شبكة النبأ: يشير خبراء في متابعة
الملف النووي الايراني، الى وجود تفاهمات بين ايران والدول الست
الكبرى، قد تتيح انجاز الاتفاق النهائي قبل نهاية المدة الاخيرة التي
اتفق عليها الطرفين، بعد فشل الجولة الاولى من تحقيق هدفها، ورغم
التعقيدات الكبيرة حول التفاصيل التي تتعلق ببرنامج ايران النووي،
خصوصا على مستوى التفاصيل النووية والتي تتعلق بطبيعة برنامج ايران
(الذي تشكك الدول الغربية فيه كثيرا) والذي تؤكد على سلميته، الا ان
هناك مسال اكثر تعقيدا، سيما على المستوى السياسي، فمع اشارة الدول
الكبرى الست، اضافة الى ايران، ان الاتفاق النووي والمفاوضات الجارية
تسير بمعزل عن الخلافات السياسية التي تحدث في منطقة الشرق الاوسط، الا
ان الوقع ربما يعطي صورة مغايرة للتأكيدات الكلامية، كما يرى بعض
المحللين.
ففي حال تم الاتفاق مع ايران حول غلق الملف النووي، سيتم الاعتراف
بها كإحدى الدول النووية في المنطقة (لأغراض سلمية فقط)، كما سيتم رفع
جميع العقوبات الاقتصادية الدولية المؤذية على اقتصادها، وسيتيح هذا
الرفع اعادة تصدير النفط والغاز، واعادة التعاون الاقتصادي مع كافة دول
العالم، فيما ستشهد الدبلوماسية الايرانية قفزة كبيرة نحو الامام، ويرى
باحثون ان تقديم مثل هكذا امور لن يتم بمجرد حسم الملف النووي، بل
يحتاج الى حسم ملفات اخرى (قد تجري في الظل) ربما توازي اهميتها الملف
النووي، سيما وان الولايات المتحدة الامريكية قد تجد ان الفرصة الان
مناسبة لعقد صفقة سياسية حيوية مع حكومة ايران الجديدة، التي اعتبرتها
اكثر انفتاحا مع الغرب من سابقتها، من اجل حل قضايا سياسية عالقة، كما
في الازمة السورية والعراقية وتنازع النفوذ الاقليمي في الشرق الاوسط
والخلاف مع السعودية ومنطقة الخليج ولبنان وغيرها من الامور المهمة.
لهذا يرى معظم المحللين ان الامور بين الولايات المتحدة الامريكية
وايران تجري بين المد والجز، خصوصا على مستوى المواقف وردود الافعال
السياسية، ففي حين يكون هناك تشجيع للتعاون مع ايران في الملف العراقي،
يوجد هناك تجاهل لها بالنسبة لسوريا، ومع الاشارات الايجابية حول تقدم
المفاوضات النووية، ترفع الولايات المتحدة الامريكية من سقف العقوبات
الايرانية، كما ما رست الولايات المتحدة مؤخرا الضغط على حلفائها
التقليديين لدعم جهودها الرامية الى اجراء حوار نووي مع ايران، اضافة
الى اجراء حوارات اخرى بين ايران وحلفائها (كالسعودية) من اجل تحقيق
تقارب سياسي، ربما يتبعه اتفاق نووي.
لا تقدم ولا تراجع
فقد نفت ايران تقارير إعلامية تحدثت عن استعدادها للمشاركة في
التصدي للدولة الإسلامية في العراق مقابل تحقيق تقدم في المفاوضات مع
القوى الدولية بشأن ملفها النووي، وقالت فرنسا (احدى الدول الست التي
تشارك في المحادثات مع طهران) إنها تدعو الدول العربية وإيران والأعضاء
الدائمين بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقيام بعمل منسق ضد تنظيم
الدولة الاسلامية المتشدد الذي يسيطر على أجزاء من العراق وسوريا،
وأثارت الجماعة السنية المتشددة التي تهدد بتمزيق العراق قلق كل من
ايران الشيعية والولايات المتحدة اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية
بعد وقت قصير من قيام الثورة الإسلامية في ايران عام 1979.
