العالم على شفا حرب بسبب المياه!

 

شبكة النبأ: تعد المياه من اهم ضروريات الحياة التي لا غنى عنها لجميع الكائنات الحية على سطح الأرض، وقد اصبح الحصول على المياه في وقتنا الحاضر وكما يقول بعض المراقبين من اهم واخطر المشكلات التي تواجه العديد من الحكومات والدول، بسبب التطور المتسارع وتزايد عدد السكان والإفراط في ضخ المياه الجوفية والطلب الزراعي وتغير المناخ التي اسهمت بازدياد الحاجة الى الماء والتي قد تفوق ما تمده الطبيعة، حيث تشير بعض الأرقام إلى أن أكثر من خمس سكان العالم يعانون من أزمة توفر المياه العذبة والنقية.

ويرى بعض المراقبين ان مشكلة المياه ربما ستسهم بتحول مسار العلاقات الدولية خصوصا وان الكثير من الدراسات والتوقعات تشير إلى أن الصراع القادم سيكون من أجل السيطرة على مصادر المياه ومنابعها خصوصا وان إمدادات المياه في العالم تنضب بسرعة، هذا بالإضافة الى حالة التوتر والحروب المستمرة التي تشهدها الكثير من مناطق العالم والتي اسهمت بازدياد معاناة الكثير من البشر.

وفي هذا الشأن قال مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن القتال في شرق أوكرانيا يهدد موارد المياه لمدينة دونيتسك وقد تكون له عواقب وخيمة على أربعة ملايين شخص. ونقلت بعثة المراقبين الخاصة للمنظمة الأوروبية في شرق أوكرانيا عن مسؤولين محليين قولهم إن القتال ألحق أضرارا بمحطة لضخ المياه وبجزء من شبكة الأنابيب بالقرب من قرية سيميونوفكا القريبة من مدينة سلافيانسك المتنازع عليها بين القوات الحكومية والانفصاليين.

وقالت البعثة في بيان بعد محادثات أجرتها مع رئيس بلدية دونيتسك الكسندر لوكيانتشينكو "هذه المحطة وشبكة الأنابيب تشكلان إمدادات المياه الرئيسية لسكان مدينة دونيتسك البالغ عددهم مليون نسمة بالإضافة إلى ثلاثة ملايين آخرين من سكان المنطقة." ونقلت صفحة البعثة على موقع فيسبوك عن لوكيانتشينكو قوله إن ضخ المياه لمدينة دونيتسك لم يتأثر بعد ولكن هذا الحال سيتغير "قريبا جدا". وأضافت البعثة أن أعمال التصليح جارية لكن ينبغي المساعدة لمنع عرقلتها بسبب إطلاق النار. بحسب رويترز.

وتقع سيميونوفكا على بعد خمسة كيلومترات تقريبا جنوب شرقي سلافيانسك وعلى بعد 110 كيلومترات إلى الشمال من دونيتسك المدينة الرئيسية في منطقة دونبار المعروفة بمناجم الفحم. وبيان البعثة هو أحدث مؤشر على الأزمة الانسانية المتزايدة في شرق أوكرانيا. وتأثرت إمدادات المياه والغذاء والطاقة في بعض المناطق وفر آلاف السكان من منازلهم إلى مناطق أكثر أمنا كما لجأ البعض إلى روسيا.

المياه في غزة

على صعيد متصل تجري حالياً دراسة الشتاء الجاف في الشرق الأوسط عن كثب، لاسيما في غزة، حيث يواجه سكان القطاع البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة بالفعل عدداً من التهديدات لأمنهم المائي، غالبيتها من صنع الإنسان. ونقدم فيما يلي موجزاً لأهم التقارير الحديثة المنشورة من قبل المراكز البحثية والمحللين ومنظمات حقوق الإنسان يسلط الضوء على الارتباط الوثيق بين الأمن المائي وإمدادات الكهرباء، واستنفاد الجزء الأكبر من حوض المياه الجوفية الساحلي في غزة.

وتجدر الإشارة إلى أن أزمة الطاقة في الأرض الفلسطينية المحتلة قد حدت من توافر المياه الجارية في معظم المنازل، وفقاً لنشرة الوقائع التي يصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، حيث يحصل أكثر من 30 بالمائة من المنازل في غزة على المياه الجارية لمدة تتراوح بين 6 و8 ساعات فقط كل أربعة أيام.

