ديمقراطية التعليم ومقوماتها في العراق

في ملتقى النبأ الأسبوعي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: أقام مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية في ملتقى النبأ الاسبوعي، قدم فيها الاستاذ المساعد الدكتور سامر سعيد ورقة حملت عنوان (ديمقراطية التعليم ومقوماتها في العراق)، والذي خلص فيها الى نتيجة مفادها الغياب التام لمفهوم الديمقراطية في المجالات التعليمية في العراق، وهذا ادى الى عدم تشكل شخصية ثقافية للمتعلم يمكن له ان يفيد المجتمع بها، من خلال نشر القيم الحقيقية للديمقراطية، من عدالة ومساواة واحترام حقوق الانسان وحرية البحث العلمي، وليس الاقتصار على وجه واحد منها وهو الانتخابات وصناديق الاقتراع.

بعد الانتهاء من الورقة طرح الحاضرون مداخلاتهم وأفكارهم حول ما جاء في الورقة البحثية، وجاءت المداخلات على الشكل التالي:

جواد العطار (برلماني سابق)  يرى ان التهربية مقدمة على التعليم، مستشهدا بقوله تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).. ويعتقد ان وضع أي إستراتيجية تربوية يجب أن تشتمل على عنصر التربية قبل التعليم، فلابد من تهذيب الإنسان ثم تعليمه، وأي إخلال بذلك يصبح البناء التعليمي كبناء المهندس الذي ينجز بنايته بصورة غير لائقة، من اجل حفنة من المال يضعها في جيبه دون وجه حق،  كذلك شأن التعليم إذا لم يتهذب الإنسان ويتخلص القائمون على العمل التربوي والتعليمي من المصلحية الضيقة فمن الصعب ان تكون العملية التربوية متكاملة، فضلا عن ضرورة ملاحظة البيت والمدرسة او الجامعة والبيئة ودراسة أوضاعها لضمان أي عمل تربوي مؤسساتي متكامل، لان ثمة اختلافات من بلد الى آخر ومن وضع الى آخر. 

في مداخلته يرى احمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، بان الاعتقاد الذي كان سائدا وهو ان التربية ترتبط بالضرب والاهانة، خلق ازدواجية وارتجالية في المؤسسات التربوية بعد منع مثل هذه الممارسات دون مراعاة للظروف، والتي سببت ارباكا كبيرا في العمل المؤسساتي التربوي المتكامل، فالتسلط والاستبداد موجود على مستوى الاسرة صعودا الى المؤسسات الكبرى في الدولة، وهذا الاستبداد يقف حائلا دون وضع مشروع تربوي متكامل او سياسة تعليمية رصينة، فاشاعة الروح الديمقراطية وعدم الفصل بين التعليم كتعليم وبين السلوك الديمقراطي ينتج سلبيات كبيرة.

رد عليه محمد معاش مدير العلاقات العامة في مؤسسة النبأ، من خلال توجيه سؤال مباشر له عن سلوك الحرية وسلوك الديمقراطية لدى الدارسين او المتعلمين؟ وهل فعلا يشعر الطالب بحرية التعليم؟ واذا كان يشعر بحرية التعليم فهل يكفي ذلك اذا ماعلمنا ان التعليم مرتبط بجوانب اخرى يجب ان تطبق الحرية سلوكا لا قولا؟.

في مداخلته اعادنا الدكتور محمد علي ياسين التدريسي في جامعة كربلاء، الى التاريخ وذكر ان التعليم كممارسة مرتبط بلحظتين: الموروث العربي الذي يعتمد على التلقين، وارتباط علوم اللغة بالقران، وهو يرى انهما لحظتان اضرتا بالتعليم كممارسة.

ثم تحدث عن التعليم في لبنان والذي وضعت نواته فرنسا ايام استعمارها له، وقامت تلك النواة على اساس طائفي كرست الطائفية في لبنان ولم تدعم المؤسسات الحرة. وهذا ما سبب إشكالا في السياسة التعليمية بشكل كامل في لبنان او غيره من البلدان العربية.

