السعودية تستنكر أعمال داعش وتقوم بها

عبد الواحد ناصر البحراني

 

منذ أن سيطر إرهابيو داعش على أجزاء واسعة من العراق وسوريا وهم يقومون بقتل البشر وتدمير الحجر فلم يسلم منهم حتى مقامات الأنبياء والأولياء. فتم تفجير مقاماتهم ونبش قبورهم في ظاهرة لا تدل إلا عن وحشية واضحة وشذوذ عن أي دين أو ملة.

ويبدو أن اتباع داعش لفكر يكفر أتباع المذاهب والأديان الأخرى وجد في الفكر الوهابي السلفي ذريعة لتبرير أعماله. بل إنه يعتمد كتاب التوحيد، الذي يدرس في مدارس السعودية، منهاجاً لنشر أفكاره حيث يقوم بطباعته وتوزيعه في المناطق التي يسيطر عليها.

وبالرغم من أن السعودية كنظام سياسي تحاول التبرؤ من أي علاقة لها بداعش وأنها تحاربه إلا أن مناهجها التعليمية تحرض على الطائفية ومشايخ الدين فيها ما يزالون يعتمدون نفس الافكار التي بثوها لداعش وغيرها من التنظيمات التكفيرية. بل إن البعض ينظر ويفتي بأن يتم نقل جثمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتهدم قبته خشية أن تتخذ وسيلة في أعمال شركية. وهذا هو المبدأ ذاته الذي تستخدمه داعش في نبش قبور الأنبياء والأولياء وهدم مقاماتهم.

وفي الوقت الذي تدعي فيه المملكة بأنها أيضاً تجابه خطر داعش والفكر المتطرف إلا أنها تغض الطرف عن أفكار متطرفة تتغذى داخل مؤسساتها الدينية. فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تستخدم عقوبة قطع الرأس بالسيف وهي الوحيدة في العالم التي شرعت هدم قبور قائمة واستحلت حرمتها كما جرى من هدم قبور أهل البيت عليهم السلام في البقيع. وفي كلا الحالتين نجد تشابهاً مع ما تقوم به داعش في العراق وسوريا.

وإذا كانت السعودية كنظام يدين فعلاً تلك الأفعال التي تقوم بها داعش فلم تستمر هي بها. لماذا تقطع الرؤوس وتهدم القبور بل يمنع من يريد زيارتها من الاقتراب منها؟

إذا كانت السعودية جادة فعلاً في محاربة الإرهاب فعليها ألا تكتفي بالإدانة والوعز لخطباء المساحد بالحديث عن الدعاة المغالين وإنما يجب أن يكون هناك أفعال جادة وقوانين صارمة تجتث هذا الفكر المزروع في كل مفاصل المملكة.

فالمناهج التي تعتبر من يخالف فكر الوهابية مشركاً وخارجاً عن الملة هي أساس التكفير الذي ابتلينا به ويجب أن يتم إزالتها والتعامل مع الطوائف والمذاهب الأخرى بلغة القرآن السمحاء وبالموعظة الحسنة والنقاش العلمي. والأحكام القاسية التي تقطع الرؤوس وتحارب معتقدات الآخرين وتمنعهم عن مقدساتهم يجب أن تلغى.

ولا يحق للسعودية التي تستنكر هدم الكنائس في الموصل في حين أنها تشرع هدم قبور أهل البيت في البقيع وتمنع الناس من الاقتراب منها لزيارتها.

وبدلاً من تأسيس السعودية لمركز دولي لمكافحة الإرهاب فإنه من الأولى أن تبدأ ببناء البقيع وأن تصلح الخطأ التاريخي الذي أقدمت عليها السلطات السابقة التي أقرت بهدم المقامات فيه وتسويتها بالأرض. إن إعادة بناء قبور أهل البيت في البقيع سيؤسس لفكر جديد من التسامح وسيلغي ما تستخدمه داعش من أفكار ضالة تهدم بموجبها الكنائس ودور العبادة للمسلمين على مختلف مذاهبهم.

كما يجب أن يكف الإعلام السعودي عن بث الفرقة بين المسلمين الشيعة والسنة في العراق أو لبنان أو باكستان وأن تأخذ المملكة موقعها كمركز للعالم الإسلامي كله لأنها تحتضن مقدسات المسلمين كلهم دون استثناء.

إن هذه المقدسات ليست ملكاً لنظام أو عائلة وهي مصدر وحدة وليست مصدر فرقة. ولذلك فإن الإعلام السعودي مطالب أن يكف عن تأجيج الخلافات المذهبية والشحن الطائفي في حين تدعي الأجهزة الرسمية أنها تحارب الإرهاب وتدعو لعلاج أسبابه.

لا يمكن محاربة داعش والسعودية بوزنها الكبير في العالم الإسلامي تشرع لهدم القبور وتقطع الرؤوس وتحرض على الفتنة في إعلامها. وإلا فكيف يمكن لنا أن نميز بين داعش وبين نظام الحكم في السعودية؟

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/آيلول/2014 - 17/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م