هل تدعم الجوائز.. تدنّي الوعي العربي؟!

 

شبكة النبأ: لايزال الوعي العربي يعاني الكثير من التحديات والازمات التي اخلت في رؤية العرب لواقعهم، فضلا عن بناء الاسس السليمة لمستقبل زاهر، هذا ما يقوله بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان الثقافة العربية التي تعد إحدى أهم وأقدم الثقافات في العالم، وهي تعيش وضعا مأساويا وتعاني من الإهمال والتهميش المتعمد الذي تتبعه الكثير من الجهات والأنظمة السياسية العربية، التي سعت الى اخضاع كل شيء لسيطرتها وارادتها من خلال فرض قوانين وانظمة رقابية صارمة، هذا بالإضافة الى ابعاد الانسان بكل مستويات الوعي التي يتحلى بها، عن دائرة المشاركة الفعلية سواء كانت داخلية او عالمية والاسهام بعرقلة العديد من المشاريع الثقافية المهمة.

ويرى بعض المراقبين أن الوعي العربي يشهد على الرغم مما تقدم بعض التطور والنمو، خصوصا وان العالم يعيش اليوم مرحلة جديدة، من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي اسهم بكسر بعض القيود وكان سببا في تعزيز دور الثقافة والمثقف، الذي اصبح حاضراً في العديد من الانشطة والمهرجانات والمسابقات المحلية والعالمية والتي حقق فيها بعض الجوائز و النتائج القيمة، يضاف الى ذلك الانشطة المختلفة التي تقوم بها بعض المؤسسات العربية في سبيل دعم وتنشيط الثقافة والاهتمام بها.

في هذا الشأن يبرز دور الرواية العراقية، فقد فازت رواية "فرانكشتاين في بغداد" لصاحبها العراقي أحمد سعداوي بجائزة البوكر للرواية العربية في دورتها السابعة، حيث اختيرت من بين 156 عملا روائيا نشر خلال الاثني عشر شهرا الماضية ويمثلون 18 بلدا عربيا. وببناء سردي مميز امتزجت فيه جمالية الكلمات والأسلوب بالحبكة الروائية التي تشد القارىء إليها، جاءت رواية "فرانكشتاين في بغداد" لتحكي بعضا من مظاهر العنف التي اعتادت عليها يوميات العراقيين وبعض العرب، من خلال قصة البائع العراقي هادي الذي تأتيه فكرة تلصيق بقايا بشرية من ضحايا الانفجارات في ربيع 2005 ليخيطها على شكل جسد جديد، تحل فيه لاحقا روح لا جسد لها٬ لينهض كائن جديد٬ يسميه هادي "الشسمه"٬ أي الذي لا أعرف ما هو اسمه٬ وتسميه السلطات بالمجرم إكس٬ ويسميه آخرون "فرانكشتاين"، يقوم هذا الكائن بقيادة حملة انتقام من كل من ساهم في قتله٬ أو على الأصح بقتل الأجزاء المكونة له. بحسب فرانس برس.

"فرانكشتاين في بغداد" (2013) هي ثالث رواية للروائي العراقي الشاب أحمد سعداوي بعد "البلد الجميل" (2004) و"إنه يحلم أو يلعب أو يموت" (2008). وعادت جائزة دورة 2013 للكويتي الشاب سعود السنعوسي عن روايته ساق البامبو. ويذكر أن الجائزة العالمية للرواية العربية تأتي بدعم من"مؤسسة جائزة بوكر" في لندن، بينما تقوم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الإمارات العربية المتحدة بدعمها ماليا، ويحصل الفائز بها على 50 ألف دولار، وترجمة عمله للغة الإنكليزية.

جائزة الشيخ زايد

على صعيد متصل فاز سعودي ولبناني وأردني وتونسي ومصري وإيطالي بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثامنة التي منحت جائزتها في فرع النشر وتقنيات الثقافة لدار تونسية وحجبت الجائزة في فرع الفنون والدراسات النقدية. وقال علي بن تميم الأمين العام للجائزة في مؤتمر صحفي في أبوظبي إن 1385 عملا تقدمت إلى الجائزة في فروعها المختلفة وإن فرع (المؤلف الشاب) كان الأكثر مشاركة حيث تنافس فيه 370 عملا ويليه فرع الآداب الذي تنافس فيه 320 عملا إبداعيا.

