القارة العجوز.. تتقهقر بين الاتحاد والتفكك

 

شبكة النبأ: مستقبل أوروبا الموحدة وبحسب بعض المراقبين لايزال مستقبلاً مجهولاً خصوصا وان بعض التوقعات تشير الى مشروع الاتحاد الأوروبي ربما سينتهي بالتفكك والانهيار، بسبب المشكلات والازمات الاقتصادية والامنية والمظالم السياسية، وعدم الانسجام بين بعض دول الاتحاد والتحديات الخارجية الاخرى، يضاف الى ذلك مطالبات حركات الاستقلال وارتفاع وتيرة المطالبة بالانفصال أو الحصول على حكم ذاتي أكبر والنزعات الإقليمية, وهو ما يمثل اكبر تهديد لبقاء وحدة الاتحاد الأوروبي, خصوصا وان بعض معاهدات الاتحاد تحتوي على الأحكام التي تسمح لبلد بالانضمام أو الانفصال، لكنها لم تحدد بشكل صريح ما إذا كانت المنطقة المنفصلة عن تلك الدولة لها حق العضوية.

فيما قال مراقبون آخرون أن أوروبا ستتمكن من اكمال مشروعها الوحدوي على الرغم من التحديات والخلافات والمشاكل المعلنة، وسوف تصبح في وضع أفضل يمكنها من الاستمرار من خلال اعتماد خطط وقواعد وسياسات خاصة من اجل الحفاظ على انجازات ومصالح الاتحاد. وقد أدت الأزمة الاقتصادية التي بدأت عام 2008 إلى تسارع قوى الجذب والطرد في أوروبا. كما أدت إلى ازدياد حدة الصراعات على الموارد بين الاقاليم الغنية والفقيرة مثل اقليم الفلاندرز الذي يتحدث بالهولندية واقليم والونيا الذي يتحدث بالفرنسية في بلجيكا وكذلك في ايطاليا وألمانيا. ولم يعد اقليما بافاريا وهسه الثريان يريدان دعم الولايات الفقيرة في شمال ألمانيا وشرقها بل ولجأ الاقليمان إلى القضاء في تحديهما لنظام المساواة المالية بين أقاليم البلاد.

وفرض شمال ايطاليا المزدهر المستاء من سداد احتياجات الجنوب نظاما للحد من هذا العبء. واتجه الناخبون في اسكتلندا وقطالونيا إلى الانفصاليين بأعداد أكبر لأسباب منها الاحتجاج على سياسات التقشف التي فرضتها النخب السياسية في البلاد التي تصور على أنها منفصلة عن المواطن العادي. ويعتبر اليكس سالموند الزعيم القومي الاسكتلندي أستاذا في استغلال الاستياء من مؤسسة الحكم في لندن. كما غذت الأزمة القوى القومية مثل حزب الاستقلال البريطاني وحزب الجبهة الوطنية في فرنسا وأحزاب الحرية في النمسا وهولندا التي تريد الانسحاب من الاتحاد الاوروبي وإعادة الحدود الوطنية لصد المهاجرين والواردات.

وإذا شهدت الدول القائمة على أسس قومية مزيدا من التفكك فإن ذلك سيزيد التوترات في نظام صنع القرار في الاتحاد الاوروبي بما يخاطر بجموده. فمن الصعب بالفعل حمل 28 دولة على التصديق على معاهدات بالاجماع من خلال الاستفتاءات في بعض الاحيان. وبينما تنتظر ست دول أخرى في غرب البلقان الانضمام للاتحاد الاوروبي مع امكانية تفكك دول أخرى أعضاء حاليا يخشى بعض الخبراء أن يتضخم الاتحاد الاوروبي بحيث تتعذر إدارته. بحسب رويترز.

ويرى نيكولاس ليفرات خبير القانون الدولي في معهد الدراسات العالمية بجامعة جنيف إن انتشار الدول الصغيرة سيدفع الاتحاد لاصلاح نظام الحوكمة. وأضاف "سترغم هذه الزيادة في الدول الجديدة الاتحاد الاوروبي على تغيير أسلوب تمثيل الدول في الاتحاد. وما بدأ بست (دول) ويفلح بصفة تقريبية لعدد 28 دولة لن يفلح بالتأكيد لمئة".