ونقل عن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف قوله انه اذا وافقت
ايران "على القيام بشيء في العراق فعلى الطرف الآخر في المفاوضات أن
يفعل شيئا في المقابل"، ونقلت وسائل اعلام أخرى التصريحات التي نشرتها
الوكالة الايرانية، ونقلت الوكالة عنه قوله "يجب أن ترفع جميع العقوبات
المفروضة على إيران جراء نشاطاتها النووية مقابل مساعدتها في العراق"،
ولكن في وقت لاحق نقلت ايران عن المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية
مرضية أفخم نفيها "التقارير التي نقلها عدد من وكالت الأنباء بشأن
التعاون بين ايران والولايات المتحدة في العراق"، ونقل عنها قولها "هذه
التقارير هي سوء فهم لتصريحات وزير الخارجية وهي عارية من الصحة".
وكان الموقع الالكتروني للوكالة الإيرانية لا يزال ينقل التصريحات
التي نسبت للوزير لكن حذف منها كلمة العراق في حين كان تقرير وكالة مهر
شبه الرسمية عن تصريحات ظريف يتضمن كلمة العراق، وعرضت إيران التعاون
مع الولايات المتحدة لإعادة الاستقرار إلى العراق الذي يسكنه غالبية
شيعية مثل إيران ولكن واشنطن ردت بحذر، وقال المسؤولون الغربيون مرارا
إنهم لا يريدون أن يخلطوا بين الملف النووي وأي أحداث تجري في المنطقة،
وفي واشنطن قالت نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية ماري هارف إن ما
فهمته من تصريحات ظريف لم يكن يشير إلى العراق بل إلى منشأة أراك وهي
إحدى المسائل التي تناقش في المفاوضات النووية بين طهران والدول الست،
ولم يتسن الاتصال الفوري بالمسؤولين الإيرانيين للتعليق عما إذا كان
ظريف ذكر أراك أم لا. بحسب رويترز.
وقالت هارف للصحفيين "لقد فهمنا أن مقتبسات وزير الخارجية الإيراني
(ولن تصدقوا على الإطلاق ما سأقوله) في التقرير أخذت على انه يشير إلى
العراق الدولة في حين إنه كان في الواقع يشير إلى منشأة أراك الإيرانية
النووية، لقد نظرنا إلى التعبير اللغوي مرتين في الواقع ونعتقد أنه لم
يكن يربط في ذلك الاقتباس بعينه بين قتال الدولة الإسلامية في العراق
ورفع العقوبات الغربية، لقد كان يتحدث عن تحقيق تقدم في المفاوضات بشأن
منشأة أراك النووية لرفع العقوبات الغربية"، وحث وزير الخارجية الفرنسي
لوران فابيوس إيران على أن تكون جزءا من أي عمل منسق دوليا ضد الدولة
الاسلامية ولكنه قال إنه يجب التعامل مع العراق والقضايا النووية بشكل
مستقل.
وقال فابيوس الذي تتخذ دولته موقفا صارما في المفاوضات النووية
الايرانية "علينا ألا نبادل أمرا بآخر، في الوقت الذي تبدو فيه مشاركة
ايران (في مؤتمر بشأن العراق) ضرورية لكن هذا لا يعني انها حين تشارك
سنقول إن مشكلتها النووية قد حلت"، وقال "هاتان المشكلتان لهما طبيعتان
مختلفتان وسيكون من الخطر اتباع مسار يبادل فيه كل طرف أمرا بآخر، لنكن
حذرين بشأن هذا الأمر"، وتشك الولايات المتحدة وعدد من حلفائها بأن
إيران تستغل برنامجها النووي كغطاء لتطوير قنابل نووية في حين تنفي
طهران هذه المزاعم وتقول إنها تخصب اليورانيوم لأغراض توليد الطاقة
النووية السلمية، ومن المتوقع أن تعقد الدول الست جولة جديدة من
المحادثات مع ايران قبل انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة الشهر
المقبل في نيويورك.
