الإدارة الناجحة.. لعبة فكرية تحتاج الى جهد منظم واقتصاد بالوقت

 

شبكة النبأ: الإدارة الناجحة هي هدف أساسي ومهم للكثير من المؤسسات والدول، التي تسعى الى تحقيق خططها وبرامجها بنجاح وتميز، خصوصا وان العالم اليوم يشهد حرباً تنافسية وتطورا هائلا في شتى المجالات، لذا فقد قد اصبح الاهتمام بالقضايا الادارية من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها او اهمالها في كل المجتمعات دون استثناء كما يقول بعض الخبراء في هذا المجال.

والإدارة كما تشير بعض المصادر، هي عملية التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة الموارد المادية والبشرية للوصول إلى أفضل النتائج بأقصر الطرق واقل التكاليف. وتعتبر الإدارة من أهم الأنشطة الإنسانية في أي مجتمع، على أساس اختلاف مراحله، تطوره، وذلك لما للإدارة من تأثير علي حياة المجتمعات لارتباطها بالشؤون الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية. ولأن الإدارة هي التي تقوم بجمع الموارد الاقتصادية وتوظيفها لكي نشبع بها الحاجات الفرد والجماعة في المجتمع. فبالإدارة يصنع التقدم الاجتماعي، وعليها تعتمد الدول في تحقيق التقدم والرخاء لمواطنيها، والإدارة الناجحة هي الأساس في نجاح المنظمة وتفوقها على منافسيها.

ويرى بعض المتخصصين في هذا الشأن الإدارة الناجحة تحتاج مدراء واشخاص مميزون يتمتعون بالذكاء والخبرة العلمية لهم اساليب وطرق ادارية خاصة تهتم بالتخطيط والتوجيه والحصول على المعلومات تحليلها بشكل علمي الهدف منه معالجة مشاكل وسلبيات العمل هذا بالإضافة الى التواصل مع العاملين لرفع كفاءاتهم وتدريبهم المتواصل وتحفيزهم على العمل بمهارة، وتشجيعهم على أن يبدوا آرائهم من أجل تحسين الإنتاج أو تحسين عملية الإنتاج. ينطبق ذلك على أي إدارة سواء كانت إدارة حكومية أو إدارة مؤسسة اقتصادية أو شركة. يستفيد المدير من آراء العاملين سواء من خلال الحوار في ندوات دورية أو اقتراحات مكتوبة من العاملين. وبعد دراستها يمكن أن تصاغ في خطوات عملية يلتزم بها الجميع.

وعندما يشعر الموظف والعامل بقيمته وأهميته في المؤسسة التي يعمل بها، واقترابه من رئيسه واعتزازه بالعمل معه فهو يخلص في عمله، ويقدم أحسن ما يمكنه من الإنتاج سواء في خدمة الناس أو الزبائن أو تصنيع المنتج الذي يقوم بإنتاجه. تلك القيمة الشخصية تحفز العامل والموظف للقيام بأعماله على أحسن مستوى، غير عابئا بترقية أو علاوة مادية، شعوره الشخصي بالانتماء إلى هذا المدير وإلى هذه المؤسسة ستكون عامل مهم لحصوله على الرضا النفسي واستقراره في العمل وكذلك توازنه العائلي.

من جانب اخر يرى بعض الخبراء ان الامور الصحية والنفسية امور مهمة يجب على المدراء معرفتها ومتابعتها بشكل دائم من اجل المحافظة على صحة وسلامة العاملين، وذلك من خلال اجراء ومتابعة بعض الدراسات والبحوث العلمية الخاصة وتحديد ساعات العمل وغيرها من الامور الاخرى التي تصب في مصلحة الجميع.

ساعات العمل والإنتاج

وفي هذا الشأن تشير بعض الدراسات إلى أن تقليل ساعات العمل يحفز العاملين ويزيد من قدرتهم الإنتاجية، وكان أندرو بوير، المدير التنفيذي لشركة "رويس ليزر" للمصنوعات الجلدية في نيوجيرسي بالولايات المتحدة، بحاجة إلى تحفيز العاملين لديه في الشركة، والذين كان يُطلب منهم العمل لنحو تسع أو عشر ساعات يوميا.