وعليه تضفي المعطيات آنفة الذكر أن التطورات التي يشهدها اتحاد القارة العجوز على الصعيدين السياسي والدبلوماسي في المدة الأخيرة، تفتح أمامه أبواب دبلوماسية قد تشكل اتفاقات وصفقات سياسية بين الدول الساعية للانضمام اليه والدول المنافسة له، وذلك بهدف رسم تحالفات إستراتيجية قد تعيد ترتيب الأوضاع في المجال السياسي والاقتصادي على المستوى العالمي.

ففي الاونة الأخيرة يحاول اتحاد أوربا صنع إستراتيجية جديدة  تتواءم مع التحديات الجديدة، لاسيما التحديات الاقتصادية خصوصا وان هذا الاتحاد يعاني من اضطرابات متتالية على المستوى الاقتصادي بسبب ازمة اليورو المتفاقمة، وهو ما اتضح جليا في التغييرات الجيو سياسية في اوكرانيا واستكلندا وهي مؤشرات لتفكك القارة العجوز.

استفتاء إسكتلندا يغير أوربا

وفيما يخص بعض قضايا الاتحاد فقد عبر الاتحاد الأوروبي ومسؤولون في حلف شمال الأطلسي عن ارتياح واضح لنتيجة تصويت اسكتلندا الواضحة والرافضة للاستقلال عن بريطانيا ولكن البعض أبدوا قلقهم من خروج مارد حركات الانفصال في أوروبا من القمقم. وحافظ الشركاء في الاتحاد الأوروبي على هدوئهم في المرحلة السابقة على الاستفتاء خشية أن يؤخذ عليهم التعبير عن مخاوفهم من أن يقود تفكك المملكة المتحدة لانتقال العدوى إلى أماكن أخرى في أوروبا ويعتبر تدخلا في شؤون بريطانيا.

ولكن ما إن ظهرت النتائج وتأكد فوز معسكر الرافضين للاستقلال حتى عبروا عن رضاهم عن النتيجة وبحثوا العواقب على بلدانهم والاتحاد الأوروبي والتحالف الغربي. وهنأ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وعبر عن ثقته في أن المملكة المتحدة ستواصل الاضطلاع بدور قيادي في الحفاظ على قوة الحلف.

وقال رئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي - الذي يكافح لقمع حملة للاستقلال في اقليم قطالونيا في شمال غرب البلاد- إن نتيجة الاستفتاء هي أفضل نتيجة لأوروبا. وقال في رسالة فيديو نشرت على موقع الحكومة الإلكتروني "تفادى الاسكتلنديون تداعيات اقتصادية واجتماعية ومؤسسية وسياسية خطيرة." وأضاف "لقد انتقوا الخيار الأفضل للجميع: لأنفسهم لكل بريطانيا ولباقي أوروبا."

وأعلن أرتور ماس الزعيم القومي لإقليم قطالونيا أنه سيوقع على مرسوم قانون لدعوة الناخبين للاستفتاء على الاستقلال عن اسبانيا في التاسع من نوفمبر تشرين الثاني المقبل في خطوة تلقى معارضة شديدة من مدريد. وفازت مدريد بدعم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عندما قال المتحدث باسمها معلقا على التصويت الاسكتلندي إن الوضع في قطالونيا "مختلف تماما من الناحية القانونية في اسبانيا عنه في المملكة المتحدة" معبرا عن دعمها لموقف راخوي.

وفي بروكسل قال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية إن نتيجة التصويت الاسكتلندي "جيدة لأوروبا الموحدة المنفتحة الأقوى" في رسالة مبطنة تعبر عن أمل مسؤولي الاتحاد الأوروبي في أن تعزز النتيجة الحالية فرص التصويت ايجابا على بقاء بريطانيا في الاتحاد في استفتاء مزمع عام 2017. وأضاف باروزو "ترحب المفوضية الأوروبية بحقيقة أنه على مدى الأعوام المنصرمة كررت الحكومة الاسكتلندية والشعب الاسكتلندي التزامهما تجاه أوروبا."

وقال مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي البلجيكي كاريل دي جوشت الذي وقعت مقاطعة فلاندرز في بلاده في قبضة حركة قومية متصاعدة إن انفصال اسكتلندا لو حدث لكان له "وقع الكارثة" على أوروبا ولانتقلت عدواه في أنحاء القارة. ودي جوشت هو ليبرالي ينتمي للفلمنك - وهم مجموعة عرقية تتحدث الهولندية- لكنه لا يدعم مطالب بعضهم في اقامة دولة مستقلة. وأضاف "لو حصل الاستقلال في اسكتلندا لكان زلزالا سياسيا كاسحا مماثلا في أثره انهيار الاتحاد السوفيتي."