وأضاف أن مجلس أمناء الجائزة اعتمد ما انتهت إليه توصيات لجان التحكيم على هامش معرض أبوظبي الدولي للكتاب والذي يشهد ندوات ولقاءات مع الفائزين بالجائزة. وفاز بالجائزة في فرع (التنمية ووبناء الدولة) الباحث السعودي سعد عبد الله الصويان عن كتابه (ملحمة التطور البشري) وهو دراسة تستعرض مراحل التطور البشري وأبرز إسهامات علماء الأنثروبولوجيا في هذا المجال على مر العصور.

وفاز بالجائزة لأدب الطفل والناشئة الشاعر اللبناني جودت فخر الدين عن ديوانه (ثلاثون قصيدة للاطفال) حيث رأت اللجنة أنها "كتبت بلغة سهلة ومنسابة وسليمة تلائم مراحل الطفولة كما أنها تنطوي على رسائل جمالية وتربوية وتتوقف عند مظاهر يراها الطفل ببصره وحواسه وخياله" كما جاء في بيان. وفاز بالجائزة في فرع (المؤلف الشاب) الباحث الأردني رامي أبو شهاب عن كتابه (الرسيس والمخاتلة.. خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر) والذي يتناول ما بعد الحقبة الاستعمارية على المستويين النظري والتطبيقي.

وذهبت جائزة الترجمة إلى التونسي محمد الطاهر المنصوري من تونس عن ترجمته لكتاب (إسكان الغريب في العالم المتوسطي) والذي يرصد "ظاهرة استضافة المسافر وإسكانه" منذ العصور القديمة حتى الحضور العربي في إسبانيا. وفاز بجائزة الشيخ زايد للآداب المؤلف المصري عبد الرشيد محمودي عن رواية (بعد القهوة) التي قال البيان إنها "تستلهم التقاليد السردية الكلاسيكية والعالمية الأصيلة وتبرز مهارة السرد وسلاسة في الانتقال ودقة في تجسيد الشخصيات من الطفولة إلى الكهولة... وتتناول النسيج الاجتماعي والطبيعة الطبوغرافية والملامح الانثروبولوجية للقرية المصرية في الأربعينات من القرن الماضي." بحسب رويترز.

وفاز بالجائزة في فرع (الثقافة العربية في اللغات الأخرى) الإيطالي ماريو ليفيراني عن كتابه (تخيل بابل) الذي جاء في البيان أنه يقدم "مسحا موسعا لبابل باعتبارها إحدى أهم المدن القديمة في العالم العربي ويعيد رسم المدينة معمارا وفكرا ومؤسسات وتصورا للعالم." أما جائزة (النشر والتقنيات الثقافية) ففازت بها المؤسسة الفكرية العربية (بيت الحكمة) من تونس والتي تعمل منذ عقود على نشر مؤلفات فكرية مهمة من طبعات محققة لأمهات الموروث العربي في الأدب والفكر واللغة والمعاجم وترجمات علمية لأمهات الفكر الفلسفي. وقال جمعة القبيسي المدير التنفيذي لدار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في بيان إن الهيئة العلمية للجائزة "قررت حجب جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية... نظرا لأن الدراسات المقدمة لا تستوفي شروط الفوز بالجائزة."

سبع روايات

الى جانب ذلك دشنت لجنة تحكيم الدورة الثانية من محترف "كيف تكتب رواية؟" الروايات السبع التي أثمر عنها المحترف ونشرتها دار الآداب اللبنانية في حفل أقيم على هامش معرض البحرين الدولي السادس عشر للكتاب. ومحترف "كيف تكتب رواية؟" برنامج تنافسي عربي ترعاه وزارة الثقافة البحرينية، يعمل خلاله المشاركون على كتابة رواياتهم الخاصة بأسلوب احترافي تحت إشراف مباشر من الروائية اللبنانية نجوى بركات.

وشارك في الدورة الثانية من المحترف سبعة من الروائيين المبتدئين من مصر والبحرين وسوريا وفلسطين وسلطنة عمان. وفازت الروائية المصرية الشابة أسماء الشيخ، وهي خريجة طب من مواليد 1988، بجائزة الدورة الثانية من المحترف عن روايتها "مقهي سيليني". وتدور أحداث رواية "مقهى سيليني" في مدينة الاسكندرية، وتتوزع على محورين رئيسيين، اولهما يتعلق بالفتاة الإيطالية "بيتا" التي تطارد شبح أمها في رسائلها القديمة، والثاني بطلته المصرية "رقية" التي تطارد أشباح نجومها المفضلين في صالات سينما الأربعينيات.

