أزمة دامية واستكمال الحل

موقع الامام الشيرازي

 

بعد صمت طويل، شابته علامات استفهام كبيرة، برزت مؤخراً مواقف لـ"المجتمع الدولي" تتمحور حول مكافحة إرهاب داعش، ومن أجل ذلك، عقدت مؤتمرات وصدرت قرارات وتأهبت جيوش، بعض سمى ما سيجري بـ"الحرب العالمية على الإرهاب"، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن الحل العسكري - على أهميته القصوى - ستكون نتائجه وقتية، فلابد أن يتم التركيز على تجفيف منابع الإرهاب الفقهية.

إن العامل الأكثر فاعلية في إنتاج الإرهاب اليوم هو "الفكر الديني المتطرف"، فإن التربية والمجتمع لا تكفي لاحتكار مصدر تشكل الإرهاب، وإن التاريخ مليء بوقائع لا تقل في وحشيتها عما يرتكبه الإرهابيون اليوم، فإن "فقه الإرهاب" يقوم على أساس أعمال صحابة، وهذا ما تصرح به فتاواهم وكتبهم، وإن العمليات الإرهابية التي تقع في العراق وسوريا، قد تبنتها "تنظيمات إسلامية" أعلنت عن "المدرسة الفقهية" التي تنتمي إليها، وهذه "المدرسة" ليست وليدة اليوم، فهي مدرسة لها أصلها الفقهي وعمقها التاريخي، وهنا تكمن عقدة الأزمة، "قراءة شاذة" للفقه والتاريخ.

إذن لابد من تجفيف منابع هذا "الإرهاب الديني" المتصاعد في أرجاء العالم، فإن المستنقع المتعفن حاضنة فعّالة لانتاج بعوض الملاريا، والحلول في هذا المجال، أن يكافح هذا البعوض كـ"حل سريع"، ثم يجفف ذلك المستنقع الآسن، ويردم بالتراب النظيف، بعد ذلك يُزرع بالأزهار الجميلة، وهذا هو "الحل الاستراتيجي".

بموازاة ذلك، لابد من جهود كبيرة، مطلوبة الآن من الاعتدال الثقافي السني، لمواجهة تصاعد موجة الكراهية التي تبثها المؤسسات والمنابر التكفيرية، وما تروجه داعش والقاعدة من نزعات قتل وحشية، بموازاة، الحل العسكري الذي وفرته ما يعرف بـ"الصحوات" التي أخذت على عاتقها مواجهة داعش في المدن والقرى السنية المنكوبة بالإرهاب.

وأيضاً، ينبغي النهوض بالذات (حكومة ومجتمع) والارتقاء بإمكانيات المواجهة والإنجاز والانتصار، وتكثيف الضغط "الحكومي والمؤسساتي والشعبي" على المجتمع الدولي والإقليمي ودول الجوار، التي تغذي الإرهاب بشكل أو بآخر، فإن "العصابات الإرهابية" لا يمكنها إسقاط مدن كبيرة واحتلال مساحات شاسعة في دول، دون دعم مخابراتي ودولي كبير ومباشر، وأيضاً، جهد إعلامي يروج للفتنة ويحرّض على الكراهية.

إن مؤتمرات مكافحة الإرهاب والمواجهة العسكرية لوحدها لا تفي بالغرض، فإن الإرهاب سيظل ما دامت منابعه الفكرية باقية، خصوصاً في ما يتعلق بشرعنة أفكار التكفير والقتل والذبح، لذا لا مفر من تجريم "الفقه" المنتج للتنظيمات الإرهابية، عبر قانون أممي، كالذي جرّم الفكر النازي بعد الحرب العالمية الثانية.

* أجوبة المسائل الشرعية العدد ( 205)

http://alshirazi.com/rflo/ajowbeh/ajowbeh.htm

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/آيلول/2014 - 3/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م