الصومال.. هشاشة امنية ترادفها كوارث انسانية

 

شبكة النبأ: لا تزال الصومال تعاني الكثير من التحديات والمشاكل، من ابرزها الملف الأمني الذي يعد من اهم واكبر التحديات التي اثرت وبشكل سلبي على جميع مفاصل الحياة، بسبب استمرار المعارك والهجمات بين الحكومة وحركة الشباب الاسلامية المتشددة، التي لاتزال تواصل تكثيف عملياتها القتالية على الرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بها بعد مقتل قائدها الذي اتسم بالقسوة (أحمد جودان) مع كبار معاونيه في ضربة أمريكية كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان الحركة قد تسعى الى اعتماد خطط انتقامية جديدة في داخل وخارج الصومال من اجل قلب الموازين وتحقيق نتائج عسكرية على ارض الواقع، خصوصا مع توفر بعض العوامل المساعدة، التي قد تمكن الحركة من ذلك ومنها ضعف الجهاز الحكومي اتساع دائرة الفساد وغيرها من الامور الاخرى.

من جانب اخر حذرت بعض المنظمات من خطورة الاوضاع الانسانية في هذه الدولة التي عانت من ويلات الحرب الاهلية المتلاحقة التي دمرت البلاد، وتفيد بعض التقارير الخاصة ان بعض المناطق في الصومال ربما ستواجه ازمة انسانية كبيرة بسبب نقص التمويل والجفاف الذي ينذر بحدوث مجاعة كبيرة تهدد ارواح الالاف من السكان، يضاف الى ذلك المشكلات الاخرى التي تواجه عمل منظمات الإغاثة بسبب تصاعد العنف واستمرار الصراع.

تهديدات جديدة

وفيما يخص اخر المستجدات فقد هددت حركة الشباب الصومالية بتنفيذ هجمات في شرق افريقيا وفي الولايات المتحدة وحذرت الرئيس الأمريكي باراك اوباما من أنه سيسمع "انباء صادمة" ردا على هجوم امريكي ادى الى مقتل قائد الحركة. ونشرت الحركة الإسلامية التهديد بعد ساعات من تنفيذها هجومين داخل الصومال استهدفا قوات حفظ السلام الافريقية وقافلة حكومية. وقالت الشرطة ان اجمالي عدد قتلى الهجومين وصل الى 18 شخصا. وقال فؤاد محمد خلف شونجول المسؤول الكبير في الحركة في رسالة مسجلة "لينتظر مجاهدونا انباء طيبة ولينتظر اوباما انباء صادمة" ووعد بالانتقام لمقتل قائد الحركة.

واظهرت الحركة قدرتها على تنفيذ هجمات في الخارج يوم 21 سبتمبر ايلول 2013 عندما نفذت هجوما على مركز ويستجيت التجاري في العاصمة الكينية نيروبي اسفر عن مقتل 67 شخصا. واعلن جودان مسؤولية الحركة عن ذلك الهجوم وقال انه رد على تدخل كينيا والغرب في الصومال. وكان جودان زعيما للحركة ايضا حين نفذت سلسلة من التفجيرات في كمبالا عاصمة اوغندا عام 2010 اودت بحياة 74 شخصا.

وهدد شونجول في رسالته التي بثت على الانترنت بتنفيذ هجمات جديدة في كينيا واوغندا قائلا "كما قتلتموه (جودان) سيقتل الكثير من الامريكيين في نيويورك وواشنطن. هذا حقيقي. لقد جرى بالفعل تجهيز رجال." وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في تصريح للراديو الرسمي انه واثق من ان "عمر" حركة الشباب شارف على النهاية وذلك في اشارة الى حملة تشنها قوات افريقية وصومالية لطرد المتشددين من اخر معاقلهم. وقال الرئيس الصومالي "نقول للإرهابيين انتهى وقتكم." وطردت الحركة من العاصمة مقديشو في 2011 لكنها واصلت السيطرة على بلدات ومساحات اخرى من الاراضي. واستعادت القوات الافريقية والحكومية عدة بلدات في وقت سابق هذا العام.