من جهتها قالت روسيا إن هناك فرصا لرفع العقوبات المفروضة على إيران
بفضل المحادثات الدولية الجارية بشأن برنامج طهران النووي ودعت كل
الدول المشاركة في اظهار ارادة سياسية للتوصل إلى اتفاق، ويجتمع وزير
الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في
موسكو لبحث المفاوضات الجارية مع القوى العالمية بشأن مواجهة مستمرة
منذ عشر سنوات بشأن طموحات طهران النووية، وقالت وزارة الخارجية
الروسية أنها تأمل في امكانية التوصل الى اتفاق في موعد لا يتأخر عن
نوفمبر تشرين الثاني.
وقالت في بيان "على الرغم من المسار الصعب لعملية التفاوض هناك
إمكانية لتلبية حقوق إيران بشكل متكامل كدولة عضو في معاهدة حظر
الانتشار النووي بما في ذلك الحق في تخصيب اليورانيوم ورفع نظام
العقوبات"، وأضافت "نفترض ان تظهر كل الاطراف في المحادثات إرادة
سياسية للتوصل إلى اتفاق نهائي مقبول من الجانبين يسمح باستعادة ثقة
المجتمع الدولي الكاملة في الطبيعة السلمية الخالصة للبرنامج النووي
الإيراني".
نشاط إيران النووي
بدورها قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن القليل من التقدم
الجوهري تحقق إلى الآن في التحقيق الذي بدأته الوكالة منذ فترة طويلة
حول الأبحاث الإيرانية التي يشتبه بأنها تهدف لإنتاج قنبلة ذرية ويعد
ذلك انتكاسة لآمال إنهاء المواجهة حول البرنامج النووي الإيراني، ومن
شأن عدم تقدم التحقيق أن يثير إحباط الغرب وقد يزيد من تعقيد جهود
القوى العالمية الست للتفاوض على إنهاء الأزمة المستمرة منذ عشر سنوات
مع إيران بسبب برنامجها النووي، وجاء في التقرير أن إيران لم تجب عن
أسئلة رئيسية عن عملية البحث النووي وذلك قبل انتهاء المهلة التي اتفق
على أن تكون 25 أغسطس آب للحصول على الإجابات.
بالإضافة إلى ذلك قال التقرير الذي يصدر كل ثلاثة أشهر إن إيران لم
تنفذ سوى ثلاث خطوات من خمس تتعلق بالشفافية النووية بموجب اتفاق لبناء
الثقة توصلت إليه مع الوكالة، وذكر التقرير أن إيران (التي رأسها سياسي
معتدل قبل عام وقام بتفعيل الدبلوماسية النووية مع الغرب) أبلغت وكالة
الطاقة بأن الشكوك حول طبيعة برنامجها "مجرد مزاعم لا تستحق أخذها بعين
الاعتبار"، وأضاف التقرير أن الوكالة لاحظت كذلك من خلال التصوير عبر
الأقمار الصناعية "استمرار نشاط البناء" في قاعدة بارشين العسكرية
الإيرانية، ويعتقد المسؤولون الغربيون أن إيران أجرت هناك يوما ما
اختبارات تفجير متعلقة بتطوير سلاح نووي وأنها تسعى "لتطهير" المكان من
أي دليل يثبت ذلك، وتمنع إيران منذ فترة المفتشين النوويين الدوليين من
تفقد القاعدة.
وفي خطوة يرجح أن تعتبرها القوى الكبرى علامة إيجابية في التقرير
قللت إيران من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب (والذي قد يستخدم
كوقود في عملية إنتاج قنبلة) إلى 7765 كيلوجراما في أغسطس آب من 8475
كيلوجراما في مايو أيار، وأبرمت إيران اتفاقا مؤقتا مع القوى الست في
نوفمبر تشرين الثاني الماضي للحد من بعض أنشطتها الحساسة، وتنفي إيران
الشكوك التي تتجه إلى أنها تسعى لتطوير قدرات تصنيع أسلحة نووية من
تخصيب اليورانيوم لديها، وتقول إن البرنامج يستخدم لأغراض الطاقة
السلمية فقط، وبينما ترفض إيران الشكوك المثارة حول برنامجها النووي
تقدم وعودا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ انتخاب حسن
روحاني المتسم بالمرونة رئيسا عام 2013.
