الحرب على الإرهاب... صراع دولي يسبق الصراع مع الارهابيين

 

شبكة النبأ: اعطى الكونغرس الأمريكي "الموافقة على خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما" الضوء الأخضر للإدارة الامريكية بتنفيذ خطتها التي تضمنت أهدافا استراتيجية للقضاء على المتطرفين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في العراق وسوريا، عبر تنفيذ ضربات جوية محددة "في تحالف تقول الولايات المتحدة انه يضم اكثر من 40 بلدا، ابدى عدد منها موافقته على مشاركة الولايات المتحدة بضربات جوية"، إضافة الى ما تراه مناسبا للمواجهة، سيما وان رئيس اركان الجيش الأمريكي قد المح الى احتمال استخدام القوات البرية او المشاركة بعمليات عسكرية على الأرض بحسب ما تقتضيه الحاجة والواقع.

وتأتي هذه الموافقة لتعزز موقف أوباما كثيرا، بعد الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها بسبب أحجامه بالدخول المباشر في الازمة العراقية والسورية، وقد وافق الكونغرس الأمريكي على مقترحات أوباما بمنح المزيد من الدعم لمن اسمتهم "المعارضة المعتدلة" في سوريا، من خلال التدريب (الذي سيتم في السعودية بعد موافقتها على ذلك) والتسليح، ربما لتغيير المعادلة على الأرض، والتي خسرت من خلالها الكثير لصالح تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش)، إضافة الى استعادة القوات النظامية السورية الكثير من الأراضي التي فقدتها في السابق.

بالنسبة للولايات المتحدة، فان سرعة تغيير المواقف يثير الكثير من الأسئلة والاستغراب لدى الكثير من المتابعين والمحللين، فمع تأكيد البيت الأبيض ووزير خارجيته، على عدم منح إيران أي دور حالي او مستقبلي في التحالف الذي اقامته لقتال المتطرفين ومحاربة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، عاد جون كيري ليؤكد ان الولايات المتحدة الامريكية لن تستثني أحد من هذا التحالف، وقال أمام اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "التحالف المطلوب للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية ليس تحالفا ذا طابع عسكري فقط أو حتى ليس تحالفا عسكريا بالأساس"، وأضاف "يجب أن يكون تحالفا شاملا وأن يشتمل على تعاون وثيق يجمع ضروبا متعددة من الجهود، الأمر يتعلق بشبكة شاملة تدمر وتشوه سمعة طائفة متشددة تتنكر في هيئة حركة دينية"، وقال "لكل دولة في العالم تقريبا دور بما في ذلك إيران".

وفيما عده البعض محاولة لكسب ود إيران التي تتمتع بنفوذ قوي في كلا البلدين، ومن الممكن ان تعرقل إيران جهود الولايات المتحدة في المنطقة في حال مارست الأخيرة سياسية الاقصاء تجاهها، عده اخرون، محاولة لممارسة المزيد من الضغط على إيران، لأقناعها بضرورة التغيير، خصوصا في سوريا، وان المجتمع الدولي يقف في صف هذا التغيير، وان على إيران، في حال ارادت مشاركة المجتمع الدولي، القبول بالأمر الواقع بدلا من الإصرار على موقف واحد.  

التزام أوباما

في سياق متصل وبعد طيران استمر نحو 15 ساعة واجتماعات على مدى خمس ساعات تغلب النعاس أخيرا على وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في بغداد، وكانت الساعة السادسة وأربع دقائق مساء، غطس كيري في مقعده بمنتصف طائرة النقل العسكرية من طراز سي 17 ووضع راحته خلف رأسه ورفع قدميه على مكتب ثم أسبل جفنيه، وبدا الارهاق أيضا على مساعديه وهم يجلسون في مقاعدهم بعضهم يمسك بأوراق كتب على حوافها ملاحظات من الاجتماعات مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والحكومة التي شكلها قبل يوم واحد في التاسع من سبتمبر أيلول، وكان إرهاق كيري مفهوما بعد أن أمضى قرابة 24 ساعة من السفر المتواصل والاجتماعات، أما الإرهاق الذي تشعر به الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فقصة مختلفة.