وفي مارس الماضي، تم تسليم عريضة تحمل توقيع ما يقرب من 13,000 شخص ونظمتها مجموعة عمل المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في حالات الطوارئ (EWASH)، وهو تحالف يضم منظمات غير حكومية وطنية ودولية ووكالات الأمم المتحدة، إلى البرلمان الأوروبي للحث على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنهاء أزمة المياه في غزة. وذكرت نشرة وقائع صادرة عن سلطة المياه الفلسطينية أن "حجم وشدة أزمة المياه التي تواجه قطاع غزة هائلان، وإذا لم تتخذ إجراءات فورية، ستكون الأضرار التي ستلحق بالموارد المائية الطبيعية في غزة غير قابلة للإصلاح".

وتشير سلطة المياه الفلسطينية في هذا الصدد إلى تلوث ما لا يقل عن 90 بالمائة من إمدادات المياه في غزة بمزيج من النترات (NO3) أو الكلوريد (Cl). وتضيف أن كمية المياه تمثل مشكلة أيضاً، حيث يصل متوسط الاستهلاك إلى 90 لتراً للفرد في اليوم الواحد، أي أقل من الحد الأدنى من متطلبات الصحة الذي توصي به المبادئ التوجيهية، بحسب مجموعة عمل المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في حالات الطوارئ.

ومن المتوقع أن يستمر النمو السكاني في غزة في السنوات المقبلة، مما سيخلق زيادة في احتياجات الماء والكهرباء. ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي الحالية (29 ميجاواط) إلى 81.5 ميجاواط بحلول عام 2020، وفقاً لسلطة المياه الفلسطينية، نظراً لزيادة عدد السكان وبناء مشاريع مياه جديدة. "وقد تسبب عدم كفاية إمدادات الكهرباء والوقود لتشغيل مضخات المياه والآبار في مزيد من الانخفاض في توافر المياه الجارية في معظم المنازل.

 وزاد هذا من اعتماد الناس على شركات المياه الخاصة غير المنضبطة وخفض معايير النظافة الصحية،" كما أفادت نشرة الوقائع التي أصدرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة. والجدير بالذكر أن إسرائيل هي المصدر الرئيسي للكهرباء في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث تم شراء 4,702 جيجاواط ساعة من إسرائيل في عام 2012، مما يشكل 89 بالمائة من إجمالي مشتريات الطاقة. ويتم تزويد قطاع غزة تحديداً بالكهرباء من ثلاثة مصادر هي: المشتريات من إسرائيل (120 ميجاواط) ومن مصر (28 ميجاواط) وإنتاج محطة توليد الكهرباء في غزة (يبلغ حالياً 60 ميجاواط). وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، لا يلبي هذا العرض سوى أقل من نصف الطلب المتوقع.

وفي السياق نفسه، قالت منظمة أصدقاء الأرض في تقرير صدر مؤخراً حول المياه في الأرض الفلسطينية المحتلة أن "ظلم المياه والتوزيع غير العادل للمياه على الشعب الفلسطيني قد أدى إلى تدهور خطير في الرفاه الاقتصادي والاجتماعي الشامل للشعب... [إذ] تتركز غالبية الموارد المائية في يد إسرائيل، بينما يتحمل السكان الفلسطينيون عجزاً كبيراً في المياه".

من جانبها، أفادت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم في بيان صحفي أصدرته في وقت سابق أن الحكومة الاسرائيلية مسؤولة إلى حد كبير عن هذا التمييز بسبب سياسة المياه التي تتبعها والتي يمكن إيجازها في: "توفير المياه للفلسطينيين بالحدّ الأدنى واستخدام غير متكافئ لمصادر المياه المشتركة". من ناحية أخرى، تقول سلطة المياه الإسرائيلية أن إسرائيل تتجاوز التزامات المياه القائمة بكثير لتوفير إمدادات مياه إضافية للأرض الفلسطينية المحتلة.

وتقول أيضاً أن الحفر غير المنضبط في الأرض الفلسطينية المحتلة يشكل تهديداً رئيسياً للعرض إذ "تم حفر أكثر من 300 بئر غير مصرح بها من قبل الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهذه الآبار غير المصرح بها قد تدمر طبقة المياه الجوفية المشتركة، كما دمرت طبقة مياه جوفية أخرى بالكامل تقريباً في غزة وتسببت في كارثة بيئية".

وتأتي كل المياه في غزة تقريباً من حوض المياه الجوفية الساحلي الذي تتقاسمه مع إسرائيل. "ونظراً لعدم وجود أي تنسيق للسياسات بين إسرائيل وقطاع غزة فيما يتعلق بالحوض الجوفي الساحلي، تفرط كلتا السلطتين حالياً في استخراج المياه،" وفقاً لمجموعة عمل المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في حالات الطوارئ.