وتألفت لجنة التحكيم في المحترف من الروائي والصحافي اللبناني عباس بيضون، والشاعر البحريني قاسم حداد، ومديرة دار الآداب اللبنانية رنا إدريس. وأكد أعضاء لجنة التحكيم، في كلماتهم التي ألقوها خلال حفل التدشين، أنهم "فوجئوا" بالمستوى الرفيع لروايات المشاركين التي "تعادل في جودتها ما ينشر اليوم في المشهد الثقافي الأدبي"، وأشاروا إلى أن "تميز جميع المشاركين وتقارب مستوياتهم خلق صعوبات كبيرة في اختيار الفائز".

وأوضحت الروائية نجوى بركات، مشرفة برنامج المحترف وصاحبة فكرته، أن المحترف بشكله المتكامل الذي يجري حاليا انطلق في بيروت عام 2009 بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية ودار الساقي. واقتصر المحترف الأول على مشاركين من لبنان وسوريا، وفازت بجائزته اللبنانية رشا الأطرش عن رواية "صابون". وتتجلى أهمية الدورة الثانية، كما أشارت بركات، في "انفتاحها على المدى العربي"، إذ تلقى المنظمون 174 طلبا للمشاركة من دول عربية مختلفة. بحسب فرانس برس.

وشددت بركات على أن المحترف "لا يضع شروطا فيما يتعلق بالعمر أو الإصدارات السابقة"، وإنما يطلب فقط "كتابة شابة"، وهذا ما يقود العديد من الكتّاب الشباب بصورة غير مباشرة إلى المحترف. ووصفت بركات ما تقدمه للمشاركين خلال فترة العمل على الروايات "بالخلطة السرية" التي لا يمكن حصرها في مجموعة نقاط محددة "لأن الفعل الإبداعي لا يخضع لعملية حسابية مضبوطة".

وذكرت أن "الرهان كله هو العمل على مادة حية تجسد ما يحمله الكتّاب من عوالم وأصوات خاصة بهم". وأعربت بركات عن فخرها بأن المحترف "قدم حتى اليوم عشر روايات إلى المشهد الثقافي العربي"، ونقلت عن أحد النقاد الذين حضروا حفل ختام الدورة الثانية قوله إن هذا المحترف "هو الربيع العربي الحقيقي".

تونس بين الثقافة والحجب

على صعيد متصل أعلنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألسكو) رسميا اختيار مدينة صفاقس التونسية عاصمة للثقافة العربية لعام 2016. وقالت حياة قطاط مديرة إدارة الثقافة وحماية التراث في (أليسكو) "ستكون صفاقس عروس الثقافة العربية عام 2016." واضافت في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الثقافة والمحافظة على التراث التونسي مراد الصقلي إن المنظمة ستقدم الدعم الكامل للمدينة التونسية. وصفاقس هي ثاني أكبر المدن التونسية وعرفت حديثا بأنها عاصمة الجنوب التونسي.

وقال الصقلي إن اختيار صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 فرصة للتعريف بمخزونها التراثي والحضاري ولجلب السياح والمستثمرين لثاني أكبر مدن البلاد الواقعة في شمال افريقيا. وأضاف "اختيار صفاقس عاصمة للثقافة العربية مهم جدا لأنه سيمنح الاشعاع للمدينة ويجلب لها الأنظار عربيا وحتى عالميا ويجعلها قبلة للمثقفين والمبدعين ويجلب السياح والمستثمرين ويجب ان نستغله بشكل جيد".

وصفاقس منطقة عبور بين الشمال والجنوب وتقع على بعد 270 كيلومترا جنوب تونس العاصمة وتمتد سواحلها المطلة على البحر الأبيض المتوسط على مسافة 235 كيلومترا. وقال الصقلي "استحقت صفاقس اختيارها عاصمة للثقافة العربية بعد الملف المتكامل الذي قدمته وكان مقنعا ولأنها مدينة عريقة تزخر بموروث ثقافي ومخزون تراثي كبير بعد ان تعاقبت عليها عدة حضارات عبر تاريخها".