فالعراقيون الذين التقوا كيري قد يتساءلون عما إذا كان رئيسه باراك أوباما يملك الطاقة والجرأة للإقدام على ما ينتظره في بلد أمضى أغلب السنوات الست الأولى التي قضاها في منصبه وهو يحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان، ويسلط الضوء على هذا التحدي استطلاع للرأي أظهر أن الأمريكيين يؤيدون حملة الضربات الجوية التي وافق عليها أوباما على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لكنهم لا يؤيدون أن تطول هذه الحملة، وتلوح في الأفق عدة اختبارات مهمة للتحالف الوليد الذي تتبناه الحكومة الأمريكية من أجل اضعاف تنظيم الدولة الإسلامية وإلحاق الهزيمة به بعد أن استولى على ثلث مساحة العراق وسوريا وأعلن الحرب على الغرب وذبح صحفيين أمريكيين وموظف إغاثة بريطاني.

ومن الممكن أن يستغرق القضاء على الدولة الإسلامية الذي يستلزم تحقيق الاستقرار في العراق وبناء قواته المسلحة وإنشاء قوة من المعارضة يدعمها الغرب في سوريا سنوات فيما يمثل اختبارا لمدى التزام أوباما ومن يخلفه عام 2017 بهذه المهمة، وقال ديفيد شنكر المتخصص في شؤون سوريا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمستشار السابق بوزارة الدفاع لشؤون سوريا خلال حكم الرئيس جورج دبليو بوش "يوجد ارتياب عام حقيقي بين حلفائنا في المنطقة بشأن التزامنا بذلك لأننا كنا مفقودين في السنوات الثلاث الأخيرة"، وفي بغداد وعمان وجدة وأنقره والقاهرة وباريس وضع كيري مؤخرا خططا لتحالف من القوى الإقليمية والخارجية تقوده الولايات المتحدة، ومهمة هذا التحالف هي ضرب مقاتلي الدولة الإسلامية وتجفيف منابع تمويل التنظيم والقضاء على الملاذ الآمن الذي يحتمي به في سوريا وتعطيل قدراته على تجنيد المقاتلين ومحاولة التصدي للفكر المتطرف.

ويصر كيري الذي سيرفع تقريره عن الرحلة لأوباما والكونجرس على أن العملية هذه المرة تختلف عن العمليات الأمريكية السابقة في المنطقة، فقد قال للصحفيين في باريس "هذه ليست حرب الخليج عام 1991"، وأضاف "كما أنها ليست حرب العراق عام 2003، فنحن لا نبني تحالفا عسكريا من أجل غزو، بل نبني تحالفا عسكريا بكل القطع الأخرى من أجل إحداث تحول بالإضافة إلى القضاء على داعش نفسها" مستخدما الاسم الذي اشتهر به التنظيم، ومنحت القوى العالمية التي اجتمعت في باريس هذا الجهد دفعة رمزية فأيدت علنا القيام بعمل عسكري لمحاربة الدولة الإسلامية في العراق، وأرسلت فرنسا طائرات في مهمة استطلاعية إلى العراق في خطوة قربتها من أن تصبح أول حليف ينضم للحملة الجوية التي تشنها الولايات المتحدة في العراق وقال مسؤول أمريكي إن بعض الدول العربية وعدت بالمشاركة أيضا.

وسيرأس كيري اجتماعا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك سيتيح الفرصة للدول التي أيدت التحالف الأمريكي سرا لإبداء تأييدها علانية، لكن علامات استفهام مازالت قائمة حول حجم الالتزامات التي سيكون كل طرف على استعداد لإبدائها للمشاركة في حرب قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل إنها لن تكون سهلة أو قصيرة، وفصلت وثيقة لوزارة الخارجية من 45 صفحة عروض المساعدة التي قدمتها نحو 40 دولة لكن أغلبها مساعدات إنسانية، أما التعهدات العسكرية فنادرة وقليلة، فقد قالت ألبانيا على سبيل المثال إنها ستقدم 22 مليون طلقة لبنادق الكلاشنيكوف و15 ألف قنبلة يدوية و32 ألف قذيفة مدفعية للقوات الكردية في العراق، وقد شنت المقاتلات الأمريكية أكثر من 160 هجوما جويا على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق مستأنفة العمليات العسكرية التي كان أوباما وكثير من الأمريكيين يأملون ألا تتكرر عندما انسحبت القوات الأمريكية من البلاد عام 2011. بحسب رويترز.