وتعاونت الاستخبارات الفرنسية مع واشنطن في تنفيذ الضربة الجوية الاميركية التي ادت الى قتل قائد الشباب الاسلاميين في الصومال احمد عبدي غودان ، كما افاد مصدر مقرب من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وقال المصدر ان "فرنسا ورئيس الجمهورية ساندا العملية من خلال المعلومات الاستخباراتية والتنسيق"، مؤكدا بذلك جزئيا معلومات نشرتها اسبوعية "لو بوان" الفرنسية. واضاف "لكن العملية على الارض لم تكن فرنسية، لم نشارك في التدخل".

وكان "غودان" البالغ 37 عاما والمعروف بلقب ابو زبير من العشرة الاوائل المطلوبين لدى الولايات المتحدة في قضايا الارهاب. واكدت الولايات المتحدة مقتل غودان في غارة جوية بصواريخ هلفاير واسلحة توجيه بالليزر استهدفت اجتماعا لمسؤولين كبار في حركة الشباب في جنوب مقديشو. بحسب فرانس برس.

وافادت الاسبوعية الفرنسية ان "العناصر التي اتاحت العملية، اي تحديد شاحنته بدقة والطريق التي سيسلكها، ابلغها جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية الى البنتاغون بامر صريح من رئيس الجمهورية". وغودان مسؤول عن اختطاف عنصرين من الجهاز الفرنسي في 14 تموز/يوليو 2009 بحسب "لو بوان". واضافت "الاول معروف باسم مستعار هو مارك اوبريار وقد تمكن من الفرار، لكن الثاني، دوني اليكس بقي رهينة لدى غودان في ظروف شديدة الهمجية". وفشلت عملية عسكرية فرنسية في 11 كانون الثاني/يناير 2013 في تحرير الرهينة الذي قتل الى جانب عنصرين من فرقة الكوماندوس الفرنسية و17 عنصرا على الاقل من الشباب.

وسط المعادلة

في السياق ذاته يقول دبلوماسيون صوماليون وغربيون وقادة عسكريون إن الهجمات العسكرية التي طردت متمردي حركة الشباب من ميناء صومالي استراتيجي وقتلت قائدهم وجهت ضربة قاسية لهم لكن من السابق لأوانه إعلان النصر عليهم. واحتفل بعض صغار السن في براوة بطرد حركة الشباب من المدينة بأن لعبوا كرة القدم في الشارع للمرة الأولى منذ ست سنوات. وكانت هذه المباريات أحد أنشطة كثيرة حظرتها الحركة الإسلامية المتشددة منها مضغ القات ومشاهدة القنوات الفضائية التلفزيونية.

لكن ظلال حركة الشباب حتى بعد هزيمتها بأيدي قوات حفظ السلام الأفريقية وقوات الجيش الصومالي لا تزال تخيم على السكان الذين يعرفون جميعا قدرة الحركة على الذوبان ثم العودة غبر غارات مدمرة كغارات حرب العصابات. وقالت حليمة عثمان وهي ترفض بيع مشروباتها للقوات الحكومية التي انتشرت في شوارع براوة "الشباب هددونا في اليوم الذي تركوا فيه المدينة... إذا اشتريتم الشاي مني فسيقطع مقاتلو الشباب رأسي أو يقتلوني فور أن ترحلوا."

وكانت براوة وهي ممر للسلاح ومصدر للدخل من تهريب الفحم آخر معقل ساحلي كبير للشباب. وكانت خسارتها في سلسلة من الهزائم في منطقة تمركزهم الأساسية وهي جنوب ووسط البلاد. وتزيد الهزيمة في براوة التحدي الذي تواجهه الحركة التي قتل قائدها أحمد جودان -الذي اتسم بالقسوة كما تمتع بشخصية كاريزمية- في ضربة صاروخية أمريكية في سبتمبر أيلول.

وخليفته أحمد عمر الذي يرجع صعوده لولائه لجودان أكثر من كونه يتمتع بقاعدة نفوذ يتحتم عليه أن يعزز قيادته في الوقت الذي يتقهقر فيه المقاتلون. لكن الحركة التي وصلت إلى السلطة في الصومال عام 2006 بقيت قوة فاعلة بعد طرها من مقديشو في 2011 وليس مرجحا أن يكون من شأن النكسات الأخيرة لها وقف حملتها التي شملت مهاجمة القصر الرئاسي واغتيال مسؤولين ونصب كمائن لقوات الاتحاد الأفريقي المدعومة من الغرب.