وفي اطار اتفاق التعاون الذي توصلت إليه الوكالة الدولية للطاقة
الذرية العام الماضي لمحاولة إحياء التحقيق المتوقف وافقت طهران في
مايو أيار على تنفيذ خمس خطوات محددة بحلول أواخر أغسطس آب للمساعدة في
تخفيف المخاوف الدولية، وعدت إيران بتقديم معلومات عن موضوعين يمثلان
جزءا من برنامج الوكالة الدولية للطاقة الذرية: التجارب المزعومة على
المتفجرات التي يمكن أن تستخدم في قنبلة ذرية والدراسات المتصلة بحساب
نواتج التفجيرات النووية، وقال تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن
مناقشات بدأت حول هذين الموضوعين في اجتماع في طهران يوم 31 أغسطس آب
ولم يتضمن التقرير تفاصيل عن ذلك.
ويقول المسؤولون الغربيون إن على إيران أن تبدد مخاوف وكالة الطاقة
قبل أن تكون هناك فرصة لنجاح المفاوضات الدبلوماسية الموازية التي تهدف
لتحجيم النشاط النووي الإيراني مقابل إنهاء متدرج للعقوبات على طهران،
وفشلت إيران والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا بريطانيا وروسيا والصين
في التوصل إلى اتفاق شامل في يوليو تموز بحسب اتفاق سابق على ذلك بين
الجانبين بسبب الخلافات حول القدر المسموح به لتخصيب اليورانيوم
الإيراني، ويواجه الطرفان الآن مهلة جديدة هي 24 نوفمبر تشرين الثاني
وسوف تستأنف المفاوضات أواخر الشهر الحالي في نيويورك. بحسب رويترز.
وانتعش الأمل لدى انتخاب روحاني منتصف العام الماضي في تسوية للنزاع
بعد سنوات من التوتر والمخاوف من اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط وتم
التوصل إلى اتفاق مؤقت بين إيران والقوى الكبرى في جنيف أواخر العام
الماضي، لكن دبلوماسيين غربيين يقولون إن الطرفين لا يزالان متباعدين
حول الشكل الذي سيكون عليه الاتفاق النهائي خاصة بشأن مسألة عدد أجهزة
الطرد المركزي التي سيسمح لإيران بتشغيلها، ويقولون إنه ليس مضمونا أن
تصل المفاوضات إلى ختام ناجح.
وبينما تركز دبلوماسية القوى الكبرى على الحد من الإنتاج المستقبلي
لإيران من اليورانيوم المخصب تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ
سنوات حول بحوث مزعومة أجريت في الماضي يمكن أن تستخدم في تحويل مثل
هذه المواد واستخدامها في صناعة قنابل ذرية، وفي عام 2011 نشرت وكالة
الطاقة تقريرا تضمن معلومات استخبارية تشير إلى أن إيران لديها برنامج
أبحاث للأسلحة النووية أوقف عام 2003 عندما تعرض البرنامج لضغوط دولية
متزايدة، وتشير المعلومات الاستخبارية إلى أن بعض الأنشطة ربما استؤنف
في وقت لاحق.
التفاؤل موجود
فيما عبر وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف عن تفاؤله عقب محادثات
مع مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بإمكان حل
النزاع بشأن برنامج طهران النووي بحلول الموعد النهائي في 24 من نوفمبر
تشرين الثاني، وأضاف ظريف في حديث للصحفيين "أنا متفائل للغاية عقب
المحادثات مع السيدة آشتون ويمكننا في واقع الأمر أن نحل هذه القضية في
الموعد"، ووصف محادثاته مع آشتون بأنها طيبة، وتابع قوله في مؤتمر صحفي
عقب محادثات منفصلة مع وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز "آمل في
وجود الاستعداد والإرادة السياسية التي أراها في جميع أطراف هذا النقاش
أن يكون هناك حل خلال الشهور الثلاثة المقبلة"، إلا انه قال إن التوصل
لاتفاق "يستلزم إرادة سياسية ويتطلب وعيا تاما بضرورة معالجة المسائل".