ولاحظ بوير أنه كلما طالت ساعات العمل، كانت إنتاجية العاملين تتراجع، ولذا قرر بعد أن تولى مسؤولية الشركة من والده تقليص ساعات العمل المطلوبة من العاملين في خط التجميع بالمصنع، والذين كان عددهم 15 عاملا، بمعدل ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميا، وذلك وفقا لموقع كل عامل والمهام الموكلة إليه. كما استمر العمال في أخذ أوقات الراحة المعتادة أثناء العمل، والتي تتضمن 45 دقيقة لتناول وجبة الغداء.

وكان الأمر الذي يهدف إليه بوير هو دعم الكفاءة في العمل، وليس خفض المرتبات، حتى أنه رفع نسبة تعويض العاملين في ذلك الفريق بنحو 15 في المئة. وعندما تحول العمال إلى نظام العمل لسبع ساعات يوميا، أثمرت الفكرة، وزاد إنتاج العاملين على خط التجميع بالمصنع من 10 إلى 15 في المئة، فضلا عن أن العمال أعربوا عن تقديرهم وترحيبهم بتلك الفكرة التي أتاحت لهم فرصة العودة مبكرا إلى منازلهم.

وتصدرت فكرة تخفيض ساعات العمل من أجل تحفيز العاملين وزيادة الإنتاجية العناوين الرئيسية في عدة صحف مؤخرا بعد أن تبنتها مدينة غوتنبرغ في السويد. ففي الأول من يوليو/تموز، بدأت المدينة تطبيق تجربة العمل لست ساعات يوميا فقط، ولمدة عام، وحددت شرائح من الموظفين للعمل أقل من 8 ساعات يوميا، وذلك مقابل نفس الأجر. وكان الهدف من ذلك هو أن ينجز العاملون مهامهم في ست ساعات فقط، مع تحسين الكفاءة، وتقليل الاجازات المرضية. إنها فكرة جيدة، ولكن هل سيتحقق الغرض منها؟

وأظهرت الدراسات التي أجريت على محاولات نفذتها عدة دول لخفض ساعات العمل نتائج متباينة؛ إذ أشارت دراسة أجرتها منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية ونشرتها مجلة الإيكونوميست العام الماضي أنه كلما زادت ساعات العمل، كلما قلت إنتاجية العاملين. لكن دراسة أخرى أجريت العام الماضي في كوريا الجنوبية، ونشرت في دورية "دراسات السعادة" (Happiness Studies)، أظهرت أن الموظفين يقدرون نظام ساعات العمل الأقل من الناحية النظرية فقط، أما من الناحية العملية، فقد وجد الباحثون أن تخفيض ساعات العمل في عام 2004 من 44 ساعة إلى 40 ساعة، لم يساعد كثيرا في تحسين مستوى الرضا لدى العاملين.

إذ تبين أن منح العاملين وقتا أقل لإنجاز نفس المهام المطلوبة قد زاد من الضغط النفسي عليهم، وأن حجم العمل بالنسبة للموظفين الأكثر كفاءة كان أكثر مما يمكنهم إنجازه. وفي عام 2005 ألغى مجلس حي مدينة كيرونا في السويد مرسوما استمر العمل به نحو 16 عاما، والذي كان يقضي بالعمل لست ساعات في اليوم لصالح 250 موظفا، وذلك بزعم أن ذلك البرنامج يكلف كثيرا، وأنه يصعب إدارته بسبب طبيعته المتشعبة. وبحسب المجلس المحلي لمدينة كيرونا، فإن إدارة نظامين مختلفين للعمل – أحدهما ست ساعات والآخر ثماني ساعات يوميا- قد أصبح أمرا معقدا جدا.

وقد ذكر الموقع الإخباري الأوروبي "ذا لوكال" أن تجربة مماثلة في أحد مستشفيات العاصمة السويدية ستوكهولم قد أثارت حالة من السخط في صفوف الموظفين الذين لم تخفض ساعات عملهم. وتقول مؤلفة كتاب (تأقلم مع الأمر: اجعل ما يهمك يحدث كل يوم)، وليامز يوست: "في اقتصاد العولمة التنافسي، أجد أن النماذج الجامدة، وتلك التي تعتمد على مفهوم القالب الواحد الذي يناسب الجميع، يصعب تطبيقها حرفيا."