وحتى قبل أن تغلق مراكز الاقتراع الاسكتلندية عبر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند عن خشيته من "تفكك" محتمل لأوروبا بعد عقود من التكامل المتقارب. وقال "ما يحدث في الوقت الحالي هو هذا التزامن للقوى التي تريد الابتعاد عن مركز السلطة والتي يفوتها رؤية الهدف الأوروبي" مشيرا إلى خطر انهيار الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. وفرنسا هي واحدة من اكثر الدول مركزية في الاتحاد الأوروبي حيث تحظى حركات الاستقلال في كورسيكا وبريتاني والباسك بالقليل من التأييد لكن بلدانا أخرى مثل أسبانيا وإيطاليا وبلجيكا تواجه ضغوطا أكبر في سبيل نظام أقل مركزية.

وشدد رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رنزي على أن التصويت الاسكتلندي عزز الآمال ببقاء بريطانيا موحدة ولكن الأقل مركزية في الاتحاد الأوروبي. وقال "إن إدراك قيمة التنوع وغنى أراضينا -لا التشرذم- هو الجواب الذي اعطاه الاسكتلنديون المحقون في فخرهم بتاريخهم وتقاليدهم لنا جميعا." وأضاف رنزي "أن الاتحاد الاوروبي سيستفيد بالتأكيد من تجدد التزام المملكة المتحدة بتعزيز عملنا المشترك لتوفير اجابات ملموسة على الرغبة المبررة لمواطنينا في التنمية الاقتصادية والقدرة على مواجهة التحديات الدولية."

وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني لراديو دويتش لاند فانك إنه على الرغم من امتناعه عن التعليق على مسألة داخلية بريطانية قبل التصويت على الاستفتاء فأنه "شعر بالارتياح للنتيجة" مشيرا إلى أنه سيتوجب على بروكسل مراجعة بنود اتفاقية الاتحاد الأوروبي بشأن انضمام الدول الحديثة العهد بالاستقلال إلى الاتحاد. وقال "لو أعلنت اسكتلندا الاستقلال اليوم لكان يتوجب على جميع الدول الأعضاء الثمانية والعشرين وبينها بريطانيا التصويت برفض انضمام اسكتلندا للاتحاد."

وأشار شولتز إلى أن الحركات الانفصالية في أوروبا غالبا ما كان يشعلها "انعدام العدالة الاجتماعية وسوء توزيع الثروات حيث ترفض المناطق الغنية أن تنفق على دعم المناطق الأخرى" فضلا عن البطالة وتفاوت معدلات الدخل والفقر في الريف. وفي سياق متصل قال عدد من صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي شرط عدم الكشف عن هويتهم إن اسكتلندا أرست سابقة بين المناطق التي تتمتع بالحق الديمقراطي في التصويت على الاستقلال الأمر الذي قد يكون مثيرا للمشاكل في اسبانيا وغيرها من المناطق. بحسب رويترز.

ومع أن تصويت الاسكتلنديين سيحسم مسألة الانفصال في بريطانيا لجيل كامل - وهو ما صرح به كاميرون- فإنه سيطلق العنان لثورة دستورية في بريطانيا تهدف إلى توزيع أكبر للسلطة في المملكة المتحدة وهو ما قد يفتح شهية أكثر من منطقة في أنحاء أوروبا. وقال وزير الخارجية الألماني السابق هانز ديتريش جينشر الذي ساهم في مفاوضات إعادة توحيد ألمانيا عام 1990 إن التصويت برفض الاستقلال يظهر أن وجود حكومة شديدة المركزية ليس في صالح القارة الأوروبية. وأضاف "نموذج النظام الاتحادي المتبع في ألمانيا الذي تكون فيه حكومة مركزية وتحظى فيها الولايات والبلديات بالاستقلال هو النموذج الأكثر حداثة."

الى جانب ذلك أعلن رئيس إقليم كاتالونيا، أرتور ماس أنه سيوقع على مرسوم قانون لدعوة الناخبين للاستفتاء على الاستقلال وقال ماس: "سأوقع على المرسوم... في الواقع سأدعو لهذا الاستفتاء في التاسع من نوفمبر كما اتفقنا منذ بضعة أشهر مع أغلب القوى السياسية الكاتالونية". وأضاف أن تصويت الاسكتلنديين برفض الانفصال عن بريطانيا لا يعد انتكاسة.