وتنبأ تقرير أصدرته الأمم المتحدة في أغسطس 2012 بعنوان غزة في عام 2020 بأن معدلات التدهور الحالية ستجعل الحوض الجوفي الساحلي غير صالح للاستعمال بحلول عام 2016 وغير قابل للإصلاح بحلول عام 2020. وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أوصى في عام 2009 بالتوقف التام عن سحب المياه من هذا الحوض الجوفي، ولكن بالنظر إلى ضعف هطول الأمطار وعدم وجود أنهار صالحة للاستخدام على مدار السنة، فليس أمام غزة خيارات أخرى تستحق الذكر.

وتملك سلطة المياه الفلسطينية خططاً طويلة الأجل لإقامة محطة تحلية مياه مركزية وأخرى قصيرة الأجل لتنفيذ عدة مشاريع تحلية مياه صغيرة الحجم، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وتطوير إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة للري. ولكن نظراً للتحديات الهائلة التي يشكلها الحصار ونقص الكهرباء، تبقى جدوى هذه الخطط محل شك. وفي حين تعتبر مشاريع تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي الطارئة والاستراتيجية ضرورية لتوفير تلك الخدمات للسكان في المستقبل، إلا أن هذه المشاريع ستمثل إضافة إلى التحديات القائمة ما لم تتوفر مصادر طاقة كافية. بحسب شبكة إيرين.

وقد وجهت الأمم المتحدة نداءً لتوفير 25 مليون دولار، كجزء من خطتها للاستجابة لأزمة الأرض الفلسطينية المحتلة في عام 2014، للمساعدة في تحسين فرص الحصول على إمدادات المياه الأساسية وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية (WASH) لنحو 1.9 مليون نسمة في أمس الحاجة إليها. وحتى الآن، لم تتجاوز نسبة تمويل قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، الذي يعاني من نقص تمويل مزمن، 5.6 بالمائة، وهي نسبة تقل كثيراً عن متوسط تمويل مجموعات العمل القطاعية الأخرى الذي يبلغ 18 بالمائة.

المياه والطاقة

في السياق ذاته أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أن الضغوط المتزايدة على الموارد البرية والمائية الهشة تجعل من الأهمية الحاسمة بمكان ضمان أن يتم تسخير هذه الموارد بصورة فعالة ومستدامة لإطعام سكان العالم المتزايدة أعدادهم. ويسلّم خبراء تنمية كثيرون الآن أن برامج الأمن الغذائي الفعّالة تركز على إدارة الطاقة والمياه بشكل كفء، كما ذكر ك. أنغر بيلي في مقال نُشر على الموقع الإلكتروني للوكالة. ويستهلك إنتاج الغذاء كميات كبيرة من المياه كما أن منظومات ري المحاصيل تستعمل كميات هائلة من الطاقة فيما يمكن لإنتاج الطاقة أن يكون كثيف الاستخدام للماء، كما أشار بيلي، الذي أضاف أن استراتيجية المياه والطاقة للوكالة توجز هذا الوضع كالتالي: إن كل نقطة ماء يتعين ضخها ونقلها ومعالجتها أو تنقيتها لتلبية الاحتياجات الغذائية والصحية، تتطلب طاقة." وتعمل الوكالة مع السكان المحليين للترويج لاستخدامات أذكى للمياه والطاقة، فتطور تكنولوجيات فعالة ومتطورة لاستخدام الوقود في ري المحاصيل، كما تقوم باستنباط أساليب إنتاج زراعي تتميز بكفاءة الموارد.

والأردن هو في الخطوط الأمامية لقضية الربط بين الماء والطاقة والغذاء. فهيئة المياه الأردنية هي أكبر مستهلك للكهرباء في حين تستهلك الزراعة الأردنية أكبر نسبة من هذه المياه. ومع نضوب مخزونات المياه الباطنية وتزايد ملوحتها، سيواجه الأردن شحًا مطلقًا في الماء بحلول العام 2025 إذا استمر ذلك الإتجاه، وهو ما قد يؤدي إلى أزمات غذائية وصحية مدمرة.