ويقول غرينستون ميللر من شركة "بيزينيس تالانت" إنه إذا اشتغل الناس أكثر من اللازم ينتهي بهم الأمر إلى عدم الرضا ويتفق مع ذلك الرأي كيني كلاين، من مؤسسة "ميدبريبس" (MedPreps) التعليمية لإعداد الدارسين في مجال الطب، والذي طبق في عام 2012 نظاما لتقليص ساعات العمل لنحو 20 موظفا في مؤسسته، دون أن يخفض رواتبهم، لكن تجربته باءت بالفشل بعد أن استمرت لأربعة أشهر فقط.

وقد ثبت أن إعطاء أولئك الموظفين ست ساعات فقط للعمل يوميا قد غير من الثقافة المتبعة في الشركة نحو الأسوأ، على حد قول كلاين. ويقول كلاين إن الموظفين عملوا بشكل أكثر جدية، وإنه كان يحصل على المزيد من الإنتاجية منهم، لكنهم لم يتفاعلوا مع بعضهم البعض على الإطلاق، وكانوا أقل سعادة في العمل. فمع تقليص الوقت المحدد لتناول الغداء، وأوقات الراحة الأخرى، توقفت تماما روح العلاقات الوثيقة التي كان ينعم بها موظفو الشركة، والتي كانت سائدة بينهم قبل ذلك.

ويفسر أندرو بوير، من شركة "رويس ليزر"، ذلك بأن بعض العاملين بحاجة إلى مزيد من الوقت لتحقيق الإنتاجية المطلوبة، مما دفعه لتخفيض ساعات العمل الخاصة بفريق الإنتاج لديه، ومنح أعضاء فريق التطوير والتصميم بالشركة زيادة في رواتبهم، وشجعهم على العمل لعشر ساعات يوميا بدلا من الثماني ساعات المعتادة. والهدف من وراء ذلك هو منحهم فرصة لابتكار أفكار جديدة، ولتشجيع التعاون بين أعضاء الفريق في مساحة زمنية أكبر. ويقول بوير: " الزيادة في الوقت جعلت الأجواء في الشركة أكثر راحة، وقللت كثيرا من التوتر، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة إنتاجية كل عامل منهم."

وتقول ويليامز يوست إنه لكي ينجح نظام العمل لساعات أقل يتعين على الشركات التعامل مع فكرة تغيير نظام ساعات العمل بصورة مرنة واسترشادية يمكن تعديلها لتلائم الاحتياجات المختلفة للعمل والعمال. وتتسائل يوست: "ماذا عن الأعمال التي ينبغي إنجازها في فترات زمنية تكون فيها أماكن العمل قد أغلقت أبوابها؟ وماذا عن الشركات التي تراكم العمل إلى 40 ساعة أسبوعيا على الموظفين الذين تدفع لهم مقابل 30 ساعة فقط من أجل إنجاز ذلك العمل؟"

أما بالنسبة لجودي غرينستون ميللر، المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لمجموعة "بيزنيس تالانت" العالمية للاستشارات، والذي يعمل معه 75 شخصا من الذين اختاروا العمل لعشر ساعات، أو 20 أو 30 أو 40 ساعة أسبوعيا (مقابل أجر تعويضي مناسب)، فإن معرفة المدة الزمنية التي تستغرقها المهمة المطلوبة من كل عامل على حدة تعد أمرا أساسيا في ذلك السياق.

ويقول ميللر: "إذا اشتغل الناس أكثر من اللازم ينتهي بهم الأمر إلى عدم الرضا." بحسب بي بي سي.

وتتفق مع هذا الطرح ديبي كاريو، المديرة التنفيذية ومؤسسة شركة "كالغاري" لتطوير الموارد البشرية، ومقرها مقاطعة ألبيرتا بكندا. ولمواجهة مشكلة تثاقل الموظفين في أداء عملهم، وكمثال لعشرات الشركات الكندية والأمريكية التي توفر شركة "كالغاري" المساعدة لها، ينجز فريق تلك الشركة المكون من 12 شخصا معظم مهام العمل في الفترة ما بين التاسعة صباحا والثالثة بعد الظهر. وتقول كاريو: "لا يصبح الناس منتجين بعد أسبوع من العمل يصل إلى 37 ساعة." وتضيف: "المزيد من الوقت لا يعني أن ذلك أفضل."