من جهته، أكد سورايا ساينث دي سانتاماريا نائب رئيس الوزراء الإسباني أن الاستفتاء على استقلال إقليم كاتالونيا غير قانوني وفقا للدستور ولن يسمح بتنظيمه. وقال في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة إن "القواعد الديمقراطية في إسبانيا هي كما هي وفي هذا الصدد صوت البرلمان الإسباني بأغلبية كبيرة على أن الاستفتاءات على الاستقلال غير ممكنة وفقا لقوانيننا."

المفوضية الاوروبية

في السياق ذاته انتخب المسيحي الديموقراطي جان كلود يونكر رئيسا للمفوضية الاوروبية دون حماسة رغم خطاب وعد فيه خصوصا بخطة استثمار تزيد عن 300 مليار يورو. ويونكر الذي اختاره في 27 حزيران/يونيو 26 رئيس دولة وحكومة في الاتحاد الاوروبي من اصل 28، حصل على 422 صوتا مقابل 250 وامتناع 47 و10 بطاقات بيضاء. وكان يتوقع ان يحصل رئيس وزراء لوكسمبورغ السابق على الغالبية المطلقة اي 376 صوتا من اصل 751.

ولم يحصل على كامل الاصوات بما ان الائتلاف الكبير بين حزبه اليميني الحزب الشعبوي الاوروبي والاشتراكيين الذي انضم اليه الليبراليون ونواب الوسط كان يضم 480 نائبا. وهذا يعني ان ستين نائبا على الاقل صوتوا ضد انتخابه او امتنعوا عن التصويت. وجاءت المعارضة من الكتلة الاشتراكية اذ صوت ستون نائبا بريطانيا وفرنسيا واسبانيا ضده او امتنعوا عن التصويت بحسب مصادر برلمانية.

وحاول يونكر حتى النهاية اقناع المترددين مع تعهدات موجهة بشكل واضح الى النواب الاشتراكيين والليبراليين والخضر. وقال يونكر "علينا تبديد المخاوف والقلق واحياء امال المواطنين الاوروبيين" قبل ان يعلن عن خطة استثمار ب300 مليار يورو خلال السنوات الثلاث المقبلة لمكافحة البطالة. واضاف "ان الشق الاجتماعي يجب ان يكون في صلب العمل الاوروبي" ووعد ب"مكافحة التهرب الضريبي". واكد انه "سيعدل عملية منح تراخيص لزراعة الاغذية المعدلة وراثيا" وانه لن يقبل باتفاق تبادل حر مع الولايات المتحدة يبرم "باي ثمن".

وقال رئيس الكتلة الاشتراكية جاني بيتيلا "لن نطلق يدكم". وقال غي فرهوفشتاد زعيم الكتلة الليبرالية "انه امر صعب لقسم من البرلمان لكن بالتصويت لانتخاب رئيس للمفوضية الاوروبية نقيم ديموقراطية اوروبية حقيقية". واكد ان تشكيل فريقه "لن يكون مهمة سهلة" منتقدا قلة الترشيحات النسائية التي تقترحها الدول. وحذر رئيس البرلمان الاوروبي الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولز من انه "اذا ضمت المفوضية ثلاث او اربع نساء كما هو الحال الان" فلن تحظى بالثقة.

وانتخاب يونكر يفتح الباب امام التعيينات مع الاختيار المرتقب للقادة الاوروبيين لنائب الرئيس المكلف السياسة الخارجية. وتبين انه من غير الممكن الالتفاف على الليبراليين لتشكيل غالبية في البرلمان كما ان لديهم مطالب. اذ يريد زعيمهم رئيس وزراء بلجيكا السابق غي فرهوفشتاد ان يتم "تمثيل كتلته السياسية في كل المؤسسات" ويطالب "بتعيين تسع نساء على الاقل في منصب مفوض"، على غرار ما كان عليه في المفوضية المنتهية ولايتها. بحسب فرانس برس.