وأثار الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة إمكانية أن تضطلع القوات الأمريكية بدور أكبر في الحرب البرية في العراق رغم أن أوباما استبعد ارسال قوات مقاتلة، ويقلل المسؤولون الأمريكيون من احتمال شن هجمات جوية قريبا على التنظيم في سوريا ومن غير الواضح ما إذا كانت أطراف أخرى ستشارك في هذا الجهد، ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الولايات المتحدة ستقدم مبررات قانونية قبل أي عمليات في سوريا تبرر توجيه ضربات مبنية إلى حد كبير على أساس حماية العراق من المتشددين الذي يهددون سيادته ويحتمون بملاذهم في سوريا خلال الحرب الأهلية الدائرة منذ ثلاث سنوات.

ومن شأن دخول المجال الجوي السوري تعميق صراع يمس قضايا طائفية، فالدولة الإسلامية تنظيم من المقاتلين السنة يحارب الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق والحكومة السورية التي تقودها الطائفة العلوية الشيعية، وقال كيري للصحفيين في باريس إن مناقشات عدة جرت مع وزراء الخارجية حول كيفية هزيمة الدولة الإسلامية داخل سوريا، ولم يخض في التفاصيل لكنه شدد على أن الأمر لا يقف عند الضربات الجوية فقط، وكثيرا ما يصف كيري ومستشاروه الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية بأنها شاملة متكاملة، وتحددت ملامح هذا النهج في بيان من ست فقرات صدر في 11 سبتمبر ايلول ووقعت عليه عشر دول عربية هي مصر والعراق والاردن ولبنان ودول الخليج العربية الست.

ووافقت الدول العربية على ثماني مهام رئيسية تتمثل في وقف تدفق المقاتلين الأجانب ومكافحة تمويل الدولة الإسلامية والتصدي للفكر المتطرف وضمان عدم إفلات مخطئ من العقوبة وتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار المناطق التي تضررت من وجود التنظيم ودعم الدول التي تواجه تهديدات حادة من الدولة الإسلامية و"المشاركة في الجوانب العديدة لحملة عسكرية منسقة حسبما يقتضي الحال"، وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية إن الولايات المتحدة أرادت على وجه التحديد إضافة عبارة "حسبما يقتضي الحال"، وأضاف المسؤول "أردنا أن نكون المنسق العام لهذا المجهود، ولهذا فإن عبارة حسبما يقتضي الحال تعني في إطار خطة عامة للحملة ومع استمرار تطورها".

ضربة قاضية

الى ذلك تمهد الحكومة البريطانية للانضمام إلى الولايات المتحدة في توجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية لكنها تتحرك بحذر لتضمن تجنب هزيمة برلمانية وتعمل من أجل أن تكون جزءا من تحالف للقوى الإقليمية، وكانت بريطانيا سارعت إلى الانضمام إلى العمل العسكري الأمريكي في أفغانستان والعراق قبل عقد، لكن الرأي العام الذي تعب من الحرب وكذلك رفض البرلمان العام الماضي شن ضربات جوية في سوريا جعل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يلزم الحذر، ويقول المطلعون مباشرة على تفكير الحكومة إن الخطة تقوم هذه المرة على التحرك ببطء والتودد للبرلمان واتخاذ القرار النهائي بالانضمام إلى الضربات الجوية فقط عندما يتشكل التحالف الدولي وتكون السلطات العراقية والكردية متوافقة على العمل.

وقال نيك كليج نائب رئيس الوزراء وزعيم حزب الديمقراطيين الأحرار الشريك في ائتلاف كاميرون "أنت أحيانا توجه ضربة أكبر، وأنت توجه ضربة أشد فتكا ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (الاسم السابق للدولة الإسلامية) من خلال وضع كل المكونات أمامك أنت تفعل ذلك"، ومن المتوقع أن يناقش كاميرون الذي يؤيد الضربات الجوية الأمريكية خطط التعامل مع هذا الموضوع خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لكن المتحدث باسمه قلل من شأن توقعات صدور بيان، وقال المتحدث للصحفيين قبل أيام "اجتماعات الأمم المتحدة (والاجتماعات حول ذلك جزء منها) لكنها استراتيجية بشأن فترة مهمة من الوقت"، ومن المتوقع أن تبني بريطانيا (وهي حليف قوي للولايات المتحدة) موقفها على موقف واشنطن التي اقتصر تحركها على توجيه ضربات جوية دفاعية وليست هجومية ضد الدولة الإسلامية بينما تبني تحالفا من القوى الإقليمية في محاولة لإضفاء شرعية أكبر على عملها ضد التنظيم المتشدد. بحسب رويترز.