المدير الناجح

في السياق ذاته يعتبر غالبية الأشخاص أن تقييم المدير الناجح يستند إلى مبدأ الكفاءة في إدارة العمل. ورغم أن وجود مدير كفوء يعتبر خبراً جيداً بالنسبة إلى الموظفين، إلا أن ايجاد هذا النوع من المدراء قد يكون استثناء أكثر من قاعدة، وخصوصاً أن الإدارة الناجحة تتطلب مدير قادر على توفير الأدوات اللازمة، من أجل تحفيز الموظفين على الوصول إلى النجاح.

ورأت البروفيسورة في كلية الأعمال في جامعة هارفرد ليندا هيل، والتي شاركت في تأليف كتابين حول القيادة الأول بعنوان "أن تكون المدير" والثاني بعنوان "العبقرية الشاملة،" أن الإدارة الجيدة تحتاج إلى مدير يمتلك القدرة على تطوير الوعي الذاتي، ويتمتع بنظرة ثاقبة في معرفة مشاعر الآخرين تجاهه. وفي هذا السياق، قالت هيل إن "الأمر يرتبط دائماً بالتواصل العاطفي،" مضيفة أن "شعور الموظف بالخوف ليس بالضرورة أن ينتج عن الإحساس بالاحترام تجاه المدير." وأشارت هيل إلى أن "المدير عامة، يجب أن يعمد إلى تطوير علاقته مع الزملاء والمدراء الآخرين، إذ يحتاج إلى دعمهم من أجل نجاحه ونجاح فريق العمل الخاص به." ويتمتع المدراء الناجحين بثلاث صفات، بالاستناد إلى رأي القراء في موقع CNN.

احترام وتقدير الموظفين: ويجب أن يحترم المدير الأشخاص العاملين لديه، ويثق بأسلوب كل موظف على حدة في إدارة العمل، فضلا عن تقدير خبراتهم. وقال أحد القراء: "يكتسب المدير المميز احترام الآخرين من خلال إظهار احترامه،" فيما وجد قارئ آخر أن "المدير المميز يلقى احترام فريق العمل، إذا عبر عن امتنانه للموظفين والاعتراف بجهودهم ، فضلا عن الترحيب بآرائهم والتعامل معهم كأشخاص وليس مجرد موارد."

خلق الثقة وتقديم الدعم: ويجب أن يكون المدير شخصاً يمكن التحدث إليه في حالة وجود أي مشكلة، فضلاً عن ضرورة ثقته بكفاءة الموظفين في آداء العمل، والتصرف بأخلاقية مهنية، بالإضافة إلى دوره في تشجيع وتحفيز فريق العمل نحو النجاح. توفير الموارد اللازمة والتوجيهات الضرورية لنجاح العمل: ويزود المدير المميز فريق العمل بتوجيهات واضحة، فضلا عن توفير الموارد اللازمة، وتنمية الشعور لديهم بامتلاك العمل والنجاح معاً.

كيف تتكاسل بشكل ناجح

من جانب اخر يشعر المرء أحيانا خلال فترة من العام بأن أداء العمل أصبح شيئا روتينيا مقارنة بأوقات أخرى، وهو ما ينطبق على أداء الأعمال في فصل الصيف، إذ يفضي قضاء ساعات طويلة في المكتب إلى شرود الذهن بعيدا عن أداء استراتيجيات العمل. وتقول لوسي كيلاواي، مراسلة بي بي سي، إنها درست سلوك اثنين من الزملاء في نفس العمر، ويتمتعان بنفس القدر من الموهبة.

أحد الزميلين يتمتع بالقدرة على العمل الإضافي الشاق الذي يلقى على عاتقه طوال الوقت. والثاني لا يفعل أي مهام إضافية، ليس لكونه كسلانا على وجه التحديد، بل فقط ينجز الأشياء التي يهتم بها. وفي وقت فراغه يجلس في مكتبه يشاهد مباريات التنس على هاتفه الذكي. فأيهما يكافأ بسخاء أكثر من الآخر على ما بذله من جهد غير متكافئ؟ أهو السيد "ملتزم" أم السيد "غير ملتزم تماما". من المحزن أن الأول لم يحصل على أي مزايا جراء مشقة العمل التي بذلها، في حين لم يعاقب الثاني على تقاعسه.

