صفات وتجاوزات النائب البرلماني

 

شبكة النبأ: أتاحت لنا فرصة بث جلسات البرلمان العراقي، كلها او جانب منها، عبر الفضائيات، أن نرصد ظاهرة عدم التزام بعض النواب بما يطلبونه من الآخرين، بمعنى أوضح أن البرلماني العراقي يسمح لنفسه بارتكاب تجاوز ما، فيما يطالب الآخرين أن يرتكبوا مثل هذا التجاوز، وهذه كما يُقال قسمة ضيزى، فكيف تمنع فعل او كلام او حركة او عمل خاطئ، وتدعو الآخرين الى عدم ارتكابه، وأن أول من يرتكب هذا الفعل او الكلام او العمل؟!.

كما هو معروف، أن النائب ممثل للشعب، ومن يمثل الآخرين، لابد أنه يمتلك مواصفات ومزايا يفتقر إليها الآخرون، ونتيجة لهذا التميّز عن الآخرين تم اختياره ممثلا للشعب، لذلك نتوقع أن يحمل النائب البرلماني، أي نائب، صفات كثيرة ونادرة، تجعله الأقرب الى الكمال من غيره، منها مثلا ما يحمله من ثقافة وسعة اطلاع، ومن خبرة ومهارة عملية وفكرية وذكاء، ومنها ايضا، أمانته وصدقه ودرجة التزامه، ومنها اسلوبه الانساني في الكلام والعمل، وسواها من الصفات التي تدفع الناخبين لمنحه ثقتهم واصواتهم.

هذه هي صورة البرلماني كما نتوقعها، وبهذه الصفات تُبنى الدول، وعندما يحدث خلل في بناء الدولة والمجتمع، فإننا سنُرجِع ذلك الى مجلس النواب واعضائه، وبكلمة أوضح، أن هناك خلل في مزايا وصفات اعضاء مجلس النواب، وبكلمة اكثر صراحة، عندما تتأخر الدولة، في أي مجال كان، فإن السبب عدم اداء البرلمان لدوره الرقابي والتشريعي بالصورة الصحيحة، وقد تكون هناك اسباب اخرى جانبية لا تقع على كاهل مجلس النواب، ولكن طالما أن الدستور حدد الدور التشريعي الواضح لمجلس النواب، فإنه يستطيع من خلال هذه التوصيف الواضح والصلاحيات المعروفة، أن يوقف جميع الاخطاء والتجاوزات، ويمكنه أن يحاسب أعلى سلطة تنفيذية على الخطأ، لذلك يبقى النائب البرلماني المسؤول الاول عن الخلل في بناء الدولة.

يحدث هذا الخلل في بناء الدولة والمجتمع، عندما يدعو النائب الى عدم ارتكاب تجاوز ما، ويسمح لنفسه أن يقوم به!!، أي أنه يمنع وينصح بعدم ارتكاب الخطأ، ويسمح لنفسه بذلك، هذا المنهج ألازدواجي، هو الذي يُسهم بقوة في إضعاف الدولة، وتهديد القانون، ووضعه تحت وصاية هذا المسؤول أو ذاك، من هنا يصح الرأي الذي يقول، عندما يضعف اداء مجلس النواب، سوف يضعف اداء مؤسسات الدولة كلها، وبالتالي نصل الى دولة ذات كيان ضعيف مترهل، بسبب ضعف اعضاء البرلمان انفسهم.

لهذا السبب أعطيت الحصانة للنائب البرلماني، حتى يكون قويا في قراراته التي تصحح أخطاء المسؤولين، وحتى لا يكون عرضة للضغط او التهديد، ولكن ماذا سيحدث عندما يكون النائب نفسه مستعدا لارتكاب الخطأ؟!، لقد لاحظنا عبر الشاة الصغيرة، أفعالا يقوم بها بعض النواب، غير مسموحة لهم، بل لاحظنا بعضهم يدعو الآخرين لعدم القيام بهذا الفعل او ذاك، وفي الوقت نفسه هو يرتكب هذا الفعل الخاطئ؟!.

تُرى كيف يمكن أن نبني دولة، بنواب يتعمّدون الخطأ، وكيف نبني دولة، لا يعبأ فيها أعضاء البرلمان او بعضهم بما يفعلونه من خطوات لا تصح لممثل الشعب أن يقوم بها ولا تتناسب مع مكانته ودوره، وبعد هذا وذاك، أليس البرلماني هو النموذج الامثل للمواطن الصالح؟، نعم هذه هي مكانة النائب، وهذه هي مواصفاته، وهذه هي نظرة افراد الشعب له، إنه إنسان منزّه عن المصلحة والفردية والأنانية، وإنه مؤتَمن على مصالح الناخبين والشعب، لذلك مُنح الحصانة، حتى يكون قويا وقادرا على اداء امانته بالصورة المثلى.

صحيح أن النائب البرلماني انسان مثله مثل غيره، معرض للخطأ والصواب، ولكن هناك خطوط عريضة وصفات محددة، لابد أن تشتمل عليها شخصية النائب، ومن باب اولى ان يلتزم هو اولا بالصحيح، ثم يدعو الاخرين له، وليس العكس كما يحدث احيانا من بعض النواب، وهو امر توجد هناك ادلة مرئية ومسموعة تدل عليه، وقد كشفت بعض الجلسات العلنية للبرلمان التي عرضتها بعض الفضائيات كثيرا من الادلة التي تجعل النائب موضع تساؤل!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/آب/2014 - 13/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م