العنف الجنسي في زمن حقوق الانسان.. جريمة تقتات على النزاعات

 

شبكة النبأ: تزداد الخشية لدى الكثير من المنظمات الإنسانية من اتساع جرائم الاغتصاب والانتهاك الجنسي للأطفال والنساء التي أصبحت وبحسب بعض المراقبين سمة أساسية من سمات تزايد حده الصراعات والحروب والنزاعات المسلحة التي تشهدها العديد من دول العالم، والاعتداء الجنسي وكما تشير بعض المصادر، هو مصطلح يعني اعتداء ذو طبيعة جنسية تجاه شخص آخر. وبالرغم من أن الاعتداءات الجنسية غالباً ما تكون من قبل رجل تجاه امرأة إلا أنه من الممكن أن يحدث من قبل رجل تجاه رجل أو امرأة تجاه رجل أو امرأة تجاه امرأة. وفي حين تربط الاعتداءات الجنسية بجريمة اغتصاب، إلا أنها قد تشمل الاعتداءات التي قد لا تعد اغتصاباً بالضرورة. في حين يتم تحديد الفرق بين الاعتداء الجنسي والاغتصاب وفق النظام القضائي المتبع في مكان وقوع الجريمة ووفق والذي يتأثر بالمواقف الثقافية والاجتماعية المحلية. وقد يشمل الاعتداء الجنسي الولوج المهبلي والجنس الشرجي والفموي، الإجبار على الجماع الجنسي. اللمس بصورة غير ملائمة، الإجبار على التقبيل التحرش الجنسي بالأطفال وتعذيب الضحية بطريقة جنسية.

ويرى بعض المراقبين ان هناك تزايد ملحوظ في جرائم العنف الجنسي في الكثير من الدول هذه الظاهرة الخطيرة، تفاقمت بسبب انعدام سيادة القانون الذي تأثر بمجريات الأحداث والصراعات وقد استخدم العنف ‏الجنسي أيضا كأسلوب متعمد من أساليب الحرب يهدف إلى إذلال السكان أو إبادتهم أو إلى ‏إجبارهم على النزوح، وهناك أنباء عن ارتفاع معدلات حوادث الاغتصاب والعنف الجنسي ضد الأطفال من بوروندي، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان، والصومال، وكوت ديفوار، وهايتي وغيرها من الدول الأخرى وخصوصا تلك التي تعاني من عدم استقرار امني.

وفي حالات عديدة لا يمكن الاعتماد على البيانات عن الحوادث، ومدى انتشار العنف الجنسي ونطاقه، أو قد لا تتوفر هذه البيانات بسبب المحرمات الثقافية المتجذرة التي تحيط بهذه الجرائم، وخوف الضحايا وعائلاتهم من الأعمال الانتقامية، بالإضافة إلى مجموعة من العوامل الأخرى. كذلك يصعب الحصول على المعلومات الدقيقة التي تعدّ عاملا حاسما في مكافحة الإفلات من العقاب ولوضع استجابة برنامجية، أو التحقق من تلك المعلومات. ويبدو أن العنف الجنسي ينتشر بصورة خاصة في معسكرات اللاجئين ومستوطنات السكان المشردين داخليا وما يحيط بها من مناطق.

وقد وصفت الأمم المتحدة مختلف أشكال العنف الجنسي بأنها باتت جريمة عالمية. ودعت إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات لمواجهتها على المستوى الإقليمي والوطني. وجاءت الدعوة في التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي- مون بشأن العنف الجنسي في الصراعات المسلحة. وأورد التقرير، المقدم إلى مجلس الأمن، نتائج عمليات البحث والاستقصاء في إحدى وعشرين دولة في مختلف قارات العالم.

وطالب بان المجتمع الدولي باتخاذ التدابير الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن بعض الحكومات تتساهل في ملاحقة مرتكبي هذه الأفعال. والتقرير يقول إن الخوف من اغتصاب النساء دافع محفز لهروب الأسر من مناطق القتال في سوريا. وقالت زينب هاوا بانغورا، ممثلة الأمين العام الخاصة لشؤون مكافحة العنف الجنسي في الصراعات" التقرير الذي يغطى 21 دولة صدر قلق في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، يشير إلى أنه (العنف الجنسي) حقا جريمة عالمية".