وتبرز مطالب الليبراليين المساومات بين الدول حول المنصبين الكبيرين الباقيين وهما وزارة خارجية الاتحاد الاوروبي ورئاسة مجلس اوروبا، وايضا للحصول على حقائب في الجهاز التنفيذي للاتحاد. ويطالب الاشتراكيون بمنصب رئيس المجلس الذي يشغله حاليا المسيحي الديموقراطي البلجيكي هرمان فان رومبوي لكنهم لم يتوصلوا الى اتفاق حول اي مرشح. ويمكن ان يكتفوا بمنصب وزير الخارجية مع حقيبة الاقتصاد التي ترشح لها الوزير الفرنسي الاشتراكي السابق بيار موسكوفيسي.وستعود رئاسة مجلس اوروبا في تلك الحالة الى الحزب الشعبوي الاوروبي او الى الليبراليين المتنافسين للقسم الثاني من ولاية رئيس البرلمان الاوروبي.

بريطانيا والاتحاد

على صعيد متصل قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن استمرار بلاده داخل الاتحاد الأوروبي صار أكثر صعوبة بعد اختيار جان كلود يونكر لرئاسة المفوضية الأوروبية رغم معارضة بريطانيا. وكانت الحكومة البريطانية قد اصرت على اجراء تصويت على اختيار يونكر - الذي يعتبره البريطانيون من انصار الاندماج السياسي بين دول الاتحاد الاوروبي - في محاولة لمنع تعيينه في المنصب، ولكن المحاولة باءت بالفشل إذ صوتت الدول الاعضاء لصالحه باغلبية 26 مقابل 2.

ومن جانبه، قال رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفلت إن بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي أمر حيوي وإنه مستعد للمضي قدما لتأمين الإصلاحات التي تطالب بها، فيما عبرت المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل عن استعدادها للتعامل مع مخاوف بريطانيا بجدية. وكانت السويد قد ايدت تعيين يونكر، ولكن راينفلت قال عقب التصويت إنه يعلم بأن الاندماج لا يروق للبعض.

لكن ميشيل روكار عضو الحزب الاشتراكي و رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق اتهم بريطانيا بعرقلة خطوات الاندماج الأوروبي، فيما قال حزب العمال البريطاني المعارض إن نتيجة التصويت الذي جرى يوم الجمعة تعتبر مذلة لكاميرون. ولكن كاميرون قال إن النتيجة "ليست نهاية المعركة"، مضيفا انه لن يتراجع في سعيه لاصلاح مؤسسات الاتحاد الاوروبي واسترجاع بعض السلطات من بروكسل مقر الاتحاد الى لندن. وتعهد بالمضي قدما في هذا المسعى قبل اجراء استفتاء شعبي حول عضوية بريطانيا في الاتحاد بعد الانتخابات العامة المقبلة المزمع اجراؤها عام 2015.

وانتقد وزيران بريطانيان زعماء الاتحاد الأوروبي الذين عبروا في جلسات خاصة عن قلقهم بشأن ترشيح جان كلود يونكر لرئاسة المفوضية الأوروبية لكنهم صوتوا له خلال قمة في بروكسل ووصف أحد الوزيرين قادة أوروبا بأنهم جبناء. وادان وزير الصحة جيرمي هانت قادة الاتحاد الأوروبي واصفا إياهم بالجبناء بعد أن قالوا في جلسات خاصة ان لديهم تحفظات على اختيار يونكر لكنهم صوتوا له في نهاية الأمر ليقود المفوضية الأوروبية التي تقترح القوانين الأوروبية وتنفذها.

وقال هانت "نتيجة للجبن الذي أبداه الزعماء الذين لم يكونوا على استعداد ليقفوا علنا ويقولوا ما قالوه سرا فسيكون عليهم أن يعملوا بجهد أكبر لإقناع البريطانيين أن أوروبا يمكن أن تكون موضع ثقة ببرنامج إصلاح مناسب." بحسب رويترز.

ويواجه المحافظون في بريطانيا ضغوطا داخلية من الناخبين المشككين في أوروبا وخسروا كثيرا من شعبيتهم لصالح حزب الاستقلال البريطاني المناهض للاتحاد الأوروبي والذي تصدر انتخابات البرلمان الأوروبي التي أجريت في مايو أيار ليضع كاميرون في المركز الثالث. كما انتقد وزير الدفاع فيليب هاموند أيضا من قال انهم أبلغوا بريطانيا أنهم يشاركوها القلق بشأن توجه التكتل المؤلف من 28 دولة. وقال "نتوقع من الناس أن تكون على قدر المسؤولية في العلن. أشعر بخيبة أمل لان كل هؤلاء الذين لمحوا لانهم يشاركوننا قلقنا بشأن المسار الذي تسلكه أوروبا لم يأخذوا موقفا في ذلك اليوم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/آيلول/2014 - 28/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م