الاصلاح.. من قاموس الامام الشيرازي

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الإصلاح في ابسط تعريف له هو تحسين وضع أو تعديل ما هو خطأ، أو الفاسد، أو غير المرضي، وما إلى ذلك.

اول استخدام لهذا المصطلح تم في المجال السياسي في العام 1700 من قبل حركة كريستوفر ويفل التي سعت للإصلاح البرلماني.

واذا كان الإصلاح هو نقيض الافساد، والاستصلاح نقيض الاستفساد، واصلح الشئ بعد فساده أي أقامه، واصلح الدّابة، أحسن اليها فصلحت، فان الصلاح هو ضد الفساد، ورجل صالح في نفسه من قوم صلحاء ومصلح في أموره، وهذا الشئ يصلح لك أي: هو من ياتيك.

يتميز الإصلاح عن الثورة كون هذه الأخيرة تسعى للتغيير الشامل والجذري، في حين أن الإصلاح يهدف لمعالجة بعض المشاكل والأخطاء الجادة دون المساس بأساسيات النظام.

وبهذا فإن الإصلاح يسعى لتحسين النظام القائم دون الإطاحة به بالمجمل.

المعنى الاجتماعي للإصلاح، يعني التغيير إلى الأحسن، وتحقيق التقدم وتحديث المجتمع. وينبع هذا التغيير من احتياجات المواطنين، ولا تمليه الصفوة ولا تفرضه فرضاً. ويشير الإصلاح الاجتماعي إلى الحركة العامة، التي تحاول القضاء على المساوئ التي تنشأ من خلل وظائف النسق الاجتماعي أو أي جانب منه. ويقع الإصلاح الاجتماعي في مفهومه وأهدافه بين الخدمة الاجتماعية والهندسة الاجتماعية.

يرجع الفضل إلى تشارلز بوث في استخدام مفهوم "الإصلاح الاجتماعي"؛ ففي دراسته عن مشكلة الفقر، استطاع التوصل إلى عامل أو نتيجة أساسية، هي: أن الفقر يرجع إلى سوء إدارة وتنظيم المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، ومن أسباب الفقر التي وجدها بوث في بحثه، أيضاً، عدم وجود توازن بين متطلبات العائلة ودخلها، إذ إن متطلباتها واحتياجاتها تزيد بكثير عن مقدار دخلها، وذلك لكبر حجمها وقلة دخلها. ومن العوامل الأخرى، التي كشفها بوث في بحثه، عدم وجود مؤسسات الضمان الاجتماعي والصحي، التي تضمن للعمال تأميناً أو دخلاً عن البطالة والمرض. وقد دفعت هذه النتائج بعض أعضاء الطبقة الوسطى في أوروبا إلى المطالبة بالإصلاحات الاجتماعية.

وقد فرّق بعض العلماء بين الثورة والإصلاح؛ فالثورة معنى واسع يُغطي أشكالاً عديدة لاستخدام القوة، قد لا تبدو قانونية أو شرعية بالمعنى المحدود؛ ولكنها تهدف في النهاية إلى إحداث التغيير الفجائي؛ ومن ثَم، فالثورة تشير إلى مجموعة من الأحداث تُستخدم فيها القوة بنجاح للإطاحة بحكومة أو نظام سياسي معين، وإذا لم تنجح الثورة أُطلق عليها تمرداً أو عصياناً مسلحاً أو انتفاضة.

أما الإصلاح الاجتماعي، فهو تعديل غير جذري في النظام السياسي والاجتماعي القائم، من دون مساس بالقواعد والأسس. ويهدف إلى إحداث تغيير في الشكل وتعديل في التفاصيل، وإزالة خطأ من الأخطاء. ولا يعدو أن يكون محاولة تحسين، أو رتق الشيء وسند ما هو موجود بالفعل؛ فالإصلاح أشبه بالدعائم التي تحول دون انهيار المبنى.