حاولت أن أفهم كيف يفعل السيد "غير ملتزم تماما" ذلك ويفلت من العقاب، واعتقدت في بادئ الأمر أنها مسألة رفض. ومع ذلك تبين أن الماهرين في العمل ممن يتجنبون أداء مهام إضافية يكادون لا يرفضون على الإطلاق العمل. بل يفعلون أشياء أكثر ذكاء يتجنبون بها تكليفهم من البداية.

هناك بعض الاستراتيجيات المعروفة جيدا لذلك، من بينها الانهماك الشديد والتظاهر بالانشغال أو وضع سماعات الأذن والنظر بإمعان وتركيز إلى شاشة الكمبيوتر تجنبا لاقتراب أي شخص.

قال لي السيد "غير ملتزم تماما" إن السر بسيط، فهو يقلل وقت العمل بالمكتب إلى أدنى درجة.

لكن المشكلة في هذه الحيلة هي أنه إن لم تكن موجودا في المكتب، فقد ينسى الناس وجودك.

 إحدى طرق تجنب العمل هو إظهار عدم الرجاء من أداء مهمة معينة ولحسن الحظ هناك استراتيجية أخرى لتجنب أداء العمل رأيت بعض الزملاء يستخدمونها. تتمثل هذه الاستراتيجية في تخويف الآخرين على نحو يمنعهم من تكليفك بعمل شاق. وتكمن الصعوبة هنا في أن هذا السلوك فطري، ويحدث إلى حد ما بناء على الأقدمية في العمل.

فمن الممكن أن تجعل نفسك مهابا من الآخرين من خلال اللعب على خوف الزملاء من شيء مجهول. نحن نهاب من لا يمكننا التنبؤ بسلوكهم، لذا فمن الأفضل تجنب من هم قليلو الكلام. من أفضل الاستراتيجيات لتجنب العمل الإضافي هي أن تكون على استعداد تام لأداء المهمة، لكنك غير كفء تماما لها. تستخدم هذه الحيلة بكثرة داخل البيوت حيث يلجأ إليها أطفالي عندما يطلب منهم أداء مهمة ما، مثل غسل الصحون، فهم يبدون دائما عدم القدرة على أدائها كما ينبغي ليصبح بعد ذلك من المحبط تكرار طلب الشئ منهم، لاسيما إن توفر شخص آخر أكثر قدرة على أداء المهمة بدلا منهم.

والطريقة التي تكافئ حيلة التهرب من غسل الصحون السابقة عند أداء العمل هي استراتيجية عدم الرجاء عند طلب إنجاز المهام الصغيرة. مثل التأخير في صياغة تقارير أو صياغة محاضر جلسات اجتماعات على نحو غير منظم. هذه الحيلة لا يقدم عليها إلا من لديهم قدرات متقدمة، فينبغي لك ألا تجرب هذه الطريقة إلا إذا كنت تجيد أداء الأشياء الكبيرة.

الام اسفل الظهر

على صعيد متصل اظهرت دراستنان ان آلام اسفل الظهر تمثل السبب الرئيسي لحالات العجز في العالم كما تقف وراء ثلث الاعاقات الناجمة عن العمل. وبالاستناد الى احصائيات في 187 بلدا، توصل باحثون اميركيون واستراليون الى تأكيد ان 9,4% من سكان العالم بمن فيهم الاطفال يعانون آلام في اسفل الظهر.

وهذه النتيجة تضع الام اسفل الظهر في الصف الاول للأمراض لناحية عدد السنوات التي يعيشها المرضى مع حالة عجز، وفق الباحثين. وتقع معظم البلدان المتضررة بهذه الحالات في اوروبا الغربية وشمال افريقيا والشرق الاوسط، في حين تم تسجيل اضعف المعدلات في اميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. واشار الباحثون الذين نشرت نتائج بحثهم في مجلة "انالز اوف ذي روماتك ديزيزس" الصادرة عن مجموعة "بريتش اميركان جورنال"، الى ان مشاكل الظهر تزداد مع التقدم في السن، ما من شأنه زيادة عدد الاشخاص الذين يعانون الام اسفل الظهر في البلدان ذي متوسط الدخل الفردي المنخفض او المتوسط خلال العقود المقبلة. بحسب فرانس برس.