وقالت بانغورا إن مرتكبي العنف الجنسي لا يوجهوا العدالة على الإطلاق تقريبا كما أن الناجين منه لا يحصلون على المساعدة اللازمة للتعافي بدنيا واستئناف حياتهم بعض التعرض لهذه الممارسات. وحدد التقرير 34 جماعة مسلحة، بما فيها ميليشيات ومجموعات متمردة وقوات أمن حكومية. ويشير إلى أن "هناك أدلة على ارتكاب هؤلاء جرائم اغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي في ظروف الصراعات".

وتوجد الجماعات المشار إليها والمدرجة ضمن قائمة ملحقة بالتقرير الدولي في جمهورية أفريقيا الوسطى وساحل العاج والكونغو ومالي ودولة جنوب السودان وسوريا. ويشهد العديد من دول العالم حملات مناهضة للعنف الجنسي. وفيما يتعلق بسوريا، قال التقرير إن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن العنف الجنسي "ملمح دائم للصراع ، كما شكل الخوف من الاغتصاب دافعا محفزا على فرار الأسر من العنف". ومن بين الدول الواردة في التقرير ليبيا واليمن والسودان وأنغولا والبوسنة والهرسك وكمبوديا وكولمبيا وغينيا ونيبال وسيراليون والصومال وسريلانكا

جنوب السودان

وفيما يخص بعض تلك الجرائم فقد اعلنت مسؤولة الامم المتحدة المكلفة شؤون العنف الجنسي في النزاعات المسلحة زينب بانغورا انها لم تشهد على الاطلاق هذا العدد الكبير من عمليات الاغتصاب الا في جنوب السودان الذي تمزقه حرب اهلية تتخللها فظائع ومجازر عرقية. وقالت زينب بانغورا الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة المكلفة العنف الجنسي في النزاعات المسلحة، اثناء زيارة الى جنوب السودان "لدي خبرة تقارب 30 سنة في خدمة الدولة والامم المتحدة (...)، سافرت الى كافة انحاء العالم، واعود من دولة شهدت حربا، لكني لم ار بعد على الاطلاق ما رايت اليوم".

واضافت احدى البؤر الرئيسية للمواجهات في النزاع الذي تغيرت خلاله المواقع مرارا في الاشهر الاخيرة والمدمر جدا، ان هذا الوضع هو "اسوأ الاوضاع الممكنة، ان مواجهته مؤلمة للغاية فعلا". وشددت زينب بانغورا التي تتحدر من سيراليون، على انها شهدت فظائع في هذا البلد اثناء الحرب الاهلية ، وانها قابلت ضحايا اغتصاب في البوسنة وجمهورية الكونغو الديموقراطية او في الصومال، لكن الوضع في جنوب السودان هو الاسوأ لجهة اعمال العنف ضد النساء. واضافت ان القوات الحكومية والحركات المتمردة مسؤولة عن هذه الجرائم.

وقالت زينب بنغورا "انه امر غير معقول. من المؤلم معرفة الظروف التي تعيش فيها النساء، المضايقات واعمال العنف الجنسي في نقاط المراقبة. انه امر يدعو للاسف الشديد". واستمعت مسؤولة الامم المتحدة الى شهادات ضحايا عمليات اغتصاب. وقالت "لقد رووا لي قصة امراة تعرضت للاغتصاب بعد ان ولدت مباشرة، قصة امراة مسنة تعرضت للاغتصاب... طفلات في العاشرة او الحادية عشرة من العمر يتعرضن للاغتصاب يوميا". بحسب فرانس برس.

ولجأ حوالى 100 الف شخص الى قواعد الامم المتحدة في انحاء جنوب السودان ولا يزالون يخشون الخروج منها خوفا من تعرضهم للقتل بسبب انتمائهم القبلي. وفي هذه الحرب الدائرة بين انصار الرئيس سلفا كير وانصار نائبه السابق وخصمه رياك مشار، قتل الاف الاشخاص --عشرات الالاف من دون شك، لكن لا توجد حصيلة دقيقة-- وطرد اكثر من 1,8 مليون شخص من منازلهم.

