الأحساء حلم اليهود

الاقتصاد والسياسة وموقف الأحسائيين

علي ال غراش

 

الأحساء كانت أحد الخيارات المقترحة من قبل اليهود لإقامة وطن لهم، فبحسب الوثائق التي نشرتها المكتبة البريطانية، ان السفير البريطاني في باريس أرسل خطابا الى وزير الخارجية البريطاني بلفور، ينقل له اقتراح يهودي روسي بالاستيلاء على الأحساء وجعلها وطنا لليهود، وذلك في عام 1917م قبل أن يختار بلفور أرض فلسطين لتكون أرض الميعاد لليهود. اختيار اليهود للاحساء لم يكن إعتباطيا، وإنما قائم على دراسات وتخطيط، لما تملكه الأحساء من خيرات كبيرة على أرضها، قبل اكتشاف النفط في باطن أرضها. فالاحساء كانت محل إهتمام كبير لكل الحكومات والقوى السياسية، ولهذا سعى الملك عبدالعزيز آل سعود للسيطرة على الاحساء لضمان أكبر مصدر اقتصادي لحكمه، فهي أكبر سلة أقتصادية في الجزيرة العربية حينها، وهذا ما حدث في عام 1913م.

ماذا كان مواقف أهالي الأحساء عند دخول الملك عبدالعزيز وقواته للمنطقة والسيطرة عليها، وهل هناك من رفض ومن تعرض للتنكيل بسبب موقفه، وهل هناك من هاجر إلى الخارج؟.

ما تاريخ سجن العبيد الشهير في الهفوف الذي كان بمثابة مقبرة لكل من يطالب بالحقوق والإصلاح الداخل فيه مفقود والخارج مولود، كيف كان يمثل هذا السجن من رعب للأهالي؟.

منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة، والأحسائيون موجودون في كل تشكيل وزاري، رغم أنه محصور على أسر معينة، كما هي الحالة ان المناصب الإدارية في الأحساء مخصصة لعوائل محددة فقط، بينما بقية أفراد المجتمع الاحسائي مهمش ومحروم من ذلك رغم الكفاءة، بل انه ممنوع على أفراد طائفة تشكل الأصالة والأكثرية في المنطقة أن يكون منهم مدير (أو مديرة) مدرسة!.

هل يوجد رصد وتوثيق لمشاركة وحضور أبناء الأحساء في الحكومة كوزراء ووكلاء وزارة؟.

المنطقة العربية ومنها السعودية والخليج تمر بمرحلة سياسية صعبة جدا، وربما ينبثق وضع جديد يتناسب مع وعي ومطالب وإرادة الشعوب، ومن الطبيعي أن يكون لأبناء الأحساء دورا في ذلك، والمطلوب أن يرتفع سقف الوعي السياسي والحراك الفكري بما يتناسب مع ما تشهده المنطقة من حراك.

من المفترض ان يرى المتابع للحراك في الأحساء التفاعل اﻷكبر من قبل المثقفين والأدباء والشعراء والأكاديمين وعلماء الدين ورواد العمل الاجتماعي والخدماتي في دعم ومساندة المعتقلين الشرفاء الأبطال بشكل أكبر، وعبر إقامة الندوات حول ما يجري ومواكبة الحدث وصناعة جيل واعي في المجال السياسي والحركي بمحاذة الأدبي والديني، وحتما هذا يزيد المشهد الاحسائي غنا وتنوعا في الحراك لتكتمل الصورة.

لقد حان الوقت لإعلان التضامن بصوت مسموع مع أبناء الأحساء، بما يواكب المرحلة التي يشهدها البلاد والمنطقة العربية خلال هذه السنوات، ولابد من مراجعة السياسة والأساليب السابقة، وأحداث تتغير يناسب المرحلة والأجواء المصاحبة والتغيرات، حيث العالم يشهد طفرة تقنية - الانترنت – والمنطقة العربية تشهد ثورات، وسقف المطالب للشعوب أرتفع، ومن غير المناسب أن يفرض على شباب اليوم العمل بنفس الأساليب السابقة قبل عقود من الزمن، التاريخ تغير وهؤلاء الشباب والجيل الجديد له تطلعات وآمال من حقه أن يتحرك بما يناسب هذا العصر حيث العالم كالقرية الصغيرة وسقف الحرية والمطالبة بالحقوق والتعبير عن الرأي أصبح عاليا ومتاحا.

إن تاريخ الأحساء في العمل السياسي مازال مغيبا، والأحداث والأنشطة التي تقع فيه لا تجد التغطية والتفاعل المطلوب، ولهذا ينبغي إعادة التفكير من قبل الجميع وعلى الأدباء والشعراء توظيف أدبهم في دعم هذا المجال ليكون هناك تكامل في المشهد الاحسائي.

لقد قدم الاحسائيون تضحيات كبيرة جدا، وتعرض الكثير منهم للسجون والاعتقال بسبب مواقفهم الرافضة للظلم والجور، واحياء مناسبتهم في العقود الماضية.

حان الوقت من قبل أهل الاحساء الشرفاء، التضامن والافتخار بدور شباب الأحساء في الحراك السياسي والنضالي والمطالبة بالحقوق والإصلاح الشامل وإعمار الوطن، لا تبخسوا الناس أشياءهم هناك جهد وتضحيات وإعتقالات وضحايا يستحقون الافتخار والاستشهاد، هؤلاء هم الأبطال.

نعم؛ إن الأمة التي تكرم أبطالها وبالخصوص المعتقلين والمعتقلات أمة حية ذات إرادة قوية لا تنكسر قادرة على تحطيم جبروت وغطرسة آلة القمع البوليسية للسلطات الحاكمة، وهي أمة قادرة تحقيق أهدافها وتشييد دولة العدالة والحرية التي تمثل إرادة الأمة. وشكراً لكل من تضامن وساند ودعم الشيخ توفيق العامر والنشطاء والمعتقلين، والمطلوب أكثر بكثير وبالخصوص من أهل الأحساء والوطن والأحرار في كل مكان.

الاحساء تاريخ حافل من الحراك والعمل السياسي والملاحقات والسجن والهجرة والاختفاء والسجون مثل سجن العبيد، ولكن أين هذا الرصد والتحقيق والكتابات والبحوث والدراسات حول هذا التاريخ ليطلع عليه العالم والجيل الحديث عليه، والاستفادة من تلك الأحداث والتجارب؟

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/آب/2014 - 28/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م