وتسعى ايران والقوى العالمية لابرام اتفاق شامل في موعد غايته 24
نوفمبر تشرين الثاني وهو الاتفاق الذي يقضي بأن توقف ايران انشطتها
النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تصيب اقتصادها بالشلل،
وانقضت مهلة سابقة في 20 يوليو تموز الماضي، وتشك دول غربية في ان
البرنامج الايراني يهدف الى السعي لحيازة القدرة على صنع قنبلة نووية
فيما تصر ايران على ان برنامجها سلمي، وتتولى آشتون تنسيق مواقف القوى
الست التي تتفاوض مع ايران وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا
والصين وفرنسا والمانيا، ومن المقرر إجراء الجولة القادمة من المحادثات
بين ايران والقوى العالمية الست على هامش اجتماعات الجمعية العامة
للأمم المتحدة في نيويورك في وقت لاحق من شهر سبتمبر ايلول الجاري.
بحسب رويترز.
وفرضت الولايات المتحدة جزاءات على عدد من الشركات الايرانية
والاجنبية والمصارف وشركات الطيران لانتهاكها العقوبات المفروضة على
ايران والمرتبطة بالنزاع الذي مضى عليه عقد بشأن برنامجها النووي، وقال
الرئيس الايراني حسن روحاني إن العقوبات الأمريكية الجديدة تتعارض وروح
المفاوضات النووية التي تجريها طهران مع القوى العالمية، ووصف ظريف
العقوبات الجديدة بأنها تقف "حائلا دون احراز تقدم" في المحادثات
النووية، واضاف "السلوك الذي أبدته بعض الدول منها الولايات المتحدة
بفرض العقوبات هو بالقطع أدنى أن يكون مؤشرا ايجابيا على التقدم".
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الرد الإيراني
المحتمل على العقوبات الأمريكية الجديدة قد "لا يكون سارا"، وأبدى
زعماء إيرانيون استياءهم بعد أن أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات جديدة
على عدد من الشركات الإيرانية والأجنبية والمصارف وشركات الطيران
لانتهاكها العقوبات المفروضة على طهران، وقالت واشنطن إن هذه الخطوات
إشارة إلى أنه لن يكون هناك تنازل عن العقوبات في الوقت الذي تجري فيه
المحادثات الدولية لتخفيف العقوبات الاقتصادية مقابل موافقة إيران على
كبح أنشطتها النووية، وتقول إيران إن برنامجها النووي له أغراض مدنية
فقط وتنفي مزاعم الغرب بأنها تريد تصنيع أسلحة نووية.
قلق الغرب
الى ذلك قال مسؤول رفيع المستوى إن إيران أجرت اختبارات "ميكانيكية"
على جهاز جديد متطور لتخصيب اليورانيوم في كشف ربما يغضب الدول الغربية
التي تحاول دفع طهران لتقليص أنشطة برنامجها النووي، ويراقب مسؤولون
غربيون عن كثب تطوير إيران لأجهزة طرد مركزي جديدة تحل محل الطراز
القديم الحالي نظرا لأنها قد تسمح للجمهورية الاسلامية بإنتاج المواد
المستخدمة في صنع قنبلة نووية بشكل أسرع.
وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي وأنها تنتج اليورانيوم منخفض
التخصيب للحصول على ما تحتاجه من الوقود المستخدم في شبكة مزمعة من
المفاعلات لتوليد الطاقة النووية، ويمكن استخدام اليورانيوم في صنع
أسلحة إذا عولج الى مادة انشطارية ذات درجة تركيز أعلى، وقال رئيس هيئة
الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي "تصنيع وإنتاج أجهزة طرد مركزي
جديدة حق لنا"، ونقل عن صالحي قوله إن إيران أجرت تجارب على أحدث جيل
من أجهزة الطرد المركزي (آي.آر-8) لكنها لم تغذيه بعد بغاز اليورانيوم.
وأظهرت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا العام ان إيران
أجرت اختبارات على أربعة طرز أخرى تحت التطوير في موقع نطنز النووي
الموجود فوق الأرض وهي (آي.آر-2) و (آي.آر-4) و (آي.آر-6) و
(آي.آر-6إس) باستخدام غاز اليورانيوم، وبعد أن أبلغت إيران الوكالة
الدولة للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر كانون الأول
انها تعتزم وضع جهاز واحد من طراز (آي.آر-8) قالت الوكالة في مايو أيار
انها لاحظت وجود صندوق جديد في الموقع لكن لم يتم بعد توصيله.