مصر

من جانب اخر اعتبر تقرير لمنظمات حقوقية ان العنف الجنسي ضد المراة في مصر اصبح امرا شائعا ومنتشرا منذ ثورة العام 2011، حيث اصبحت المتظاهرات هدفا للاعتداء مع حصانة واضحة للمعتدين. وقال التقرير، الذي وضعته مجموعة من المنظمات الحقوقية على رأسها الاتحاد الدولي لحقوق الانسان، ان "الحكومات المصرية المتعاقبة فشلت في مواجهة العنف ضد المرأة، مع وجود تداعيات خطيرة لذلك على مشاركة المرأة في عملية الانتقال السياسي للبلاد".

واكد التقرير الذي جاء بعنوان "مصر: وباء العنف الجنسي مستمر" ان كثيرا من المتظاهرات تعرضن لاعتداءات جنسية اثناء مشاركتهن في احتجاجات خلال فترة حكم المجلس العسكري للبلاد بعد رحيل حسني مبارك وكذلك خلال تظاهرات مناهضة للرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي.

واشار التقرير ان 250 حالة عنف جنسي ضد المرأة جرى الابلاغ عنها بين تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وكانون الاول/يناير 2014، اغلبها وقعت في ميدان التحرير، ايقونة ثورة 2011، او في المناطق المحيطة به. واوضح التقرير ان "ناجين وشهود عيان ابلغوا عن نفس الاسلوب: عشرات الرجال يلتفون حول النساء ويقومون بتمزيق ملابسهن، وتحسس اجسادهن عنوة".

واضاف التقرير ان "البعض جرى اغتصابهن من بعض المهاجمين الذين عادة ما يكونوا مسلحين بعصيان، وشفرات حادة واسلحة اخرى". واكد التقرير انه "بالرغم من ذلك، وحتى اذار/مارس 2014، لم يتم تقديم اي مرتكب لتلك الجرائم للمحاكمة" مشيرا الى ان "مناخ الإفلات من العقاب يساهم في تكرار الجرائم وفي تقبل المجتمع للعنف ضد المرأة". واعتبر انه في حال جرى تقديم بلاغات من الضحايا فان "الشرطة والنيابة تميلان لعدم تصديقهن أو تقللان من جدية الاعتداءات التي تعرضن لها".

وقدم التقرير شهادات لعدد من ضحايا هذه الاعتداءات عن تجاربهن في هذا الشأن. وروت واحدة قالت انه جرى الاعتداء عليها في تظاهرة في حزيران/يونيو 2012 ان "الرجال كانوا كالاسود حول قطعة لحم ميتة وايديهم كانت فوق كل جزء من جسدي وتحت ملابسي الممزقة". واضافت الفتاة التي لم يتم تعريفها "جرى انزال بنطالي وسروالي الداخلي بالقوة لاسفل واغتصبني عدة رجال في نفس الوقت باصابعهم. فجأة كنت على الارض ورجال يسحبوني من شعري فيما كانوا يغتصبونني". واتهمت المنظمات الحقوقية الحكومة بالفشل في اجراء تحقيقات او تقديم الجناة للعدالة. بحسب فرانس برس.

وقالت مزن حسن، المديرة التنفيذية لمنظمة "نظرة للدراسات النسوية"، احدى المنظمات المقدمة للتقرير، انه "من الضروري اتخاذ إجراءات شاملة ومتكاملة، ليس فقط لحماية وتعزيز حق المرأة في الحياة بمعزل عن العنف، بل أيضاً لتمكين النساء من المشاركة في تحديد مسار مستقبل مصر". واقر التقرير ببعض الاصلاحات القانونية التي اتخذتها السلطات المصرية، لكنه اتهم الحكومات التي اعقبت مبارك بافتقاد الارادة السياسية لمواجهة العنف والتمييز ضد المرأة.