وقبل شهور قليلة لم تكن الحكومة البريطانية نشطة في بحث توجيه ضربات جوية، لكن قيام متشدد في الدولة الإسلامية يتحدث الإنجليزية بلكنة بريطانية بقطع رأس عامل إغاثة بريطاني أبرز الخطر الذي يمثله التنظيم على الأمن الداخلي لبريطانيا، وإلى الآن اقتصر دور بريطانيا وهي تراقب صعود الدولة الإسلامية على تقديم المساعدات الإنسانية وإجراء عمليات مراقبة وتسليح القوات الكردية التي تقاتل قوات الدولة الإسلامية ووعدت بتقديم تدريب في العراق، لكن المشرعين يقولون إن السياسيين الموالين لكاميرون يحشدون الرأي في البرلمان بالنسبة للضربات الجوية وإن هناك توافقا ظهر يبين أن أغلبية ستصوت تأييدا للتحرك البريطاني ضد الدولة الإسلامية في العراق إذا طلبت بغداد المساعدة وكانت تلك المساعدة جزءا من مجهود إقليمي أكبر.

وقال نيك دي بوا وهو نائب محافظ "خلال الأسبوعين الماضيين تم تقريبا جس نبض جميع أعضاء البرلمان"، واضاف "الرسالة مركزة بحزم على كل من الحل السياسي الشامل في المنطقة وضمان (وهذا مهم) أننا لا ننطلق من تلقائنا أو (فقط) مع أمريكا"، وقال شخص له دراية مباشرة باستراتيجية الحكومة إن كاميرون أراد أن يكون متأكدا من دعم البرلمان، وقال الشخص الذي طلب ألا ينشر اسمه "رأي البرلمان ليس بغير أهمية في هذا"، وأضاف "يتعين عليك أن تكون متأكدا من أنك ستكسب عند اجراء اقتراع"، وبحسب نواب فإن موافقة أعضاء البرلمان ليست مؤكدة بنفس القدر إذا طلب منهم تأييد ضربات ضد الدولة الإسلامية عبر الحدود في سوريا، ويشير هؤلاء النواب إلى أن المخاوف بشأن المصاعب القانونية والفنية في مجال شن تلك الضربات دون مباركة السلطات السورية التي يعتبرها كاميرون غير شرعية.

وكان دي بوا أحد المحافظين الذين تمردوا العام الماضي لإنزال هزيمة محرجة بكاميرون بسبب خططه لقصف أهداف حكومية سورية، وقال إنه يشعر بأن المرجح أن يحوز رئيس الوزراء البريطاني تأييد البرلمان هذه المرة لأنه انتهج نهجا مختلفا، وقالت ساره وولاستون التي كانت في العام الماضي جزءا من تمرد المحافظين إنها أيضا مستعدة للتصويت بالموافقة على تحرك بريطاني يكون جزءا من تحالف دولي، ومن الممكن ألا يحتاج كاميرون إلى الاعتماد على حزب العمال المعارض لكسب موافقة البرلمان على الضربات الجوية، لكن هناك علامات على أن التحرك سيجد دعما من مختلف الأحزاب على أي حال، وقالت النائبة العمالية آن كلويد "أعتقد أن المجلس (البرلمان) أكثر انفتاحا بالتأكيد على فكرة الضربات الجوبة في العراق"، وأضافت أن المشاركة الممكنة للقوى الإقليمية ستكون عاملا رئيسيا في الحصول على الموافقة من حزب العمال.

معركة عالمية

فيما دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إلى تحرك عالمي موحد لمواجهة متشددي الدولة الإسلامية وهو يفتتح مؤتمرا عن العراق يضم أعضاء تحالف تقوده الولايات المتحدة، وكشفت الولايات المتحدة عن معالم خطة لمحاربة المتشددين الإسلاميين في العراق وسوريا وتعتقد أن بإمكانها تشكيل تحالف قوي رغم تردد بعض الشركاء وتساؤلات بشأن مدى شرعية التحرك ولاسيما في سوريا حيث يوجد معقل قوي للتنظيم، وقال الرئيس الفرنسي في افتتاح مؤتمر باريس الذي يستمر يوما ويضم مسؤولين من نحو 30 دولة "ما هو هذا التهديد؟ إنه عالمي ومن ثم يجب أن يكون الرد عالميا، لابد أن نلزم أنفسنا معا، هذا هو الهدف من هذا المؤتمر".