فالإصلاح هو الحركة العامة الموجهة لإحداث تغيير تدريجي بطيء في المجتمع، تستند في التزامها بالتغيير إلى الإرادة الواعية لأفراد المجتمع، وتهدف إلى إزالة الخلل والفساد المنتشر في قطاعات المجتمع المختلفة، وتحقيق تكافؤ الفرص والعدالة أمام القانون بين جميع أفراد المجتمع وفئاته المختلفة، والعمل على تنمية أساليب المشاركة المجتمعية في بناء المجتمع وتطويره إلى الأفضل، والتمتع بجميع الحريات المدنية والسياسية وحقوق الإنسان في المجتمع.

في اهتمامه باحوال المسلمين من خلال تشخيص السلبيات والمعوقات واقتراح الحلول الناجعة لتلك السلبيات، يكتب الامام الراحل محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) كتاب الاصلاح، يتحدث فيه عن مقومات الاصلاح وما مطلوب فعله من قبل المسلمين.

من تلك المقومات:

(تحييد موقف الغرب من عداء المسلمين، فإن الإسلام لا يشكل خطراً على الغرب، بل الإسلام هو الذي ينقذ الغرب من مفاسده ويمهّد له طريق التقدم الأكثر والأشمل).

ويتطلب هذا ان يفهم الغرب بأن الإسلام لا يشكل خطراً عليه، مما سيقلل بالضرورة من عدائه له.

ومن المقومات ايضا، (التنظيم وتأسيس منظمة إسلامية عالمية تكون من مهامها التنسيق بين الحركات الإسلامية وكوادر الأمة وما أشبه وتعمل للإصلاح في مختلف الميادين).

وسبب التركيز على التنظيم هو (إن الفرد بمفرده، أو الحركة الإسلامية الواحدة غير المرتبطة بسائر الحركات، لا يمكنها عادة الوصول إلى الهدف وهو الإصلاح في البلاد الإسلامية، فاللازم ربط هذه القدرات بعضها ببعض لتكتسب قوة تقابل قوة الفساد والإفساد في العالم).

ومن مقومات الإصلاح، القضاء على بيئة التخلف، وهي الجهل والنزاع، والكسل والضجر، وشيوع الزنا والانحرافات الجنسية، والمرض والكآبة، وعدم الأمن والبطالة، واشتغال كل بلذائذه ومصالحه بأقصى ما يمكنه وعدم الاعتناء بحقوق الآخرين، عدم تحمل المسؤولية وخدمة الآخرين، والعمل لكسب المنافع من أي طريق كان ومطاردة ما يتصوره من المضار كذلك، كلها من أسباب تكوّن بيئة التخلف.

ومن مقومات الإصلاح (مواكبة العصر، فإنّ الدين الإسلامي هو الدين الصالح لكل زمان ومكان، وفيه من الأسس والقواعد ما يجعله قابلاً للتطبيق في مختلف الظروف، وهو الذي يضمن سعادة البشر وتطوره وازدهاره).

وبحسب الامام الراحل، فان من أهم ما يلزم في إصلاح المجتمع، هو (إصلاح الفرد، لأن المجتمع يتشكل من فرد وفرد وفرد، وكل من الفرد الفرد والمجتمع يؤثر في الآخر سلباً وإيجاباً).

وهناك غير ذلك عدد من الامور الاخرى التي يراها الامام الراحل لها دور كبير في الاصلاح وهي:

(التعاون على البر والتقوى - ترك المعصية والتزام الطاعة - محاربة الفساد - نبذ ما يهدم الأمة الواحدة الإسلامية كإصدار الجنسية (الهوية) والجواز وما أشبه - رفض القيود الغربية - إحياء الضمير الإنساني في النفوس - تخويف الناس من عذاب الله عزّ وجلّ - فضح الظالم - فضح ما يتخذه الظلمة والطغاة من أساليب قمعية ضد الشعوب - التأكيد على الأخلاق والمعنويات وحث الناس على التقوى والخوف من الله عزّ وجلّ والتحذير من شدة عذاب القبر - رفع الحدود المصطنعة بين البلدان الإسلامية، فإنها بدعة محرمة جاء بها الاستعمار وطبقها عملاؤه في المنطقة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/تشرين الأول/2014 - 13/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م