وفي دراسة ثانية تم اعدادها استنادا الى الاحصائيات نفسها، كشف الباحثون ان الام اسفل الظهر تقف ايضا وراء ثلث الاعاقات الناجمة عن العمل. ومن بين الاشخاص الاكثر عرضة لهذه المشاكل المزارعون والاشخاص الذين تراوح اعمارهم بين 35 و65 عاما، بقدر ما يحملون اوزانا كبيرة ويعملون في وضعيات "حساسة" او يتعرضون لارتجاجات.

وبالتالي يواجه المزارعون خطرا اكبر بأربع مرات بالإصابة بآلام في اسفل الظهر بالمقارنة مع الاشخاص في قطاعات مهنية اخرى. والاحصائيات المستخدمة صادرة في نسخة العام 2010 من دراسة "ذي غلوبال بوردن اوف ديزيز" المدعومة من منظمة الصحة العالمية، لتقييم نسب الوفيات وتدهور الصحة جراء امراض مختلفة.

أوقات الراحة

الى جانب ذلك حذّر اختصاصي الطب المهني، توماس كراوس، الموظفين من أن التداخل بين أوقات العمل، وأوقات الراحة، قد يتسبب على المدى الطويل في إصابة الموظف بما يُعرف بـ«الاحتراق النفسي». وأوصى كراوس، عضو الجمعية الألمانية للطب المهني والطب البيئي بمدينة آخن، الموظف بألا يكون متاحاً لمديره وزملائه في العمل طوال الوقت بعد انتهاء الدوام أو في العطلات والإجازات، كي يتسنى له الحصول على قدر من الراحة يساعده على تصفية ذهنه وتجديد نشاطه.

ولهذا الغرض ينصح كراوس الموظف بضرورة الاتفاق بشكل واضح مع المدير وزملاء العمل على أوقات محددة للاتصال، بحيث يقول مثلاً: يُمكن الوصول لي عبر الهاتف في الفترة الزمنية X فقط، بينما لن أقوم بالرد على أي مكالمات في الفترة الزمنية Y. ولمواجهة المشكلات النفسية الناتجة عن العمل، أوصى كراوس الموظف بملء أوقات فراغه وعطلاته بالأنشطة الفعّالة، فبدلاً من أن يستلقي على الأريكة في حالة من الإنهاك خلال فترات المساء، يُفضل أن يقوم بعزف بعض المقطوعات الموسيقية أو يمارس الرياضة المفضلة له. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وأضاف الطبيب الألماني أن شعور الموظف بأنه لا يستطيع الانتهاء من مهام عمله ولا يُمكنه التعامل مع ضغط الوقت يندرج ضمن المؤشرات الأولى للإصابة بما يُسمى (متلازمة التعب المزمن) ، لافتاً إلى أن كثرة تناول الأدوية يُمكن أن تشير إلى ذلك أيضاً. لذا أوصى كراوس الموظف بأنه من الأفضل أن يتم التوجه إلى اختصاصي علم نفس، إذا ما شعر بالإنهاك والتعب بسبب العمل، إذ يمكن للاختصاصي النفسي تقديم إرشادات فعّالة للموظف بشأن سُبل مواجهة الاحتراق النفسي.

القيلولة أثناء العمل

في السياق ذاته أكدّ البروفيسور الألماني يورغين تسولي أن المواظبة على أخذ قيلولة في وقت الظهيرة أثناء العمل تحد من خطر إصابة الموظف بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أنها تزيد أيضاً نشاطه وتركيزه أكثر مما لو تم قضاء فترة الراحة في ممارسة المشي.

وكي يستفيد الموظف من القيلولة على نحو أمثل، شددّ الباحث الألماني بجامعة ريغنسبورغ على ضرورة ألا تزيد مدتها على 30 دقيقة، وإلا فسيواجه الموظف خطر ألا يستطيع مواصلة مهام عمله بشكل سليم بعد الاستيقاظ منها، لذا يُفضل أن يقوم الموظف بضبط منبه الهاتف الجوال الخاص به، كي لا يستغرق في النوم أكثر من هذه المدة.