وسافر أولوند إلى بغداد للاجتماع مع أعضاء من الحكومة العراقية الجديدة، وقال الرئيس العراقي فؤاد معصوم إنه يأمل أن يتمخض اجتماع باريس عن "استجابة سريعة" ضد الجهاديين الذين أعلنوا دولة الخلافة في قلب الشرق الأوسط، وقال للوفود "نحن اليوم وفي هذه المواجهة الخطرة التي يخوضها العراق نقف أمام تحول نوعي في فكر التشدد الإرهابي وهو التحول المتمثل لانتقال عمل قوى الإرهاب من عمليات إجرامية متفرقة إلى مستوى العمل من أجل تأسيس دولة إرهابية"، وتابع قوله "لقد كانت جرائم تنظيم داعش (الدولة الاسلامية) التي أرتكبها خلال هذه الأشهر، من أبشع أيدولوجيات التشدد القائمة على الإقصاء وعلى موت الآخر ورفض قبول أي تنوع واختلاف وتعدد".

واجتمع وزراء خارجية من الدول الأوروبية الكبرى والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والدول المجاورة للعراق ودول خليجية مثل قطر والسعودية والكويت والإمارات لمناقشة الجوانب السياسية والأمنية والانسانية في التصدي لتنظيم الدولة الإٍسلامية، ولم تحضر إيران (التي تتمتع بنفوذ كبير في العراق) المؤتمر، وقال دبلوماسي فرنسي "أردنا توافقا في الآراء بين الدول بشأن حضور إيران لكن في النهاية كان حضور دول عربية بعينها أكثر أهمية من إيران"، ويقول مسؤولون فرنسيون ان خطة التحالف يجب ان تذهب أبعد من التحرك العسكري والانساني وانه يجب ان تكون هناك خطة سياسية بعد اضعاف الدولة الاسلامية في العراق، وهم يرون ان الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 والذي لم تشارك فيه فرنسا ساهم في نهاية الامر في الازمة الراهنة لأنه افتقر لرؤية طويلة المدى للفصائل المختلفة في المجتمع العراقي. بحسب رويترز.

وأعلنت فرنسا استعدادها للانضمام الى الغارات الجوية الامريكية في العراق لكنها تقول ان القيود القانونية والعسكرية تجعل ذلك أصعب في سوريا حيث يوجد المعقل الرئيسي للتنظيم، وفي وقت سابق قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن طائرات فرنسية ستبدأ عمليات استطلاع فوق العراق، وأضاف "قلنا للعراقيين إننا مستعدون وطلبنا منهم التصريح (بالتحليق في الأجواء العراقية)" وأكد ان مهمة الاستطلاع الاولى ستنطلق من قاعدة فرنسية في ابوظبي، وقال فابيوس "ثمن عدم التحرك هو ان نقول لهؤلاء الجزارين (استمروا الطريق مفتوح امامكم) ونحن لن نقبل بهذا"، وأكد مسؤول فرنسي أن طائرتين من طراز رافال وطائرة أخرى لإعادة التزود بالوقود أقلعت في طريقها للعراق.

ولقيت فكرة التحالف قبولا في العواصم الغربية وعشر دول عربية بينها السعودية وقطر، لكن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال إن من السابق لآوانه تحديد المهام التي سيتولاها كل شريك، وقال مسؤولون أمريكيون إن عدة دول عربية عرضت الانضمام للولايات المتحدة في تنفيذ ضربات جوية ضد أهداف للدولة الإسلامية لكنهم رفضوا الإفصاح عن الدول التي قدمت هذه العروض، ونسبت صحيفة نرويجية عن وزير الخارجية بورج برند قوله إن أوسلو (التي تشارك في مؤتمر باريس) تدرس فكرة أن يكون لها وجود عسكري في العراق، وقال "أولا وقبل كل شيء قلنا إنه ستكون هناك مساهمة إضافية للعمل الإنساني، لكننا أيضا ندرس ما إذا كنا سنساهم أيضا في بناء القدرة العسكرية إلى جانب المساعدة الإنسانية"، وتابع "قد يشمل هذا تدريب الجنود لكنه سيعتمد على الطلب الذي سيقدم لنا".

