العراق وأزمته المزمنة.. من المالكية الى العبادية

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الله يعينك، الله يعينك، هذا ماردده حسين الشهرستاني وهو يضع يده على كتف حيدر العبادي رئيس الوزراء بعد تكليفه من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم.

وهو فعلا بحاجة لهذا العون لمعالجة المشاكل والازمات التي ورثها من عهد الحكومة السابقة، والتي ساسميها بـ (المالكية) والتي اقترنت بشخص رئيس الوزراء نوري المالكي، او تمت شخصنتها، وساسمي الفترة القادمة ب (العبادية)، نسبة الى رئيس الوزراء الجديد لاننا سنبقى ضمن داء الشخصنة بالنسبة للقرار السياسي.

الثوار هي التسمية التي تطلقها كثير من وسائل الاعلام العربية، اضافة الى بعض الوسائل المحلية على المسلحين الذي يقاتلون القوات الحكومية، والتي يسمونها بقوات او جيش المالكي، وقد تنسحب التسمية الى الرئيس الجديد وسنسمع بقوات او جيش العبادي مستقبلا.

قبل التكليف الرئاسي كنا نسمع ان سياسات المالكي الاقصائية والتهميشية والالغائية وطائفيته هي ما اوصلت العراق الى ما هو عليه الان، وبعد رحيله يصف أبوعبد النعيمي، الناطق الرسمي باسم ما يطلق عليه "ثوار عشائر العراق"، كلا من رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، ورئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، بأنهما "مجرد وجهين لعملة واحدة".

وقال النعيمي: "ثوارنا من أبناء العشائر وكبار ضباط الجيش العراقي الآن على مشارف بغداد، وفي الأيام القليلة القادمة سنزحف على العاصمة وسنلقي القبض على كل من المالكي والعبادي ومن سلك مسلكهم من الخونة والعملاء بالمنطقة الخضراء وستتم محاكمتهم أمام المحاكم الدولية".

وتابع النعيمي: "بعدها سنشكل حكومة إنقاذ وطني من ثوار العشائر يشارك فيها كافة المكونات العراقية سنة وشيعة وعرب وتركمان وأيزيدين، كل العراقيين بلا اختلاف وبغض النظر عن القومية والمذهب".

وحول أسباب رفضه لإعطاء العبادي فرصة، رغم ترحيب كتل سياسية عدة بتكليفه، قال: "لن نعطيه فرصة.. وكما قلت فنحن نؤمن أنه الوجه المقابل للمالكي، فهو ينتمي لذات الحزب الدعوة، والعبادي طائفي وسيفصل بين الشعب.. وقد قلنا من قبل إن الاحتلال للعراق كان باطلا وكل ما ترتب عليه يعد باطلا وبالتالي فلا شرعية لا للمالكي ولا لمن يخلفه".

المسألة ليست المالكي بل بالنظام السياسي والعملية السياسية برمتها، ولن يتغير هذا الموقف الا اذا تغيرت المعادلة الحالية وعادت الى سابق عهدها قبل العام 2003.

المبعوث الاممي في العراق ملادينوف يصرح من بغداد بان الوضع العراقي ليس هو نفسه مثلما كان قبل العاشر من حزيران.

الاكراد حتى الان لم يعرف موقفهم تجاه الانسحاب من كركوك والمناطق المتنازع عليها او البقاء فيها، ولم نعرف موقفهم من قضية تصدير النفط  خارج الاطر المركزية، وهل لازالوا مستمرين عليه ام انهم توقفوا بانتظار تشريع قانون النفط والغاز في البرلمان.

السنّة المشتركون في الحكومة، يطالبون بحكومة تكنوقراط وبشراكة حقيقية، ولم نعرف حتى اللحظة ما المقصود بحكومة التكنوقراط وشكلها وتركيبتها، ولم نفهم حتى اللحظة معنى المشاركة الحقيقية التي يطالبون بها، هل ستكون خارج الاستحقاقات الانتخابية مثلا، على حساب استحقاقات الاخرين، ام شراكة عبر الاتفاقات السياسية بعيدا عن مواد الدستور وفقراته، ام شراكة موازية بالفعل والتقرير، ام شراكة بمساحة فيها الكثير من الاستقلالية في القرار المركزي؟ لا نعلم حتى اللحظة.

المواقف التي صدرت من الكتل السياسية هي مواقف مرحبة بهذا التكليف، لكنها مواقف بروتوكولية مجاملة قبل ان يبدأ ماراثون التفاوض على المناصب والوزارات التي ستكون محل ابتزاز من الجميع. كم تعطيني كي اصوت بالموافقة على منح الثقة بعد تشكيل الكابينة الوزارية؟

مسألة اخرى اثارها تكليف حيدر العبادي، وهي هل سيتحمل الجميع مسؤولياتهم التي ستعهد اليهم، ام انهم سيتنصلون منها ويرمون الفشل فيها على عاتق رئيس الوزراء مستقبلا؟ بعد ان استمروا طيلة السنوات السابقة بتنسيب الفشل الى المالكي وحده.. مثل الخدمات والكهرباء والامن، وغيرها من ملفات.

حتى الان هناك نوع من التفاؤل في ان اشياء كثيرة ستتغير بمجرد تغيير المالكي، وهو تفاؤل مشروع ربما سيكون في محله لدى الكثيرين الذين يعتقدون بان المشكلة الرئيسية في العراق هي المالكية وسنواتها العجاف..

اتساءل في خضم كل هذه المواقف: هل سيكون المالكي كبش الفداء للاخطاء التي ارتكبت في العراق بعد العام 2003، وهي اخطاء اشترك الجميع في ارتكابها وتوقيعها (امريكا – ايران – الشيعة – السنة – الاكراد) وهل سيسير الوضع العراقي الى انفراجات محسوسة بعد رفع شعار (عفا الله عما سلف) خاصة وان المالكي كما رشح من الكثير من الاخبار والتقارير يبحث عن ضمانات سياسية وشخصية لعدم مساءلته عن فترة حكمه الماضية، وهي بالتالي ستنسحب على الجميع ايضا، فالعفو عما سلف سيكون شاملا للجميع، مثل طارق الهاشمي الذي زف البشرى بعودته الى العراق قريبا رغم صدور الحكم باعدامه؟.

سيحمل المالكي وهو يغادر منصبه جميع ملفات الفشل عن الفترة الماضية، سواءا كان هو السبب في هذا الفشل او شركاء العملية السياسية، وسيكون وحده كبش الفداء للتغيير في العراق الذي يريده الجميع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/آب/2014 - 17/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م