سوريا

على صعيد متصل طلب ما يزيد على 38 ألف شخص مساعدة الأمم المتحدة بعد أن تعرضوا لاعتداء جنسي أو أنواع أخرى من العنف على أساس النوع في سوريا في عام 2013 لكن هذا العدد ربما لا يمثل سوى قمة جبل الجليد في الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات. وكانت وكالات الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة تمتنع سابقا عن تقديم بيانات عن العنف الذي يرتكب على أساس النوع في سوريا والذي يشمل أي عمل عنيف مرتبط بالنوع بما في ذلك الاغتصاب والعنف الأسري والتحرش والإيذاء النفسي.

لكن صندوق الأمم المتحدة للسكان نشر بيانات تفيد بأنه قدم مساعدات نفسية أولية أو دعما إلى 33 ألفا و430 شخصا تعرضوا لمثل هذه الأعمال العنيفة في سوريا خلال الأحد عشر شهرا الأولى في عام 2013 وإلى 4800 شخص آخرين في ديسمبر كانون الأول في إدلب وحمص ودمشق وريفها. وذكر الصندوق أنه قدم المساعدة الى 17 مستشقى ومركزا للعلاج الطبي تغطي الاحتياجات المحتملة لنحو 1020 ناجيا في لبنان الذي يأوي 850 ألف لأجيء سوري هم أكبر عدد من اللاجئين السوريين.

أما في الأردن حيث يأوي مخيم الزعتري زهاء 85 ألف لاجيء سوري فتشير بيانات صندوق السكان إلى أن 75 "ناجيا" من أعمال العنف على أساس النوع يحصلون على خدمات من الصندوق شهريا. وقال دان بيكر المسؤول الإقليمي بصندوق السكان في سوريا إن من المستحيل الحصول على بيانات عن أعمال العنف المماثلة في سوريا في الظروف السابقة للأزمة لمقارنة هذه الأرقام بها وإنها لا تثبت أن الاغتصاب يستخدم بصورة ممنهجة كسلاح في الحرب في سوريا.

ويصعب جمع البيانات لأن الضحايا يشعرون غالبا بالخوف أو الخجل فلا يطلبون العون ولذا يفترض إلى حد بعيد أن أي أرقام ليست إلا عينة صغيرة من مشكلة أكبر حجما. وكانت زينب حواء بانجورا ممثل الأمم المتحدة الخاص لشؤون العنف الجنسي خلال الصراعات ذكرت سابقا أن ثمة شبهات "قابلة للتصديق" في أن قوات موالية للحكومة السورية ارتكبت أعمال عنف جنسية وجرائم اغتصاب بصورة ممنهجة.

وقالت لانييس كولينز المتحدثة باسم مكتب بانجورا إن الخوف من العنف الجنسي كان أحد الدوافع الرئيسية للنزوح من الديار في سوريا في العامين الأولين للصراع. وأضافت أن العار الذي يصم ضحية الاغتصاب دفع بعض العائلات إلى قتل بناتها في جرائم بدافع الشرف. واستطردت "لذا فالإحصاء بالغ الصعوبة. لكن حتى مع الأعداد التي لدينا والشهادات التي سجلت والمعلومات التي جمعناها نشعر بالفعل بأن هذا ليس إلا قمة جبل الجليد رغم آلاف البلاغات كما أن هذه ليست سوى الأعداد المؤكدة."

وذكر بيكر أن ثمة أدلة شفهية تشير إلى أن العنف الأسري يتفاقم خصوصا بين النازحين داخليا في سوريا الذين يبلغ عددهم ستة ملايين و500 ألف شخص يعيشون في مراكز مؤقتة للإيواء وبين اللاجئين في دول مجاورة ويبلغ عددهم مليونين و300 ألف سوري. وأضاف أن كثيرا من الآباء يعجلون فيما يبدو بتزويج بناتهم بعد أن يصبحوا لاجئين. بحسب رويترز.