 واختصر كلامه بالقول إن العصر يحتاج إلى مفاهيم جديدة ينبغي وضعها في المقدمة أمام أي سياسة تعليمية .

ثم تحدث الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات مشيرا الى  علمانية التعليم مع بعدها الطائفي قبل العام 2003، وبعدها ذلك العام تمت اعادة التوجيه الديني للتعليم. وغير ذلك اصبح منح الشهادات الجامعية لا يتم عن طريق الحاجات والمؤهلات، مما ادى الى وجود عدد هائل من حملة الشهادات غير الجديرين بحملها، مما أصاب التعليم بالفوضى، فمن المسؤول عن عدم معالجة هذه الفوضى؟.

في مداخلته اوضح حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي ان أي استراتيجية تعليمية يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار الكيفية التي من خلالها يصبح الطالب مبدعا بالأصل، وفي ظل تسييس التعليم والمنهج المفروض على الطالب، سنفتقد الى هذا الطالب، متسائلا هل السياسة التعليمية تمنح شهادات ام تصنع عقول؟، اذا حددنا هدف السياسة التعليمية العام في ظل صناعة العقول حينها سنرتقي الى المستوى المطلوب.

عامر الخلخالي التدريسي في ديوان الوقف الشيعي أوضح في مداخلته أن المؤسسة التعليمية يجب أن تشتمل على ثلاثية الأسرة والبيئة التعليمية والبيئة الاجتماعية، واضاف ان غياب الفلسفة التعليمية لدى المسؤولين عنها، ادى الى غياب طرق تنفيذها والتخبط في الكثير من من تلك السياسات، والنتيجة التي يخلص اليها الخلخالي هي اننا نعيش في ظل فوضى تعليمية.

في مداخلته ذكر علي الموسوي وهو ناشط مدني، إن قضية الإقصاء تعرقل السياسة التعليمية والإبداع في أي مؤسسة تتعرض للإقصاء، وهذا الإلغاء والإقصاء إذا لم يتم التخلص منه سوف لن ندع مجالا للأفكار الراقية أن تأخذ موقعها في وضع سياسة تعليمية مستنيرة .

في حين اشار الاستاذ الجامعي محمد حسوني إلى إن غياب الحس الوطني للطالب، وعشوائيته والاتكالية على الغير وببغائيته لا تجدي نفعا أمام أي سياسة تعليمية او أي تطور تعليمي.

في حين اشار علي الطالقاني مدير إدارة مؤسسة النبأ، إلى ان السبب هو عدم الاخذ بأي دراسة تقدمها مراكز الابحاث، فمثلا طرح مركز الفرات سابقا ومؤسسة النبأ مقترحا للدخول للمدارس لغرض توعية الطالب والمؤسسة التعليمية والكادر التدريسي بحيث يتلاءم الوعي المعرفي مع المتغيرات الا ان المقترح تم رفضه لذا نشير الى ضرورة العلاقة التكاملية بين الكل لرسم أي سياسة تعليمية.

كانت المداخلة الاخيرة من احمد المسعودي الباحث في مركز الفرات والذي يعتقد ان السياسة التعليمية وخصوصا في العراق يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار تغيير المنظومة الفكرية ومعالجة الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية معالجة جذرية لانها هي نتاج لسياسة تعليمية بالاصل وقادة المستقبل يجلسون اليوم على مقاعد الدراسة، لذا علينا ان نستهدف هذه الشريحة بالبحث والاصلاح لكل ما محيط بها من اوضاع، والغاء فوري لعملية التحزب داخل المؤسسة التعليمية لان السياسة التعليمية يجب ان تكون صافية تماما وغير مؤدلجة لان عليها سيبنى المستقبل ومنها سيتخرج قادة البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/آب/2014 - 14/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م