ويهدف مشروع العواصم الثقافية الى النهوض بالثقافة العربية والثقافات الوطنية والتأكيد على أهمية حضور تعبيراتها المتنوعة وابراز دور الرصيد الثقافي والاجتماعي والفكري والابداعي في تأكيد الهوية وتعزيز مقوماتها. وتأسست (أليسكو) في 1970 وتتخذ من تونس مقرا. وهي معنية بتطوير الأنشطة المتعلقة بمجالات التربية والثقافة والعلوم على مستوى الوطن العربي وتنسيقها.

في السياق ذاته قال وزير الثقافة التونسي إن معرض تونس الدولي للكتاب سيحتجب هذا العام لأول مرة منذ سنوات وسط انتقادات واسعة لهذه الخطوة. وقال مراد الصقلي وزير الثقافة في مؤتمر صحفي "جاء قرار عدم تنظيم معرض تونس الدولي للكتاب هذا العام بطلب من اتحاد الناشرين التونسيين خاصة في ظل عدم وجود مؤشرات على نجاحه في الدورة الماضية". ويعتبر معرض تونس الدولي للكتاب الذي تأسس قبل 35 عاما من بين أكبر المعارض العربية ويجتذب سنويا عددا كبيرا من الناشرين العرب والاجانب ويستضيف مفكرين ومبدعين عربا وعالميين.

ويقول وزير الثقافة التونسي "هناك شبه إجماع من جميع الأطراف من وسائل الاعلام واتحاد الناشرين التونسيين ووزارة الثقافة على عدم نجاح الدورة السابقة لذلك وقع الاتفاق على إعادة التفكير في استراتيجية واضحة لضمان نجاحه في المستقبل". ومضى مفسرا قراره "ما الفائدة من تنظيم تظاهرة لن تنجح في غياب استراتيجة واضحة وتخطيط مسبق وفي عدم وجود استعدادات جيدة لضمان توفير سبل النجاح". بحسب رويترز.

وتابع " ليس المهم تنظيم التظاهرات الثقافية لتسجيل الحضور فقط بل يجب ان يكون لها وقعا حقيقيا وتساهم في خلق مواطن شغل لذلك نعمل على وضع خطط لاعادة التوهج لمعرض الكتاب حتى يحصل على الاشعاع ويساهم في الترويج للكتاب التونسي والتعريف به عالميا." وانتقدت وسائل إعلام محلية قرار وزير الثقافة ووصفه البعض بانه وزير للموسيقي وليس وزيرا للثقافة في اشارة الى انه موسيقي الاختصاص وأدار مهرجانات من بينها مهرجان قرطاج. وطالب اتحاد الناشرين التونسيين بعودة المعرض لموعده الاصلي لكن وزير الثقافة دفع الاتهامات وقال إن معرض تونس الدولي للكتاب سينظم العام المقبل لكنه لم يحدد موعدا.

رحيل سميح القاسم

من جانب اخر غيب الموت الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بعد صراع طويل مع مرض السرطان، ليرحل صاحب كلمات "منتصب القامة أمشي .. مرفوع الهامة أمشي ...في كفي قصفة زيتون... وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي"، لتبقى القضية الفلسطينية يتيمة من شعرائها إثر فقدانها توأمها الثاني بعد محمود درويش. حيث كانت كلمات أشعاره كطلقات الرصاص في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ظلت طيلة عقود ترددها الأجيال من بينها "تقدموا ..تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم فكل سماء فوقكم جهنم... وكل أرض تحتكم جهنم".

ولد سميح القاسم في 11 أيار/مايو 1939 في بلدة الرامة شمال فلسطين، ودرس في الرامة والناصرة واعتقل عدة مرات وفرضت عليه الإقامة الجبرية من القوات الإسرائيلية لمواقفه الوطنية والقومية وقد قاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها. كان متزوجا وأب لأربعة أولاد هم وطن ووضاح وعمر وياسر ويحفظ السجل الأدبي لسميح القاسم الكثير من الإبداعات التي أثرت الساحة العربية بصفة عامة، تغنى بها الكثير في كامل العالم العربي منها قصيدته التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل أطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة قومية. وتنوعت أعمال القاسم بين الشعر والنثر والمسرحيات ووصلت لأكثر من سبعين عملا. بحسب فرانس برس.