وقال "يشعرون أنهم إذا وجدوا أحدا خصوصا إذا كان رجلا أكبر سنا يستطيع حمايتهن فقد أدوا ما عليهم من مسؤولية وأن الفتاة ستحظى بقدر أكبر من الحماية." لكن كولينز ذكرت أن كثيرا من الرجال الذين يتزوجون فتيات في مثل هذه الظروف يستغلونهن في واقع الأمر فيما يعرف "بالاستعباد الجنسي". وقالت "ثمة علاقة بين العنف الجنسي خلال الصراع والجريمة المنظمة والعابرة للحدود."

الصومال

من جانب أخر يعد العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس قضية رئيسية في الصومال، وخاصة بالنسبة للنازحين داخلياً الذين يعيشون في جنوب ووسط الصومال. وقد قامت منظمة انقذوا نساء وأطفال الصومال غير الحكومية، المختصة بمساعدة النساء والأطفال ومقرها مقديشو، بتسجيل أكثر من 2,000 ناج من العنف الجنسي في مقديشو منذ تأسيسها في يوليو 2012.

ووفقاً لفاطمة إبراهيم من منظمة انقذوا نساء وأطفال الصومال، يعتبر الناس في مخيمات النازحين داخلياً الأكثر عرضة للخطر لأنهم لا يتمتعون بالمأوى المناسب أو الضمانات الأمنية اللازمة. وأخبرت فاطمة أنه "يمكن للجناة الوصول بسهولة إلى مخيمات النازحين داخلياً والقيام بالاغتصاب حتى في وجود الأزواج والأطفال". وتقول المنظمة أن العديد من حالات العنف الجنسي تحدث في مناطق داخل مدن مثل هدن ودينيل.

وقد تم اقتراح دينيل كموقع محتمل لإعادة إسكان النازحين داخلياً الذين يعيشون في مقديشو، ولكن تم تجميد الخطة في يوليو 2013 بسبب المخاوف الأمنية والسيطرة الضعيفة للحكومة على تلك المنطقة. وقالت الحكومة الاتحادية الصومالية، في بيان مشترك لها مع الأمم المتحدة في مايو 2013 أنه "يتم الإبلاغ وبشكل مستمر عن أعداد كبيرة جداً من حوادث العنف الجنسي لاسيما في مخيمات ومستوطنات النازحين داخلياً في مقديشو والمناطق المحيطة بها". وأضاف البيان أن "هناك ثقافة متجذرة من الصمت والخوف، فيما يتعلق بجرائم العنف الجنسي، مما يؤثر بشكل كبير على عمليات الإبلاغ والاستجابة."

ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بلغ عدد حالات العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس في مقديشو 800 حالة خلال النصف الأول من عام 2013. وأوضحت ليتيتيا بدر، وهي باحثة بالشؤون الأفريقية لدى منظمة هيومان رايتس ووتش أن "الاجراء الملموس وغير المستحيل الذي يمكن أن تقوم به الحكومة كخطوة أولى هو التأكد من تواجد الشرطة بشكل أساسي في المخيمات الكبيرة للنازحين داخلياً في مقديشو".

وقد دعا تقرير صدر في وقت سابق عن منظمة هيومان رايتس ووتش الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية النساء والأطفال بشكل أفضل في الأجزاء التي تسيطر عليها من البلاد. وقال سامر مسقطي، الباحث في مجال حقوق المرأة لدى هيومان رايتس ووتش وأحد مؤلفي التقرير متحدثاً خلال جلسة الإعلان عن الدراسة في نيروبي: "كان واضحاً من خلال أبحاثنا أن الاغتصاب هو حقيقة يومية في حياة الكثير من النساء والفتيات في مقديشو".

ويشكل الوصول إلى خدمات العدالة أيضاً عائقاً رئيسياً، حيث أضاف مسقطي أن "المحاسبة على العنف الجنسي في الصومال شبه معدومة والإفلات من العقاب هو القاعدة. فبعد سنوات من الصراع المسلح، أصبح نظام العدالة الرسمي ضعيفاً؛ وتتردد النساء في تقديم الشكاوى بسبب المحظورات الاجتماعية، كما أن لدينهن مخاوف مشروعة من إمكانية تعرضهن للانتقام."