وتشعر الدول الغربية والدول الأفريقية المجاورة للصومال بالقلق من أنه ما دامت الحركة قادرة على السيطرة حتى على مراكز صغيرة أو مناطق في الريف فإنها ستهدد تعافي الصومال التدريجي من حرب استمرت نحو 20 عاما. وتخشى هذه الدول من إمكانية أن تبقى الحركة قادرة على استخدام الأراضي التي تسيطر عليها في نشر الافكار الجهادية خارج حدود الصومال.

وقال عبد القادر محمد سيدي حاكم منطقة شبلي السفلى جنوبي العاصمة متحدثا من براوة "الشباب ضعفت بعد موت جودان واستعادة براوة." لكنه قال أيضا إنها لا تزال تملك قوة كبيرة مسلحة جيدا ومقاتلين لديهم خبرة يستعملون سيارات نصبت عليها مدافع مضادة للطائرات وأسلحة أخرى. وأضاف "هناك أحراج كثيفة في هذه المناطق ويعتزم الشباب خوض حرب عصابات هنا." والانتحاريين الذين يستخدمون السيارات والمقاتلون المستعدون لاقتحام المباني الحكومية وهم يطلقون النار يتسببون في إبقاء سكان مقديشو في حالة هلع. وفي الخارج أثبت الشباب قدرة إقليمية بالهجوم الذي شنوه على مركز تجاري في نيروبي العام الماضي وخلف 67 قتيلا كما شنوا هجمات أخرى قاتلة في كينيا منذ ذلك الوقت.

وقال أحد الدبلوماسيين "الشباب منظمة مرنة جدا. أعادت بناء نفسها مرات كثيرة وتغلبت على التغييرات في القيادة وبالتالي سيكون من الخطأ التقليل من شأن الشباب." وفضلا عن ضربها مقديشو قطعت الشباب طرق الإمداد إلى البلدات التي أعيدت للحكومة بهجوم هذا العام الذي شنته قوات الاتحاد الافريقي (أميسوم) الممولة غربيا والجيش الصومالي الذي يتحول تدريجيا من ميليشيات ممزقة إلى قوة وطنية.

لكن المعدات الحديثة والتمويل الأجنبي ليس دائما طريق النصر. ويقول حسين نور وهو محاضر جامعي في الحكم والقيادة بمقديشو "الدبابات لم تصنع للقتال في الأحراج." وبعض المناطق السكانية صارت "مدن أشباح" بعد استعادتها في الوقت الذي أوقف فيه الشباب قافلات المساعدات من الوصول إليها وهو ما أجبر السكان على الفرار بحثا عن الطعام. وهذا قوض وعد الحكومة للناس بحياة أفضل.

وقال الميجور كليمنت سيمانا المتحدث باسم قوات بوروندي في أميسوم "الصوماليون الجياع يمكن أن ينضموا إلى الشباب إذا لم تساعدهم أميسوم والحكومة سريعا." وأشار إلى أن وصول الإمدادات إلى البلدات بطرق مخربة وخطيرة يمثل تحديا. وقال "سيطول الوقت حتى عقد مصالحة مع الشباب للوصول إلى السلام. الحل العسكري قد لا يكون الحل الوحيد."

واستغلت الحكومة نكسات الشباب واصدرت عفوا مدته 45 يوما في سبتمبر أيلول لأعضاء الحركة بعد مقتل جودان وحثت من خلاله المقاتلين على تسليم أنفسهم وكان مقصدها أن يأتي إليها القادة من الصف الأول والثاني في الحركة. وحتى الآن يقول الدبلوماسيون إن ذلك أثمر عددا قليلا من الأعضاء العاديين. ويقول الدبلوماسيون أيضا إن الأمر ربما يحتاج إلى ما هو أكثر من الهزائم العسكرية لهز الاعتقادات الدينية التي تقوم عليها جماعة تريد أن تفرض تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية.