اشتهر بكتابته هو والشاعر محمود درويش الذي ترك البلاد في السبعينات "كتابات شطري البرتقالة". ووصف الكاتب عصام خوري هذه المراسلات بأنها "كانت حالة أدبية نادرة وخاصة بين شاعرين كبيرين قلما نجدها في التاريخ." تنشر قصائده بصوته على القنوات العربية والفلسطينية خصوصا الأيام التي تشهد فيها الأراضي الفلسطينية هجوما إسرائيليا.

شل أسبمارك

في حوار خاص نفى الكاتب السويدي شل أسبمارك، عضو الأكاديمية السويدية ورئيس لجنة نوبل بين 1998 و2004، وأحد الأعضاء الخمسة المسؤولين عن الاختيار النهائي للفائز بجائزة نوبل للآداب، "تسييس" الجائزة، مؤكدا في نفس الوقت "تعثرها" في بعض الاختيارات كمنحها لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل. وتوقف أسبمارك عند فوز نجيب محفوظ بالجائزة عام 1988 على حساب الشاعر السوري أدونيس وكذلك فكرة تقاسم الجائزة بين الكاتب المصري يوسف إدريس وكاتب إسرائيلي عام 1994. فماهي المعايير التي يتم وفقها اختيار عمل أدبي للفوز بجائزة نوبل للآداب؟

يجب أن يكون الكاتب صاحب منهج مميز وموهبة أدبية، عليه إثبات نفسه بنفسه وإقناع اللجنة بأن له الأحقية بالفوز بهذه الجائزة. فرؤساء نوادي أدبية وجمعيات واتحادات كتاب وأساتذة وعدد من المختصين في الأدب والبحث اللغوي وكتاب، وفائزون سابقون... يرسلون لنا اقتراحاتهم ونحن نقرر بعدها أي الأعمال تستحق فعلا دخول السباق للفوز بهذه الجائزة. كما يمكن لأحد أعضاء اللجنة اقتراح أديب إذا رأى بأن عمله يستحق ذلك فيمكن للجنة أن ترشحه حتى من دون علم الكاتب نفسه.

لا أحد ضمن لجنة التحكيم في جائزة نوبل للآداب يتكلم العربية ولا حتى يقرأها كيف تقيمون إذا العمل الأدبي العربي؟ نعتمد على الترجمة لقراءة الأعمال المقترحة، نقرأ في البداية الترجمة باللغة الفرنسية وبعدها الألمانية والانجليزية وفي بعض الأحيان كذلك الترجمة باللغة السويدية. ومن جهة أخرى نقوم باستشارة العديد من المختصين والخبراء في اللغة العربية وآدابها حول اللغة المستعملة وتقنيات الكتابة المعتمدة فيها وكذلك البناء الأدبي والهيكلي للعمل.

فالترجمة اللغوية هي جزء فقط من الترجمة الكلية، أما الجزء الثاني وأظنه الأهم هو ترجمة الأساس والتقنيات والبناء الأدبي والتمازج الصوتي والمراجع المعتمدة فيها وكيفية إنجاز وإكمال الكتاب. وإذا لم تتوفر ترجمة باللغة الفرنسية والانجليزية والألمانية يمكننا أن نطلب نحن ترجمة العمل ليتسنى لأعضاء اللجنة دراسته، ليقرر بعدها الأعضاء الخمسة النهائيين أي عمل يستحق الفوز.

ولكن تتفقون معي بأن قراءة كتاب في لغته الأصلية ليس مثل قراءة نسخته المترجمة؟ بالفعل ولكن بما أنه لا أحد يقرأ العربية بيننا، فنحن نستشير خبراء في اللغة العربية لكي يساعدونا في معايشة الكتاب في الشكل الذي كتب فيه والوصول إلى روح النص التي أراد صاحبه أن تكون عليه.