وفي يناير 2013، ادعت امرأة أنها تعرضت للاغتصاب، فألقي القبض عليها وعلى الصحفي الذي أجرى مقابلة معها، وصدر حكم ضدهما. وفي نوفمبر، تم القبض على صحفي وصحفية بعد أن أفادت الأخيرة بأنها كانت ضحية اغتصاب وتم اتهامهم الاثنين بالتشهير. وقال إد بومفريت، مدير الحملات والسياسات في الصومال لدى منظمة أوكسفام: "نحن نشعر بالقلق في الجنوب بسبب سجن النساء اللاتي ادعين الاغتصاب والصحفيين الذين كتبوا في هذا الشأن. تحتاج النساء إلى الوصول إلى المحاكم والأجهزة الأمنية المتعاطفة [معهن بسبب الانتهاكات التي ترتكب بحقهن] لضمان تقديم مرتكبي العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس للعدالة ومحاكمتهم بنزاهة."

كما وثقت منظمة هيومان رايتس ووتش الحالات التي ادعت فيها النساء بعدم قيام الشرطة بدور مساعد. وتابعت بدر حديثها قائلة: "لقد سمعنا أن الشرطة تقول اذهبن وابحثن بأنفسكن عن مرتكبي الجرائم. لقد سمعنا عن حالات قال فيها رجال الشرطة 'إذا لم تتمكن من تحديد هوية الجناة، عندها، لا يمكننا فعل أي شيء حيال ذلك' ... إن الاتصال الأولي مع السلطات مهم جداً وأعتقد أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به حول ذلك."

وأشار تقرير صدر عن الأمم المتحدة في مارس حول العنف الجنسي في النزاعات أن "قانون العقوبات يجرّم الاغتصاب، ولكنه يعتبره جريمة ضد الأخلاق وليس ضد الشخص. ونتيجة لذلك لا تثق العديد من النساء بالنظام". وتقوم الحكومة حالياً بصياغة السياسة الوطنية المتعلقة بالنوع الاجتماعي لتكون قانوناً. ولكن مسقطي يرى أن هذه المسودة الأولية "لم تتصد للعنف بطريقة جادة".

ولكنه يعتقد أنه يمكن أن يكون للوثيقة تأثير كبير. "يمكن أن تشكل هذه السياسة سابقة تاريخية إذا شملت العنف ضد المرأة باعتباره أولوية رئيسية"، ولكنه حذر قائلاً: "أشعر أن هذا ليس من أولويات الحكومة". ولا تقتصر المشكلة على الجنوب، فقد أخبر بومفريت قائلاً: "يوجد في الشمال نظام محدود من الرصد والإبلاغ تدعمه لجنة حقوق الإنسان، وهو بحاجة إلى المزيد من الدعم والتطوير".

وأضاف أن "القائم بأعمال المدعي العام في أرض الصومال أعلن مؤخراً أن الأشكال التقليدية للعدالة يجب أن لا تحل محل نظام المحاكم المدنية والجنائية. ولكن ما زلنا ننتظر لنرى ما إذا سيكون لهذا تأثير على أرض الواقع ... هناك أنظمة مختلفة في أجزاء مختلفة من الصومال ولكن بصفة عامة الوصول إلى العدالة لا يزال محدوداً للغاية". بحسب شبكة إيرين.

كما زاد الأمور صعوبة انسحاب منظمة أطباء بلا حدود من الصومال في عام 2013 بسبب المخاوف الأمنية. وأشار تقرير هيومان رايتس ووتش إلى أن "الناجين ومقدمي الخدمات المحليين قد حددوا مرافق منظمة أطباء بلا حدود باعتبارها أفضل عيادات معروفة بالنسبة لهم من ضمن عدد قليل من العيادات المجانية التي يمكن للمنظمات المحلية أن ترسل إليها ضحايا العنف الجنسي". وأضاف التقرير أن هذا الانسحاب قد ترك فجوة كبيرة في تقديم الخدمات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/تشرين الأول/2014 - 19/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م