الحد من ندرة المياه من خلال التنسيق بين الصناعات

 

شبكة النبأ: يقول الخبراء أنه سيكون لزاماً على قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة تنسيق استخدامها للمياه بكفاءة أكبر بكثير إذا ما أردنا تفادي ندرة المياه.

وفي هذا الإطار، أكد ريتشارد كونور، المؤلف الرئيسي لتقرير تنمية الموارد المائية في العالم الذي أصدرته الأمم المتحدة في عام 2014، أن "الاحتياجات المائية العالمية خلال الثلاثين عاماً المقبلة سوف تزداد بنسبة 30 بالمائة على الأقل، مما سيفرض ضغطاً على الموارد الحيوية التي لا تزال محدودة".

وأضاف كونور في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أثناء الأسبوع العالمي للمياه الذي يقام في ستوكهولم خلال شهر سبتمبر 2014، أنه "بحلول عام 2050، سترتفع الاحتياجات المائية لقطاع التصنيع بنسبة مذهلة تبلغ 400 بالمائة،" مشيراً إلى أن "هذا سيخلق احتياجات هائلة للمياه ويفرض ضغطاً على الموارد التي لا يمكنها تلبية كل هذه الاحتياجات".

من جانبه، أوضح كانده يومكيلا، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالطاقة المستدامة للجميع، أن جزءاً كبيراً من الطلب المتزايد على المياه سيأتي من الدول النامية التي يكسب سكانها ويستهلكون أكثر من ذي قبل، كما أنهم باتوا ينتقلون إلى المدن.

وسوف تحدث 90 بالمائة من الزيادة السكانية الحضرية في العالم حتى عام 2050 في قارتي آسيا وأفريقيا، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة عن آفاق التحضر في العالم لعام 2014. ومن بين 2.5 مليار شخص سينتقلون إلى المدن في تلك الفترة، سيكون 37 بالمائة في الهند والصين ونيجيريا.

وفي العقود الثلاثة المقبلة، سيرتفع الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة 70 بالمائة، كما أفاد يومكيلا، "وحيث أنه من المتوقع أن يعيش 66 بالمائة من سكان العالم في المناطق الحضرية بحلول ذلك الوقت، فإن ذلك سيدفع باتجاه الطلب على المزيد من الطاقة". (وفقاً للبنك الدولي، يعيش 56 بالمائة من سكان العالم حالياً في المدن)، وأضاف المسؤول في الأمم المتحدة أن المشكلة تتمثل في أن "قطاع الطاقة يعاني من العطش الشديد".

من جهتها، ذكرت وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن استهلاك المياه لتوليد الطاقة في عام 2012 بلغ 583 مليار متر مكعب. وبحلول عام 2035، من المرجح أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 20 بالمائة على الأقل.

وأوضح كونور أن البلدان النامية تستخدم معظم مواردها المائية في أغراض الزراعة وتخصص ما بين 10 و20 بالمائة فقط لتوليد الطاقة. ولكن مع تطور البلدان، يتزايد الطلب على الطاقة، ويمكن أن يمثل أكثر من نصف استهلاك المياه، مما سيخفض الكميات المخصصة للمزارعين"، "يعتمد 90 بالمائة من إنتاج الطاقة العالمي على المياه،" كما أفاد كونور، في إشارة إلى الطاقة الكهرمائية والمياه المستخدمة لتبريد محطات الطاقة الحرارية والنووية والتي تعمل بالفحم والغاز. وأضاف أنه "حتى توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في بعض الأحيان يتطلب استخدام الماء لتخزين الطاقة في شكل حرارة".

إدارة الطلب

ويقول كونور وخبراء آخرون أن تحسين إدارة المياه يشمل تحديد أولويات واضحة وآليات رصد منسقة لتفادي النقص، فعلى سبيل المثال، خلال إحدى أسوأ حالات الجفاف في الهند في عام 2012، تم إغلاق محطات توليد الكهرباء من أجل الحفاظ على المياه للاستهلاك المحلي. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن حوالي 600 مليون نسمة تُركوا من دون كهرباء لمدة 48 ساعة على الأقل في وقت أو آخر.

"إن قطاعي المياه والطاقة مترابطان. ويجب التأكد من أن كليهما يستخدم المياه بأقصى كفاءة ممكنة"، وأكد كونور أنه "في حالة شح المياه، يتم إغلاق محطات توليد الكهرباء. وهذا ما يحدث الآن عندما لا يكون هناك تنسيق".

وفي تقرير صدر في سبتمبر 2014، شجعت مجموعة الأزمات الدولية قيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان على "تطوير نظام إدارة مياه حديث وخال من الفساد ويتسم بالكفاءة في المنطقة المعزولة عن النزاعات الأخرى".

والجدير بالذكر أن ما يقرب من 99 بالمائة من الكهرباء في طاجيكستان يتم توليدها من المحطات الكهرمائية، وتستخدم أوزبكستان ما يصل إلى 90 بالمائة من المياه الواردة من قيرغيزستان وطاجيكستان لري القطن، الذي يعتبر محصولها الرئيسي المدر للدخل.

وأشار التقرير إلى المنافسة بين مطالب الزراعة والاستهلاك المحلي وقطاع الطاقة، ونقل عن خبير بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، قوله أن "عدم وجود رؤية مشتركة حول الأمن المائي يؤدي إلى زيادة مخاطر المنافسة والصراع على الموارد المائية".

والتعاون يعني أكثر من مجرد التواصل عبر الحدود الجغرافية السياسية. وفي هذا الصدد، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فان دير هوفن في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "إن قطاعي المياه والطاقة مترابطان. ويجب التأكد من أن كليهما يستخدم المياه بأقصى كفاءة ممكنة"، وأضاف يومكيلا أن تحقيق إدارة أفضل للمياه يتطلب تحقيق التماسك بين مختلف القطاعات المستهلكة للمياه - وخاصة الكهرباء والمياه والزراعة.

عقلية الصومعة

وأوضح أنه على الرغم من أن قطاعي الطاقة والتصنيع هما اثنان من أكبر مستخدمي المياه، فإنهما لا يتدخلان تقريباً في تحديد السياسة المائية في البلاد. وبالمثل، فإن خبراء المياه نادراً ما يساهمون في سياسات الطاقة الوطنية، وقال يومكيلا: "لا يجب أن نظل متقوقعين في عقلية الصومعة بعد الآن".

ويقول الخبراء أن أحد الآثار الإضافية لعدم وجود نهج منسق هو فشل الطاقة النظيفة والمتجددة، التي تعتبر جزءاً حيوياً من الحد من الطلب على المياه، في اجتذاب نفس الدعم المقدم للوقود الأحفوري.

وفي هذا الصدد، أوضح كونور أن "الدعم العالمي للطاقة المتجددة لا يتجاوز 88 مليار دولار، في حين يصل دعم الوقود الأحفوري إلى 523 مليار دولار،" مضيفاً أنه "من منظور المياه، هذه ليست الطريقة الصحيحة لإدارة الأمور".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/آيلول/2014 - 21/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م