ولتسهيل عميلة الخلود إلى النوم أثناء فترة الراحة، أوصى الخبير الألماني بأنه من الأفضل أن يتوافر للموظف مكان هادئ يحتوي على أريكة مثلاً كي يسترخي عليها، لكن إذا لم يتوافر ذلك، أشار تسولي إلى أنه يُمكن حينئذٍ إعادة استخدام المكتب للاسترخاء، موضحاً كيفية القيام بذلك بقوله: يتم العودة بمسند الظهر قليلاً إلى الخلف ورفع القدمين على المكتب، مع العلم بأن الاستماع إلى موسيقى هادئة في هذا الوقت يُمكن أن يُساعد الموظف على الاسترخاء على نحو أسرع. ولاستعادة النشاط بعد انتهاء القيلولة. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

 أكدّ الباحث الألماني تسولي أهمية أن يقف الموظف لفترة قصيرة بعد الاستيقاظ من قيلولته، وأن يمشي أيضاً بعض الخطوات، موضحاً: يعمل ذلك على إعادة الدورة الدموية إلى العمل من جديد؛ ومن ثمّ يستعيد الموظف لياقته من جديد.

العمل الليلية

من جانب اخر حذر باحثون بريطانيون من أن نوبات العمل خلال الليل تسبب اضطرابات جسدية بالغة، وقد تسبب أضرارا صحية طويلة المدى. وترتبط نوبات العمل في فترة الليل بمعدلات مرتفعة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، والأزمات القلبية، والسرطان، مقارنة بفترات العمل الطبيعية خلال النهار.

وتمكن العلماء بمركز بحوث النوم بمقاطعة سري البريطانية من الكشف عن الخلل الصحي الذي يحدثه نظام العمل الليلي على أعمق مستوى داخل جزيئات الجسم. ويقول الباحثون إن معدل وسرعة الضرر الذي يسببه العمل خلال الليل كان مفاجئة. ويتميز الجسم البشري بإيقاع طبيعي خاص، يعرف بالساعة البيولوجية للجسم، وهو إيقاع مبرمج على النوم ليلا وعلى الحركة والنشاط نهارا. ووجد الباحثون أن نوبات العمل الليلية لها تأثيرات عميقة على جسم الإنسان، فهي تقلب كل شيء بدءا من الهرمونات ودرجة حرارة الجسم، إلى القدرات الرياضية، والحالة المزاجية، ووظائف الدماغ.

وتابعت الدراسة التي نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم حالات 22 شخصا من الذين تحولوا من نظام العمل الطبيعي إلى نظام العمل الليلي. وأظهرت الاختبارات التي أجريت على هؤلاء الأشخاص أن ستة في المئة من الجينات التي فحصت خلال عملهم في فترات النهار كانت مضبوطة أو مبرمجة بدقة لتكون أكثر أو أقل نشاطا في أوقات محددة. وبمجرد تحول هؤلاء الأشخاص للعمل ليلا، فقدت تلك البرمجة الدقيقة للجينات.

وقالت سيمون أرتشر من فريق البحث بجامعة سري البريطانية: "أكثر من97 في المئة من الجينات المسؤولة عن ضبط إيقاعات النوم واليقظة تصاب بالخلل مع النوم غير المنتظم، وهو ما يفسر سبب شعورنا بالإرهاق عند السفر واختلاف التوقيت، أو إذا اضطررنا للعمل بنظام الفترات الليلية." بحسب بي بي سي.

ويقول البروفيسور ديرك جان ديجيك إن كل أنسجة الجسم لها إيقاع يومي خاص بها، لكن مع نظام العمل الليلي تفقد ذلك الايقاع، مع اختلاف أوقات عمل القلب، والكلى، والدماغ. وأظهرت دراسات سابقة أن الذين يعملون في فترة الليل وينامون قليلا في أوقات النهار قد تزيد لديهم مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والسمنة. وتقول دراسات أخرى إن الإصابة بالأزمات القلبية أمر شائع بين الأشخاص الذين يعملون في فترات الليل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/آب/2014 - 30/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م