ويقول روبرت كاردينالي، كبير المسؤولين عن مشروع العمل العام للماء والطاقة والبيئة الذي ترعاه الوكالة والأردن: "إن ما نود عمله هو إرساء شعور بالمسؤولية العامة كي لا يبدل الناس سلوكهم فحسب بل ينادون بسلوك أكثر مسؤولية من قبل جيرانهم وإخوانهم المواطنين." والمشروع المذكور الذي ترعاه الوكالة وحكومة الأردن يقوم بتثقيف مواطني الأردن وتوعيتهم بشأن المياه والطاقة من خلال التواصل الشخصي وحملات التثقيف ووسائل التواصل الاجتماعي.

كما يعمل القيمون على المشروع مع قائدات دينيات لتثقيف 140 ألف امرأة في الأرياف بصورة رئيسية بشأن الحفاظ على المياه والطاقة. وبإمكان أولئك النسوة أن يثقفن أسرهن وأصدقاءهن عن هذه القضايا مما يخلف أثرًا مضاعفًا. ولغرض الوصول إلى الشباب، باشر متحف الأطفال في العاصمة عمّان حملة تشمل معرضًا عن الحفاظ على المياه والطاقة بتمويل من الوكالة يعرف بـ"أنا التغيير".

وتقول مديرة المتحف سوسن دلق: "إننا فخورون أننا كنا قادرين على بناء وتنظيم معرض هائل يعالج قضية عالمية بالغة الأهمية." وكجزء من هذه الحملة يجري تدريب مدرسي الأردن على ترديد رسالة المعرض في الصفوف الدراسية لغرس عادات تدوم العمر كله في قادة البلاد المستقبليين.

وفي جنوب شرق آسيا، يقوم برنامج "كمبوديا تساعد في معالجة مواطن الضعف الريفية واستقرار البيئة" (المعرف بـ"كمبوديا هارفست") الذي ترعاه الوكالة، بتثقيف المزارعين على أساليب المحافظة على المياه والطاقة مثل تلك المستخدمة في الزراعة الكفافية ووضع خطط لإدارة المستجمعات المائية. كما يوزع البرنامج أنواع بذور أرزّ مقاومة للفيضانات وتتحمل الجفاف وقصيرة الأمد كي يتمكن المزارعون من زراعة هذا المحصول الأساسي باستخدام كميات أقل من الماء والسماد الذي يتطلب إنتاجه كميات طاقة هائلة.

إضافة إلى ذلك، يقوم البرنامج بترميم وتركيب وتعزيز مجارير خاصة بقنوات الري كي يكون بمقدور المزارعين أن يرووا المحاصيل بدون هدر مياه أو طاقة. وهذه المعالجات يتوقع أن تزيد مداخيل 700 ألف أسرة. وحول ذلك قال المزارع الكمبودي تشوم فال: "سأواصل العمل بهذه الأساليب لأني ألمس زيادة في الغلال."

إن إقناع الناس بتبني تغييرات أساسية في أنماط الحياة يقتضي عادةً دلائل قوية بأن الحفاظ على المياه والطاقة يصب في مصلحتهم الفضلى. ففي الأردن، مثلا، ترعى الوكالة شركاء محليين وتستخدم أساليب تقليدية للتسويق التجاري مثل الملصقات والإعلانات المذاعة على الراديو واللافتات ووسائل التواصل الاجتماعي لتغيير سلوك الناس، فيما باشر أعضاء المجتمع الأهلي بنشر الرسائل والتحاور طوعًا. ويقول كادينالي عن هذا المشروع في الأردن: "إننا نتلقى تقارير أسبوعية تقريبًا تفيدنا أين يجري استنساخ نهجنا من قبل مجتمعات تسمع عما فعلنا وتطلب الأدوات لتنفيذها بصورة مستقلة."

كما تبتكر وكالة التنمية الدولية أفكارًا خاصة بالماء والطاقة من خلال خطة تعرف بـ"التحديات العظمى من أجل التنمية" والتي تدعو مفكرين بارزين لتحديد حلول خلاقة لطائفة من مشاكل التنمية، وتمول الأفكار الأكثر وعدًا بالنجاح. وإحدى تلك التحديات التي تعرف بـ "تشغيل الزراعة بالطاقة" تطور ابتكارات زراعية للطاقة النظيفة.

كما أن أحد الفائزين بمشروع تشغيل الزراعة بالطاقة هو معهد الأرض التابع لجامعة كولومبيا الأميركية الذي أطلق برنامجًا لتركيب منظومات ري تعمل بالطاقة الشمسية في بوتو، بالسنغال، حيث يعول معظم المزارعين على مضخات تعمل بوقود الديزل أو البنزين لتشغيل منظومات ري محاصيلهم. وقد يتمكن هذا الأسلوب المبتكر من إحداث ثورة في الزراعة في المنطقة ما سيجعل الريّ في متناول عدد أكبر من الناس ومستدامًا بيئيا.

