاية تحذير إلى المعسكر الموالي للديمقراطية في المدينة الذي يحرض الرأي العام من أجل الحصول على الديمقراطية الكاملة عام 2017 .

وتخطط مجموعة من النشطاء لاجراء استفتاء على الإنترنت بشأن الإصلاحات السياسية في خطوة تسبق قراراتها بشأن حجم حملتها الداعية للعصيان المدني. وتنامى الغضب والشعور بالسخط في كل من تايوان وهونج كونج خلال العام المنصرم جراء تشدد الصين المتزايد وتدخلها في الشؤون المحلية. وتجلى هذا السخط في الغالب في تظاهرات صاخبة. بحسب رويترز.

واستبعد حاكم هونج كونج ليونج تشون ينج الايحاءات بأن التقرير الحكومي الصيني بمثابة انذار سياسي. وقال إن التقرير كان يجري اعداده في بكين على مدى عام وترجم إلى سبع لغات ولهذا فهو يمثل موقفا مدروسا لبكين بشأن الوضع السياسي في هونج كونج كما يؤكد في الوقت ذاته على سيادة الصين على المدينة. ووافقت الصين على ان تنتخب هونج كونج حاكما لها عام 2017 في خطوة تعتبر أقصى ما يمكن أن تسمح به الصين من ديمقراطية على أراضيها. ولكن لم يتخذ القرار بعد بشأن عدد من التحضيرات للانتخابات.

رحلات واجازات قسرية

الى جانب ذلك وفي الوقت الذي كان كبار المسؤولين السياسيين الصينيين يتوافدون للاجتماع في بكين، كان الناشط السياسي هو ديبو يقتاد مخفورا لامضاء "عطلة" على نفقة الحكومة في جزيرة هاينان. وهذا الناشط هو واحد من عشرات المعارضين الذين تقول منظمات حقوقية انهم ابعدوا قسرا عن العاصمة لتمضية "رحلات" بعضها في اماكن سياحية، وفنادق فاخرة. وتسلك السلطات الصينية هذه الطريقة لاسكات الاصوات المعارضة، لكنها في الآونة الاخيرة اصبحت عالية الوتيرة.

ومع ان هو ديبو البالغ من العمر 57 عاما ليس متهما بأي جرم أو مخالفة، الا انه اجبر قبل اربعة اشهر على السفر جوا الى جزيرة هاينان، الواقعة على بعد 2300 كيلومتر من بكين، والبقاء هناك عشرة ايام، وذلك بالتزامن مع العقد السنوي للبرلمان الصيني. وطلب من هو ديبو وزوجته ومعارض آخر أن يمضوا معا اجازة للاستمتاع بشواطئ الجزيرة وتأمل التماثيل الضخمة لبوذا هناك، ولكنهم كانوا طوال الوقت بمرافقة عنصري أمن.

ويؤكد المعارض انه لم يدفع في كل ذلك قرشا واحدا، بل كانت كلها على نفقة السلطات. وعلى غرار هو ديبو، اكد سبعة ناشطين سياسيين آخرين انهم اجبروا على السفر على هذا المنوال في السنوات الماضية. وتقول الناشطة شو شويانغيو، وهي من الوجوه المعارضة المعروفة في البلاد "بالتزامن مع كل حدث سياسي مهم، يقتادني رجال الامن الى اجازة". ففي العام 2011 رافقها رجال الامن في رحلة مع عائلتها الى هاينان، التي باتت اليوم مقصدا سياحيا بعد ما كانت في الماضي مركزا لتوقيف المجرمين واعتقال المعارضين. وتروي ان "الفندق كان فاخرا، والطعام ممتازا، ودفع رجال الامن كل شيء، علما ان وجبة الطعام الواحدة كانت تجاوز الف يوان" اي ما يعادل 160 دولارا.

ويبدو ان رجال الامن المكلفين بمرافقة المعارضين يستمتعون بهذه الرحلات، بحسب الناشط البيئي وو ليهونغ الذي اقتيد الى امضاء اجازة في اذار/مارس الماضي في مدينة شيان، العاصمة السابقة للامبراطورية الصينية. ويقول "هذه الرحلات تتيح لعناصر الامن التعرف على مناطق البلاد، بينما هم معتادون على ان يعملوا في مكاتب مغلقة". لكن هذه الرحلات الجبرية ليست من نصيب كل المعارضين، فكثير من منتقدي سياسات الحكم الشيوعي في الصين ينتهي بهم الامر في معتقلات لا تدخلها الشمس ومنهم من يقضي في الاعتقال. بحسب فرانس برس.

ووفقا لمنظمة هيوان راتيس ووتش فان "هذه الرحلات مخصصة للناشطين المعروفين فقط والذين تثير القضايا التي يطرحونها صدى في البلاد". وينظر المعارضون الى هذه الرحلات على انها اشبه بسجن متنقل، مؤكدين انه يستحيل الاستمتاع بالمناظر الطبيعية والاسترخاء في العطلة في ظروف كهذه. وشددت بكين قبضتها الامنية والرقابية في البلاد ولاسيما بعد وصول الرئيس الحالي شي جينبينغ الى مقاليد السلطة في ربيع العام 2013، وباتت نفقات الدولة في مجال "الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي" اكبر من ميزانية الانفاق العسكري.