وقالت الشباب التي عرف عنها العناد إن ادعاء "الصليبيين والكفار" أنها ضعفت سيثبت قريبا أنه خاطئ مثلما ثبت خطأ تقديرهم عندما خسرت الحركة مقديشو وميناء كيسمايو في جنوب البلاد. وقال عبد العزيز أبو مصعب المتحدث باسم العمليات العسكرية لحركة الشباب "الادعاءات الحالية لا تختلف عن سابقتها. الوقت سيثبت لهم من جديد أنها ادعاءات لا أساس لها بينما يخوض الكفار حربا خاسرة." بحسب رويترز.

ومع ذلك لا يتوقع أن يكون هناك فرار على نطاق كبير من حركة الشباب بسبب انتصارات الحكومة الأخيرة لكن يمكن أن تتراجع المعنويات بمرور الوقت. ولا يستطيع القائد الجديد عمر التباهي بأن له خبرات جودان القتالية أو كاريزميته التي جاءت من ملكة الشعر لديه وشهرته كباحث إسلامي. وقال عبدي عينتي مدير معهد التراث للدراسات السياسية في مقديشو "هناك إمكانية أن يقرر بعض الاعضاء على المستوى المتوسط القفز من السفينة في وقت تضيق عليهم الدنيا." وأضاف "لا أزال مقتنعا بأنه على المدى البعيد سيكافح (عمر) لإبقاء الحركة متماسكة."

أسلحة الجيش

من جانب اخر قال محققون للأمم المتحدة في تقرير جديد إن أسلحة الجيش الصومالي وذخائره ما زالت تجد طريقها إلى الأسواق المفتوحة على الرغم من تعهدات الحكومة بمنع تسرب أسلحتها التي ينتهي المطاف بها في أيدي المتشددين الإسلاميين. وقالت مجموعة مراقبة الصومال وإريتريا - وهي فريق محققين من ثمانية أعضاء يراقب الامتثال لعقوبات الأمم المتحدة على الدولتين - إنه حدث تحسن في التقارير الحكومية عن محتويات مخازن أسلحتها لكنها أشارت إلى أن الوضع لا يبعث بعد على الارتياح.

وقالت المجموعة في تقريرها "الحكومة الاتحادية لم تجلب عن طريق الاستيراد أسلحة إلى الصومال في امتثال كامل لالتزاماتها وفق قرار تعديل حظر السلاح الذي أصدره مجلس الأمن." وعرض التقرير على لجنة عقوبات الصومال وإريتريا المنبثقة عن مجلس الأمن. وكان قرار مجلس الأمن تخفيف حظر السلاح في مارس آذار 2013 مثيرا للجدال مع أن واشنطن أيدت مناشدات الحكومة الصومالية لتخفيف القيود لتمكينها من تسليح قواتها الأمنية بشكل أفضل لمحاربة جماعة الشباب.

وفي وقت سابق من هذا العام مد مجلس الأمن لثمانية أشهر إيقافا جزئيا لحظر السلاح المفروض منذ عقود على الصومال لكنه أبرز المخاوف بشأن احتمال تحويل الأسلحة إلى مقاتلي حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة. وكانت الحكومة تعهدت بمكافحة تسريب الأسلحة. وقال المراقبون في تقريرهم الجديد إن عددا من البنادق الهجومية التي قدمتها إثيوبيا وكانت مخزنة في مستودع هالاني انتهى المطاف بها تباع في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو.

وقالت المجموعة إنها "حصلت على أدلة مصورة عن عدة بنادق جديدة من طراز 56-2 شوهدت في سوقين في مقديشو وتضاهي علامات المصنع والأرقام المتسلسلة لبنادق 56-2 التي لوحظت في مستودع أسلحة هالاني." وأضاف التقرير أن الأسلحة "يرجع منشأها بشكل لا يمكن إنكاره إلى مخازن الجيش الصومالي" ولاحظ أن تجار السلاح الذين يبيعونها أكدوا أنها أتت من مخازن الحكومة.

وقال التقرير "قال تجار السلاح أيضا إن عملاء لحركة الشباب يقومون بشراء الأسلحة في واحد على الأقل من الأسواق." ولاحظ أن المراقبين شاهدوا مقطع فيديو دعائيا مصورا ظهر فيه مقاتل يقوم بتنظيف بنادق جديدة من طراز 56-2. وأضاف التقرير "خلصت مجموعة المراقبة إلى أن الأسلحة باعها بشكل غير قانوني ضباط الجيش الصومالي مستغلين ضعف المساءلة على مستوى الوحدة العسكرية أو أن هذه الأسلحة تسربت على مستوى أعلى وأن وثائق الجيش تم تزويرها او تلفيقها للتستر على الأسلحة المفقودة."

