(آل سعود).. شرطي متقاعد

نزار حيدر

 

هل يحق لنظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية ان يستمر في لعب دور الشّرطي في منطقة الخليج؟ هل يحق له، بعد كل الهزائم والفشل الذي مني به في اكثر من منطقة ساخنة، ان يظل ممسكا بعصاه الغليظة ليأمر وينهي؟ هل يحق له ان يلقي علينا دروسا في الأمن والاستقرار بعد كل هذه الفضائح التي أُميط اللثام عنها بشان رعايته وحمايته ودعمه وتبنيه للارهاب وتنظيماته الاجراميّة؟.

 ان نظام القبيلة الذي ظلّ يؤدي دور الشرطي في المنطقة لصالح الغرب والولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص، منذ سقوط نظام الشاه في طهران وتأزم العلاقة بين ايران الجديدة وواشنطن، لم يعد اليوم قادرًا على الاستمرار في اداء هذا الدور ابدا.

 فبعد التغيير المتسارع الذي تشهده العلاقات السياسية بين طهران وواشنطن والتي قللّت من حدّة الاندفاع الغربي ضد طهران، وتزايد إمكانية تحقيق تفاهمات سياسية بين دول المنطقة من جهة وبين المجتمع الدولي بشان الكثير من القضايا الخلافيّة والساخنة، من جهة اخرى، لم يعد الغرب بحاجة الى نظام القبيلة كما كان في السابق، فالغرب لم يعد يثق به كثيرا، فدوره السياسي انحسر بشكل كبير جداً وبات محاصراً من مختلف الجهات، فبعد ان شهد اليمن السعيد تغييراً كبيراً في المعادلة الداخلية قضى على كل دور لنظام القبيلة الذي حاول الالتفاف على إنجازات ثورة الشعب اليمني ضد النظام الشمولي البائد، بات نظام القبيلة تحاصره رياح التغيير، ان لم يكن عن قناعة فبالاجبار والقوة والاكراه.

 ان نظام القبيلة يتوجس خيفة من أيّ تغيير في المنطقة، لانه يطعن بشرعيته ويهيأ الظرف لتغيير محتمل في دول الخليج، وبسبب عدم قدرته على استيعاب المتغيّرات بشكل انسيابي، ولذلك تراه يستنفر كل امكانياته للإجهاز على اي تغيير محتمل، فيوظف الدبلوماسية وعلاقاته الدولية المدعومة باموال البترودولار اذا كان ذلك ممكنا كما حصل في اليمن عندما نجح في استيعاب التغيير الشعبي لصالح انقلاب القصر، واذا لم تكن الدبلوماسية ممكنة للتأثير على التغيير، فان فتاوى القتل والذبح والكراهية المدعومة بالاعلام الطائفي جاهزة لتدمير التغيير كما حصل مع العراق، اما اذا لم ينفع لا هذا ولا ذاك، فقوّات درع الجزيرة جاهزة للتدخل وانتهاك سيادة البلدان لتقتل وتدمر بلا استئذان كما حصل مع ثورة الشعب البحريني المسالمة.

 وهناك طُرق اخرى يلجأ اليها نظام القبيلة للتأثير في مجريات الأحداث إسالْ عنها سوريا التي تعرّضت لحقد نظام القبيلة فحوّلها الى خراب ودمار قلّ نظيره.

 ان التغيير الذي شهدته اليمن الاسبوع الفائت قرّب اجل نظام القبيلة ودقّ بسماراً جديداً في نعشه، ولذلك تراه يحذر العالم من مغبة ما يحصل هناك، كما جاء على لسان وزير خارجيته في الامم المتحدة، وهي إشارة منه لانطلاق كل أدواته المنظورة وغير المنظورة لتدمير اليمن اذا كان ذلك ممكنا على ان يقترب شبح التغيير من عقر داره، فلليمن، كما نعرف، حدوداً برّية طويلة جداً مع الجزيرة العربية، ولذلك لم يخطئ من ظنّ ان التغيير المرتقب فيها سيأتي من جارتها الجنوبية، وهذا ما سيحصل بالفعل.

 ان على المجتمع الدولي ان ينتبه لما يحضّر له نظام القبيلة الذي قد يستغل انشغاله في الحرب على الاٍرهاب لإثارته هذه المرة في اليمن، ولذلك فان عليه ان يجرّه لمشروع الحرب على الاٍرهاب جراً والحيلولة دون توريط العالم بمشاكل جديدة في المنطقة تنطلق من تدخله المحتمل في اليمن.

 على المجتمع الدولي ان لا يصغي، من الان فصاعداً، لترّهات هذا النظام الخرِف الذي لم يستوعب المتغيرات بسبب تركيبته البدوية، وان عليه ان يساعد على تغييره بشكل جذري، فالمنطقة سوف لن تشهد تغييراً يحفظ مصالح الجميع، بمن فيهم المجتمع الدولي، اذا لم يُزل نظام القبيلة فهو أساس كل المشاكل، وعلى رأسها الاٍرهاب.

وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى آلِ سَعُود

 أربعةُ محاور أساسيّة تحدّث عنها السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي في مؤتمره الصحفي المشترك يوم أَمس مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في مقر الامم المتحدة بنيويورك، وهي:

 السّيادة الوطنية وتسليح القوّات المسلحة والحشد الشعبي والعلاقة الاستراتيجية مع واشنطن.

 واذا نظرنا بدقّة لهذه المحاور فسنجد انّها تتكامل مع بعضها، اي انّها سلّة واحدة ولذلك لا ينبغي التفريط بأيٍّ منها، لانّ ذلك سيخلّ بالمعادلة ويعرّض العراق وتالياً المنطقة لمخاطر جديدة، بعد ان نجح العراقيون لحد الان في إيقاف الانهيار الذي كان متوقعا اثر سيطرة الارهابيين على مساحات شاسعة من العراق، لتأتي فتوى المرجعية الدينية العليا بالجهاد الكفائي لتحوّل الحالة من الدفاع الى الهجوم، ومن الانهيار الى الثبات.

 الامر الخامس الذي وددتُ ان أشير اليه هنا هو دور نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية في كلّ ما يجري اليوم في المنطقة، سواء من ارهاب وتمكّنه من الانتشار، وما يشكّله من خطر كبير يهدّد العالم العربي والإسلامي بمشاكل كبيرة وأخطار عظيمة، او ما نراه اليوم من حشدٍ دولي يتراكم في المنطقة بمختلف انواع الأسلحة بذريعة الحرب على الارهاب.

 ان (آل سعود) هم آسُّ الارهاب وهم منبعُه، فهم الذين أَسَّسوا له عندما سيطروا على أربع أدوات، وهي: السلطة والمال والاعلام والفتوى الدينية.

 وإنما بات التحالف الدولي يثير الشكوك لدى الكثيرين لانّه يتحدّث في كل شيء الا في هذه الأدوات الأربع، فكيف يريد ان يقنعنا الغرب بجديّة حربه على الارهاب وهو بَعدُ لم يُشِرْ الى هذه الأدوات لا من قريب ولا من بعيد؟.

 انّ على الغرب ان يتأكّد اليوم قبل الغد من أَنّه سيفشل فشلا ذريعاً في أية حرب يشنّها على الارهاب في المنطقة ما لم يتّخذ خطوات حقيقيّة وملموسة في تجفيف منابعه، فكيف تريد واشنطن ان تدمّر الارهابيّين، على حد زعم الرئيس اوباما، اذا كانوا يأوون الى ركنٍ قويّ وشديد يتمثل بنظام (آل سعود) الذي سخّر المال العظيم والسّلطتين الدينية والدنيوية والماكينة الإعلامية الضخمة لخدمتهم وبكل الطرق والاساليب؟.

 انها فرصة ذهبية قد لا تعوّض امام الغرب للقضاء على منبع الارهاب، لازال انه حشّد كل هذه القوى الدولية، سياسيا ودبلوماسيا وماليا وعسكرياً، الامر الذي يسهّل المهمّة ويجعلها تحت السيطرة، اذا ما قرّر ازاحة نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج ليقضي بذلك على مصادر الارهاب ومنابعه وأسسه الأربعة، والتي هي السلطتين الدينية والدنيوية والمال والاعلام.

 اذا فَشلَ الغرب في هذه المرّة بتجفيف منابع الارهاب، نظام القبيلة، فليتاكّد بأن ّالارهاب سيحلُّ في عواصمه لا محالة، وانّه سيضطر لقتال الارهابيين في شوارع نيويورك وواشنطن ولندن وباريس وغيرها من العواصم.

 لا يظنّن الغرب بان مساهمته المباشرة في صناعة الارهاب تمنحه القدرة والإمكانيّة على السيطرة عليه، فيوسّع مداه متى ما أراد او يقلّص نفوذه متى ما أراد، يثيره او يهدّئه ساعة يشاء، ابدا، فلقد صنع الغرب قبل ذلك تنظيم (القاعدة) الإرهابي، فماذا كانت النتيجة؟ ألمْ يضربهُ في عُقر داره؟ في نيويورك ولندن ومدريد وغيرها؟.

 وفي حقيقة الامر، فان الغرب لم يصنع الارهاب وإنما مكّنه، فالذي صنع الارهاب هو الفكر الإرهابي التكفيري الموجود بالقوة في الذهنية المريضة لفقهاء بلاط نظام القبيلة المحميّين بنظامهم السياسي وبأموال البترودولار والاعلام، فكان للغرب الذي أشاح بوجهه عنه دور التّمكين للارهاب، ولذلك فليس بامكانه ان يقضي عليه ويدمّره اذا لم يفكّر بشكل جدي في تدمير أسسه ومنابعه (نظام القبيلة).

 ان (آل سعود) هم اوّل من اسّس للارهاب المعاصر، فلعنة الله عليهم، بما أسّسوا فورّطوا المنطقة وكل البلاد العربية والإسلامية بمشاكل أمنية دمرت كل شيء وأهلكت الأخضر واليابس، وانتهكت سيادة الأمة.

[email protected]

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/آيلول/2014 - 4/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م