وفي تعليق قد يجادل فيه المسؤولون الغربيون قال صالحي "استنادا إلى
اتفاق جنيف فإن البحث والتطوير لا حد له"، وقال صالحي إن إيران "قدمت"
جهاز الطرد المركزي طراز (آي.آر-8) للوكالة الدولة للطاقة الذرية، ومضى
يقول "تم اجراء الاختبارات الميكانيكية لكن لم يتم ضخ غاز اليورانيوم
بعد" مشيرا إلى أن هذا يحتاج إلى إذن من الرئيس حسن روحاني.
ولم توضح التعليقات متى أجريت الاختبارات، ومن المتوقع أن تصدر
الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتفقد بانتظام المنشآت النووية
الإيرانية تقريرا ربع سنوي عن البرنامج النووي لطهران في الثالث من
سبتمبر أيلول، وفي تحديث شهري منفصل صدر في 20 أغسطس آب عن تنفيذ اتفاق
جنيف لم تتحدث الوكالة عن أي أنشطة لتطوير أجهزة طرد مركزي جديدة
واكتفت بالقول ان إيران "واصلت أنشطة البحث والتطوير في مجال التخصيب"،
وكانت المحادثات بين إيران والدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا
وألمانيا والصين وبريطانيا وروسيا) التي تستهدف إنهاء عقد من النزاع
بشأن البرنامج النووي الإيراني قد مددت في يوليو تموز الى 24 نوفمبر
تشرين الثاني بسبب استحكام الخلافات بين الجانبين، وقال مسؤول أمريكي
كبير في 18 يوليو تموز ان عمليات البحث والتطوير النووي في إيران
"موضوع بالغ الصعوبة" في المفاوضات.
فيما بدأت ايران بتعديل قلب مفاعل اراك للمياه الثقيلة للحد من
انتاج مادة البلوتونيوم التي يمكن ان تستخدم لإنتاج السلاح الذري كما
نقل عن رئيس البرنامج النووي الايراني علي اكبر صالحي، وقال صالحي
"يقوم خبراؤنا بتعديل قلب مفاعل اراك لتبديد قلق بعض الدول" الغربية،
واضاف ان "المسؤولين في وزارة الخارجية ابلغوا بالتفاصيل التقنية لهذه
التعديلات"، ومفاعل اراك للمياه الثقيلة هو احدى نقاط الخلاف في
المفاوضات النووية مع الدول العظمى.
ويقع المفاعل على بعد 240 كلم جنوب غرب طهران ويمكنه نظريا تزويد
ايران بمادة البلوتونيوم التي يمكن ان تستخدم لانتاج القنبلة الذرية،
واقترحت الولايات المتحدة تحويل مفاعل المياه الثقيلة الى مفاعل للمياه
الخفيفة وهذا ما رفضته طهران، وتعهدت ايران بعدم انتاج مصنع لاعادة
المعالجة لتنقية البلوتونيوم للاستخدام العسكري الذي تخشاه الدول
العظمى واسرائيل رغم نفي طهران، واكد المسؤولون الايرانيون ان المفاعل
قيد البناء حاليا سيعدل لحد انتاج البلوتونيوم السنوي بكيلوغرام واحد
سنويا بدلا من ثمانية اصلا، ووفقا لطهران يحتاج انتاج قنبلة ذرية لعشرة
كيلوغرامات من البلوتونيوم. بحسب فرانس برس.
وتؤكد طهران ان مفاعل الاربعين ميغاواط الذي تراقب الوكالة الدولية
للطاقة الذرية انتاجه يستخدم للابحاث وخاصة الطبية منها، وابرمت ايران
ودول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين
والمانيا) في تشرين الثاني/نوفمبر اتفاقا مرحليا وتجري حاليا مباحثات
للتوصل الى اتفاق نهائي لتسوية ازمة ملف ايران النووي، وفي اطار
الاتفاق المرحلي الذي بدأ تطبيقه في 20 كانون الثاني/يناير وافقت ايران
على الحد من انشطتها لبناء مفاعل اراك، والتزمت بعدم اضافة اجهزة طرد
مركزي جديدة او جيل جديد منها في منشآت تخصيب اليورانيوم، ولكن
باستطاعة ايران مواصلة نشاطاتها في البحث والتطوير. |