وقالت مجموعة المراقبة إنها تلقت شهادات من أفراد عن تورط صومالي على مستوى عال في التحويل المباشر للأسلحة إلى الأسواق وإلى حركة الشباب. وانتهى المطاف بأسلحة أخرى إلى أسواق مقديشو ومنها بنادق هجومية مختلفة عليها أرقام متسلسلة. وقال تجار سلاح في الأسواق إن الأسلحة أتت من الجيش الصومالي أو في الأصل من اليمن. بحسب رويترز.

وقالت المجموعة إنه منذ الرفع الجزئي لحظر السلاح تزيد الأسلحة المختلفة التي استوردها الصومال على 13 ألف قطعة و5.5 مليون طلقة ذخيرة. وقال التقرير "بالنظر الى حجم القوات الأمنية ... فإن هذه الأرقام للأسلحة تفوق احتياجات الهجوم الحالي على حركة الشباب. وهي تضاف أيضا إلى أسلحة مصدرها محلي في الأسواق الموجودة بالفعل في البلاد واسلحة دخلت الصومال في انتهاك لحظر السلاح." ورفض دبلوماسي في بعثة الصومال لدى الأمم المتحدة الرد على الفور حينما سئل التعقيب على التقرير.

صادرات الفحم

على صعيد متصل قال محققون للأمم المتحدة في تقرير جديد إن الصادرات غير القانونية من الفحم الصومالي درت على جماعة الشباب المتشددة ملايين الدولارات خلال السنة الأخيرة ومولت كذلك انتهاكات ميليشيات قبلية لحظر على السلاح مما يمكن أن يشعل التوترات بين أمراء الحرب. وقالت مجموعة المراقبة الصومالية الاريترية التي تشرف على الالتزام بعقوبات الأمم المتحدة على البلدين إنها أحصت 161 سفينة قامت بتصدير الفحم من مينائي كيسمايو وبراوي الواقعين في جنوب الصومال فيما بين يونيو حزيران 2013 ومايو آيار 2014 .

وكان مجلس الأمن الدولي قد حظر صادرات الفحم من الصومال في فبراير شباط 2012 في محاولة لوقف تمويل جماعة الشباب المنبثقة عن القاعدة والتي تقاتل من أجل السيطرة على الصومال منذ سنوات. وقال المراقبون في تقرير سنوي سري مؤلف من 482 صفحة "يمكن تقدير إجمالي قيمة الفحم المصدر في 2013 و2014 في السوق الدولية بأكثر من 250 مليون دولار ويمكن أن يساوي أكثر في ضوء أن مجموعة المراقبة ربما لم تتعرف على كل الشحنات."حجم التجارة الدولية في الفحم الصومالي يتفق إلى حد كبير مع نتائجها السابقة."

وقالت مجموعة المراقبة إن ثلث الشحنات البالغ عددها 161 كانت باسم رجلي أعمال مرتبطين بجماعة الشباب وأن الشحنات كانت متوجهة أصلا لدولة الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والكويت. وقالت المجموعة إنه فيما بين يونيو حزيران 2013 ويناير كانون الثاني 2014 كان الفحم يصدر بشكل أساسي من مينائي كيسمايو وبراوي ومنذ يناير كانون الثاني صدرت الشحنات بشكل أساسي من كيسمايو حيث تقوم ميليشيا رأس كامبوني والجيش الكيني بالاشراف على عمليات الميناء. والجيش الكيني جزء من قوة تابعة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال.

ونفى الجيش الكيني ادعاءات مراقبي الأمم المتحدة بمساعدته صادرات الفحم غير القانونية. وقال إن"مجموعة المراقبة حصلت على معلومات بأنه في الوقت الذي يواصل فيه رجال أعمال مرتبطون بجماعة الشباب الاتجار في الفحم بحرية ساعدت عائدات الفحم أيضا على تمويل شراء رأس كامبوني لمركبات عسكرية."