أما الزيادة الناتجة في مداخيل المزارعين وتحسين الأمن الغذائي، فسيحدثان نقلة نوعية في بوتو، الأمر الذي يثير حماسة مزارعي المنطقة. ويقول مزارع البصل كاليدو ديا، 32 عامًا: "لقد شجعتني فكرة استخدام الطاقة الشمسية." كما يبدي الباحثون تفاؤلا كذلك. يقول بريت غلايتسمن، محلل منظومات المياه في معهد الارض "إذا تمكنّا من إثبات النجاح بتطبيق نموذجنا الجديد لإنتاج الطاقة ونقلها، فلربما ستنتشر في كامل المنطقة، ومن شأن ذلك أن يحدث أثرا هائلا على انبعاثات غازات الدفيئة (المسببة للاحتباس الحراري) وتوفير أموال المزارعين.

الإصلاحات في إيران

من جانب اخر كان محمد رحمانبور في طفولته يهوى السباحة في فصل الصيف ببحيرة أرومية بشمال إيران عندما كانت أكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط لكنها كادت تختفي في أقل من عشرين عاما تاركة تجويفا في الأرض. وقال رحمانبور وهو مزارع يبلغ من العمر 32 عاما ويزرع القمح والبنجر (الشمندر) "كان بوسعي أنا وأصدقائي في المنطقة أن نرى البحيرة بوضوح من فوق الأشجار." وقال "المياه جفت .. النظام البيئي بأكمله يعاني الفوضى."

ونقص المياه مشكلة طويلة الأمد لدول الشرق الأوسط حيث أدى ارتفاع معدلات المواليد وزيادة الاستهلاك وسوء الإدارة إلى تقلص الموراد الشحيحة بالفعل. لكن وضع إيران يبدو الأسوأ. وقال جاري لويس المنسق المقيم للأمم المتحدة لشؤون إيران "ندرة المياه أكبر تحد على صعيد المتطلبات الإنسانية في إيران اليوم."

وفي الأشهر القليلة الماضية هددت 12 مدينة إيرانية كبيرة من بينها طهران وشيراز بتقنين توزيع المياه إذا لم يخفض السكان الكميات المستخدمة. ودعت وزارة الطاقة السكان لتقليص استهلاكهم 20 إلى 30 بالمئة لكن ذلك لم يلق أذانا صاغية. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن مسؤولين قولهم إن استهلاك المياه زاد عشرة بالمئة في مدن من بينها طهران بين مايو أيار وبداية الصيف في يونيو حزيران.

ولا تكمن الأزمة في استخدامات المنازل إذ تستهلك الزراعة نحو 90 بالمئة من إجمالي استهلاك المياه التي يهدر معظمها. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن الأرقام الحكومية تظهر أن ثلث مياه الزراعة فقط يستخدم بكفاءة. ويتفشى سوء الإدارة في إيران ودول أخرى في المنطقة من بينها العراق وأفغانستان حيث تصعب مواجهة المشكلات البيئية بسبب الحروب.

وانحسرت الأنهار الكبيرة في مدينتي أصفهان وشيراز وعلى حدود إيران مع أفغانستان. وأدى استنزاف مياه نهري دجلة والفرات في العراق إلى مشكلات بيئية أخرى من بينها الأتربة والعواصف الرملية. وعرضت الأمم المتحدة تقديم المساعدة. ففي عام 2012 أطلقت المنظمة الدولية برنامجا رائدا لمساعدة المزارعين بالقرب من بحيرة أرومية.

وتعلم المزارعون صناعة السماد والتحول إلى إستخدام الأسمدة العضوية وحضور فصول دراسية أسبوعية عن إدارة المياه وهو ما أدى إلى خفض استهلاكها بنسبة 35 بالمئة. وأتاحت الوسائل الجديدة للمزارعين أيضا خفض التكاليف وتنويع المحاصيل بدلا من الاعتماد على القمح والبنجر فقط حيث أضافوا الذرة والقرع والبصل والطماطم (البندورة). بحسب رويترز.

وتوسعت الأمم المتحدة منذ ذلك الحين في برنامجها ليمتد إلى 41 قرية أخرى ويستفيد منه نحو 13 ألف مزارع. وفي مايو أيار قدمت الحكومة اليابانية منحة قدرها مليون دولار لإنقاذ بحيرة أرومية. وقال رحمانبور "إن شاء الله سأرى بحيرة أرومية تمتلئ مجددا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/آب/2014 - 9/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م