ألا تظنون بأن عدم وجود عربي بينكم قد يقلل من حظوظ وصول الأدب العربي إلى الجائزة؟ لا بالتأكيد، فلكل كاتب أو شاعر جيد نفس الحظ والفرصة في الفوز، ولا علاقة للغة التي يكتب بها بذلك، يجب أن ينفرد العمل أدبيا بغض النظر عن لغته. وكيف تفسرون إذا عدم حصول أي كاتب أو شاعر عربي على جائزة نوبل منذ نجيب محفوظ عام 1988؟ ألم يرتق الأدب العربي إلى مستوى الجائزة بعد محفوظ؟ لا، بالتأكيد لا، فالأمر متعلق فقط بالمنافسة القوية، فجميع الكتاب العرب الذين يتقدمون للجائزة جيدون ولكنهم مثلهم مثل الأدباء والكتاب الآخرون الذين يكتبون بلغات أخرى.

فكل عام هنالك أكثر من 200 مرشح لهذه الجائزة بمختلف لغات العالم، فالعرض قيم جدا والعمل الذي يتفق عليه أكبر عدد من الأعضاء هو من سيفوز بالجائزة في النهاية. ويصلنا العديد من الأعمال من العالم العربي سنويا، وعدم فوزها بالجائزة لا يعني عدم تميزها. بالحديث عن نجيب محفوظ، أثيرت ضجة كبيرة بخصوص منحه الجائزة على حساب الشاعر السوري أدونيس الذي رشحته الصحافة وقتها وحتى بعض أعضاء لجنة التحكيم للفوز بها، ما سر ذلك؟

نجيب محفوظ وأدونيس من رواد الأدب العربي كل في مجاله، محفوظ في مجال الرواية الحديثة وأدونيس في مجال الشعر.

لكن في تلك الفترة كان قرار الأغلبية داخل لجنة التحكيم لصالح نجيب محفوظ التي رأت بأن أعماله كانت قريبة من الواقع الإنساني العام، كما أن العشرات من رواياته ترجمت إلى لغات عدة من بينها الانكليزية والفرنسية، كان أكثر عالمية من أدونيس.

كثيرا ما اتهمت هذه الجائزة بأخذ قراراتها لاعتبارات سياسية أكثر منها أدبية ما مدى صحة ذلك؟ السياسة لا علاقة لها بالمرشحين ولا بالكتاب المرشح، المهم هو الكتاب الذي يكون بين أيدينا طيلة أشهر. مع الذكر هنا على أنها تعثرت أحيانا في اختياراتها، كالجائزة التي منحت لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عام 1953 والتي تبقى من أسوأ الاختيارات في تاريخها.

لكن عام 2001 أثيرت قضية الشاعر المصري يوسف إدريس الذي اقترح عليه تقاسم الجائزة مع كاتب إسرائيلي، أليس هذا سياسة؟ كان ذلك حماقة من رجل سياسي (زعيم سابق لحزب سويدي) كان في زيارة إلى مصر وقتها، وتحدث مع يوسف إدريس واقترح عليه ذلك، وغضب إدريس يومها كثيرا وراح يصرخ أمام الجميع، الاقتراح لم يكن من أحد أعضاء جائزة نوبل.

وهل كان يوسف إدريس وقتها فعلا مرشحا للجائزة؟ قائمة أسماء الأدباء المرشحين تبقى سرا لا يمكننا الكشف عنها، لذلك لا يمكنني التأكيد بأن إدريس كان فعلا مرشحا يومها... مع العلم أن إدريس كاتب جيد وكل كاتب جيد مرشح للفوز بالجائزة. تبقى أوروبا القارة الأكثر تتويجا بجائزة نوبل، لماذا ذلك؟ الأمر تاريخي فالجائزة في بدايتها اشترطت أن تكون الجائزة والأعمال المرشحة لها أوروبية، لكن بعد الستينات تغيرت المعايير والأسس وتمكنت الجائزة من الخروج من دائرتها الأوروبية لتصل إلى كل بلدان العالم، لتصبح الجائزة اليوم عالمية. بحسب فرانس برس.

واخيرا يبقى السؤال قائما، هل يمكن للجوائز الادبية والفنية والثقافية عموما، أن تدعم الوعي العربي بكل ما تتخلله من هنات وثغرات كبيرة، وهل هناك فرصة حقيقية للنهوض بواقع الثقافة، وتحريك الوعي الشعبي، وتجديد مسارته من اجل ان تصب في صالح خلق ثقافة رصينة متوازنة، و وعي فردي وجمعي قادر على خلق مجتمع متمدن؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/آيلول/2014 - 13/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م