استخدام وسائل الإعلام في مكافحة الفساد

مجاشع محمد علي

 

لوسائل الإعلام دوراً مهماً ولاعباً حاسماً في تغيير الوعي الثقافي في أي مجتمع يعاني من الفساد الإداري والمالي نحو المزيد من الشفافية والمساءلة، عن طريق توضيح التصورات والرؤى بشأن ما هو صواب وما هو خطأ لدى الجمهور، ويمكن لوسائل الإعلام أن تؤثر على القواعد التي بُني عليها المجتمع، وهذه التغييرات في القواعد يتم مع مرور الوقت، بعد ذلك يتم الشروع في تغيير السلوك وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تقليل نسبة التسامح مع الفساد والمفسدين، وزيادة اليقظة، وتقوية المشاركة في جهود مكافحة الفساد.

 والإعلام كحارس أمين يمكن أن يُنشئ تحالف واسع مع المنظمات المعنية بمكافحة الفساد للحد من انتشار هذا الوباء ويكون حافزاً للإصلاح من خلال كشف الفساد الكبير وإجبار السياسيين في صنع التغييرات - كما يعمل واضعي جدول الأعمال- ويمكن للمنظمات المناهضة للفساد وبالتنسيق مع وسائل الإعلام تقديم الدعم لجهود مكافحة الفساد من خلال أثارة اهتمام الجمهور لجهودهم في مكافحة الفساد ، وهذا يتم من خلال نشر الآراء، الحلول والابتكارات.

إن تحقيق الأهداف المرجوة من وسائل الإعلام والمنظمات المكافحة للفساد تحتاج إلى دراسات وأبحاث علمية لمعرفة كيفية تعاطي الجمهور العراقية لوسائل الإعلام كما تحتاج ايضاً إلى دراسة الطريقة التي تعمل بها وسائل الإعلام، وأن فهم هذين الجانبين سيؤدي في النهاية في التواصل مع جماهير محددة لزيادة وعيهم الفساد وتعبئتهم لدعم الجهود المبذولة لمحاربة الفساد.

وهنا لابد من القول إن نجاح وسائل الإعلام في مكافحة الفساد يتوقف بالدرجة الأساس على دورها في التغيير الثقافي الدائم لدى الجمهور، لأنه لا يمكن محاربة الفساد عن طريق اصدار القوانين الرادعة والرقابة الصارمة للحد من السلوك الفاسد وإساءة استخدام السلطة، كون التغيير الحقيقي يأتي من خلال الشعب، فمثل حينما يتوقف الناس عن دفع الرشاوى أو المطالبة بها، أو حينما يعتبرونها عمل غير أخلاقي، أو إذا أبلغ المواطنون عن حالات الفساد، حينها يمكن القول أن وسائل الإعلام قد وصلت حقاً إلى هدفها في دعم عمل المنظمات المكافحة للفساد، لإن وسائل الإعلام هي حليف رئيسي في تحقيق هذه الأهداف.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن أحد أهم أهداف وسائل الإعلام يكمن في ابراز جهود المنظمات والهيئات المعنية بمكافحة الفساد وهذا ما يساهم في نجاحها بنهاية المطاف، لأن التحالفات بين المجتمع المدني ووسائل الإعلام يؤدي لنتائج فعالة في الكشف عن الفساد على المدى القريب أضافة إلى خلق ثقافة الشفافية والمساءلة على المدى الطويل.

اذا.. التغيير التشريعي والرقابي والمؤسسي مرتكزات هامة في مجال مكافحة الفساد ومع ذلك، فإن أي قانون لتغيير المجتمع اذا لم تصبح جزءاً من ثقافة البلاد ويكون له تأثيراً على حياة الناس اليومية فليس له أية جدوى من تشريعه، لأن الفساد ليس مسألة قانونية فقط، الفساد هي قضية المجتمع، والمهم في محاربة الفساد تتم من خلال تغيير المستوى الثقافي للجمهور، وليس فقط اصدار القوانين التي تحظر الفساد بكل اشكاله، لأنه في كثير من الأحيان (الفساد) جزء لا يتجزأ من الممارسات الفاسدة في حياتهم اليومية.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/آيلول/2014 - 28/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م