وقررت الدول المشاركة في المؤتمر الدولي حول أمن واستقرار العراق دعم بغداد بالوسائل اللازمة لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" ومنها العسكرية، وجاء في بيان المؤتمر أن "المشاركين شددوا على ضرورة القضاء على التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها في العراق"، وتعهدوا لهذه الغاية بـ "دعم الحكومة العراقية الجديدة بكل الوسائل الضرورية وضمنها تقديم مساعدات عسكرية مناسبة"، وسيتم الدعم "مع احترام القانون الدولي وأمن السكان المدنيين".

قرب بغداد

من جانب اخر شنت القوات الاميركية للمرة الاولى ضربة جوية بالقرب من بغداد في اطار توسيع عملياتها القتالية ضد تنظيم الدولة الاسلامية، ولاقت ترحيبا من السلطات العراقية، وفي علامة بارزة لتنامي قوة هذا التنظيم اعلنت منظمة حقوقية ان الجهاديين تمكنوا من اسقاط مقاتلة سورية كانت تشن غارات على معاقلهم في محافظة الرقة الواقعة شمال وسط سوريا، واعلن مسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى ان الغارة الاولى التي نفذتها القوات الجوية الاميركية ضد "الدولة الاسلامية" قرب بغداد اصابت هدفا لهذا التنظيم المتطرف في منطقة صدر اليوسفية (جنوب غرب العاصمة) واصفا الضربة بانها "مهمة" ومشيرا الى تنسيق مع الاميركيين لتحديد الاهداف.

وقال الفريق قاسم عطا المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية "نفذ الطيران الاميركي ضربات مهمة لأهداف معادية في صدر اليوسفية بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد"، وتقع منطقة صدر اليوسفية على بعد 25 كلم من وسط مدينة بغداد وهي احد اقرب معاقل تنظيم الدولة الاسلامية الى العاصمة العراقية، وتعد هذه المنطقة الساخنة الاقرب الى بغداد وتشهد عمليات قتل متواصلة، حيث تكافح قوات الجيش العراقي من اجل الدفاع عن الخطوط الامامية لحماية بغداد، واضاف عطا "هناك تنسيق مع الاميركيين لتحديد الاهداف المعادية واستطلاعها وقرار ضربها من قبل الطيران الاميركي"، واعتبر عطا ان "توسيع نطاق العمليات مهم لتدمير تلك الاهداف والقضاء عليها". بحسب فرانس برس.

وكان مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية رفض الكشف عن هويته اعلن في وقت سابق ان مقاتلات اميركية نفذت غارة بالقرب من بغداد واخرى بالقرب من سنجار في شمال العراق، وكانت الولايات المتحدة بدأت الشهر الماضي حملة غارات جوية على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في شمال العراق، الا ان الاعلان عن ضربة بالقرب من العاصمة يشكل توسيعا لنطاق الحملة، واعلنت القيادة الاميركية الوسطى في بيان ان "القوات العسكرية الاميركية تواصل مهاجمة ارهابيي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وشنت غارتين لدعم القوات العراقية بالقرب من سنجار وجنوب غرب بغداد"، وتابع البيان ان "الغارة جنوب غرب بغداد كانت الضربة الجوية الاولى ضمن توسيع نطاق الحملة بحيث لا تقتصر على حماية عناصرنا والمهمات الانسانية بل تشمل ضرب مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية مع انتقال القوات العراقية الى الهجوم وعملا بما نص عليه خطاب الرئيس باراك اوباما"، وادت الغارتان الى تدمير ست عربات تابعة للتنظيم بالقرب من سنجار بالاضافة الى موقع قتالي جنوب غرب بغداد كان يستخدم لقصف القوات العراقية، واضاف البيان ان "جميع المقاتلات عادت الى مواقعها سالمة بعد شن الغارتين"، وتابع ان "الغارتين نفذتا لحماية عاملين ومنشات للولايات المتحدة ودعم الجهود الانسانية ومساعدة القوات العراقية في هجومها على تنظيم الدولة الاسلامية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/آيلول/2014 - 25/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م