ركاب الحافلات

في السياق ذاته قالت وسائل الإعلام الحكومية إن الصين حظرت على ركاب الحافلات في عاصمة منطقة شينجيانغ في غرب البلاد حمل بعض المواد من قداحات السجائر إلى اللبن (الزبادي) في أحدث محاولة للسلطات لمنع وقوع هجمات عنيفة. وتشبه القواعد الجديدة في أورومتشي القيود التي عادة ما تفرضها شركات الطيران على رحلاتها مما يعكس سعي المسؤولين إلى الحيلولة دون اندلاع أعمال عنف في المنطقة التي تقطنها أقلية اليوغور المسلمة. بحسب رويترز.

وشهدت شينجيانغ أعمال عنف لسنوات وتلقي الحكومة باللوم على متشددين إسلاميين وإنفصاليين تقول إنهم يريدون إقامة دولة مستقلة تسمى تركستان الشرقية. واندلعت حرائق في الحافلات بمختلف أنحاء الصين بما في ذلك بمدينتي هانغتشو وقوانغتشو بشرق البلاد. وأصدرت الحكومة المحلية في أورومتشي وهي مدينة يقطنها ثلاثة ملايين نسمة القواعد الجديدة بعد اجتماع لأمن قطاع النقل. وقالت صحيفة (ليجال ديلي) التابعة للدولة إن القواعد الجديدة تحظر على الركاب حمل السوائل والقداحات والمساحيق غير المعروفة "لتوجيه ضربة شديدة لجميع أشكال النشاط الإجرامي في الحافلات العامة."

على صعيد متصل حظرت مدينة في شينجيانغ المضطربة في غرب الصين على المحجبات والملتحين ركوب الحافلات بينما تحاول الحكومة احتواء التوترات بانتهاج سياسة يصفها منتقدوها بانها تمييز ضد المسلمين. وتشهد شينجيانغ وسكانها من الويغور المسلمين الذين يتحدثون التركية أعمال عنف منذ سنوات تلقي الحكومة باللوم فيها على متشددين اسلاميين أو انفصاليين.

وذكرت وسائل اعلام رسمية أن السلطات ستحظر على المحجبات والملتحين ومن يرتدون ملابس تحمل رمز الهلال والنجمة ركوب الحافلات في مدينة كاراماي في شمال غرب شينجيانغ. ويعتبر الهلال والنجمة رمزا اسلاميا في الكثير من الأعلام الوطنية كما تستخدمه جماعات تقول الصين إنها تريد إقامة دولة مستقلة باسم تركستان الشرقية. وقالت صحيفة كاراماي ديلي التي يديرها الحزب الشيوعي إن الهدف من هذه الخطوة تعزيز الأمن.

الجيش الصيني

من جانب اخر قالت الصحيفة الرسمية للجيش الصيني إن هناك نقاط ضعف في التدريبات العسكرية للجيش تهدد قدرة البلاد على خوض حرب والانتصار فيها. وذكرت صحيفة جيش التحرير الشعبي على صفحتها الأولى أن سلطة الجيش الصيني أرسلت وثيقة إلى الوحدات العسكرية تتضمن 40 نقطة ضعف في أساليب التدريب المعمول بها. وقالت الصحيفة نقلا عن مقر الأركان العامة لجيش التحرير الشعبي "تعكس هذه المشكلات أوجه قصور ونقاط ضعف في تشكيلة قواتنا القتالية. وإذا لم يتم التعامل معها كما ينبغي فإنها ستؤثر دون شك في قدرة جيشنا على خوض حرب."

ويدفع الرئيس الصيني شي جين بينغ باتجاه تعزيز القدرة القتالية للقوات المسلحة الصينية التي يصل قوامها إلى 2.3 مليون فرد وتمثل أكبر جيش في العالم كما يكثف الجهود لتحديث قوات تستعرض عضلاتها في مياه متنازع عليها ببحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. وتعرض الجيش الصيني لانتقادات في وقت سابق هذا العام من ضباط صينيين متقاعدين وفي الخدمة ومن وسائل اعلام زعمت أن القوات فاسدة لدرجة تجعلها غير قادرة على الانتصار في حرب. بحسب رويترز.

وقالت صحيفة الجيش إن الصين بحاجة إلى ايجاد "علاج لمرض السلام الذي أصاب" نظام التدريب فيها لضمان امتلاك القوات المسلحة القدرة على حسم صراع حقيقي لصالحها. وحددت السلطات العسكرية بعض النقاط أمام الجيش والأسطول والقوات الجوية في الصين ومن بينها معايير وأساليب التدريب التي يطبقها القادة والوحدات العسكرية. وذكرت الصحيفة أنه تم تحديد المشاكل من خلال الاشراف على مناورات من بينها تدريبات مشتركة مع قوات مسلحة أجنبية. وطورت الصين طائرات شبح كما صنعت حاملة طائرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/تشرين الأول/2014 - 24/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م