وفرض مجلس الأمن الدولي حظرا على السلاح على الصومال في 1992 لوقف تدفق السلاح لامراء الحرب المتصارعين والذين عزلوا محمد سياد بري وأغرقوا البلاد في حرب أهلية. وأجرى الصومال أول انتخابات له منذ عام 1991 في 2012 لانتخاب رئيس ورئيس وزراء . وقال المراقبون إن"استيراد مركبات في خرق لحظر السلاح مثال لكيفية مساهمة الصراع دون قيود على عائدات الفحم في تسليح المنطقة المحيطة والذي من المرجح أن يسهم بشكل أكبر في التوترات القبلية التاريخية المرتبطة بالسيطرة على كيسمايو." بحسب رويترز.

وقتل عشرات الاشخاص العام الماضي عندما حاربت قوات الزعيم القبلي بري هيرالي من أجل السيطرة على كيسمايو من ميليشيا رأس كامبوني الموالية لأحمد مادوبي الذي اختاره مجلس إقليمي لرئاسة منطقة جوبالاند المحيطة. وألقى هيرالي السلاح وانضم لمحادثات مصالحة في أغسطس آب. وقال مراقبو الأمم المتحدة إن جماعة الشباب حولت معظم صادراتها إلى كيسمايو في وقت سابق من العام الجاري"لاخفاء عمليات هؤلاء التجار الذين يعمل بشكل وثيق مع الشباب في براوي .

اغتصاب النساء

من جهة اخرى قالت السلطات الصومالية إنها ستحقق في اتهامات باغتصاب نساء وفتيات في العاصمة مقديشو من جانب قوات حفظ السلام الافريقية التي تشكل مصدرا أساسيا للأمن في الدولة التي مزقتها الحرب. ووثق تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش اغتصاب 21 امرأة وفتاة أو استغلالهن جنسيا في قواعد لحفظ السلام تديرها بعثة الاتحاد الافريقي في الصومال. وكل الضحايا نازحات عن منازلهن.

وأفادت المنظمة ومقرها نيويورك أنه في بعض الحالات دخلت نسوة القواعد من البوابات الرسمية لطلب الدواء والماء ثم أخذن الى مناطق تحرش بهن فيها وسيط صومالي. ومن بين النساء والفتيات اللواتي اجرت المنظمة مقابلات معهن قدمت اثنتان فقط شكوى. وقال رئيس الوزراء الصومالي عبد الولي شيخ احمد في بيان إن "الحكومة تدين كل أشكال الانتهاك ضد الشعب الصومالي وتبقى ملتزمة بضمان تقديم مرتكبي أي جريمة ضد المدنيين الى العدالة."

وغرق الصومال في الفوضى والصراع منذ الاطاحة بالرئيس سياد بري عام 1991 . وتكافح الحكومة لاعادة فرض النظام في حين تواجه هجمات من حركة الشباب الاسلامية المتشددة. ونشرت بعثة الاتحاد الافريقي في الصومال في 2007 وتضم أكثر من 22 الف جندي جاءوا من أوغندا وبوروندي وكينيا واثيوبيا وجيبوتي وسيراليون. وقال تقرير هيومن رايتس ووتش إن الجنود المتورطين كلهم من اوغندا وبوروندي لكن من المرجح أن الانتهاكات شملت مزيدا من النساء في قواعد أخرى. بحسب رويترز.

وقالت مفوضية الاتحاد الافريقي إن التقرير يكاد يكون "تشويها للتضحيات والانجازات والالتزام الحقيقي من بعثة الاتحاد الافريقي" لدعم السلام في الصومال. وقال بيان للبعثة ان التقرير يستخدم بصورة خاصة "عددا صغيرا من الحالات ليصل الى استنتاج معمم."

مجاعة جديدة

الى جانب ذلك وعندما شن جنود حفظ السلام الأفارقة والقوات الصومالية هجوما على متشددين إسلاميين في بلدة ماركا الساحلية الصغيرة في الصومال انضمت رقية نور وأطفالها العشرة الى آلاف الاشخاص الذين فروا إلى العاصمة. والآن اتخذوا منزلا لهم في مخيم مترامي الأطراف على مشارف العاصمة مقديشو - وهو مكان أصبح في قلب أزمة غذاء متنامية بعد ثلاث سنوات من المجاعة المدمرة التي ضربت الصومال في عام 2011 .

وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص في هذا البلد الذي مزقته الحرب يكافحون لتلبية الاحتياجات الغذائية اليومية. ويتحمل وطأة الأزمة نحو 130 ألف شخص نزحوا من منازلهم هذا العام وحده. وقالت نور وسط الشوراع المتربة والملاجئ المتهالكة حيث تعيش عائلتها بدون المرافق الاساسية "الحياة مروعة. اننا جوعى." واضافت "لا توجد مراحيض هنا. نضطر إلى دفن براز أطفالنا في الرمل مثل القطط."

والنزوح الكبير للناس من منازلهم وسقوط أمطار شحيحة دفع الصوماليين نحو أزمة جديدة وأضر بجهود الحكومة لإرساء النظام والأمن بعد عقدين من الفوضى والصراع. وهو يسلط أيضا الضوء على التحديات التي تواجه قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي ويبلغ قوامها 22 ألف جندي والجيش الصومالي التي طردت متمردي حركة الشباب من مزيد من البلدات لكنها تكافح لحماية خطوط الإمداد من هجمات حرب عصابات وهو ما جعل الأسواق خالية من السلع والسكان مثل نور بلا اختيار غير الفرار.

وبلدة ماركا التي تطل على المحيط الهندي وتقع الى الجنوب من العاصمة دمرتها سنوات من القتال بين حركة الشباب ومنافسين لها. وفي الأوقات الطيبة كانت نور تعول عائلتها ببيع اخشاب الوقود. والآن وقد باعت كل أمتعتها عندما فرت من منزلها فانها تعتمد على التبرعات. ومنظمات الإغاثة التي أقرت بأن رد فعلها جاء متأخرا جدا عندما تعرض الصومال المرة السابقة لمجاعة مصممة على ان يكون اداؤها أفضل هذه المرة لكنها تسعى لجمع أموال لتلبية الاحتياجات المتنامية. وقال رودي فان آكين الذي يرأس مكتب منظمة الأغذية والزراعة في الصومال إن بلدات كثيرة تم استعادتها أصبحت معزولة لذلك تضاعفت اسعار الغذاء. وفي بيدوا وهي مركز رئيسي ارتفعت الاسعار أربعة أضعاف. وقال آكين "ليس هناك حركة تجارة."

على صعيد متصل أبلغت الأمم المتحدة عن وجود معدلات مخيفة من سوء التغذية في العاصمة الصومالية مقديشو حيث لا تستطيع وكالات الإغاثة تلبية احتياجات 350 ألف شخص بسبب نقص التمويل والجفاف والصراع. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ان الحكومة الصومالية تشبه الوضع بالفترة التي سبقت مجاعة حدثت في 2011 وراح ضحيتها 260 ألف شخص.

وسعت الأمم المتحدة لتحسين آليات التحذير المبكر بعد أن فشلت في رصد مؤشرات على حدوث أزمة في 2010 وألقيت عليها مسؤولية حجم المجاعة التي أعقبت ذلك في بلد مزقته أعوام من الصراع. وقال المكتب في تقرير واستشهد بدراسة أجرتها وحدة تابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة "تم رصد معدلات مخيفة من سوء التغذية بين مجتمعات النازحين في مقديشو." بحسب رويترز.

وذكر أن وكالات الإغاثة لا تستطيع تلبية احتياجات 350 ألف شخص هربوا إلى مقديشو قائلا إن منظمات الإغاثة تواجه نقصا في التمويل بالإضافة للعنف في المدينة الذي قد يعرقل عمليات نقل الامدادات. وقال المكتب عن التحديات في مقديشو "المجتمع الانساني يحشد الموارد للتعامل مع الوضع الخطير لكن النقص الحاد في التمويل المخصص للأنشطة الانسانية قوض القدرة على الاستجابة." وأضاف المكتب أنه جمع أقل من ثلث مبلغ 933 مليون دولار المطلوب لعمليات الاغاثة في عام 2014.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/تشرين الأول/2014 - 20/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م